عرض ونقد لكتاب وسائل الإعلام في إطار سسيولوجية وقت الفراغ


                                بسم الله الرحمن الرحيم



وجدت هذا المقال من خبربشاتي القديمة فأحببت أن أقدمه لكم
عرض ونقد كتاب ( وسائل الإعلام في إطار سسيولوجية وقت الفراغ)

تأليف الأستاذة الدكتورة انشراح الشال

الناشر: جدة: دار حافظ للنشر والتوزيع، 1419/1998م.

عدد الصفحات 483من القطع المتوسط.



هذا الكتاب عبارة عن دراسة ميدانية عن وسائل الإعلام ووقت الفراغ من الناحية الاجتماعية طبقت على عينات في المنطقة الغربية بالمملكة العربية السعودية قامت بها المؤلفة بالتعاون مع عدد من طالباتها بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.

ويتكون الكتاب من اثني عشر فصلاً تناولت وسائل الإعلام المختلفة مع التركيز على كل من الفيديو والبث الفضائي المباشر أو الأطباق الهوائية أو اللاقطات أو الصحون الفضائية وتأثيرها في الحياة الاجتماعية وكيفية قضاء وقت الفراغ ومدى سيطرة وسائل الإعلام المختلفة على حياة الفرد متخذة من العينة المدروسة.

لا شك أن الكتاب جهد كبير في دراسة هذه القضية والأستاذة الباحثة لها العديد من البحوث في هذا المجال جعلها متمكنة من إجراء بحث متميز في مجال وقت الفراغ من النواحي الاجتماعية. وقد توصلت إلى نتائج واقعية جداً .

وفيما يأتي استعراض لفصول الكتاب وما يمكن تقديمه من نقد لها مع العلم أن كاتبة النقد ليست سوى طالبة في بداية حياتها العلمية ما زال لديها الكثير لتتعلمه من هذا الكتاب ومن الأستاذة الفاضلة.

وأبدأ بالملاحظات العامة ثم بعد ذلك أنتقل إلى الملاحظات التفصيلية حسب فصول الكتاب:

أولاً: بالرغم من أن الدراسة ميدانية في الأصل ولكن المعلومات النظرية أخذت حيزاً كبيراً من الكتاب يمكن أن يكون قد تجاوز الأربعين في المائة. وكانت المقدمة التي كتبتها المؤلفة تشير فقط إلى البحث الميداني فكان ينبغي في المقدمة الإشارة إلى المجالات الأخرى التي سيتطرق إليها البحث.

ثانياً: تخلل الكتاب الحديث عن دراسات ميدانية قامت بها المؤلفة نفسها أو باحثون آخرون حول مصر أو الهند أو تونس أو المغرب.

ثالثاً: هناك عدم استقرار على استخدام المصطلحات الفنية فالدش مثلاً أصبح مقبولاً عند المؤلفة رغم أنها ذكرت المصطلحات البديلة باللغة العربية ومنها اللاقط أو القصعة. وذكرت القصعة التي يستخدمها العمال المصريون مع أن القصعة كلمة عربية فصيحة تستخدم في الطعام ومن ذلك قول الشاعر

وفي قصعة ما يغلق الباب دونها           مدفقة لحماً مكللة ثرداً.

فكان ينبغي الالتزام بمصطلح واحد في كل البحث بدلاً من التردد في استخدام المصطلحات أو القبول بالمصطلح الغربي الدش وهو أيضاً ليس مصطلحاً علمياً Dish وهو يعني طبق الطعام.

        رابعاُ : أوردت المؤلفة بعض المعلومات دون توثيق مثل حديثها عن تعليل انتشار الفيديو في بريطانيا نقلاً عن دوجلاس ميور فمن هو دوجلاس؟

        خامساً: استخدمت الباحثة أسلوب التوثيق داخل النص وهو أمر معمول به ولكن نظراً لأن البحث في مثل هذه الموضوعات المتغيرة والمتجددة فحبذا لو كان تاريخ المرجع مذكوراً في التوثيق السريع)

سادساً : تحدثت عن أكثر من وسيلة إعلام في وقت واحد فهي تتحدث في صفحة 112 عن الفيديو ثم تتحدث في الوقت نفسه عن الدش ومعارضته.

سابعاً: لاشك أن خبرات الأستاذة الطويلة في مجال البحث العلمي في مجال الاتصالات جعلها تشير كثيراً إلى هذه البحوث في عدة أماكن حتى إنها خصصت في أحد الفصول عدة صفحات للحديث عن إنتاجها العملي ثم تحدثت عن الإنتاج العلمي لغيرها من الباحثين ولو أوجزت الحديث عن إنتاجها وفصّلت في الحديث عن إنتاج الغير.

        سابعاُ: استخدمت المؤلفة كلمة سسيولوجية في العنوان وهي فيما يبدو حريصة والحمد لله على اللغة العربية والقيم الإسلامية فهل خلت اللغة العربية من كلمة تغني عن هذه المفردة الأجنبية.

        أما الآن فأتناول بالنقد الفصول بالتفصيل :

1-     الفصل الأول والثاني والثالث والرابع: تناولت الباحثة في هذه الفصول البحث الميداني الذي قامت به والعينة التي اختارتها وهل هي عينة عشوائية أو عينة منتقاة ومسائل الإحصاء والمشكلات التي واجهتها في جمع المعلومات وجهود الطالبات في جمع المادة. وذكرت أنها قامت بالجهد الأكبر بنفسها وهذه حال الباحثين في العالم الثالث الذين لا تخصص  لهم الجامعات مساعدين يقومون بالأعمال المساعدة في البحث العلمي. ويمكن أن نضيف أن المعلومات الفنية الدقيقة جداً التى قد لا تهم إلا المتخصصين في الهندسة أو في المجال الفني من الإعلام طغت على بعض صفحات الكتاب. ولا شك أن سعة علم الأستاذة جعلتها تعتقد أن هذه المعلومات ضرورية ولكنها في الواقع لا علاقة لها بسسيولوجية وقت الفراغ المراد بحثه هنا.

2-     الفصل الخامس: تناول فيه البث المباشر وقد وجدت أن الصفحات من 133-135  لا يوجد فيها توثيق . كما أنها أيضاً أدخلت معلوما تقنية بحتة. أما أسباب وقت الفراغ فلم تتناولها ولعلها ليست من أهداف البحث ولكن الموضوع يستحق ولو كلمة . وهناك بعض القضايا التي كانت تستحق الوقوف طويلاً ومحاولة تقديم تفسير لها مثل ص 147 عندما تحدثت عن تمويل فرنسا لإنشاء محطات أرضية لاستقبال بث بعض قنواتها ثم إعادة بثها في مصر وفي دول شمال أفريقيا. ومن ذلك القناة الثانية في تونس وما تحتويه من فساد أخلاقي كبير.

3-     الفصل السادس: القمر الصناعي المصري نايل سات.Nile Sat أو Nilesat. بالرغم من أهميته ودقة المعلومات الرسمية والعلمية فيه لكنه يبدو لي أنه لا يخدم البحث مباشرة ومن المعروف أن قنوات نايل سات لا تشاهد لدى معظم أفراد العينة الذين لديهم في الغالب عرب سات.

4-     الفصل السابع : هذا الفصل أيضاً عن الأقمار الصناعية الأخرى في المملكة العربية السعودية وغيرها والخطط لإطلاق أقمار صناعية خاصة بدول معينة لا يبدو أنه يخدم البحث.

5-     الفصل الثامن : بدأ بالحديث عن أثر البث المباشر والتلفزيون المصري مقارنة بالتلفزيون الإسرائيلي وهذا الموضوع بحاجة إلى نقاش أوسع وأكثر عمقاً فليست المسألة أيهما أكثر إفساداً فإننا ندرك أن القضية ليست متعلقة فقط باللغة أو الجهة التي تبث فإن الإعلام عموماً مسيطر عليه من جهات علمانية.و لاشك أن اللغة مهمة جداً حيث أثبت الدراسة اهتمام العينة بمشاهدة القنوات العربية. ولم ألاحظ حديث المؤلفة عن شو تايم التي تصر على وضع الترجمة مع المشاهد ليكون التأثير مزدوجاً فكرياً وخلقياً وإثارة للغرائز. وقد توصلوا إلى طريقة يمكن بها المشاهدة والقراءة في وقت واحد.وهذه القضية أثيرت في مؤتمرات كثيرة ولا أدري لماذا فات المؤلفة الحديث عن المؤتمر الذي عقدته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.

6-      الفصل التاسع : تناول هذا الفصل مسألة حيازة الدش وهو فصل جيد ولكن حبذا لو تم التقليل من المعلومات الفنية حول المستقبلات ونوعياتها فإن أي مستقبل مهما قل شأنه يستطيع استقبال عرب سات وهو الشائع.

7-     الفصل العاشر: هذا الفصل من أفضل فصول الكتاب وفيه معلومات دقيقة حول هذه التعرض لبرامج القنوات الفضائية. وكان بودي أن تقوم الأستاذة الفاضلة بتحليل بعض البرامج والأهداف التي تسعى لتحقيقها. إن الكثيرين الذين خافوا من البث الفضائي الغربي عادوا ليشتكوا من البث الفضائي العربي. فمثلاً ركزت القنوات على إعادة الأفلام القديمة ( الأسود والأبيض) وظن البعض أن المسألة لا تعدو ملأ الفراغ ولكن الحقيقة أن تلك البرامج أو الأفلام لها رسالة واضحة من أبرزها مثلاً خروج المرأة وتحرر المرأة ومساواة المرأة بالرجل وانتقاد بعض التشريعات الإسلامية في التعدد وغير ذلك.

كما أن القنوات الفضائية ركزت على نماذج معينة من المفكرين والأدباء فمثلاً البرنامج الذي كان يقدمه محمد رضا نصر الله كان مخصصاً لنموذج معين من الأدباء والمفكرين وإن كان قدم نماذج مختلفة فما هو إلاّ ذر للرماد في العيون.

8-     الفصل الحادي عشر : تناول الجوانب الإيجابية والسلبية في البث الفضائي وهو أمر يحتاج إلى بحث منفصل فهناك بلا شك جوانب إيجابية سوى ما ذكرته المؤلفة من زيادة الاتصال الشخصي للتحدث عن مشاهداتهم في القنوات الفضائية فهناك المعلومات عن البلاد ونشاطاتها الفكرية والعلمية فمن يعرف مثلاً أن الشارقة قد اختيرت لتكون العاصمة الثقافية في العالم العربي من قبل اليونسكو . ويبدو أن قناة الجزيرة وما تبثه من برامج جريئة نوعاً ما نالت اهتمام كثير من المشاهدين. كما أن بعض الشخصيات العلمية ازدادت شهرتها بالقنوات الفضائية كما زادت شهرة اللاعبين والمغنين والممثلين من خلال القنوات الفضائية.

9-      الفصل الثاني عشر : مناقشة الصحيفة مع المبحوثين ومقترحاتهم وغير ذلك من القضايا التي تتعلق بالبحث وهو بلا شك فصل جيد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية