وها هو العصر الحديث يشهد إحياء هذا العلم الواجب إقامته، من لدن بعض المثقفين الذين نادوا بعلم الاستغراب الذي ليس وليدا يافعا، بقدر ما هو راسخ لدى المسلمين منذ فجر الإسلام، لدى تعاملهم مع مخالفيهم في العقيدة والثقافة؛ فما كان من أولئك المثقفين إلا أن دعوا إلى إقامة علم الاستغراب؛ ونذكر من بينهم السيد محمد الشاهد الذي قدم مشروعه العلمي بشأن الاستغراب، لدراسة الغرب، وقد نشر مشروعه –الذي لم يُستقبل بالأحضان- في صحيفة مرآة الجامعة [1] ؛ إلا أنه بقي مجرد مشروع ينتظر من يتبناه من الجامعات العربية الإسلامية" [2] ، ثم انبرى الدكتور حسن حنفي ليدعو إلى الاهتمام بالاستغراب، وجعْلِه علماً، وذلك في كتابه مقدمة في علم الاستغراب ، الذي نشره في تسعينات القرن الماضي، والذي كان يهدف من ورائه إلى قيام علم الاستغراب الذي من شأنه أن يقضي على غلواء الفكر الغربي الذي بسط هيمنته على الشعوب العربية في العصر الحديث والمعاصر؛ فضلا عن جعل الاستغراب عاملا مهما في مواجهة التغريب [3] ؛ ثم نجد من دعا إلى الاستغراب باعتباره ضرورة ملحة، فعمد إلى دراسة الغرب من الداخل، كالدكتور مازن مطبقاني ...