الأمثال الشعبية بعضها يكرس الذل والخضوع


 

الحرية مطلب غال، والحرية أمر يؤخذ ولا يعطى، فمن أراد الحرية الحقيقة فعليه أن يعرف أن ثمنها قد يكلفه الكثير. وعجيب أن أول وأبرز من عرف طعم الحرية الحقيقية في الإسلام بلال بن رباح رضي الله عنه، الذي كان يقول عنه عمر رضي الله عنه (أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا)، نعم عرف طعم الحرية الحقيقية فلم تؤثر فيه سياط كفار قريش ولا لهيب مكة والعذاب تحت شمسها الحارقة. والعجيب أن رسول الجيش الإسلامي أما ربعي بن عامر لرستم "ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيق الدنيا إلى سعَتَها، ومن جَوْر الأديان إلى عدل الإِسلام". ولكن مع مرور الزمن وتخلفنا وتراجعنا عن فهم الدين فهماً صحيحاً وما دخل اعتقاداتنا من شوائب أكثرنا من الأمثلة التي تدعو إلى الخنوع والخضوع

وانظروا إلى هذه الأمثال

·       ألف مرة جبان ولا مرة واحدة الله يرحمه

·       امشي الحيط الحيط وقول يا رب السترة عليك

·       الطاقة اللي يجيك منها الريح سدها واستريح

·        اللي ما يخاف ما يخوف

·       اللي يتزوج أمنا هوا عمنا

·        ابعد عن الشر وغني له

·        اردباً ما لك لا تدخل كيله تتغبر دقنك وتتعب في شيله (حمله)(رحم الله أمّي رحمة واسعة، كم كانت تردده)

       هذه نماذج من الأمثال الشعبية التي تكرس الخوف، وقد درسنا في المرحلة المتوسطة وفي كتاب التوحيد أن الخوف نوع من أنواع العبادة، ولذلك لا يصح أن يجتمع في قلب عبد خوفان، والذي يخاف من البشر ولا يخاف من الله فقد أشرك مع الله. وإذا خفنا واعتقدنا أن رزقنا في الوظيفة أو في الخضوع لاستبداد الرئيس أو المسؤول فقد نقص إيماننا بأن الله عز وجل هو الخالق الرازق المحيي المميت.

       لن أطيل عليكم ولكن متى نخرج الخوف من قلوبنا ومن بلادنا،فإن كلمة الحق لا تقدم الأجل ثانية والخوف من الموت لا يؤخر الأجل ثانية، فلن يموت أحد قبل أوانه، ألم نسمع قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (لن تموت نفس حتى تستوفي أجلها ورزقها) أين نحن (وفي السماء رزقكم وما توعدون) أين نحن (نحن نرزقكم وإياهم) وفي آية أخرى (نحن نرقهم وإياكم) وقوله تعالى (وكأيّن من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم)

       وهنا يعجبني من سيرة العز بن عبد السلام رحمه الله حين سئل ألا تخاف من الحاكم أو السلطان، قال: أتذكر عظمة الله فيظهروا أمامي كالقطط. ولما جاءه مندوب السلطة متوشحاً سلاحه وخرج العز بلا سلاح، قال له ابنه ألا تخافهم يا أبي ألا تخاف أن يقتلوك، قال يا بني إن أباك أقل من أن يموت شهيداً، (الشهادة في نظرهم مرتبة عالية، لا ينالها إلاّ من عرف الله عز وجل صدق قلبه

أين نحن من الشاعر الذي يقول

جنة بالذل لا أرضى بها وجهنم بالعز أطيب منزل

والشاعر الذي يقول

عش عزيزاً أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود

ألا نطالب بحريتنا وكرامتنا ولا نخاف إلاّ الذي ينبغي أن نخافه: الحق سبحانه وتعالى

وكم أردد إننا نموت قبل أن نموت، ولكن لنتذكر لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية