حبل الكذب قصير والإعلام البريطاني


 
 

كتب جوناثان ستيل Jonathan Steele المراسل المقيم في اسطنبول لصحيفة الجارديان يوم 15 يونيه 2007 عن الصراع الداخلي في تركيا وكنت قد ضمنتها إحدى المقالات عن الأمم والشعوب الأخرى في الصحافة البريطانية، وكان في تلك المقالة قد أشار أن الحزب الإسلامي التوجه استطاع أن يحقق كثيراً من الإنجازات على صعيد الاستقرار الداخلي والنمو الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان، ومع ذلك فإن الشعب التركي يظل متمسكاً بعلمانيته والدليل على ذلك المظاهرات الضخمة التي خرجت لتحتج على ترشيح الحزب لعبد الله قول لمنصب رئاسة الجمهورية وأنهم كانوا يصيحون لا نريد أي عبد الله...، وذكرت أن الكاتب استشهد بدراسات أعدها البروفيسور بيناز توبارك Binnaz Topark أستاذ العلوم السياسية في جامعة مرموقة تدرس بلغتين عدة دراسات عن الرأي العام يكذب مخاوف العلمانيين؛ فالأتراك الذين يريدون حكماً إسلامياً قد انخفض من 20%  عام 1999م إلى 9% في العام الماضي. والنساء اللاتي يحتجبن قد انخفض من 74% عام 1999م إلى 64% في العام الماضي وهي حقيقة لا تخطئها العين حتى في الأحياء المحافظة من اسطنبول حيث ترى الأم تسير في الشارع متحجبة بينما بناتها يسرن وقد كشفن شعورهن السوداء أو المصبوغة. وهذا يظهر أن المجتمع المدني أيضاً حريص على الدولة وليس الجيش الذي أصدر أكثر من تحذير كأنما يريد أن يقول إن السلطة ما تزال بأيدينا.

وفي الأيام الأخيرة من شهر يوليو جرت الانتخابات في تركيا وحصل الحزب الإسلامي (العدالة والتنمية) على نسبة 47في المائة من الأصوات بزيادة اثني عشرة في المائة أكثر من الانتخابات السابقة. وهنا أسقط في أيدي هؤلاء فعادوا يكتبون من جديد عن المظاهرات التي خرجت في تركيا قبل مدة قصيرة وأنها لم تكن حقيقية وأن المقصود منها هو إيقاف الحكومة (حكومة الطيب رجب اردوغان) من أسلمة البلاد. ومن الصحف التي تناولت هذا الموضوع صحيفة التايمز اللندنية حيث كتبت يوم الثاني والعشرين من يوليو "دعك من الحلويات التركية والسجاد ثمة علامات على الاقتصاد الراقي الواضحة في كل مكان من الأسواق التجارية المزدهرة إلى المدن المضاءة. لقد بلغت نسبة النمو في الاقتصاد التركي سبعة في المائة وهو ما يجعل الأوروبيين يشعرون بالغيرة.([i])[1]

كما أن مقالة أخرى أكدت أن ثلثي التركيات يرتدين الحجاب ([2])

فأحب أن أتوقف في التحليل عند الاستشهاد بأستاذ يدرّس في جامعة مزدوجة اللغة فهل تكون أكثر مصداقية فيما لو كانت تدرس باللغة التركية فقط؟ وما مدى مصداقية هذه الدراسات؟  هل يقصد منها التثبيط من التأييد الشعبي التركي لحزب العدالة والتنمية؟ وما المقصود من التقليل من عدد النساء اللاتي يرتدين الحجاب؟ لقد أصبحت النساء المحجبات قوة في الشعبة التركي وقد أوردت الأخبار أن النساء كان لهن دور بارز في التصويت وأنهن يطالبن بحقوقهن. إلى متى يستمر الإعلام الغربي في هذه اللعبة الخطيرة؟ ثم التركيز على الجانب الاقتصادي بالقول إن النمو الاقتصادي كبير ولكن كيف أصبح هذا النمو؟ هل هناك علامات على انخفاض الفساد في تركيا؟ هل ارتفع مؤشر الأمانة والشفافية والحرية الحقيقية؟ إننا بحاجة إلى إعلام عربي قوي ومتخصصين في الشأن التركي وأجدها مناسبة هنا إلى أن أطالب بإنشاء أقسام للدراسات التركية والعالم التركي؟ لقد كان الدكتور محمد حرب يعمل في كلية الدعوة في المدينة المنورة ويكلف بتدريس مواد لا علاقة لها بتخصصه ولكنه كان يستغل وقته في الترجمة من اللغة التركية. وعاد إلى مصر وأنشأ مركز دراسات العالم التركي، فلماذا لا يكون في السعودية مثل هذا المركز؟ ولماذا لا تسعى الحكومة التركية للتعاون مع وزارة التعليم العالي في السعودية لإنشاء مثل هذا المركز أو حتى أكثر من مركز؟ متى نفيق في العالم العربي فنحاول أن نعرف ما يدور في العالم بدل أن نكون عالة على المراكز الغربية؟

 



[1]- Matthew Campbell, " Turkey goes to polls in war of the veil" in The Times, Sunday July 22,2007.
"Forget about Turkish delight and carpets. Signs of a sophisticated market economy are visible everywhere from the glitzy shopping arcades to the throbbing city nightspots. The annual growth rate of 7% would be the envy of Europe"
 
[2] -Suna Erdem Modern and chic, the young women in headscarves challenging the status quo The Times July 21, 2007   Yet even though nearly two thirds of Turkish women cover their heads”
 
 



 
 
 
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية