لفظ الجلالة (الله ) في دائرة معارف الأديان والأخلاق

فذلكة هذه ترجمات لم تجد ناشراً أو إنني لم اسع لنشرها خوفاً من إراقة ماء الوجه



  الله (للمسلم) {god}1-إن الاسم الشائع في الاستعمال بين "المحمديين"*. هو "الله" وهي كلمة تعني لدى علماء العقيدة "الكائن" الموجود بالضرورة بنفسه، وينسب إليه كل صفات الكمال (انظر فقرات أخرى من هذه المادة: العرب قبل الإسلام).

        وثمة كلمة قرآنية أخرى هي "الرب"، وأسماء عديدة أيضاً تعبر عن الصفات العديدة لله. وهذه تسمى أسماء الصفات، ويظهر تميزها بضدها، وأسماء الذات هي اسم الجوهر لله.

     ويقال إنه عندما خاطب محمد [r] وأصحابه اللهَ بالرحمن؛ قال أبو جهل: محمد وأصحابه يدعوننا لعبادة إله واحد؛ فلماذا يدعون هم إلهاً آخر؟

        ولهذا نزلت الآية الآتية (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) (الأعراف 180)**. والذين يلحدون في أسمائه هم العرب الوثنيون الذين التزموا باشتقاق أسماء أوثانهم من أسماء مثل: اللات من الله، والعزى من العزيز (أفرأيتم اللات والعزى) (النجم أية 19)، وهو ما يُعد الآن ذنباً عظيماً، وحتى إلحاداً .

        وقد أشير إلى هذه  الأسماء في سورة مبكرة جداً، وفي آية تؤكد وحدانية الله كأنما لتظهر بأن وجودها لا ينفي فكرة الوحدانية (لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى) (سورة طه أية 8). ورُوي عن أبي هريرة [t] أن رسول الله [r] قال: (إن لله تسعاً وتسعين اسماً كلها صفات لله، وهي مثل الرحمن والخالق والحليم والجليل والهادي ... الخ ) . والسبب الذي قُدّمَ لوجود هذا العدد الكبير من الأسماء أن يُدعى الله [عز وجل] بالمناسب لحاجة الداعي. 

وهكذا فالشخص المذنب يدعو الغفار أو التواب، والذي يحتاج الرزق يدعو الـرّزاق، والذي يحتاج الهداية إلى الصراط المستقيم يدعو الرشيد. وللمساعدة في تكرار هذه الأسماء استُخدمت مسبحة من مئة حبة، فيما يستخدم الوهابيون أصابعهم معتقدين أن تلك عادة محمد [r]، ويُذكر اسم الله في الأول أو في الآخر لتتم المائة*.

يوافق "المحمديون" جميعهم أن أسماء مثل: "الحي" ، و "الحكيم" ، و "القوي" يمكن أن تطلق على الله ولكنها يجب أن تكون توقيفية، أي وردت في القرآن أو في السنة. ويمكن أن يطلق على الله "الشافي"، ولكن لا يمكن أن يسمى الطبيب، ذلك أن هذه الكلمة لم تستخدم لا في القرآن ولا من قبل محمد [r]، ولكن بعض العلماء كانوا أقل تشدداً حيث يقولون: بالرغم من أن الكلمة ذاتها ربما لم تستخدم هكذا؛ فإن كانت صفة للذات مدحية فيمكن استخدام الصفة من تلك الكلمة، وإذا كان مثل هذه الكلمات قد استخدم فيجب النظر إليها على أنها تعبير عن صفاته وليس عن طبيعته.

ومن الأمثلة على ذلك مصطلح "مسبب الأسباب" وهي للفرس تعني كلمة "خُدَا"، وقد وجِدَ من يعارضها، ولكن لأنها تعني " الذي وجد بنفسه " وهي تساوي في اللغة العربية " واجب الوجود ". ومن الأسماء التي أخذت من لغات الكفار من مثل " قاد " God و ديو Dieu وجوت Got؛ فإن الرأي العام يقضي بعدم استخدامها إطلاقاً .

ومن بين الأسماء العديدة لله: الاسم الأعظم، ووفقاً لأحد الأحاديث فإنه ورد في القرآن في سورة البقرة (آية 158) ** وسورة آل عمران (الآية 1) . والأسماء التي وردت هي الرحمن والقيوم والحي، ولكن ورد عن عائشة [t] أنه لا يعرف الاسم الأعظم إلا الرسل والصالحون [ القديسون ] فقط .

ويُعتقد بأن الذين يدعون الله باسمه الأعظم سيحصلون على كل ما يرغبون. ويزعم المتصوفة والدراويش أنهم يُمضون وقتاً للبحث عنه، وعندما يزعمون أنهم وجدوه يكسبون من ذلك نفوذاً كبيراً لدى العامة. وهذه الرغبة للوصول إلى هذه المعرفة كانت دافعاً قوياً للدخول في الترهبن الطويل وتدريبات نظام الدراويش .

2- ويمكن النظر في العقيدة في الله من ناحية ارتباطها بجوهر الله وصفاته وأفعاله

( أ ) أكد محمد [r] تأكيداً عظيماً على وحدانية الله. وتحتوي عقيدته التي تنص على أنه "لا إله إلا الله" على نفي الآلهة الزائفة وتأكيد وحدانية الله الحق. والفقرات الأساس التي تشير إلى هذا من القرآن هي :

(قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) (سورة الإخلاص) .

(إن إلاهكم لواحد *رب السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق) (الصافات 4و5 ) .

(الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى) (طه آية 8) .

(ذلكم الله ربكم خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل) (الأنعام آية 102).

      وفي سورة مدنية جاءت آية قد تكون مكية هي : (وإلهاكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) (البقرة 163) . وفي السورة نفسها نجد أجمل آية في القرآن هي آية الكرسي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم. لا تأخذه سنة ولا نوم. له ما في السموات وما في الأرض. من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم. ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. وسع كرسيه السموات والأرض. ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) (البقرة 255) . 

        هذا المفهوم القوي لوحدانية الله قاد محمداً [r] إلى إنكار ما عدّه عقيدة التثليث النصرانية. وفي المدينة عندما فقد كل الأمل في كسب النصارى لجانبه ناشدهم* هكذا : (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم، ولا تقولوا على الله إلا الحق، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فآمنوا بالله ورسله، ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم، إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد، له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً) (سورة النساء آية 171) .

        ونقرأ في آخر سورة أنزلت قوله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد ، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم) (سورة المائدة آية 73)، (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله، قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب) (المائدة آية 116).

     وكانت فكرة محمد [r] بأن التثليث النصراني يتكون من الله ومريم وعيسى ، ولم يُعَدّ الروح القدس شخصاً في التثليث  íí .

      ومن وجهة نظر فلسفية إسلامية بأنه لا شيء يمكن أن يوجد دون سبب فيجب حينئذ افتراض وجود كائن هو سبب كل الأشياء، وقد وُجِدَ بالضرورة، وهو مكتف بنفسه. هذا الكائن يجب أن يكون واحداً وواحداً فقط.

       هذا التوحيد يقال إنه إما توحيد الربوبية، أو توحيد الألوهية. ويعني الأول أن الله خلَقَ كل الأشياء ورزقها، ولكن الإيمان بهذا لا يجعل الإنسان مؤمناً بالضرورة. بينما الاعتقاد في الثاني يجعل الإنسان مؤمناً لأنه يقبل عبادة الله الواحد í .






*  لا يصح إطلاق المحمديين على المسلمين، وهذا هو ما فعله النصارى حينما نسبوا أنفسهم إلى عيسى عليه السلام، وهم يُلمحون أيضاً بهذه التسمية إلى أن هذا الدين جاء به –حسب زعمهم– محمد r من عند نفسه .


**  الآية التي نزلت في هذا المقام هي (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى... ) الآية. (الإسراء 110)، كما جاء في صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني ( 2/179) (بيروت : دار القرآن الكريم طـ 4 ، 1402هـ / 1981م ) (المترجم) .


*  إذا كان للمسبحة من مبرر فهي التسبيح، أي قول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين مرة، والحمد لله مثلها، والله أكبر، وإتمام المئة بقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والأمر الثاني أنه ليس هناك مذهب وهابي، بل أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب حريصون على اتباع السنة، وكان النبي r يسبح مستخدماً أصابع يده. (المترجم) .


**  ليس في هذه الآية الاسم المقصود، وإنما هو في آية الكرسي، ورقمها 255 . (المترجم) .


*


íí  ليس هناك إلا موقف واحد للرسول e مع النصارى وهو دعوتهم إلى التوحيد المطلق، ورفض ما هم فيه من ضلال وعماية. وهذه الآيات التي أوردها الكاتب دليل واضح . (المترجم) .
í  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية