حوار وقضايا حوار: هيثم الأشقر مجلة المنار -جدة. العدد الثمانون، السنة الثامنة ربيع أول 1425هـ

 

 

س: تعريف بالدكتور مازن مطبقاني

ج : أستاذ مشارك في مجال الاستشراق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حصلت على الدكتوراه في مجال الدراسات الإسلامية عند المستشرقين عام 1414هـ وكانت رسالتي حول المستشرق الأمريكي (برنارد لويس) بينما كانت رسالتي للماجستير حول جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية، ولي مجموعة من المؤلفات منها: عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي في سلسلة أعلام المسلمين، وكتاب الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام وكتاب بحوث في الاستشراق الأمريكي المعاصر وغيرها من المؤلفات، وعندي موقع على الإنترنت حول الاستشراق باسم (مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق) يهتم بتعريف الاستشراق ونقده في مجال القرآن الكريم والعقيدة والتاريخ والسيرة والفقه والقضايا المعاصرة. وعنوان الموقع هو www.medinacenter.org

س: بشّر بعض المستشرقين بحرب صليبية، كباحث في قضايا الاستشراق كيف ترى هذه التصريحات؟

ج: في الوقت الحاضر وفي أمريكا بالذات يعمل المتخصصون أو الخبراء في مجال الشرق الأوسط مع الإدارة الأمريكية وقد انضمت مجموعة منهم إلى ما يسمى ب (صقور البيت الأبيض) وهم الذين يدعون إلى مواجهة المشكلات التي تزعم أمريكا أنها تواجهها في العالم بالقوة والعنف وعلى رأسهم (برنارد لويس) المستشرق البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية. وهناك مستشرقون آخرون من أمثال (دانيال بايبس) وإيمرسون وغيرهم، فالمسألة ليست مسألة حرب صليبية بقدر ما هي تحقيق أهداف أمريكا في الهيمنة والسيطرة على شعوب العالم. ولا شك أن في الأمر حرب صليبية حيث أن بعض المستشرقين ينتمون إلى اليمين المتطرف المؤمن بالنبوات التوراتية ويعتقدون أنه لا يبد من دعم اليهود ولا بد أن تكون القدس عاصمة اليهود الأبدية، والاستشراق يعمل يبداً بيد والحكومة الأمريكية تدعم هذه الدراسات وتقويها وكذلك بريطانيا. ولقد كونت الحكومة البريطانية لجنة قبل عدة أعوام لهذا الغرض ما زالت تعمل ومن أعضائها على سبيل المثال (جرقن نيلسون) مدير مركز العلاقات النصرانية الإسلامية بجامعة بيرمنجهام لدراسة احتياجات حكومة بريطانيا من هذه الدراسات. وبشكل عام هناك دعم كبير من الحكومات الغربية للاستشراق.

س: هل بالإمكان التحالف مع المعتدلين من النصارى لمواجهة خطر اليمين المسيحي؟

ج: الأصل الذي يجب أن لا يغيب عن بالنا قول الله عز وجل (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وقوله تعالى(ولا يزالون يقاتلونكم) وعموماً هذا هو موقفهم لأنه موقف منطلق من عقيدة معينة لا تعترف برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا نستطيع أن نقول إن الشعوب في أوروبا وأمريكا كلهم نصارى، وإن كانوا نصارى بالاسم فمنهم قلة متمسكة بالنصرانية، وإذا أردنا حوراً مع الغرب وحواراً مع النصارى لا بد أن نصلح أوضاعنا نحن، يجب أن نعالج الضعف العام الذي نعانيه، فأوضاعنا مهتزة اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا، وهذا لا يمنع من أن يكون هناك حوار؛ حوار ينطلق من موقف أن الإسلام هو الرسالة الخاتمة، وهو الذي يصلح للبشرية ويحل أزمتها أو أزماتها، فالحوار مع الغرب أمر مطلوب لأن الله عز وجل أمر بدعوتهم (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن) ويقول تعالى( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالتي هي أحسن) وعلى الأمة الإسلامية أن لا تترك باباً لنشر الدعوة وإصلاح البشرية إلاً وتطرقه.

س: كخبير في قضايا الاستشراق كيف ترى إبداعات المستشرقين حتى في الثقافة والحضارة الإسلامية كاكتشافهم ابن الأزرق واكتشافهم للعديد من علماء المسلمين؟

ج: الاستشراق ليس سلباً كله، يجب أن ندرك أن المستشرقين حينما بدأوا في دراسة الحضارة الإسلامية بدأوا بهدف معرفة إنجازات هذه الأمة، حتى يستطيعوا بناء حضارتهم ففي الوقت الذي كان في قرطبة ثلاثمائة حمام عام لم يكن في أوروبا كلها من يغتسل في الشهر مرة واحدة. فنحن أيضاً ننبهر بما في أوروبا من شوارع فسيحة ولطيفة وهم أيضاً كانوا منبهرين بما لدينا من رقي حضاري. وهنا لابد من ذكر كتاب الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله من روائع حضارتنا حينما يتكلم عن الأندلس ونظافة شوارعها، والمحتسب ودوره في مراقبة الأسواق. ونحو ذلك. فالمستشرقون درسوا الحضارة الإسلامية بهدف معرفة الإنجازات العظيمة التي حققتها هذه الحضارة في الرياضيات والطب والهندسة والفلك وفي غيرها، ولذلك عندما نقول إن المستشرقين بذلوا جهوداً في نفض الغبار عن الكثير من تراثنا فإننا نعني ما نقول وهذا من الإنصاف.

       وما كنّا لنعرف الكثير من الكتب التراثية المهمة في التفسير وفي التاريخ إلاّ بتحقيقات المستشرقين، وعندما تدرس سير المستشرقين تدرك كم كان لديهم من الدأب والصبر والجلد والتحمل والغوص في الكتب، وإنفاق العمر بل إن بعضهم أنفق أمواله من أجل هذا العلم ولم يكن ليخدم إمبراطورية أو حكومة. وإنما كان مترهباً في محراب العلم. وقال عز وجل (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) وأذكر في مجال الإنصاف أن مستشرقة كندية كانت تقدم بحثاً في مؤتمر عالمي في بودابست (المجر) عن فتاوى الونشريسي (العالم الأندلسي) حول المرأة وحقوفها المالية. مما أزعج بعض اليهود الذين كانوا يحضرون المؤتمر، وحاولوا أن ينتقدوها. إلاّ أنها كانت قوية وبينت أن الإسلام أعطى المرأة حقوقاً لم تحصل عليها في الغرب حتى بعد منتصف القرن العشرين.

إذن هناك من بذل جهداً طيباً، وعلّم بعض أبناء المسلمين المنهجية العلمية كما علّمهم الدقة في العمل.

س: هناك محاولات غربية لإجهاض النهضة الإسلامية، كيف تقرأ هذه المحاولات.

ج: أنا أريد أن أحيلك إلى كتاب محمود شاكر –رحمه الله-رسالة في الطريق إلى ثقافتنا لقد ذكر خمسة من العلماء ظهروا في العالم الإسلامي منهم الألوسي في بغداد والشوكاني في اليمن والجبرتي –الكبير-في مصر ومحمد بن عبد الوهاب في الجزيرة، والبغدادي في العراق، وقال إن هؤلاء كان ينتظر أن يقوموا بنهضة كبيرة للأمة الإسلامية لولا التدخل الأجنبي ولكن ينبغي أن لا نبالغ في أن أوروبا أجهت نهضتنا إذ الأمة التي تريد أن تنهض لا يمكن أن تقف في وجهها أمة أخرى.

        لقد قبل الغرب الطلاب المسلمين للدراسة عنده وأعاد مجموعة منهم وهم يحملون أرفع الشهادات التي لا يستحقونها أو حتى لا يستحقون الحبر الذي كتبت فيه هذه الشهادات. كما استخدم الغرب أبناءنا ليكونوا عيوناً على أقوامهم وبلادهم من خلال الدراسات والموضوعات الهامة التي يبحثون فيها ويدرسونها. لذا ينبغي أن لا نعول كثيراً على الآخرين فالذي يريد أن ينهض، ينهض ولا يمكن أن يقف أحد في سبيله مع احترامي وتقديري لمحمود شاكر لمحمود شاكر رحمه في هذه المسألة.  فكوريا الجنوبية قبل خمسين سنة أرسلت بعثات إلى أمريكا والآن الصناعات الكورية تنافس الصناعات الأوروبية والأمريكية واليابانية في صناعة السيارات وغيرها.

س: كيف ترى قراءتنا للتاريخ القديم والحديث وكتابتنا للتاريخ المعاصر؟ وكيف ترى مناهجنا التربوي في قضايا التاريخ؟

ج: مما يؤسف له أن بعض الذين يدرسون التاريخ في بلادنا هم من الذين على اقل الدرجات في الثانوية العامة ولم يجدوا مجالاً إلاّ أن يدرسوا التاريخ، فتكون لدينا جيل من دارسي التاريخ ممن حظه من الذكاء والفهم أقل، وليس كل من حصل على درجات منخفضة في الثانوية العامة ذو كفاءة ضعيفة ولكن هذا هو الغالب، ولقد درسوا التاريخ لأنهم لم يجدوا مجالاً آخر ليدرسوه. كما أن الذين كتبوا تاريخنا من هم تلاميذ المستشرقين الذين كل همهم أن يظهروا السلبيات ويضخموا العيوب في تاريخ الأمة. ولو كانت الأمة كما يصورها بعض كتاب التاريخ من الوحشية والهمجية والاستبداد السياسي لما ظهرت هذه الحضارة التي بهرت القاصي والداني. المنصف يقول إن الأمة الإسلامية كانت أمة مزدهرة لأنها أكرمت الإنسان وأعطته الحرية وكرمت العلماء فأبدعوا في ظلها. الحقيقة أن القليل من حكام الأمة الإسلامية كان مستبداً ومع ذلك كان استبدادهم محدوداً لأن الأمة كانت في غالبها حريصة على كرامتها وقوتها وحريتها لكن هذه النظرة المشوقة مفقودة لأن التاريخ الإسلامي يُدرّس بطريقة مشوهة. فهو يركز على متى وقعت معركة كذا ومن كان قائد كذا أو التركيز على الجانب السياسي وترك التاريخ الاجتماعي والتاريخ الحضاري والتاريخ الثقافي.

      تاريخ الأمة ليس وقائع عسكرية فحسب؛ فعندما درست التاريخ في الجامعة درست سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: الدعوة سراً، والدعوة جهراً والهجرة الأولى والثانية إلى الحبشة، بيعة العقبة الأولى والثانية، ثم الهجرة إلى المدينة وغزوة بدر وغزوة أحد وبين ذلك ما نزل من تشريعات وما أنجز من أعمال وما تكون من رابطة اجتماعية بين المسلمين وما تحقق من أخوة هذا الجانب لا يدرس وهذا خطأ كبير في نقل تجربة الأجداد وتاريخهم.

      نزلت سورة كاملة تتناول سورة بدر فماذا يعرف منها أبناؤنا؟ (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون، يجادلونك في الحق من بعدما ما بتين كأنما يساقون إلى الموت وهو ينظرون) (سورة الأنفال آية 5) هذه السورة ومجالس الشورى التي عقدها الرسول صلى الله عليه وسلم قبل غزوة أحد نمر بها مروراً سريعاً مع العلم أنها أساس مهم في دراسة التاريخ مما يعني أننا بحاجة إلى إعادة النظر.

      قابلت أستاذاً جامعياً يقول إن تاريخنا عبارة عن تاريخ بعض الحكام والسلاطين الذين كانوا يستولون على أموال الناس ويفعلون كذا وكذا، فقلت له لو كان هذا صحيحاً وهذه هي الصورة الوحيدة لما أنجزت الحضارة الإسلامية ما أنجزت. هؤلاء لا يمكن أن يبرزوا في جو استبدادي كلي، لابد أن يكون هناك احترام لكرامة الإنسان وحريته.

س: إذن أنت تدعو لإعادة كتابة التاريخ وفق منهج سليم.

ج: لا شك في ذلك وأن نركز في التاريخ السياسي وتاريخ الأحزاب بقدر ما ندرس تاريخ الأمة. هذه الأمة كما قال الشيخ محمد الغزالي-رحمه الله-كانت العالم الأول ستة قرون ما نازعها وما نافسها أحد في الأولية، فلما كنّا نحن العالم الأول، كان المواطن هو المواطن الأول في الكرة الأرضية. له قيمته واحترامه ومكانته. فلا بد أن ندرس التاريخ بطريقة مختلفة عما ندرسه في الوقت الحاضر. أعطيك مثالاً في كتابنا أن الدولة العثمانية كانت دولة مستبدة ودولة سيئة مع العلم أن الفساد حدث في مرحلة متأخرة من تاريخ الدولة والحقيقة أن الدولة العثمانية التي وقف جيشها على أسوار فينا وفتح القسطنطينية لا يمكن أن تكون دولة فاسدة، ولكن أقلام المأجورين والأعداء وتلاميذ المستشرقين الذين ركزوا على هذا الجانب.

س: كُتب تاريخنا بأقلام المستشرقين والآن الإعلام الذي يصنع العقول يعمل به أناس مشبوهون فما رؤيتك كمفكر لإعلام يخدم الأمة؟

ج: كنت قبل أيام في منتدى وقلت من يحررنا من الإعلام ومن يحرر الإعلام. أصحاب الأموال والسلطة في العالم العربي في الوقت الحاضر هم الذين يملكون معظم القنوات الفضائية والصحف والذين يسيطرون على هذه القنوات الفضائية من المستغربين يريدون إفساد الأمة بنشر الخنا والفجور والميوعة والانحلال كأنما اشتروا إعلامنا أيضاً بينما أصحاب التوجه الإسلامي والتوجه الغيور على الأمة تأخروا في الدخول في مجال الإعلام ولم يظهر لدينا حتى الآن قنوات فضائية قوية جادة كفاية. مع الإشادة بالمحاولة الرائعة لقناة المجد هناك إحدى القنوات تبث أفلاماً أمريكية على مدار الأربع والعشرين ساعة يومياً حتى إن بعض هذه الأفلام تدافع عن اليهود وديانتهم وأخلاقهم، وترسم لهم صورة زاهية، كما أن بعض هذه الأفلام مخصص للحديث عن مآسي اليهود وما تعرضوا له من ظلم –حسب زعمهم – على يد الألمان وغيرهم ناهيك عن الأفلام التي تفسد الأخلاق وتنشر ثقافة الزنا والفجور وجعلها أمراً مسلماً بل يقدم بطريقة جذابة.

        وهناك البرامج المسابقات التي انتشرت في الآونة الأخيرة حتى إن أحد هذه البرامج اضطرت المحطة لإيقافه بعد أن ارتفعت الأصوات بالمناداة بوقفه. والسؤال الذي لا بدل من تقديمه هل نحن بحاجة لكل هذا الترفيه؟ على كل حال الإعلام قضية خطيرة إذا تولاها البعيدون عن قيم الأمة وهويتها وحضارتها سيفسدون أكثر مما يصلحون.

س: ألا يحتاج الأمر للفقيه ليقول كلمته في قضية توجيه الاستثمار باتجاه الإعلام ونصيحة أصحاب القرار؟ أين رأيهم في هذا الأمر؟

ج: لا يمكن أن ننكر أن من العلماء من اهتم بالقضايا المعاصرة ولو عدنا إلى موسوعة الشيخ القرضاوي (فقه الزكاة) وجهوده الأخرى لعرفنا أن هناك جهوداً منه ومن علماء آخرين، المطلوب عمل مؤسسي ومؤسسات. نحن بحاجة إلى جهود مستمرة في دراسة القضايا المختلفة الإعلامية والاقتصادية والسياسية فالعولمة بدأت التأثير علينا وأصبحنا نشرب مياهاً مكتوب علينا اسم شركات عالمية. فهل مياهنا فاسدة إذا لم يكن عليها ختم تلك الشركات. فمعنى ذلك أن جزءاً مما ندفعه لشراء الماء سيذهب للشركة الأوروبية والعالمية.

     إن الحاجة ماسة لرجال أعمال يملكون الغيرة على أموال هذه الأموال ومقدراتها وثرواتها بدلاً من أن يحرصوا على زيادة أرصدتهم الشخصية وهذه مسؤولية الدعاة والمصلحين والعلماء.

     إذا رجعنا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أنه كان يرتاد منتديات مكة ويزور الحجاج في منتجعاتهم ومخيماتهم إذا جاءوا إلى الحج ليوجه لهم الدعوة. وكان يقول (من يحملني إلى قومه، لأبلغ رسالات ربي، فإن قريشاَ منعتني أن أبلغ كلام الله) ومعالجة هذه السلبيات مسؤولية العلماء الحقيقيين الذين يريدون لهذا الدين أن يسود في حياة الأمة.

س: كيف ترى أثر العولمة على المسار الحضاري الآن؟

ج: اخترع لنا الأوروبيون والأمريكيون مصطلح العولمة ورحنا نبحث ما هي العولمة. هي باختصار محاولة لسيطرة الغرب وهيمنته في مجال الاقتصاد والسياسة والثقافة على العالم. بعد ظهور كلمة العولمة ظهر كتاب فوكوياما (نهاية التاريخ) وظهر (هتنفتون) في (صراع الحضارات) أو (صدام الحضارات) نحن تكلمنا عن العولمة ولكن غيرنا قام بالعمل فظهرت البرامج التلفزيونية التي انتشرت في كل أنحاء العالم (من سيربح المليون) ليس اختراج جورج قرداحي، وإنما هو برنامج عالمي أو عولمي. وسوبر ستار قبل أن يكون سوبر ستار العرب كان سوبر ستار عالمي، والشيء نفسه بالنسبة لستار أكاديمي فالعولمة تغزو الضعفاء، كن قوياً ستغزوهم. أنا لا أريد أن نخاف على هويتنا لأننا ضعفاء أذكر في هذا السياق أن لقاءً جمعني مع الشيخ أحمد ديدات وقال لي " لعلكم في قسم الاستشراق تنتظرون المستشرقين حِتّي يهاجموا الإسلام ويسبوه لتدافعوا عنه، ليس هذا هو الطريق الصحيح اخرج إليهم وقل لهم أنتم مثلاً في نيويورك لديكم عشرات الآلاف من المساجين وعشرات الآلاف من المدمين على المخدرات والكحول، وعندكم من الشاذين والمطلقين والمطلقات كذا وكذا، وبيوتكم فيها وفيها، ومع كل هذه المصائب التي عندكم فإن الحل في الإسلام." لذا أعود دائماً إلى القرآن الكريم عندما بكّت وسخر من المشركين الذين كانوا يكرهون المرأة (وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، ألا ساء ما يحكمون) كما يقول سيد قطب رحمه الله صورة كاملة تصور هذا الرجل الدي يبشر بالأنثى فما قال لهم ما فعلتموه خطأ لكنه صورهم تصويراً كاملاً بأسلوب أدبي راق نحن بحاجة إلى نظرية أن خير وسائل الدفاع هو الهجوم.

      لدينا خير رسالة للبشرية كلها إلاّ أن المطلوب أن بطبقها في حياتنا أولاً ومن ثم الخروج بها إلى العالم وإن لم نطبقها في بلادنا فيجب على بعض منّا أن يخرج بها. المسلمون نشروا الإسلام في جنوب شرق آسيا بأخلاقهم ومارسوا التجارة ومارسوا تقديم الاستشارات الاقتصادية وللعلم فإن الذين أسلموا بغير الفتوحات وبغير جيوش أكثر من الذين أسلموا بالفتح. ومعنى ذلك أن هذه الرسالة إذا وجدت من يحملها فهي قابلة للانتشار. أحد الإخوة ألقى محاضرة عن انتشار الإسلام في جنوب شرق آسيا فذكر أن من أساليب الدعوة الإسلامية سابقاً أن تقوم مجموعة من الأشخاص بالدعوة بين الجزر بواسطة سفينة وذلك في جنوب شرق آسيا يذهبون إلى الأمراء والحكام يعطونهم المشورة في أوضاعهم الاقتصادية ويطببونهم ويهتمون بصحتهم مما يعني أن ما يفعله المنصّرون اليوم فعلناه من قبل ولكن بأسلوب حضاري مهذب ليس في استغلال وليس فيه ضحك على الذقون بأسلوب صادق يستهدف هداية البشر. فاستجابت جنوب شرق آسيا، انظر إلى الإسلام في إندونيسيا وهي أكبر دولة في العالم وماليزيا وكل جنوب شرق آسيا قد دخلوا الإسلام بتأثيرهم الحضاري ولذلك يجب أن لا نخشى العولمة ولكن يجب أن تكون خشيتنا من الضعف الذي نحن فيه.

س: كيف تقرأ سقوط أفغانستان والعراق في الوقت الذي نتطلع فيه إلى تحرير فلسطين؟

س: سقوط أفغانستان أمر عجيب ولكنه الأمر كان متوقعاً للذين درسوا وضع المنطقة وغطرسة أمريكا واعتزازها بما لديها من قوة. وعلى كل حال فإن سقوط أفغانستان خدم أمريكا في الوصول إلى بحر قزوين والبحر الأسود وهما من أغنى مناطق العالم، وساعدها في الوقوف بوجه روسيا من جهة ما. بالإضافة إلى تمكنهم من تغريب أفغانستان.

      وقضية العراق ليست صدّاماً، فهم وجدوا أن العراق بدأت كقوة حقيقية رغم الاستبداد والطغيان الذي فيها، فرأوا أن من المصلحة تغيير النظام وأرادوا أن يحطموا هذا البلد الذي بدأ في إنتاج بعض الصناعات ويخرّج بعض العلماء ولا شك للنبوءات التوراتية وأحداق اليهود ضد العراق قديماً دور فيما يحصل. هذا عدا الثروة النفطية الهائلة الموجودة في باطن أرض العراق.

       ويمكننا أن نضيف أن الاحتلال الأمريكي للعراق سيبقي المنطقة في حالة عدم استقرار ولا يمكنها من الاهتمام بالانطلاقة الحقيقية في تحقيق العدل والبعد عن الاستبداد السياسي بسبب المخاطر الخارجية التي تزعزع الأمن الداخلي للمنطقة بكاملها.


 

             

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية