طرائف ولطائف من المغرب (المقالة الأولى)



March 14, 2011 at 6:08pm
العداد ذي الحسابات الثلاث:
جميل أن يكون في المغرب عدد كبير من سيارات الأجرة الصغيرة التي تعمل بالعداد التي إن كان السائق أميناً دفعت ما يكافئ المشوار، والسيارة صغيرة أي لا تحمل أكثر من ثلاثة ركاب حتى لو كان الراكب الرابع طفلاً عمره سنتين مما يضطرك إلى استئجار سيارة أخرى وأحيانا لا تتوفر السيارة الأخرى. ولكن السائقين في المغرب يحبون أن يعملوا على خطوط معينة يكثر فيها الزبائن فقد يرفض السائق أن ينقلك إلى مكان غير ما يحب هو. وما أن تركب وتظن أنك استأجرت السيارة تفاجئ بأنك استأجرت مقعداً فقط، فالعداد له ثلاثة حسابات لكل راكب حساب. فقد كنت في معرض الكتاب في الدار البيضاء وحين خرجت من المعرض كان المطر ينهمر فبحثت عن سيارة فكان الجميع يسيرون في غير الاتجاه الذي أرغب الذهاب إليه حتى إني وعدت السائق أن أدفع له عشرة دراهم زيادة إن قبل، ومع ذلك فقد وجد ركاباً آخرين ومع ذلك فقد دفعت له الزيادة.
ويتحايل السائقون على النظام فلا تقف بعض سيارات الأجرة الصغيرة لعائلة أو مجموعة من ثلاثة أشخاص لأنه لن يكسب سوى مشواراً واحداً، وهنا تتحايل بعض الأسر بأن يتفرقوا حتى يمكنهم أن يركبوا معاً ولكن بأجرة ثلاثة ركاب. وأحياناً يغامر السائق بمخالفة النظام مقابل مبلغاً إضافياً.
المولد النبوي
  يحتفل المغاربة بمناسبة المولد النبوي ويطلقون عليه عيد المولد النبوي ويقوم البعض بشراء ملابس جديدة للأطفال في هذه المناسبة، ويتبادلون التهاني وحتى الزيارات. كما يحصلون على إجازة يومين للاحتفال بالمولد. ويقام حفل بهذه المناسبة يحضره الملك وولي عهده وبعض إخوته، ويلقي فيه أحد العلماء كلمة بين يدي الملك يثني فيها على أمير المؤمنين وإنجازاته ويعرج فيها على السيرة النبوية الشريفة فيقول بضع كلمات عن سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ويلقي فيها الملك كلمة وتوزع بعض الجوائز العلمية والفكرية بهذه المناسبة.
  وقد نشرت بعض لصحف المغربية أن الزاوية القدرية البوديشيشية ستقوم بحملات طبية مجانية بمناسبة المولد إحداها ختان الأطفال المحتاجين الفقراء حيث سيتم ختام مائتي طفل، وحملة طبية أخرى في طب العيون والقلب وصرف نظارات طبية للمحتاجين.
  أما في بلاد عربية أخرى فتدور النقاشات كل سنة عن مسألة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومدى مشروعية ذلك أو عدمها بل تنتشر الكتابات وتكرر كتابات سابقة لتذكر بالحكم الصحيح في هذه المسألة. وقد حدث تطور عجيب في المملكة هذا العام وهو أن أحد تجار جدة أعلن في إحدى الصحف ذاكراً مناسبة المولد النبوي الشريف، وظهر هناك من اعترض على ذلك. ولكن يبدو أن بعض الجهات في بلادنا تريد أن تخفف القيود في مثل هذه القضايا.
قاتل الله الإعلام
   أغادر المغرب وأنا أردد: البائعون عقولهم والبائعات والمؤجرون عقولهم والمؤجرات والذين لا عقول واللاتي.. قاتل الله الإعلام كيف يمسخ العقول فيعطلها أو يلغيها، أقول هذا وأنا أتذكر أنني بدأت ترجمة كتاب الرئيس على عزت بيجوفيتش رحمه الله الإسلام بين الشرق والغرب الذي تحدث فيه عن الإعلام الجماهيري وسيطرته على عقول الشعوب واستخدام علم النفس الجماهيري ليس لتوجيه الفكر والرأي ولكن ليصل المشاهد إلى المواقف التي تريدها الأنظمة أو مالكي القنوات التلفازية ويعتقدون أن تلك الآراء والمواقف نابعة من أنفسهم.
  وفي المغرب استمعت إلى أحاديث بعض المغاربة عن الأوضاع السياسية في العالم العربي وأن المغرب بمنأى عن هذه الثورات لأن على رأس الدولة ملك ذكي فطن يعرف كيف يسوس بلاده وأنه عمل ويعمل الكثير من أجل شعبه. لم أشارك في معظم هذه الأحاديث لأنني تذكرت قصة حوار قديم دار بيني وبين زميل عمل كان قد درس في كلية فيكتوريا البريطانية عن الزعيم التركي فذكرت له كتاب الرجل الصنم وكيف فرض مصطفى كمال العلمانية في تركيا وحارب الإسلام، فأصر ذلك الزميل على أن مصطفى كمال (أتاتورك) –وكان يصر على هذا اللقب الذي يعني أبا الأتراك- هو الذي أسس تركيا الحديثة وهو الذي قاد حركة الاستقلال وأنه رجل عظيم. فترددت في النقاش معه لأنني عرفت أنه قد غسل دماغه تماماً ولا يرى الحقيقة إلاّ فيما درّسه أساتذته الإنجليز. وهنا من يستطيع أن يقنع بعض المغاربة أن المغرب تحتاج إلى إصلاح حقيقي، وأن عليهم أن لا يتركوا عقولهم بين أيدي الإعلام. فالمغرب لا يختلف كثيراً عن بقية الدول العربية في سياسات تكميم الأفواه وقمع المعارضين والبطش بهم وكأنهم كما وصفهم الحق سبحانه وتعالى (وإذا بطشتم بطشتم جبارين). ومن تكميم الأفواه أنني كنت أحضر مؤتمراً في تطوان عام 1417هـ(1997م) ووقفت أتحدث مع بعض الشباب المغربي وكان حديثاً صريحاً أعرب فيه الشباب عن معاناتهم فأسرع إليّ أحد الأساتذة ليأخذني بعيداً وحذرني بأن بين الطلاب أعوان الشرطة ويقصد المباحث السرية.
        وأذكر أنني شاهدت مظاهرة سلمية في الرباط وفجأة ظهر أعوان الشرطة بلباس مدني فافتعلوا نقاشاً أو جدالاً مع أحد الأشخاص الذين كانوا في مقدمة المسيرة أو المظاهرة ثم انهالوا عليه ضرباً وأوقعوه أرضاً وقد سالت دماؤه. فكم مظاهرة غيرها قمع المتظاهرون بأعنف مما رأيت.
  ويكفيني منظر واحد لأتساءل لماذا يسكت الشعب المغربي حين يحشد الآلف من العلماء والوجهاء والأعيان ليحتفلوا بعيد جلوس الملك ويتقدموا إليه خاضعين بانحناءة تكاد تكون ركوعاً ويرددون مع شخص معين (الله يبارك في عمر سيدنا). ويصر كثير منهم على تقبيل يد الملك. والحقيقة أن الملك محمد السادس أراد إلغاء عادة تقبيل اليد ولكنه جوبه بمعارضة من بعض رجال القصر الذي يرون أن عدم التقبيل فيه غض من هيبة الملك أو المُلْك، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله. وقد قرأت ذات مرة بيت شعر يرفض فيه الشاعر تقبيل اليد
  أنا لا أقبل تقبيل يد قطــــــــــــــــــعها أولى من تلك القُبل

   ولماذا لا يحتج المغاربة ولا تكاد صحيفة في المغرب تخلو من الحديث عن جرائم السرقة والنهب وإليكم بضعة أسطر مما كتبه رشيد نيني يوم (8 ربيع الآخر 1432هـ) 14 مارس 2011م العدد: 1390 حيث يقول:
 "جميع الولاة والعمال يعرفون أن الاستثناءات المعمارية هي بمثابة الكنز الذي يستطيعون بفضله أن يتحولوا إلى أثرياء في ظرف وجيز، فالأمر لا يتطلب سوى توقيع بسيط، وبهذه الطريقة دخل الوالي السابق على مكناس تافيلالت، حسن أوريد، فقيرا وغادرها مليارديراً هو وأفراد عائلته. ولذلك، فمن يعرقل مرور هذا القطار المحمل بالذهب يكون مصيره الإبعاد أو الإقالة. وكل الولاة الذين أظهروا صلابة في الموقف أمام الهمة (وزير داخلية سابق ورئيس حزب سياسي دفعوا ثمن تصلبهم. ولذلك أصبح أغلب الولاة يفهمون أن وزير الداخلية الحقيقي هو الهمة وليس مولاي الطيب الشرقاوي المنشغل أكثر باقتناء الأراضي والعقارات والضيعات الفلاحية".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية