شروط الحاكم



شروط الحاكم:
      تميز النظام السياسي في الإسلام عن غيره من الأنظمة في العالم بميزات كثيرة من بينها الشروط التي يشترطها فيمن يتولى الحكم وبخاصة الولاية العظمى أو رئاسة الدولة وقد حدد الفقهاء هذه الشروط التي استقوها من السوابق حيث كان أول من تولى السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. وفيما يأتي تلك الشروط:
1-     العلم أو الاجتهاد
ليس المقصود بالعلم أن يكون قادراً على القراءة والكتابة أو تلقى تعليماً ابتدائياً محدوداً بل العلم الذي حدده فقهاء هذه الأمة يصل إلى درجة الاجتهاد، ومهما اختلفت تعريفات الاجتهاد فثمة حد أدنى وهو معرفة الشريعة الإسلامية وأحكامها ومصادر تلك الأحكام أو كما قال الدكتور ضياء الدين الريس (العلم بالقانون الإسلامي)
وسبب اشتراط الاجتهاد ليس تعنتاً أو جعل الأمر صعباً أو مستحيلاً على الحكام ولكن لأن الحاكم مكلف بتنفيذ أحكام الله عز وجل ولا يمكنه تنفيذها ما لم يكن عالماً بحق.
ولتدركوا أهمية الاجتهاد وأنها مرتبة لا يمكن الوصول إليها إلاّ ببذل الجهد وامتلاك قدرات عقلية رفيعة المستوى أقدم لكم ما قاله الماوردي في معنى الاجتهاد: "هو أن يعرف من القرآن والسنّة ما يتعلق بالأحكام خاصة وعامة، ومجملة ومبينة، وناسخة ومنسوخة، ومتواتر السنّة وغيره، والمتصل والمرسل، وحال الرواة قوة وضعفاً ولسان العرب لغة ونحواً وصرفاً وأقول العلماء من الصحابة فما بعدهم اجتماعاً واختلافاً والقياس بأنواعه."
وأمام صعوبة تحقق هذه الشروط فقد بحثت عن المخرج في كتابات العلماء فلم أجد أنهم قدموا حلولاً تجعل من الحاكم قادراً على الحكم وإن لم يحقق هذا الشرط. وربما يكون المخرج أن على الحاكم أن يكون لديه هيئة للشورى تملك هذه المؤهلات والقدرات والإمكانات عليه أن يستشيرها ويأخذ برأيها كما قال أبو جعفر المنصور لسفيان الثوري (يا سفيان لمَ لا تأتنا فنستشيرك فما أمرتنا بشيء أتيناه وما نهيتنا عن شيء تركناه) ولله دره من خليفة أعطى قياده لعالم مجتهد...
ومن الطرائف أنني قرأت عبارة على نافذة منزل في مدينة أكسفورد البريطانية تقول (أولئك القادرون والمؤهلون لحكم العالم مشغولون الآن في التدريس أو في قاعات المحاضرات)
وأختم هذه الفقرة بعبارة الدكتور ضياء الدين الريّس التي يقول فيها: "يجب على الحاكم أن يكون عالماً بعلوم التفسير والحديث وتاريخ التشريع وتاريخ الدولة الإسلامية والأصول والمنطق وعلوم اللغة العربية ويضاف إليها أن يلم بالدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية"
ثانياً: الثقافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
يلخص الريس ما قاله الفقهاء بقوله:" يجب على الإمام أن يكون حاصلاً على ثقافة عالية في شؤون السياسة والحرب والإدارة، بحيث تؤهله ثقافته لأن يؤدي واجباته في تلك النواحي الثلاث خير أداء"
ثالثاً: الكفاية النفسية أو القدرة النفسية والبدنية
أما القدرة النفسية فهي أن يمتلك الصفات التي تؤهله للحكم والقدرة على مواجهة ما يتطلبه الحكم من شجاعة وإقدام وجرأة، ويقصد بالكفاية الجسدية سلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في الرأي والعمل. وسلامة الحواس والأعضاء من النقص كالجنون والعمى والصم والخرس وما يؤثر فقده في العمل كفقد اليدين أو الرجلين.
رابعاً العدالة أو الأخلاق الفاضلة
ويطلق عليها أحياناً العدالة على شروطها الجامعة، وقد فسرها الماوردي بقوله:" والعدالة أن كون صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفاً عن المحارم متوقياً المآثم مأموناً في الرضا والغضب مستعملاً لمروءة مثله في دينه ودنياه."
خامساً: أن يكون من أهل الولاية العامة.
ومعنى ذلك أن يكون مسلماً، حراً، ذكراً، عاقلاً، بالغاً، وهذه الشروط هي شروط التكليف لأي ولاية أو منصب حام أو هي شروط التكليف عموماً. وهي لا تحتاج إلى شرح أو تفصيل فغير المسلم لا يصح له أن يكون حاكماً على المسلمين، والعبد لا يصح أن يحكم غيره وهو لا يملك حكم نفسه، وغير البالغ ليس مكلفاً أصلاً فكيف يحكم المكلفين؟ والإسلام حرّم تولي المرأة الولاية العامة كرئاسة الدولة وغيرها من الولايات العامة، وإن ظهرت اجتهادات في العصر الحاضر تبيح لها تسلم مثل هذه المناصب كما حدث في بنغلاديش وإندونيسيا وباكستان.
وأخيراً فلا بد أن يكون عاقلاً فالمجنون غير مكلف وبالتالي لا تؤتمن تصرفاته ولا يمكن توقها أو فهمها، وبالتالي تسقط أهليته للحكم. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية