بعض الموظفين من ذوي السلطة والصولة والهيلمان عندما يتقاعد يصاب المسكين بنكسة عجيبة فليس هناك من يتلقى منه الأوامر فيطيع. يحكون عن متقاعد أصابه الغم والهم والنكد عندما ضاع منه سلطان الوظيفة فذهب إلى أحد المساجد واشترى أباريق للوضوء مختلفة الألوان وعمل على إعطاء الناس الأباريق للوضوء، فمن أخذ الأزرق أمره أن يأخذ الأحمر، ومن أخذ الأصفر قال له خذ الأخضر، وهكذا دواليك. والتقاعد عندنا في العالم العربي يطلق عليه الموت، فيقسمون كلمة متقاعد إلى (مُت قاعداً)، ولكني قرأت قولاً أظنه حديثاً: (الناس نيام حتى فإذا ما ماتوا استيقظوا)، ولكن لماذا لا يفكر المتقاعد أنه كان عبداً للوظيفة فجاءه التقاعد بالحرية الحقيقية. أذكر من بداية حياتي الوظيفية أنني أردت أن أرفض بعض أساليب الرؤساء في الأمر والنهي فقيل لي: الموظف ليس من حقه الاعتراض وقالوا مثلاً فيه بعض البذاءة ولكني أقربه لكم: (الذي يؤجر ظهره لا يشتكي من الألم). من طرائف الرحلة أني رأيت عدداً من المجاذيب يسيرون في الأسواق ويجتمعون في الحدائق العامة، والمجاذيب رجال ونساء لهم أشكال غريبة وملابس غريبة بعضها ممزق...