ذكريات داعبت

 

فيما كنت أبحث عن أمر في مكتبتي إذ برسالة من الدكتور قاسم السامرائي يزيد عمرها عن عشرين سنة تقريباً من الرسائل التي تؤرخ لمرحلة من حياتي الأكاديمية، فيا من تنتظرون أن تكون الحياة هينة لينة اعلموا أن ما قاله الشاعر (لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا) - وما بلغته ولكن كم كان في حياتي والحمد لله من الصِبر (الصبر لمن لا يعرف نبات مرٌ علقم)

وإليكم رسالة الدكتور قاسم السامرائي الذي كان بُدرّس في جامعة الإمام فترة من الزمن ثم عاد إلى ليدن حيث هو أحد المهاجرين العراقيين من القديم وإن كان عنده الجنسية الهولندية

وإليكم الرسالة:

                           بسم الله الرحمن الرحيم

 لايدن في 11/9/1989م

أخي الكريم مازن سلّمه الله

                سلام من الله عليك ورحمته وبركاته أما بعد:

       فلقد آلمتني رسالتك وأحزنت قلبي لما تلقاه من عنت وعقوق وضَرَرٍ ومناكدة وسيل اتهامات لا أعرف محتواها ولا فحواها. ولقد كنت أربأ بالأخ (.......مدير المعهد) أن ينساق في درب شائك، إذ كنت أحسبه أسمى خُلُقاً وأنقى ديناً من أن يُلْقي التهم جزافاً دون مسؤولية من ضمير أو رادع من دين، وقد عجبت لك إذ لم توفر عليّ عناء التخمين والحدس فذكرت لي بعض ما قُرفت به. والظاهر أن الأمر أكثر جدية مما فهمت من رسالتك في تكليفهم لجنة لمحاكمتك "السريّة" أو "العلنية" فهل أستطيع أن أمدّ لك يد العون؟ أنا على استعداد! فإنك عندي أجلّ من أن تُحاكم . فهل للغيرة و"العصبية" والحسد وهما في قلب كل بشر دور في هذا النكد والمناكدة؟

         ولقد عجبت من اعتذار المشرف وساءني ذلك جداً. أما كان لهذا الرجل وازع من علم أو مضغة من إباء وشَمَم فيقف معك في محنتك؟ أم أنه كان أكثر حرصاً على وظيفته التعسة ومرتبه المرذول من سمعته بل من كرامته؟

        سررت والله بكتابك النفيس(المغرب العربي بين الاستشراق والاستعمار) فقد كنت فيه كما ظننتُ فيك: عالماً دقيقاً وباحثاً موضوعياً تحسب لكل كلمة تلقيها حساباً. وقد أريته لأحد المستشرقين المهتمين بالمغرب فأعجب به وسوف يكتب لك قريباً.

        لقد عُقد هنا مؤتمر تحت شعار "الإسلام والدولة" وقد حضر برنارد لويس وألقى محاضرة أعاد فيها كل ما سبق وأن نشره من آراء وقد تناقشت معه طويلاً ودعي أحد القضاة المصريين واسمه محمد سعيد عشماوي فخلط وأسَفَّ فهاجمته علناً وفقد فهمت منه أن له كتباً منشورة، فهل تعرف عنه وعن كتبه شيئاً؟؟

       أرجو لك نشاطاً طويلاً وهمة في النشر والدعوة عالية وصبراً على المكائد والنكد عميقاً والله تعالى يوفقك إلى ما يرضى،  واسلم برعاية الله

 قاسم السامرائي

وكانت ردود الطلاب على هذه الذكريات وكان أولها:

        اسمح لي يا دكتور مازن ان أقف احتراما لك، انا طالبه ماجستير تخصصي نبات ولقيت في دراستي مشقة وكنت أشعر بالتعب والإحباط، ولكن عندما قرأت كلماتك وكلمات الدكتور السامرائي أحسست بضآله ما أمر به واني لابد أن العق الصبرا اذا كنت اريد ان احقق هدفي وطموح والدي وآمال أمي

        فشكرا لك يا والدي اسمح لي ان أناديك والدي فأنت بالنسبة لي في مكانه والدي وأعزك الله وجعلك نبراساً للعلم في هذه الأمة، وأتمنى ان تنصحني وزملائي حتى نكمل مشوارنا العلمي.

ولك مني كل الود والاحترام

وأجبتها فيApril 2010, 07:24 PM

     كيف لو نقلت لكم رسائله الأخرى فهو رجل رائع جداً وصاحب قلم بليغ وممتع ومبدع، وتطربني كلماته كما كانت تسليني وتواسيني، وصدقوني لقد نسيت تلك المحن إلاّ قليلاً ويزعجني تذكرها ولكن من جانب آخر يدعوني ما منّ الله به علي أن أشكره مزيد الشكر وأعمل ما أستطيع من الصالحات.

________________________________________

وكتب من رمزت لنفسها بـ أزهـار الكـرز في 5 April 2010, 07:36 PM

أستاذي مازن

تأكد أنه لا يرمى بالحصى إلا الشجر المثمر، أضم نفسي لقائمتكم, قائمة المجاهدين لأجل الحق ،فلا الحقد و لا المكائد و لا الشكاوي ستتغلب على شمس الحق

________________________________________

وكتبت فتاة اسمها المستعار "البحث العلمي"في 5th  April 2010, 07:44 PM

سنظل نهمش ونهدر فنحن نعيش في وطن الضياع (وحارة كل من أيدو إلو ) كما يقول غوار الطوشي) للأسف الان اقتربت من انهاء الماجستير وأشعر بأنني تائهة تماما أبحث عن (نقطة نظام).

     الرسالة التي قرأتها مؤلمة بشدة سواء من ناحية الكاتب او حتى المتلقي(دكتورنا الفاضل )

وعندما فكرت بها عرفت بأن هناك مجتمع لا يعرف أبناءه الاوفياء ، ولا يتكفل حتى بحفظهم!!

وكان ردي عليها في نفس اليوم 11:35 P

لا يهمك يا ابنتاه فمازن واقف على قدميه والحمد لله ومازال يسير إلى الأمام وبخطوات قوية ويقتحم منتديات ومؤسسات أكاديمية وسياسية وثقافية في الشرق والغرب ولم تزدني تلك التجربة إلاّ إصراراً على المضي قدماً، وبالمناسبة اليوم صباحاً (أو الاثنين) وقعت العقد مع العبيكان لنشر كتابيّ (رحلاتي إلى الشرق والغرب 1 و2) أحدهما عن رحلاتي إلى اليابان وماليزيا وهونج كونج وكوريا، والآخر حول رحلاتي إلى بريطانيا، فلا نامت اعين الجبناء.

     وأضفت تسلموا جميعاً وبارك الله فيكم والله لولا مثل هذه النفوس الكريمة الخيرة لمات الإنسان كمداً ولكن الله سبحانه وتعالى لطيف بعبادة فيجعل أمثالكم يصبرونني ويقدمون لي النصيحة ولكم كل التحية.

وكتبت "أنسه ميكروبيولوجي"

7th April 2010, 01:01 AM

أرجوك يا والدي ابق صامداً في وجه كل من يريد أن يكسر شموخك فمنك نستمد قوتنا وطموحنا وبكلماتك نتخطى الصعاب وأرجو ان تزودنا بتجاربك وتنصحنا بنتاج هذه التجارب الذي سوف نحقق فيه كل امانينا

دمت شامخا ونبراس وقدوة لنا وللامه

وكتبت Feminist Girl

7th April 2010, 02:22 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      من هنا أبدأ , من الحوار الأكاديمي في هذا الصرح الشامخ ولتكون نقطة انطلاقتي وأولى مشاركاتي رداً على موضوع للدكتور الفاضل مازن مطبقاني

 

     أبدأ من هنا لأنّ مواضيع الذكريات تجذبني , لاسيما وأن هذه الرسالة وصلتك قبل ولادتي بيوم واحد فقط , فلا عجب أن أصر على أن تكون ولادتي من هنا أيضاً..:)

     هناك مثل غربي أؤمن به كثيراً بأن الضربة التي لا تقتلك تجعلك أكثر قوة وأكثر اصراراً على مواجهة التحديات , يبدو لي في هذه الرسالة الكثير من المؤامرات و العراقيل التي كانت تزرع في طريقك ,ولكنك أثبت بجدارة أن قوة العزيمة والصبر و التوكل على الله لم ولن تثبط من عزيمتك ولن تقلل من همتك , ها نحن الآن بعد عشرين عاماً من هذه الرسالة نراك علماً من أعلام الجامعة .

     في هذه الرسالة مثال حي على أن النهاية الحتمية للاجتهاد والعزيمة والتحلي بالصبر وعدم الكسل هي أن ترى أهدافك وأمنياتك قد تحققت وظهرت أمام عينك على أرض الواقع , وإذا لم تتحقق فأعلم بأنك لم تصل النهاية بعد .

    في هذه الرسالة درس لكل من يحمل رسالة أو هدف بأنه لا بد من دون الشهد إبر النحل .

إحترامي للجميع

وكان ردي في 7th  April 2010, 05:55 AM     

      أرحب بك كاتبة واعدة وما قلته صحيح فالضربة التي لا تقتلني تقويني وأحمد الله قد قوتني، فكم كنت أسهر الليالي أقرأ وألخص كتب مناهج البحث العلمي وأقرأ بالإنجليزية والعربية وأراسل العالم كله أبحث عن معلومة ولو صغيرة وكم فوجئت بكرم الناس وأخلاقهم وجودهم في تقديم ما لديهم فحمدت الله أن حاولت. أسأل الله لك عمراً مديداً مثمراً. (يزعمون النساء لا يصرحون بأعمارهن).

وكتبت قوقل(اسم مستعار) في

7th April 2010, 09:10 AM

استاذي

ما أجمل العوائق ولكن بعد أن تنقضي وما أحلى المر ولكن عندما تتذكره

يقول:  لولا المشقة ساد الناس كلهم ..........

هنيئاً لك بك ودمت بخير

وكان ردي في اليوم نفسه بما يأتي

    حتى والعوائق موجودة إنها تشحذ الذهن وتجعل العزيمة ماضية وتجعلك تفكر كيف تسيطر عليها وتتغلب عليها وتمضي في طريقك. وتذكر قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (عجبت لأمر المؤمن -أرجو أن نكون كذلك- فأمره كله له خير ...إن أصابته سراء حمد الله وشكر، وإن أصابته ضراء حمد الله وصبر، وليس ذلك إلاّ للمؤمن) لك تحياتي .

________________________________________

وكتبت Maysanaفي

7th April 2010, 07:24 PM

       الدكتور مازن .....مساء الخير : في الحقيقة كل ناجح سيواجه أمرين بسبب نجاحه... فأنت تتلذذ بطعم النجاح وحصاد التعب وسهر الليالي والأيام و ستجد في طريقك من يدعو لك ويصفق لإنجازاتك و يدعمك لبذل المزيد وستتألم في نفس الوقت من مرارة النجاح عندما تجد من يعرقل مسيرتك ويحاول أن يطفئ شعلة عزيمتك وفي النهاية فإن حلاوة النجاح تسمو على ما سواها والبقاء للأفضل و أنت الآن الأفضل :)

سؤال خارج السرب : كيف توزع وقتك بين المنتدى و العمل الأكاديمي وتأليف الكتب و السفر بين المشرق والمغرب و إعطاء كل ذي حق حقه ، وهل لأسرتك نصيب من وقتك بعد هذا كله ؟ ( ماشاء الله تبارك الله ) ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) إذ إني طالبة ماجستير و أعمل باحثة حكومية و لا أجد الوقت الكافي لأن أعطي أكثر وشكرا لكم .

وكان ردي عليها كما يأتي:

     البركة من الله سبحانه وتعالى أولاً وقبل كل شيئ، والأمر الثاني بعض التنظيم، والمنتديات بالنسبة لي فسحة من عناء الحياة، والدعاء أن ييسر الله الأمور وبس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية