الفصل الأول: التعريف بمراكز البحوث والمعاهد



     قد يعتقد البعض من أول وهلة أن العاصمة الأمريكية واشنطن عاصمة سياسية فحسب، ولكن بعد الاطلاع على النشاطات العليمة في هذه المدينة نجد أنها تزخر بالجامعات ومراكز البحوث والمعاهد العلمية التي تهتم بالدراسات الإسلامية أو الشرق أوسطية كما يطلقون عليها غالباً. بل إن مثل هذا العدد من المراكز العلمية والمعاهد والأقسام العلمية قلما يتوفر في عاصمة واحدة وفي مجال واحد كدراسات الشرق الأوسط أو الدراسات العربية الإسلامية. وقد تيسر للباحث أن يزور عدداً منها في صيف عام 1416 فتعرف على كبار المسؤولين فيها ونشاطاتهم واستمرت بعض المعاهد بتزويد الباحث بالنشرات والكتب التي تصدر عن هذه المراكز والمعاهد:
     وأبدأ بالتعريف بهذه المعاهد والمراكز والأقسام العلمية:

معهد الولايات المتحدة للسلام

(United States Institute of Peace (*)

التعريف بالمعهد وأهدافه:

     أسس هذا المعهد من قبل الحكومة الأمريكية عام 1984 في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان Ronald Regan وبتمويل من الحكومة الأمريكية. ويستند في هذا التأسيس إلى مراسيم حكومية تعود إلى العام 1935 التي دعت إلى إنشاء مؤسسات وأقسام تتعلق بالموضوعات ذات العلاقة بالسلام. وهو معهد مستقل وغير منتم لأي حزب أو جهة. هو غير خاضع لأي ضغوط سياسية، ولكنه يقدم المساعدة للفرع التنفيذي من الحكومة وللكونجرس وللآخرين من خلال البحث والتحليل والمعلومات. ويتكون مجلس الإدارة من خمسة عشر عضواً يعينهم الرئيس الأمريكي لإدارة المعهد. ويكون أحد عشر عضواً من خارج الحكومة بينما الأربعة الباقون من العاملين الرسميين في الحكومة.
وللمعهد عدد من الأهداف تتلخص فيما يأتي:
        ·الإفادة من المواهب الوطنية والعالمية من المؤسسات البحثية والجهات الأكاديمية أو الحكومية لمساعدة صانعي السياسية من خلال تقديم البحث المستقل المبدع للتعامل مع المشكلات الدولية.
        ·تقديم حلول للصراعات الدولية من خلال وسائل حل المشكلات
        ·تدريب المتخصصين في الشؤون الدولية في إدارة المشكلات وأساليب الحلول والتفاوض والتوسط.
        ·تقوية المناهج والتعليم ابتداءً من المرحلة الثانوية حتى الدراسات العليا حول تغير طبيعة المشكلات الدولية والأساليب غير العنيفة لإدارة الخلافات الدولية.
   ·رفع الوعي لدى الطلاب والعامة حول المشكلات الدولية وجهود حفظ السلام من خلال المنح الدراسية والنشر ونشر المعلومات الإلكتروني والمؤتمرات. ([2])
     ومن المعلومات المهمة عن المعهد المبادرات الخاصة وتتضمن ما يأتي:
1-              حكم القانون: وهذا يهدف إلى إدراك العلاقة بين حكم القانون وقدرة الأمة على إدارة المشكلات وسيتم القيام بسلسلة من المشروعات لتحقيق ذلك.
2-               السلام والأمن في أفريقيا: يقوم المعهد بتطوير الإمكانات لعقد الاجتماعات والمجموعات الدراسية ومشروعات المنح لاستكشاف أسباب المشكلات والحلول الممكنة.
3-              الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا. ويركز هذا المشروع على القضايا المؤثرة في السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وجنون وأواسط آسيا والقوقاز.
4-              الدين والأعراق وحقوق الإنسان: سيقوم فريق عمل بفحص العلافة بين الدين والقومية كسبب من أسباب الخلافات من خلال دراسة حالة إسرائيل ولبنان ونيجيريا وسري لانكا والسودان والتبت ومنطقة أوكرانيا.
     ويلاحظ هنا أن المبادرات المذكورة أعلاه تناولت شتى مناطق العالم الجغرافية كما اهتمت بمجالات الحياة المختلفة من اقتصادية وسياسية اجتماعية وثقافية. وهي مبادرات مهمة جداً حبذا لو أخذت مراكز البحوث العربية والإسلامية بمثل هذه النماذج من البحث العلمي فنحن بحاجة إلى معرفة العالم معرفة وثيقة وعلمية دقيقة كما نحن بحاجة إلى معرفة الآخرين لأننا أصحاب رسالة هي الإسلام وعلينا أن نعرف كيف نوصل إليهم هذا الدين العظيم عملاً بقوله تعالى ) قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أناومن اتبعني( ([3])


نشاطات المعهد

     وفيما يأتي نماذج من نشاطات المعهد والتي سوف نتناولها فيما بعد:
-  الإسلام والديموقراطية: الفرص والتحديات في الشرق الأوسط: ندوة ليوم واحد (15مايو 1992) وهي ندوة حول الحركات الإسلامية وفرص التطور السياسي، وكذلك حول الحكومات القائمة على التمثيل السياسي ونظرة شاملة للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. شارك في الندوة عدد من الباحثين الأمريكيين والعرب واليهود ومن هؤلاء ممتاز أحمد وشاؤول باخاش وجون إسبوزيتو ومحمد خليل وديفيد ليتل وغيرهم. ([4])
-   جار معاند: تحليل دور تركيا في الشرق الأوسط: 1-2يونيه 1994 وكان من ضمن موضوعات البحث اتجاه تركيا نحو الشرق، ومناقشة المشكلة الكردية. ([5])
-  الإسلام السياسي: ندوة من ثلاث حلقات عقدت الجلسة الأولى في 16يونيه 1994وشارك فيها أكثر من عشرين باحثاً بين باحث حكومي وأكاديمي وصحفي ومتخصص في وضع السياسات. ([6]) وكان من بين الموضوعات التي نوقشت التفريق بين المتطرفين والمحافظين في الحركات الإسلامية، وكذلك مسألة التناسب أو التوافق بين الديموقراطية والإسلام، كما درست بعض المقترحات للتعامل مع الحركات الإسلامية.
-  المؤتمر السنوي العاشر نوفمبر 30-1ديسمبر 1994 حول إدارة الأزمات والمناطق المضطربة مثل البوسنة والصومال وغيرها وكذلك البحث في الصراعات الدينية والعربية والأزمات الإنسانية وشارك في المؤتمر مائة وعشرون باحثاً ومنه بين هؤلاء ليس آسبن Les Aspin وزير دفاع أمريكي سابق، وهنري كسينجر وزير خارجية سابق وغيرهم. ([7])
-  مستقبل باكستان (26فبراير 1997) شارك فيه عدد من الباحثين من أمثال مارفين واينبوم      Marvin Weinbaumأستاذ العلوم السياسية في جامعة إلينويIllinois، ودينيس كوكس Denis Kux من مركز وودرو ويلسون بجامعة برنستون. ([8])
-   أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط: (22 أبريل 1998) تناولت الندوة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وأهمية التخلص منها لتحقيق السلام وأشارت الندوة إلى كل من إيران والعراق والقوة النووية غير المعترف بها في إسرائيل منذ عام 1967. ([9])
     لقد تنوع المشاركون في هذا النشاطات فهم في الغالب من الأكاديميين وأحياناً يشترك عدد من كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية ومن هؤلاء على سبيل المثال هنري كسينجر وزير الخارجية الأسبق وليس آسبن وزير الدفاع الأسبق وغيرهما. والمشاركون من الجامعات الأمريكية لم يقتصروا على الباحثين من الجامعات الواقعة في واشنطن العاصمة أو قريباً منها بل تنوعت المشاركات من مختلف الجامعات. كما لم يقتصر الأمر على الجامعات المشهورة والكبيرة بل هناك مشاركون من جامعات أقل شهرة المهم لديهم الكفاءة والقدرة على تناول الموضوع المطروح للبحث.

     ويمكن أن نتساءل كم عدد الوزراء أو المسؤولين العرب والمسلمين الذين يشاركون في ندوات ومؤتمرات البحث العلمي وكم عدد هؤلاء المسؤولين الذين يعودون إلى قاعات المحاضرات ليسهموا بعلمهم وخبرتهم في تعلي الأجيال العربية المسلمة؟ لا شك أنهم قليل. كما يلاحظ أن مراكز البحوث في العالم العربي تقتصر على المتخصصين في البلد الواحد فهي فرصة للتعارف بين الباحثين من مختلف البلاد العربية والإسلامي.




[1]* عنوان المركز هو 1550 M Street NW, Washington, DC 20005, USA والعنوان الإلكتروني هو usip-requsts@usip org.

[2] -  United States Institute of Peace. Facts Sheet,  September 1995.
[3] - سورة يوسف آية 108
[4] -نشرة من صفحتين صادرة عن المركز وهي بمنزلة دعوة لحضور هذه الندوة ، وقد كتبت إلى الأستاذ محمد صلاح الدين ا(لكاتب المعروف بجريدة المدينة المنورة) وصاحب وكالة مكة للإعلان أحثه على الحضور ولإشعاره بكيف يقوم الغرب بدراستنا. وقد توسط لي للحصول على تذكرة مجانية من الخطوط السعودية ولكن لم أتمكن من حضور الندوة.
[5] - Journal of United States Institute of Peace, Vol. VII, No. 4, August 1994.
[6] - Ibid.
[7] -Peace Watch. United States Institute of Peace. Vol. 1, No. 2, February 1995.
[8] - Peace Watch. USIP, Vol. III, No. 3. April 1997.
[9] - Ibid. Vol. IV. No. 4, June 1998.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية