افتح يا سمسم ( المصري)


 
تنبهت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك الخليجية إلى أهمية إنتاج برامج للأطفال فعقدت اتفاقاً مع ورشة أطفال نيويورك لإنتاج نسخة عربية من برنامج (شارع السمسم) باسم (افتح يا سمسم) وأُنتج البرنامج على مدى عدة سنوات ولعل حلقاته تجاوزت المائتين. وكانت لغة البرنامج هي العربية الفصحى، وكان البرنامج مؤثراً حتى إن الأطفال كانوا يتعلمون الأعداد بالفصحى (واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة) وكان البرنامج جذاباً من عدة نواحي أبرزها الناحية الفنية والترفيهية والتعليمية. ولكن كانت هناك بعض السلبيات لهذا البرنامج حيث إن الجانب الديني كان قليلاً لا يتجاوز نسبة معينة، كما كانت النساء في البرنامج يظهرن سافرات.

وككل عمل بشري لا بد من المراجعة والتصحيح فرأت المؤسسة الخليجي أنها تود زيادة الجرعة الدينية في البرنامج (أعتقد أنها كانت عشرة بالمائة وأرادوا أن ترتفع قليلاً) وتعثرت المفاوضات بين الشركة الخليجية والشركة الأمريكية وأصر كل طرف منهما على موقفه؟

وتوقف البرنامج ليبدأ برنامج افتح يا وطني أبوابك. ولم أتابع البرنامج فهل استمر وهل كان مماثلاً للبرنامج الأول من الناحية الفنية هذا ما أرجو أن أعرفه ممن يتابع برامج الأطفال. ولكن الذي حدث أنني شاهدت إعلاناً عن قرب صدور نسخة عربية جديدة من برنامج افتح يا سمسم ولكن باللهجة المصرية.

صحيح أن اللهجة المصرية لهجة خفيفة ويفهمها العرب جميعاً وذلك لضخامة الإعلام المصري منذ بداية الثورة المصرية، وانتشار السينما المصرية والعمالة المصرية والأيدي العاملة المصرية في شتى قطاعات الحياة. ولكن أن يحدث هذا التراجع الخطير في التنازل عن اللغة العربية الفصحى لصالح اللهجة المصرية لأمر ينبغي أن يتنبه له وأن تسعى محطات التلفزيون العربية التي ستشتري هذا الإنتاج أن تطلب من الآن أن تبقى اللغة العربية الفصحى هي اللغة الأساس في البرنامج. فلسنا ضد اللهجة المصرية ولكن كيف نسعى إلى تقوية لغة أبنائنا ونرفع حصيلتهم اللغوية ونقبل بالعامية.

أما الأمر الثاني والذي أعتقد أنه مهم أيضاً وهو ما الاتفاق الذي تم بين الجهة المصرية التي ستنتج البرنامج وورشة أطفال نيويورك؟ هل ما زال الأمريكيون مصرين على أن تبقى الجرعة الدينية في الحد الأدنى. وربما كان للأمريكيين العذر في أن يكون برنامجهم ( النسخة الأمريكية) قليلة التدين وذلك لأن أمريكا ترى أنها بلد متعدد الديانات وأنه لا يمكن لدين ما أن يتغلب على دين آخر. كما أن البعض يرى أن العلمانية هي الأصل والأولى استبعاد الدين.

ومع هذا الإصرار على استبعاد الدين في البرنامج الأمريكي فإن في أمريكا أصوات تنادي بعودة الدين وإنه لا يمكن أن يصلح المجتمع والأخلاق والتربية بدون الدين وقد صدرت كتب كثيرة تدعو إلى ذلك ومنها كتاب( مناشدة لعودة الصلاة في المدارس) أو ( دعونا نصلي).

أما البرنامج المصري الأمريكي فماذا لا يكون الدين الإسلامي هو الأساس فيه فإن معظم الشعوب العربية شعوب مسلمة وإن الدين الإسلامي وهو الرسالة الخاتمة والتي جاءت مكملة ومهيمنة على ما سبقها من رسالات لا يجد أصحاب الأديان الأخرى ما يعترضون على الدين الإسلامي.

أرجو أن يتنبه الاخوة المصريون إلى هاتين المسألتين الخطيرتين اللغة الفصحى فما أجمل أن يبدأ أطفالنا منذ الصغر بالتمرس على اللغة العربية السليمة مراعين قواعد اللغة وأساليبها فإن الهجمة على اللغة العربية في وسائل الإعلام وفي الشعر الحديث وشعر الحداثة فيها ما يكفي لهدم اللغة لولا أن الله عز وجل تكفل بحفظ كتابه ولذلك ستبقى اللغة العربية مهما كان هذا الهجوم.

والأخلاق إذا كانت مرتبطة بالدين وهي كذلك في الإسلام فإنها أدعى لقبولها ولثباتها ولقوة تأثيرها في النفوس. وأذكر بقول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حينما سأله النجاشي عن الإسلام فذكر كيف كانوا قبل بعثة الرسول صلى الله عليه من سوء خلق وكيف جاء الإسلام وأمر بالأخلاق الفاضلة حتى امتدح الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام ( وإنك لعلى خلق عظيم)

مرحباً ببرنامج افتح يا سمسم ولكن باللغة العربية الفصحى وبزيادة الجرعة الدينية أكثر مما يريد الأمريكان.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية