المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق


تأليف مازن صلاح مطبقاني
تقديم الدكتور علي محمد جريشة (رحمه الله)


الناشر
الطبعة الأولى
جدة: دار الريشة 1409هـ /1989م

تقديم الدكتور علي محمد جريشة
لم يتح لي بعد أن أرى المغرب العربي، وأعترف بالتقصير، لكن أتيح لي أن أراه من خلال أبنائه الذين سعدت بهم أصدقاء أوأبناء إبان تدريسي بالجامعة الإسلامية، وبالمعهد العالي لإعداد الدعاة، وفي لقاءات الحج والعمرة والحمد لله. وأتيح لي مع ذلك أن أراه خلال ماضيه
القريب المجيد كفاحاً ضد مستعمر كان يعتبر المغرب جزءاً من فرنسا(!) وجهاداً في سبيل الله قدمت فيه أغلى الدماء على امتداد المغرب العربي كله (تونس – الجزائر- المغرب) حتى بلغ تعداد الشهداء في بعضها المليون.
ولقد عشنا معهم بعاطفتنا الإسلامية، وأحياناً بالعون الصادق شعوراً بأننا جسد واحد، حتى لقد سمعت في شبابي مرشداً إسلامياً يقول : إننا نجاهد في الجزائر قبل أن نجاهد في مصر.
لكنني أعترف – مع صاحب هذا الكتاب- أننا قصرنا كثيراً في البحث والكتابة العلمية الجادة عن المغرب العربي، حتى لكأنّي بالكثير من أبناء المشرق العربي بل من أبناء الدعوة الإسلامية نفسها- لا يعرف الكثير عن عبد الحميد بن باديس ، أو عن عبد الكريم الخطابي، أو عن غيرهما- ممن
قادوا الجهاد على تلك الأرض الطيبة… وفي الماضي القريب.
وكأني بهم كذلك لا يعرفون الكثير عن الكتيبة المظفرة التي حملت الإسلام لهذه المنطقة، ثم عبرت به مضيق جبل طارق لتفتح الأندلس، ولترفرف راية الإسلام على ربوعها ثمانية قرون..قبل أن تنطلق الصليبية الحاقدة لتستأصل شأفة شعب بأسره على أرض الأندلس، وليتمزق هذا الشعب ما بين قتيل وجريح وشريد، ولا يبقى منه على أرضه من يقول لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ، ولتتحول المساجد إلى كنائس ويتحول المسجد الكبير في قرطبة في جزء منه إلى كنيسة، ويتحول الجزء الباقي إلى متحف يجوس فيه السائحون بكلابهم مع بقاء محرابه وكل آثاره كما كانت على عهدها الأول!
ولا يزال أبناء المغرب هم الكبير هم رجال الصف الأول المنوط بهم تحرير الأندلس ولا يزال أبناء المغرب الكبير هم بوابة العبور إلى أوروبا عبر مضيق جبل طار، كما أنهم في الوقت نفسه هم رجال الصف الأول
المدافعون عن دينهم وإسلامهم في مواجهة الهجمة الصليبية الشرسة على بلاد المسلمين.
ولئن هدأت حرب السلاح بين الصليبية وأبناء الإسلام في أكثر المناطق، فإن حرب الفكر والعقيدة حلت محلها.. ومارس الاستشراق متعانقاً مع الاستعمار الذي كان جاثماً تلك الحرب. ولم يكن من يتصدى لهذه الحرب الجديدة سوى رجال الحركة الإسلامية ولا يزالون،وفي هذه البحوث القيمة التي أعدها الأستاذ مازن صلاح المطبقاني عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة – بعض الأضواء التي يجهلها الكثيرون عن الحركة الإسلامية في المغرب العربي(منذ نهاية الحرب العالمية وحتى منتصف هذا القرن) كذلك بعض الكيد الذي مارسه الاستشراق والاستعمار على المجتمع الإسلامي في هذه المنطقة، وأخيراً نموذجاً طيباً لجهاد رجل من رجالات الدعوة الإسلامية الحديثة هو الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي يرجع إليه الفضل- بعد الله – في وقف فَرْنسة الجزائر، وفي قيادة الجهاد فيها ضد المستعمر الغاشم. ولا يزال الميدان يحتاج من هذا الفارس الفذ الذي نفر للكتابة عن مغربنا الإسلامي العربي، أقول لا يزال الميدان يحتاج منه إلى الكثير، كما أنه يحتاج إلى فرسان آخرين –يحملون راية البحث والجهاد بالكلمة الصادقة، كشفاً عن الوجه الإسلامي لمغربنا العربي، وإسهاماً في النهضة الإسلامية المباركة في هذه المنطقة. وليتني أكون معهم فأفوز فوزاً عظيماً لنحقق في المشرق والمغرب قول الله سبحانه وتعالى (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
ربكم فاعبدون) وقوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر)
والله نسأل أن يتقبل من باحثنا الأستاذ مازن المطبقاني وأن يجعل عمله خالصاً لوجهه ، وأن ينفع بنا وبه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الفقير إلى ربه المستشار الدكتور علي محمد جريشه(رحمه الله)
الأستاذ بالمعهد العالي لإعداد الدعاة- مكة المكرمة
المدينة المنورة في 2 رجب 1409هـ فبراير 1989م



مقدمة المؤلف

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف رسله سيدنا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين وبعد:
فليس غريباً أن تنطلق الدعوة من المدينة المنورة من جديد تنادي بالاهتمام بالمغرب العربي دراسة وبحثاً،فمن هذه البقعة انطلق نور الإسلام ليوحد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تحت راية لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، وفي هذه البقعة الطاهرة ازدهرت العلوم الإسلامية علي أيدي علماء من أنحاء البلاد الإسلامية كافة، وما عهد حلقات الحرم النبوي الشريف عنّا ببعيد، بل إن الجامعة الإسلامية اليوم بكل كلياتها ومعاهدها في المدينة المنورة تضم بين جنباتها من أبناء العالم الإسلامي من يمثل كل بقعة فيه.
أعلم أن هذه الدعوة محدودة بهذا الجهد العلمي المتواضع ، ولكن الأمل أن يستجيب لها من إخواني المسلمين في المشرق من نوّر الله بصيرته، وَوَهَبَهُ الإدراك ، وأبعد عنه ضيق الأفق ليخطو بالبحث العلمي تجاه المغرب العربيي  ما هو متوقع من أبناء هذه الأرض الطيبة لتقوى
أواصر المحبة بيننا وبين إخواننا في المغرب العربي ونستجيب لنداء الرب جل وعلا (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)
هذه البحوث الثلاثة أعدت نتيجة القراءة الأولية لتقديم خطة بحث للدكتوراه في الاستشراق الفرنسي ونشاطاته في المغرب العربي ، ولكن حالت ظروفي الدراسية(تعنّت الإدارة) دون إتمام الأمر فلله الأمر من قبل ومن بعد.
ففي البحث الأول حاولت تتبع خطوات النهضة الإسلامية في المغرب العربي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى حتى منتصف هذا القرن ، ليس تأريخاً لها ولكنه بحث عن موقف الاستشراق والاستعمار منها. فهذا العدوان وإن كانا خارجيين فقد استطاعا في غفلة من أبناء المسلمين أن يستخلصوا مجموعة أطلقوا عليها اسم "النخبة" لتحارب الإسلام من الداخل. فالحركة الإسلامية هي مجال دراسة المستشرقين ورصدهم لتكون نتائج دراساتهم تخطيطاً مدروساً لوقف هذا التيار المبارك، ثم يأتي دور المستعمرين فينفذون ما خطط له المستشرقون، ويتداخل الاستشراق والاستعمار أحياناً فيكون المخطط هو المنفذ.
وتناول البحث الثاني صورة أخرى من كيد الاستعمار والاستشراق في تعاونهما لتوجيه سلوك المسلم المغربي بصورة تجعل السيطرة عليه أيسر، ولا شك أن هذا التعاون قد حقق بعض أهدافه فتبدلت أخلاقُ وعادات، بل إن كثيراً من آثار الوجود الفرنسي ما زال قائماً حتى الآن.
أما البحث الثالث فإنه يختلف قليلاً عن سابقيه ذلك أننا لم إلى المستشرقين مباشرة ولكننا وجدنا من تلاميذهم الأوفياء لفكرهم الغربي يتعرضون إلى بعض الهيئات والمؤسسات الإسلامية في المغرب العربي بالهجوم والاتهام بشتى أنواع التقصير والجهل، ومثالنا ما تعرضت له جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الجزائر من اتهامها بأنها لم تقدم طروحات اجتماعية لتطوير المجتمع الجزائري أنها – في نظرهم- كانت أسيرة العقائد الكلاسيكية والسلفية، وجهل العلماء باللغات الأجنبية ، وقد تيسر لي من المراجع ما يرد على هذه الاتهامات ويشاء الله أن يكتب مستشرق كندي عن الشيخ عبد الحميد بن باديس فيفند هذه

الاتهامات دون أن يقصد ذلك (هوأندريه ديرلك وقد قمت بترجمة رسالته للدكتوراه ونشرف في الجزائر) ، فالحمد لله أولاً وأخيراً.

مرة أخرى آمل أن تجد هذه الدعوة للاهتمام بالمغرب العربي دراسة وبحثاً من يستجيب لها، وأسأل الله أن يوفقني إلى الصواب فهو حسبي ونعم الوكيل.


وكتبه
مازن بن صلاح المطبقاني
المدينة المنورة- حي المغاربة
في 1/6/1409هـ/18/1/1989م


محتويات الكتاب

تقديم الدكتور علي جريشه (رحمه الله)

مقدمة مؤلف الكتاب

الحركة الإسلامية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق

الحياة الاجتماعية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق

من آفاق التنمية عند ابن باديس

تعقيب وتعليق الدكتور الربيع ميمون(رحمه الله) على موضوع "من آفاق التنمية عند ابن باديس"


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية