من أروقة المؤتمرات وذكريات مع الدكتور عبد العزيز شادي رحمه الله


       ومن المحاضرات التي ألقيت في هذا المؤتمر (المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين) محاضرة بعنوان (فشل البديل الليبرالي) للباحث الهولندي من جامعة ليدن جوهانز جانسن تناول فيها قضية واحدة وهي لماذا فشل الليبراليون في أن يحركوا الجماهير للقبول بمشروعهم بالرغم من أن كتبهم تجد رواجاً وتطبع المرة تلو المرة. وتحدث عن كتاب فؤاد غلام الإخوان وأنا من المنشية إلى المنصة
     وتناول المحاضر كتابات من سمّاهم بالنخبة من أمثال مصطفى امين ونوال السعداوي وفؤاد زكريا وسعد الدين إبراهيم ومحمد سعيد العشماوي وغيرهم، وأن هذه الكتابات لم تستطع أن توجد تياراً يستطيع منافسة المشروع الإسلامي أو يقاوم الحركات الإسلامية التي يسمونها بالأصولية الإسلامية أو الإسلام السياسي.
      ولم تصل المحاضرة إلى وضع النقاط على الحروف بالنسبة لفشل المشروع الليبرالي. وقد ردّ أحد الحضور وهو الأستاذ عبد العزيز شادي (رحمه الله)-الذي كان يحضر للدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة ليدن-بأن معلومات المحاضر غير دقيقة فكتب هؤلاء (الليبراليين) ليس لها رواج الكتب الإسلامية وهي غالباً باهظة الثمن وأسلوبها يتسم بالغموض. بينما الكتب الإسلامية واضحة الأسلوب رخيصة الأثمان لأن مؤلفيها أصحاب دعوة لا يريدون الكسب المادي.
       وأتيحت لي الفرصة للتعليق فبدأت بإبداء إعجابي بعنوان المحاضرة وذكرت أن العنوان (فشل المشروع  الليبرالي) يتضمن حكماً عليهم وهو حكم صحيح وأنا أؤيده-وإن كان هذا عكس ما قصده المحاضر-ثم قلت له: "لقد ذكرت مجموعة من الأسماء :مصطفى أمين، وفؤاد زكريا وسعد الدين إبراهيـم وغيرهم بأنهم النخبة ولكن هذه ليست نخبة حقيقية بل نخبة زائفة لأنها مصنوعة في الخارج بمعنى أن ثقافتها غربية وتوجهاتها علمانية غربية .ثم هناك مجموعات شبيهة بها في معظم البلاد العربية الإسلامية درست في المعاهد الأجنبية أو تلقت تعليمها في الخارج وتأثرت بالفكر الغربي. وأضفت بأن علينا أن نحدد معاني المصطلحات التي نستخدمها.
    وحتى لا آخذ أكثر من الوقت المحدد للتعليق فقد توقفت ولو أتيحت لي الفرصة لقلت له بأن النخبة أو الصفوة هم علماء الأمة العاملون أو العلماء الربانيون كما يسميهم القرآن الكريم. أو النخبة هي أصحاب الأيادي المتوضئة والوجوه الوضيئة التي يشع منها نور الإيمان. ولقد كانت النخبة في مجتمع المدينة المنورة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هي كبار الصحابة وأصحاب السابقة في الإسلام. بل يرى البعض أن النخبة هي أهل بدر من المهاجرين والأنصار أو هم أصحاب بيعة الرضوان. فهذه هي المعايير الإسلامية في تحديد النخبة. والنخبة في المجتمع الإسلامي هي التي تبذل في سبيل رفعة مجتمعها وتقدمه لا تتسلط عليه فكرياً وتتعالى عليه كما هو الحال فيمن يطلق عليهم الغربيون النخبة. وقد ذكر الباحث الغربي أن هؤلاء يعيشون في بروج عاجية لا يعرفون حقاً معاناة شعوبهم . فكيف بالله يستحقون لقب النخبة؟  ولكن تعالي بعض الغربيين جعله يصر على استخدام مصطلح النخبة لوصف من وصف وأضاف بأنه إذا لم يكن مصطفى أمين من النخبة فمن النخبة!! فهذا التعالي والعنجهية جعلاه لا يتقبل بالرأي الآخر.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية