التعاون الأمني والدفاعي بين أمريكا والعالم العربي



خصص المؤتمر السنوي الثامن عشر للمجلس القومي للعلاقات الأمريكية العربية الذي عقد يومي 15 و16 أكتوبر 2009م جلسة للحديث عن التعاون الأمني بين أمريكا والعالم العربي. وتحدث فيه أمريكان وعرب. فالأمريكي تحدث طويلاً عن مسؤوليات أمريكا الأمنية ومصلحتها في الأمر فهي تبيعنا السلاح وهذا يجعل المصانع الأمريكية تشتغل ويدر عليها دخلاً كبيراً. وقد كتبت وسائل الإعلام أنه عندما احتلت العراق الكويت وكان ثمة تهديد أمني للمملكة وفقاً للتقارير الأمريكية التي كذبوها هم فيما بعد (12 سبتمبر مقال جيمس إيكنز James Akins السفير الأمريكي السابق في المملكة في صحيفة لوس أنجلوس تايمز) كان من ضرورات حماية أمننا في المملكة أن نشتري صواريخ الباتريوت للرد على صواريخ العراق فكانت تكلفة كل صاروخ عشرات أو مئات الملايين، وبدأت المصانع الأمريكية تعمل بأعلى طاقتها لتوفر لنا بفلوسنا تلك الصواريخ ومنها صواريخ صنعت لإسرائيل وما أظنها إلاّ على حسابنا (قال لي مسؤول بريطاني نبيعكم السلاح ونجدد سلاح قواتنا بالفائض من قيمة أسلحتكم، قد يكون صادقاً فالخبر يحتمل الأمرين)
وامتدح أكثر من عسكري أمريكي استضافة قطر للقاعدة الأمريكية وضيافة قطر وترحاب قطر بهم. وذكر الأمريكان في حديثهم عن الأمن أمن الخليج بصفة خاصة وأنهم يعدونه من الأمن الأمريكي، والسبب الأكبر هو أن يتدفق النفط بلا عوائق (وفي وثيقة ربما أخطأت السفارة الأمريكية في توزيعها يضيفون وبأسعار معقولة) فمن الذي يقرر الأسعار المعقولة نحن أو هم، صاحب السلعة أو المشتري المحتاج؟)
وأضاف المتحدث الأمريكي لا تقتصر العلاقة الأمنية بيننا وبين العرب على بيع السلاح وإنما نقدم خدمات إستراتيجية تتطلب بعث مدربين من قبلنا للقيام بمهام التدريب كما أن عدداً من ضباطهم يأتون إلينا لنقوم بتدريبهم في بلادنا، وعندما يأتون إلى أمريكيا نرشح لكل ضابط ضابطاً أمريكيا مشرفاً عليه يسمى الكفيل أو الراعي (Sponsor) وهذا بلا شك يقدم لنا بأثمان ربما تكون باهظة. كما أنه فرصة لأمركة العقول فنحن كما يزعمون في معركة العقول والأفهام لا بد للأمريكيين أن يكسبوا العقول والأفهام وهم كاسبوها كاسبوها بلا شك. وقديما كتب المستشرق الأمريكي الجنسية البريطاني الأصل اليهودي الملة الإسرائيلي الصهيوني النزعة أن الجيش التركي في عهد الدولة العثمانية احتاج إلى تدريب الجنود الأتراك فأرسلت فرنسا عدداً من الضباط والمدربين لتدريب الجيش التركي وهنا يسخر منّا ومن الدولة العثمانية برنارد لويس فيقول: انظر إلى الأتراك الذين كانوا يحتقرون الكفار يجلسون اليوم ليتعلموا منهم أشرف المهن (حسب زعمه، وإلاّ فأشرف المهن هو التعليم) ويضيف لويس إن المدربين الفرنسيين لم يأتوا معهم بكتب العسكرية وحدها بل جاؤوا معهم بكتب موليير وفولتير وغيرهما، أي جاؤوا معهم بالإلحاد والكفر. وعندما ابتعث المغرب بعض طلابه للدراسة في فرنسا وانتهت مدة التدريب فطلب مشرف البعثة الفرنسي من الحكومة المغربية أن تأذن لهؤلاء الطلبة بالبقاء بعض الوقت في فرنسا ليتشبعوا بعظمة الحضارة الفرنسية. وهذا تحدثه عندنا قنوات الإم بي سي (Mbc) "العظيمة" بما تبثه من أفلام أمريكية ولكن كما قيل ليس المعاينة كالسمع.
وفي الحديث عن أمن منطقة الخليج العربي كرر الأمريكيون إننا نعرف أن تلك المنطقة غير قادرة على حماية نفسها فلا بد أن تكون هذه من مسؤولياتنا. وقد كان هذا الموضوع قد أثير في أكثر من مؤتمر حضرته وأعددت تقارير عنها وهي الاهتمام الشديد والعناية بأمن المنطقة حتى إنني سمعت لأول مرة ما يسمى الأمن الناعم والأمن الخشن أو الأمن الصلب، وفهمت أن الأمن الناعم هو التدريب وبيع المعدات الخاصة بالتجسس والمراقبة وغير ذلك وابحثوا عن المفردة إن شئتم أو المصطلح.
وأحب أن أتساءل لأن الذي يشتغل بالعلم والمعرفة أو طلب العلم أن يكون متسائلاً أبداً. لماذا لا يمكن لدول الخليج العربي أن تكون قادرة على حماية نفسها؟ لماذا يبقى عدد السكان فيها محدوداً أي يصبح المواطنون في كل دولة من دول الخليج أقلية في بلادهم عدا المملكة على الرغم من ضخامة عدد غير السعوديين؟ هل يمكن أن نرجع إلى ما كتبه الدكتور فهد عبد الله النفيسي عام 1397هـ (1978م) حول سياسة التجنيس في الكويت. من المعروف أن للدول حول العالم سياسات تجنس معينة من أولها أن من يولد على أرضا يحق له الجنسية. فكم عدد السعوديين على سبيل المثال الذين يحملون الجنسية الأمريكية ففي أول مرة يراجع السفارة الأمريكية من ولد في أمريكا يقولون له لا نعطيك تأشيرة بل تأخذ جواز سفر أمريكي شئت أم أبيت. وفي بعض البلاد من أقام على أرضها ولم يغادرها مدة من الزمن (خمس سنوات) وكان يعمل في خدمة البلاد فهو يستحق الجنسية.
أقول لو زادت أعداد مواطني دول الخليج بلا استثناء وأعطوا الفرصة ليخدموا البلاد في الجيش ألا يمكن أن يكون قد أصبح لدينا جيش كبير عرمرم كما يقال. ولو بدأنا كما قال دومنيك شوفالييه بتقوية أنفسها وتسليحها وصناعة السلاح حتى نواجه قوة أعدائنا. لقد كانت عبارة المستشرق الفرنسي في مؤتمر في جامعة فيلادلفيا بعمان الأردن "إنكم أيها العرب إن لم تمتلكوا القوة فإن عدوكم يزداد قوة وتزدادون ضعفاً" وأضفت ولذلك علينا أن ننسحب من جميع اتفاقيات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل التي أسميها اتفاقيات الذل، وأضاف أحد الحضور كيف تنامون وكيف يغمض لكم جفن وترقأ لكم عين وعدوكم يمتلك مئات الرؤوس النووية" فحتى لو كانت أمريكا مستعدة أن تعطينا الغطاء النووي كما يزعمون هل يغني هذا عنّا لو أرادت إيران عندما تمتلك القنبلة النووية قريباً أو إسرائيل التي تملكها منذ سنوات طويلة لو أرادتا أن تضربا أراضينا لا سمح الله ولا قدر. وأضيف إن الدكتور عايض القرني كتب من أروع مقالاته مقالة بعنوان (صح النوم يا عرب) أكد فيها على هذه المعاني وضرورة أن تمتلك أمتنا السلاح والتدريب والقدرة وقال بسخرية وفروا الأموال التي تنفقونها على مؤتمرات القمة والموائد والحراسات والبروتوكولات على صناعة سلاح حقيقية وتقوية جيوشكم لكان أولى.
وأخيراً أكتب لكم أيها الجيل الجديد الذي يتحمل المسؤولية الحقيقية لانتشال هذه الأمة مما هي فيه والله يوفقكم ويرعاكم.

  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية