معالي الأستاذ الشيخ حسن محمد كتبي رحمه الله


تزخر بلادنا والحمد لله بالرجال العظام في العلم وفي الأدب وفي الفكر وفي الإصلاح. ونستطيع أن نفخر بهؤلاء الرجال الذين وقفوا كالطود الشامخ في وجه المد الشيوعي الذي اجتاح كثيراً من البلاد الإسلامي ابتداءً من الربع الأول من القرن الحالي (الماضي) حتى كان قاب قوسين أو أدنى من أرض الحرمين الشريفين.
ولم تكن الشيوعية هي الخطر الوحيد فقط ظهر معها وقبلها دعوات ضالّة كثيرة منها العلمانية والصهيونية والقومية والوجودية والوطنية وغيرها.
قد يرى بعضنا أن من أسباب تأخر تأثرنا بهذه التيارات الهدّامة تأخر الحركة التعليمية عندنا عنها في البلاد المجاورة آنذاك. ولن هناك سبب أخر قلما تحدثنا عنه ولم ألتفت إليه حقاً حتى يسّر الله عزّ وجل لي اللقاء بمعالي الشيخ حسن محمد كتبي الذي أدعو هنا إلى تكريمه وغيره من الروّاد الذين كانوا بعد الله السبب في جعلنا بمنجى من هذه التيارات التي حاولت بشتى الوسائل اقتحام بلادنا وفرض وجودها.
فقد قيّض الله عز وجل لهذه البلاد رجالاً أفذاذا وعلماء أجلة عملوا في التصدي للمرجفين ومن هؤلاء الرجال الأفذاذ الذين نسيناهم أو كدنا الشيخ أحمد محمد باشميل والشيخ محمود الصواف والأستاذ محمد صلاح الدين والدكتور معروف الدواليبي والشيخ أحمد محمد جمال والأستاذ صالح أحمد جمال والشيخ عبد القدوس الأنصاري رحمهم الله جميعاً وكثير من الرعيل الأول من رجال الصحافة. وأود أن أؤكد بأن هذه البلاد لا تزال تقف سدّاً منيعاً ضد التيارات الفكرية المنحرفة.
والوفاء خلق إسلامي أصيل علمناه رسولنا صلى الله عليه وسلم فكم من الآيات التي جاءت في القرآن الكريم تزخر بالثناء على الرسل والأنبياء وعلى المؤمنين. وقد خص القرآن الكريم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثير من المديح في مواضع عديدة. وقد قلّد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم كثيراً من صحابته أوسمة دونها أوسمة الدنيا كلها تلك هي ما أطلق عليه علماء الحديث (المناقب) فلا يكاد يخلو كتاب من كتب الحديث من (كتاب المناقب)
ولكن ما بالنا ننسي من قدم لمملكتنا الحبيبة وللبلاد الإسلامية والعربية جهوداً ضخمة في الدفاع عن مسلمات هذه الأمة وقيمها وعقيدتها والتصدي للمرجفين من شيوعيين وبعثيين وقوميين وعلمانيين. وسأتحدث هنا بإيجاز عن معالي الأستاذ الشيخ حسن محمد كتبي (رحمه الله) وسأذكر لمحة موجزة عن أعماله داعيا أولئك الذين عاصروا الشيخ وعملوا معه أن يكتبوا عنه، وأتمنى أن تعود جائزة الدولة التقديرية التي قُدّمت عدة سنوات ثم توقفت فيكون الشيخ أحد الذين تُقدّم لهم الجائزة. كما أدعو الجامعات أن تحث طلابها على إعداد رسائل ماجستير ودكتوراه عن الشيخ وعن أمثاله ممن تصدى للهجمة على ديننا وعقيدتنا وبلادنا.
لقد بدأت الشيخ حياته العلمية بحفظ القرآن الكريم وتشرب علوم اللغة العربية وعلوم الحديث والتفسير. ثم رأى الشيخ محمد على زينل أن يبتعث بعض التلاميذ النجباء ليتلقوا مزيداً من العلوم والمعارف في الهند، فكان شيخنا الفاضل أحدهم، وكانت الدراسة كما ذكر في كتابه هذه هي حياتي تتركز على اللغة العربية والعلوم الدينية وقليل من اللغة الإنجليزية واللغة السائدة في الهند (الأوردو)، وكانت الدراسة على مستو عال كأنها دراسات عليا بمصطلحنا في العصر الحاضر.
ودخل الحياة العملية أولاً أستاذا للقضاء الشرعي في المعهد العلمي السعودي، ولم يطل به المقام هناك فانتقل ليدير مدرسة في الطائف، وكان الشيخ رحمه الله يرى أن العمل في تلك المدرسة أجمل فترات حياته لتناسبها مع طبيعته ومبادئه. وبالإضافة إلى الرسمية فقد أدرك أهمية الكتابة وهو بلا شك ابن بجدتها أسلوباً وفكراً فكانت له إسهاماته الغزيرة في الكتابة حول القضايا الاجتماعية والفكرية. ويقول الأستاذ أبو بكر حميد حول أسلوب الكتبي: "يتميز "حسن كتبي" بأسلوب طلي بارع يمكنه التعبير عن أدق الحقائق النفسية" ولئن فاتني أن أتتلمذ على مدرسته في الكتابة فإنني قد شرعت في الاطلاع على أعماله. وألفت الانتباه بأن تكون هذه الكتابات مما يدرسه طلبة قسم الصحافة في كليات الإعلام لدينا (أقصد أقسام الإعلام)
وكان الملك فيصل رحمه الله عليماً بمعادن الرجال فاصطفاه للعمل معه في شتى المناصب حتى قلّده وزارة الحج والأوقاف بالإضافة إلى المهمات الكثيرة التي كان يُكلّف بها. وكان من المهمات الكبيرة أنه حين انتشرت دعوة القومية العربية التي ظاهرها وحدة الأمة العربية وحقيقتها تمزيق الأمة الإسلامية انبرى الملك فيصل رحمه الله ورجاله يدعون إلى التضامن الإسلامي ليس بالخطب والكلام بل انتقلوا إلى المجال العملي وكان من ذلك إنشاء رابطة العالم الإسلامي وبنك التنمية الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي وغيرها من المشروعات التي أعادت للأمة الإسلامية ثقتها بنفسها وبوحدتها وأنها أمة واحدة كما جاء في كتاب الله عز وجل (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)
ونال الشيخ الكتبي التقدير من لملك فيصل فقلده وشاح الملك عبد العزيز من الدرجة الثانية في 11/7/ 1393هـ، كما نال التقدير من الصين وكوريا ومنح شهادة الدكتور من أكبر الجامعات في هاتين الدولتين. بالإضافة إلى الحفاوة البالغة التي كان يلقاها في كل الدول التي كانت له صلة بها من خلال المهمات التي كلفه بها الملك فيصل رحمه الله. وقد عرفت مؤسسة أمريكية للنشر تقوم بإعداد دليل للشخصيات العالمية التي لها إنجازات مهمة مكانة الشيخ فطلبت منه أن يقدم لها سيرته الذاتية.
رحم الله الشيخ الأستاذ حسن محمد كتبي على ما قدمه وأجزل له المثوبة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية