ملخص محاضرة الاستشراق الأمريكي والمحافظون الجدد

 

 

 

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

 

الاثنين 5ربيع الآخر 1425هـ الموافق 26 مايو 2004م

 

 

 

مقدمة: ستكون هذه المحاضرة بإذن الله كتاباً بالعنوان أعلاه إن شاء الله قريباً ربما قبل نهاية الإجازة، وسيكون بإذن الله عام النشر الجدد كما كان عام 1425هـ أو عام 2005م

       صقور البيت الأبيض أو المحافظين الجدد تيار سياسي ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية منطلقاً من التيار الليبرالي في أثناء حقبة الحرب الباردة والصراع ضد الشيوعية ليتغلغل في صفوف القيادة السياسية الأمريكية ويتولى أعلى المناصب. وقد شكل هؤلاء فريقاً كبيراً وجد الدعم والمساندة الفكرية من عدد من المستشرقين وخبراء الشرق الأوسط الذين دعموا توجه الصقور في السياسة الخارجية الأمريكية، وكان من أبرز أهداف الصقور تحويل الولايات المتحدة الأمريكية القطب الأوحد أو القوة العظمى الوحيدة في العالم إلى إمبراطورية تستخدم القوة والعنف من أجل الوصول إلى تأكيد هيمنتها وسيطرتها على العالم، ومن مشروعاتهم كذلك إعادة تشكيل الشرق الأوسط ونشر الديموقراطية الغربية فيه. وقد تأثرت دراسات الشرق الأوسط أو الاستشراق الأمريكي المعاصر بهذا التيار كما تأثر هذا التيار بالاستشراق أيضاً.

       في هذا الإطار قدم الدكتور مازن مطبقاني محاضرته التي تكونت من ثلاثة محاور هي:

       المحور الأول: تعريف الصقور ونماذج من مواقفهم تجاه العرب والمسلمين

       المحور الثاني: الدراسات الشرق أوسطية وتأثير التوجه الصقوري فيها

       المحور الثالث: الاستشراق وعلاقته بصقور البيت الأبيض: برنارد لويس   نموذجاً

        قدم المحاضر في بداية المحاضرة رصداً للمصادر التي استقى منها مادة محاضرته فذكر مصادره باللغة العربية وهي العديد من المقالات الصحفية وتقرير عن ندوة عقدها مركز دراسات الولايات المتحدة بجامعة القاهرة ومركز فلسطين الإعلامي وغيرها من المواقع. أما المصادر الإنجليزية فهي كثيرة من أبرزها صحيفة الجارديان البريطانية والدبلوماسي الدولية والديموقراطية اليوم Democracynow.com وغيرها. ثم بدأ في تقديم مزيد من الأضواء على عدد من صقور البيت الأبيض وقدم تعريفاً لهم ومن هؤلاء على سبيل المثال ريتشارد بيرل Richard Perle المعروف بأمير الشر الذي عمل مستشاراً سابقاً لعدد من السياسيين الإسرائيليين ومنهم بنيامين نتنياهو، ورأس المجلس الاستشاري للبنتاجون، وعمل محللاً سياسياً بمعهد الدراسات المستقبلية والعلوم السياسية، وهو عضو في المعهد اليهودي للأمن القومي، وبول ولفوفيتز Paul Wolfowitz  نائب وزير الدفاع الأمريكي وعضو في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، وله علاقات بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وعمل عميداً لكلية بول نيتشه للدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز بمدينة برنستون. وإليوت أبرامز Elliot Abrams عمل مساعداً لوزير الخارجية في عهد الرئيس رونالد ريغان، ويعمل حالياً في مجلس الأمن القومي وله نشاط واضح في لجنة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وهناك اتهامات قانونية بحقه منها اتهامه بالمساهمة في جمع المال لمتمردي الكونترا في نيكاراجوا. بل إن الاتهامات لاحقت العديد منهم وأدينوا ولكن كانت لهم دائماً طريقة خاصة في التهرب من العدالة.

      وأوضح المحاضر المعاهد ومراكز البحوث التي ينطلق منها هؤلاء الصقور لنشر فكرهم والتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية ومنها معهد أمريكان إنتربرايز American Enterprise Institute ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومعهد بحوث إعلام الشرق الأوسط، والمعهد اليهودي لسياسات الأمن القومي وغيرها.

     وأوضح المحاضر استخدام الصقور لوسائل الإعلام بقوة حيث إنهم يسيطرون على إمبراطورية إعلامية تضم مؤسسة ميردوخ إلى جانب شبكة فوكس الإخبارية. كما أنهم دائمي الظهور في وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفاز وإنترنت. وهم يصدرون التقارير الاستراتيجية ويضعون الخطط للرؤساء، ويقدمون شهاداتهم في الكونجرس وفي لجانه المختلفة. وقد طغى وجودهم على المتخصصين الحقيقيين في مجال الشرق الأوسط مما أبعد هؤلاء المتخصصين عن أن تستفيد الحكومة الأمريكية من خبراتهم وعلمهم.

      وتناول المحاضر مسألة إنشاء الإمبراطورية من خلال التخطيط للحروب المختلفة ومنها حرب أفغانستان واحتلال العراق واستعماره، وذكر المحاضر بعض الأصوات الأمريكية التي أخذت في التنامي داعية إلى الكف عن هذا التفكير ومن هؤلاء المرشحان السابقان للرئاسة بات بيوكانن ولاروش.

     ومن أبرز النقاط في نشاط الصقور علاقاتهم بإسرائيل وبخاصة أشد المتطرفين في حزب الليكود. وذكر المحاضر بعض ما جاء في الكتاب الجريء (من يجرؤ على الكلام) لبول فندلي وكذلك ما كتبه روبرت فيسك عن هذه العلاقات وذكر الباحث أيضاً الكاتب البريطاني برايان ويتيكر Brian Whitaker الكاتب في صحيفة الجارديان الدولية.

      أما المحور الثاني فقد تناول الدراسات العربية والإسلامية في أمريكا وقوة الوجود اليهودي الصهيوني فيها حيث جند اليهود أكثر من خمسة آلاف طالب لينتشروا في أقسام دراسات الشرق الأوسط في أنحاء أمريكا، كما أشار إلى عدد الأساتذة الزائرين والباحثين من الكيان اليهودي للجامعات الأمريكية، بالإضافة إلى عدد الباحثين الأمريكيين الذين يدرسون في إسرائيل. وذكر المحاضر من نماذج الهيمنة اليهودية الصهيونية ما تعرضت له الدكتور شيلا سكوفيل في قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة أريزونا بمدينة توسان حينما كانت رئيسة لبرنامج هذه الدراسات حيث اتهمت بأن هذا البرنامج متحيز ضد اليهود وضد إسرائيل وهو ما عجزوا عن إثباته ولكنهم استخدموا وسائلهم الخاصة حتى اضطروها للاستقالة (الفصل الثامن من كتاب بول فندلي)

     وذكر المحاضر عدة نماذج تؤكد تحيز هذه الدراسات وتشويهها للإسلام والمسلمين ومن ذلك التقرير الذي أعده الأمريكي المسلم ت ب إيرفينج عام 1975 عن هذه الدراسات ومدى ارتباطها بالاستخبارات الأمريكية وبالكيان الصهيوني. كما أشار إلى مقالة للدكتور إسماعيل راجي الفاروقي- رحمه الله- حول إنشاء كراس للدراسات الإسلامية في أمريكا وبأن هذه الكراسي لن تخدم الإسلام حقيقة ولا المسلمين لوجود عقبات كثيرة في وجهها، ولكن المحاضر أشار إلى ضرورة أن نعرف الطريقة الصحيحة لتحقيق أهداف هذه الكراسي. وأشار المحاضر إلى رحلة علمية قام بها ضيفاً على برنامج الزائر الدولي الذي ترعاه وكالة إعلام الولايات المتحدة حيث زار تسع مدن أمريكية وزار أكثر من أربع عشرة مؤسسة وقسماً دراسياً ومركز بحوث اطلع من خلالها على كثير من تفاصيل دراسات الشرق الأوسط في تلك الجامعات والمراكز

     وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ظهرت موجة جديدة تشكك في تحقيق أهداف دراسات الشرق الأوسط لأهدافها في معرفة أعداء أمريكا وبأنهم العرب والمسلمون وكان ذلك في كتاب مارتن كريمر الرئيس السابق لمركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة تل أبيب. وكان أيضاً من نتائج أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن ظهرت مجموعة تميل إلى الصقور تدعو إلى مراقبة الدراسات العربية الإسلامية وأن يشكل مجلس في الكونجرس الأمريكي لمتابعة هذه الدراسات والتحقق من أنها تخدم السياسة الأمريكية وأنشأت مجموعة الشرق الأوسط Middle East Forumفي فيلادلفيا موقعاً في الإنترنت باسم campus-watch.org لمراقبة الأساتذة ووضع قائمة سوداء تضم من يخالف السياسة الأمريكية أو يوضح وحشية الاحتلال الإسرائيلي وأفعال إسرائيل في الأراضي المحتلة.

     أما المحور الثالث فتركز حول علاقة الاستشراق بالسياسة الخارجية الأمريكية وبخاصة المستشرق الأمريكي اليهودي الملة الصهيوني النزعة برنارد لويس وعلاقته بالبيت الأبيض وانتشار آرائه وأفكاره بين كبار المسؤولين من الرئيس الأمريكي ونائبه وكبار المسؤولين حتى إن كتاباته أصبحت قراءات مقررة على المسؤولين في البيت الأبيض وخصصت قناة الكونجرس C-Spanمساحات واسعة لكتاباته وآرائه.

    ولعل من أبرز أفكار لويس انتشاراً التحريض على كراهية العالم الإسلامي والتعامل معه بالقوة وأن العرب لا يفهمون إلاّ لغة القوة. وكذلك نشر فكرة عداوة العالم الإسلامي للغرب وكراهيته لأن الغرب ناجح وقوي ومتقدم وليس لأسباب أخرى كما تناول المحاضر فكرة لويس القديمة عن صدام الحضارات التي قال بها في العديد من مؤلفاته ومنها بصفة خاصة كتابه الغرب والشرق الأوسط ثم محاضرته في الكونجرس الأمريكي عام 1990 بعنوان (نظرة المسلمين للحضارة الغربية) والتي نشرها في مقالة بعنوان (جذور الغيظ الإسلامي) في سبتمبر 1990 في مجلة اتلانتك الشهرية. ثم أخذ صموئيل هنتنجتون الفكرة ليطورها في مقالة ثم في كتاب ليزيد من العداوة بين العالم الإسلامي والغرب بعامة وأمريكا بصفة خاصة

     وخلص المحاضر إلى أننا يجب أن ندرس الغرب وأن ننشئ مراكز الأبحاث والمعاهد والأقسام العلمية لدراسة الغرب فقد آن الآوان لإنشاء هذه الدراسات وأن يكون لنا حضور أقوى في المنتديات الفكرية في الغرب ومن ذلك المؤتمرات والندوات.

       وأثارت المحاضرة الكثير من التعليقات والأسئلة التي تناولت بعض ما قاله المحاضر ومنها أننا غير مستعدين ليكون لدينا دراسات أوروبية وأمريكية، كما انتقد البعض التركيز على الجانب السلبي من دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية، فكان رد المحاضر أن المحاضرة مقتصرة على جانب الاستشراق وعلاقته بالصقور. 

       أما بالنسبة لقدرة العرب والمسلمين على القيام بالدراسات الأوروبية والأمريكية فأمر مؤكد وذلك لوجود الكفاءات العربية المسلمة في مختلف المعارف، فمن يستطع أن يدرس المجتمع في المملكة بإمكانه أن يدرس المجتمع الغربي، ومن يستطع أن يدرس تربة القصيم يمكنه أن يدرس تربة أوكلاهوما. وإن الكفاءات متوفرة في جامعات المملكة ومنها جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية التي أنشأت قسما لدراسة الاستشراق هو القسم الوحيد في العالم الإسلامي وقد أنجزت فيه العديد من الرسائل العلمية المتميزة. كما نستطيع أن نفيد من المسلمين في اوروبا وأمريكا. ولكن المطلوب حقيقة أن يكون هناك قرار سياسي من أعلى مستوى لتنطلق هذه الدراسات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية