من أعلام المدينة المنورة - أمين بن حسن الحلواني المدني رحمه الله


                                      بسم الله الرحمن الرحيم

      
كنت قد اقترحت أن تتضمن هذه الصفحة المباركة ( صفحة المدينة المنورة ) في صحيفة المدينة المنورة حديثاً عن أعلام دار الهجرة قديماً وحديثاً على أن تكون كتابة المادة تتضمن بعض المراجع لزيادة المعرفة بهؤلاء الأعلام ، ولا أخال الاخوة الكرام إلاّ مستجيبون لهذا الاقتراح . ولكني سأقدم بدوري علماً من إعلام المدينة المنورة وهو الشيخ أمين بن حسن حلواني المدني المدرّس بالروضة الشريفة.

واسمه أمين بن حسن بن محمد أمين الهندي الكشميري كما قال عنه صاحب كتاب (تحفة المحبين والأصحاب فيما للمدنيين من أنساب ) بأن أصل أسرة الحلواني يعود إلى الهند ويصف جده بأنه " كان رجلاً كاملاً عاقلاً صاحب ثروة" .تلقى الشيخ أمين تعليمه في المسجد النبوي الشريف وفي الأزهر في مجالات مختلفة حيث درس اللغة والأدب، والتاريخ، والفلك ويدل على هذا تنوع مؤلفاته حيث صدر له (مختصر مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود) وهو تأليف عثمان بن سند البصري ويشتمل على تاريخ بغداد من 1198حتى 1280 وقد طبع الكتاب في الهند سنة 1304هـ(1887م) . ومن مؤلفاته (نبش الهذيان من تاريخ جرجي زيدان) وفي هذا الكتاب يفند الشيخ أمين الأخطاء التي وقع فيها جرجي زيدان في كتابه (تاريخ مصر الحديث) فلم تمض سنة على صدور كتاب زيدان حتى ابنرى له الشيخ بانتقاده بالرغم من أنه كان بعيداً عن وطنه ( المدينة المنورة) وبعيداً عن مكتبته ومصادره إلاّ أنه استطاع أن يوضح جهل جرجي زيدان بتاريخ مصر الإسلامية وتشويهه لهذا التاريخ كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً. وطبع الكتاب ( طبعة حجرية ) في حيدر أباد الدخن بالهند عام 1307هـ(1890م). وقد صدر هذا الكتاب محققاً عام 1410 في المدينة المنورة.

ومن مؤلفاته الطريفة كتيب صغير حول زراعة النخل بعنوان ( جني النحلة في كيفية غرس النخلة) وفهي إرشاد للمزارعين في الاهتمام بالنخل. وقام الشيخ الحلواني بطباعة كتاب ( القرب في محبة العرب ) لعبد الرحيم العراقي.

وقد عرف الشيخ الحلواني بحب الرحلات فكان منها زيارته لمصر والهند وإقامته بالهند عدة سنوات ، وكذلك رحلته المشهورة إلى ليدن بهولندا لحضور مؤتمر المستشرقين سنة 1883(1297) حيث قام في هذا المؤتمر ببيع مجموعة من المخطوطات. وقد قامت كل من مكتبتي برل ومكتبة جامعة برنستون بشراء هذه المخطوطات. وقد انتقد أكثر من باحث قيام الشيخ ببيع هذه المخطوطات لهذه الكنوز الإسلامية فهل كان بحاجة إلى المال أو كان يعلم مقدار اهتمام هذه الجهات الأجنبية بالمخطوطات وقدرتها على حفظها والعناية بها. ولم يترك لنا الشيخ فيما كتب تحديداً لأسباب بيعه لهذه المخطوطات.

 وكان للشيخ اهتمام بالمخطوطات وبالتراث الإسلامي عموماً وقد عرف العمل المشترك مع أحد أصدقائه في مصر وهو الشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي في مصر واشتركا في أعمال عليمة في مجال البحث عن كنوز التراث الإسلامي ونشرها. وهذا الأمر جميل في تاريخ الباحثين المسلمين في العصر الحديث حيث إننا نفتقد كثيراً للأعمال والنشاطات المشتركة.

وقد توفي الشيخ في طرابلس الغرب كما ذكرت مجلة المنهل في مقال ترجمت فيه للشيخ وأنه كان في رحلة إليها فظنه بعض الأعراب أجنبياً لبياض بشرته ولأنه كان يرتدي النظارات الطبية ، وبالرغم من تدخل بعض أهالي طرابلس لإقناعهم بأنه عالم مسلم من المدينة المنورة فإن ذلك لم يقنع الأعراب فقتلوه وكان ذلك عام 1316هـ.

ومن أبزر من كتب عن الشيخ الحلواني الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب (محرم وصفر 1394)، ومحب الدين الخطيب في مقدمة كتاب ( مختصر مطالع السعود بطيب أخبار الوالي داود) والدكتور عاصم حمدان في مجلة عالم الكتب(محرم 1410)والزركلي في الأعلام ومحمود عبد الوهاب في المنهل (ربيع الثاني 1372هـ) وقد قدمت له دائرة المعارف الإسلامية التي أصدرها المستشرقون ترجمة موجزة في طبعتها الأولى.

رحم الله الشيخ أمين بن حسن حلواني وأجزل له المثوبة .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية