من يرفض التعريب في الجزائر؟


 بسم الله الرحمن الرحيم

          


        أعلنت الحكومة الجزائرية قبل أشهر (قبل سنوات) أنها ستبدأ برنامجها للتعريب وهو أمر مشروع فالجزائر بلد عربي مسلم وهذا ما قاله الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله :

شعب الجزائر مسلـم *** وإلى العروبـــة ينتسب

من قال حاد عن أصله *** أو رام إدماجاً له فقد كذب

وهذا ما يقوله التاريخ فبعد مائة وثلاثين سنة تقريباً من الاحتلال الفرنسي للجزائر واجه الشعب الجزائري خلالها صنوفاً من التخطيط والمكر والخداع لمحاربة هذا الشعب الأبي في عقيدته أولاً ثم في لغته وهويته ثانياً. ولكن جهود فرنسا فشلت أيما فشل. وإلاّ لماذا قامت ثورة الجزائر المجيدة التي أسهم فيها العرب والمسلمون أجمعون. وقد كانت الجزائر قبل فلسطين هي محط أنظار الأمة الإسلامية ومبعث أملها في التخلص من الاحتلال. إن البطولات التي أظهرها هذا الشعب العربي المسلم ، وهذه التضحيات التي لا يقدر عليها إلاّ المؤمنون بالله سبحانه وتعالى لم تكن فقط من أجل حفنة من تراب وإنما كان وراءها جهاد إسلامي مشروع للتخلص من الاحتلال والتمسك بالهوية العربية الإسلامية.

وما أن اقترب مشروع الحكومة الجزائرية من التنفيذ حتى بدأت الأصوات الأمازيغية التي ترطن بالفرنسية تزعم أن اللغة العربية ليست لغة البلاد وأن هذا المشروع القصد منه محاربة لغتهم والحد من الاهتمام بها. وعجيب أمر هؤلاء لم يلتفتوا إلى لغتهم إلاّ عندما شعرت الجزائر أنها تأخرت كثيراً في الاهتمام بلغتها لغة القرآن والإسلام. أين دعاة الأمازيغية عندما كانت فرنسا تحاربهم وتحارب الإسلام واللغة العربية؟ إن فرنسا هي التي أنشأت معاهد الدراسات البربرية في فرنسا واهتمت بتعليم البربر أو الأمازيغ اللغة الفرنسية كما اهتمت بنشر التنصير بين أظهرهم، ومحاربة الإسلام. ومن أعجب الأمور أنه عندما ظهر كتاب الطاهر الحداد (امرأتنا أمام الشريعة والمجتمع) وفيه ما فيه من طعن في الشريعة الإسلامية سرعان ما تم توزيعه بين فئات المنصرين وبين المتفرنسين.

إن الرابطة بين العرب والبربر أو الأمازيغ عريقة جداً لقد وحّد بينهم الإسلام وما كانت فرنسا لتستطيع تفريقهم لولا أنها استطاعت أن تلعب بعقول البعض منهم لينادوا بالمحافظة على هذه اللغة وأن يحاربوا اللغة العربية. ولله در الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله الذي أدرك مخططات فرنسا للتفريق بين فئات الشعب الجزائري فكان مما قاله في هذا الصدد:" إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم الإسلام منذ بضع عشرة قرناً ، ثم دأبت القرون تمزج ما بينهم في الشدة والرخاء حتى كوّنت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصراً مسلماً جزائرياً أُمُّه الجزائر وأبوه الإسلام. وقد كتب أبناء يعرب وأبناء مازيغ آيات اتحادهم على صفحات هذه القرون بما أراقوا من دمائهم في ميادين الشرف لإعلاء كلمة الله وما أسالوا من محابرهم في مجالس الدرس لخدمة العلم.

فأي قوة بعد هذا يقول عاقل تستطيع أن تفرقهم؟ يا عجباً! لم يتفرقوا وهم الأقوياء فكيف يتفرقون وغيرهم القوي كلاّ والله بل تزيدهم كل محاولة للتفريق بينهم إلاّ شدة في اتحادهم وقوة لرابطتهم"

أين الجزائريون اليوم من هذا التراث العظيم الذي لم يجف مداده بعد ولا زال في الجزائريين من عرف ابن باديس وعاصره فكيف ينسى هذا الشعب أو فئة من هذا الشعب هذا الجهاد العظيم لتوحيد أبناء الأمة تحت راية الإسلام والعروبة. والحقيقة أن حجة الداعين للغة المحلية داحضة فأين العلوم التي كتبت بها وأين أبجديتها ؟ لم يمنع الإسلام أي طائفة أن تتكلم لغتها وأن تتفاهم بها ولكنه أعلى من شأن اللغة العربية وهي التي وحدت بين أفراد الأمة الإسلامية من اندونيسيا حتى أمريكا الشمالية وجعلت لهم تراث مشترك.

ليت الذين يدعون إلى الأمازيغية لا يقفون أمام لوحات كتبت باللغة الفرنسية كأنهم يصيحون أيها الفرنسيون أنتم شجعتمونا على هذا فأين الحماية؟ ويقول أحد الذين ينتقدون دعاة الأمازيغية إنهم يبدؤون حديثهم بالغة الأمازيغية ثم يكملون باللغة الفرنسية كأن لغتهم فقط للتبرك أما التفاهم بينهم فيتم باللغة الفرنسية. ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.

 

 

 

       

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية