إنهم لا يخجلون من النقد الذاتي



نردد دائماً الأثر المعروف "الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها" ولكننا عند التطبيق نقصر في ذلك قليلاً أو كثيراً، فقد سبق بعضنا إلى الأخذ بكل ما يأتي من الغرب حتى نشأ بين أظهرنا أجيال فقدت هُوُيتها العربية الإسلامية أو كادت. وقد تزعّم تيار التغريب أدباء نالوا حظّاً كبيرا من الشهرة المصطنعة أو الحقيقية وأطلقت عليهم الألقاب التفخيمية مثل "عميد الأدب العربي" و "أستاذ الجيل" وما ذاك بعميد ولا الثاني بأستاذ.
        وفي هذه المقالة الموجزة أعرض لأمرين أعتقد ان فيهما حكمة من الغرب افتقدناها في حياتنا المعاصرة وحرص البعض على جني الأرباح بأي وسيلة دون رادع من دين أو وازع من ضمير.
        أما الأمر الأول فهو أن الاتحاد الأوروبي قد منع دخول الآلاف من الألعاب على شكل الشخصية الفولكانية في مسلسل "ستار تراك: دكتور سبوك" لأنه بشكل أذنه المسننة لا يعد شكلاً آدمياً والقرار الأوروبي بمنع دخول الألعاب التي لا تنطبق عليها مواصفات الشكل الإنساني وأضاف خبر صحيفة التايمز (15 يوليو 1994م) أن القرار الخاص بدكتور سبوك هو جزء من خطة الاتحاد الأوروبي لمنع دخول الألعاب الرخيصة إلى أوروبا... وقد أغاظ هذا القرار تجار الألعاب البريطانيين ذلك أن ثلث الألعاب في المتاجر يأتي من الصين.
        وصرح متحدث باسم الاتحاد الأوربي أن اللوم يجب أن لا يوجه إلى بروكسل لأن هذه القرارات قد وضعت على مستوى العالم، وقد تمت الموافقة عليها من هيئات جمركية دولية.
        وثمة عدة دروس يمكن أن نخرج بها من هذا الخبر؛ الأول أن الأوروبيين  الذين لا ترى ثقافتهم أي حرج في صناعة التماثيل وقد امتلأت كنائسهم وبيوتهم وساحاتهم بالتماثيل البشرية يرفضون تمثالاً يخالف الشكل الإنساني بينما نحن المسلمين لدينا تحريم لهذه التماثيل سواء كانت شبيهة بالإنسان أو بالحيوان لا نجد  حرجاً في الوقت الحاضر من استيراد التماثيل من كل مكان والدليل على ذلك ما يتوفر من هذه التماثيل في متاجرنا وأسواقنا وكذلك أن بعض الدول الإسلامية صنعت تماثيل لزعمائها من الحديد أو البرونز وهذه التي تسمى التماثيل النصفية.
        أما الحكمة الأخرى فهي أن قرار الاتحاد الأوروبي منع أيضاً الألعاب الرخيصة والمقصود من هذه الألعاب سريعة التلف لا شك أن رخص الألعاب يتيح للفقير أن يشتري لأولاده الألعاب ولكن الرخص هنا دلال على تدني مستوى الصنعة وهذا الألعاب التي لا يمكن أن تمضي يوماً كاملاً دون أت تتحول إلى حطام لا قيمة له فكأنّ المشتري أهدر ماله دونما مقابل ونحن في العالم الإسلامي لا نطبق أي حظر تقريباً على هذا النوع من الألعاب ..فلماذا لا نطور صناعة الألعاب في عالمنا الإسلامي ليس فقط من حيث الجودة والمتانة ولكن لتناسب قيمنا وعقيدتنا وثقافتنا؟
ثانياً: التعليم العالي في بريطانيا والمطالبة بتشديد الرقابة على منح الشهادات الجامعية
فقد نشرت التايمز اللندنية يوم 18 يوليو 1994م تصريحاً لوزير التعليم العالي حيث خاطب جون باتن المسؤولين في الجامعات البريطانية مطالباً إياهم بالاهتمام بمعايير الامتحانات كما أبدى اهتمامه بجودة بعض الدراسات الجامعية ويذكر التقرير أن عدد الحاصلين على الشهادات الجامعية قد تضاعف وهذا يعطي الفرصة لعدد كبير من الطلاب لمواصلة الدراسات العليا وهو أمر لم يكونوا يحلمون به قبل خمس عشرة سنة، لأن الذين يحصلون على درجات عالية هم الآن أكثر من ذي قبل... ومن المهم في هذا التقرير ما صرح به أستاذ التربية بجامعة مانشستر البروفيسور ألان سميثز بأن النظام الحالي مريح جداً فالتدريس الضعيف يمكن إخفاؤه بإعطاء الدرجات بسخاء ويمكن أن يتأثر الناس بالمشاعر الشخصية والوضع يحتاج إلى إعادة نظر ويمكن أن يتم ذلك باجتماع بين الجامعات والاتفاق على بعض الأمور بخصوص الامتحانات
ولعل هذا التقرير يقدم لنا عدة دروس منها أن القوم لا يخجلون من النقد الذاتي، ونحن أولى منهم بذلك فقد امتدح القرآن الكريم النفس اللّوامة حين أقسم سبحانه وتعالى بها وكثرة اللوم هنا تعبير عن النقد الذاتي...وكان النقد قد وُجّه إلى المسلمين عقب عزوة أحد وعقب غزوة حنين ...وأما بالنسبة لجامعاتنا فإن المستويات متفاوتة حيث عرف عن إحدى الجامعات المستوى المتشدد وبالتالي يجد خريجو هذه الجامعة قَبولاً ورواجاً لدى المؤسسات والشركات ما لا يلقاه خريجو جامعات أخرى... ولدينا كما يقال فائض في الخريجين فماذا نفعل بهم لتأهيلهم للحياة العملية. حكم كثيرة يمكن أن نفيدها من تجارب غيرنا





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية