الأحلام في حياتي ورحلتي مع الكتابة والصعوبات والعراقيل


السؤال الأول: أستاذي هل يصح أن يكون لنا حلمين متباعدين ؟ بعضهن يقولن لي لا بد من التركيز في مجال واحد لا مجالين؟
الإجابة: لا مانع أن يكون لنا مائة حلم وحلم متباعدة أو متقاربة، ولكن الفيصل في الأمر أن يعرف الإنسان قدراته وأن يسعى إلى تحقيق الحلم ليس من خلال الأماني ولكن من خلال العمل. بالنسبة لي ربما حلمت ألف حلم وكان منها على سبيل المثال أن أكون كاتباً، أن أكتب القصة أن أكون مشهوراً ولم أعرف ما الشهرة حقيقة ولكني قرأت وأنا في الإعدادي مقالة للدكتور أحمد زكي رحمه الله أول رئيس تحرير لمجلة العربي الكويتية، وكان بعنوان (ما معنى أن تكون رجلاً يشار إليك بالبنان) وسمعت محاضرة الشيخ سعيد حوّى رحمه الله في قاعة المحاضرات بكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز عام 1395 هـ أو بعدها بقليل حول التميز. فتخيلت أن أكون متميزاً. وحضرت محاضرات الأستاذ محمد قطب فرأيته يتدفق في الحديث بسلاسة وسهولة كأنما يقرأ من ورقة وحلمت أن أحاضر مثله، فمرت الأيام وكانت محاضراتي قريبة من ذلك. والإنجازات لا تكون إلاّ بعد أحلام.

السؤال الثاني
هل الأفضل أن يبني الكاتب المبتدئ نفسه على أرض الواقع عبر الصحف والمجلات ؟ أم الأفضل في مجال الانترنت عبر المواقع الجادة ؟
الإجابة:
إذا شعر بالرغبة في الكتابة وأدرك أنه يملك المواهب اللازمة والاستعداد فليكتب أنّى شاء، ولكن عليه أن يبحث عن الأستاذ الناصح الأمين. لا يصبح الإنسان كاتباً دون تعليم، فليس هناك من يستغني عن التعليم.  وأذكر من تجربتي أنني كنت أدرّس في المعهد العالي للدعوة الإسلامية وكان أحد تلاميذي متميزاً واسمه خالد الشرف من الكويت، وكان عندي فاكس في البيت فأرسلت إليه مقالةً فقراها وكما يقولون في العامية قطّعها، وشرّحها فكان أول نقد أن المقدمة طويلة ولا تخدم الموضوع تماماً، كما وجد بعض الاستطرادات في أثناء الكلام لا قيمة لها بل هي من الحشو، أما الخاتمة فكانت ضعيفة. فصدّت نفسي عن إعادة كتابة المقالة ولكني تعلمت منه. حتى بعد سنوات كتبت في ملحق التراث بصحيفة المدينة وكان معلمي الثاني الدكتور محمد يعقوب التركستاني فكان يقول لي إنك لا تطيل المقدمات فأنت تدخل إلى الموضوع مباشرة، أليس هذا من نصائح تلميذي، ثم تعلمت حسن المطلع وكنت قد قرأت أن المقالة تقرأ من سطر واحد أو جملة واحدة هي الجملة الأولى؛ فإما أن يشدك الكاتب لتقرا ما كتب أو يصدك فتترك المقالة كلياً.
السؤال الثالث:
ألا حدثنا يا رعاك الله عن الصعوبات التي واجهتك؟ لقد قرأت شيئاً عنك، يعجبني صبرك...ياااااه كم أنت عظيم.
الإجابة:
أنت تريدين أن أحدثك عن الصعوبات التي واجهتني، وأنا أريد أن أتحدث عن نعم الله عز وجل علي الذي ذللت كل تلك الصعاب، أولها أن الله منّ علي بوالدين أحباني ورعياني وقدما لي من الحنان والحب والعطف والتربية ما لا أستطيع أن أفيهما حقهما مهما قلت أو عملت أو حاولت. أمي أصيبت بالتيفوئيد في أثناء رضاعتي وبعد أربعين يوماً أو حولها شفاها الله وعاد إليها الحليب كما كان، وكنتُ قد رفضت الرضاعة من أي أحد من الأقارب من زوجات العم أو الجارات أو غيرهن. وربّاني والدي تربية لم يستقها من الكتب أو المدارس أو الجامعات بل أعطاني من الثقة في نفسي والحب والحنان والنصح والإرشاد بطريقة مبتكرة، 
ومن الله علي بمعلمين تعلمت منهم العلم والأخلاق والفضيلة طوال حياتي الدراسية ولم أصادف أستاذاً لم أر له الفضل علي بالتربية والتعليم حتى عندما التحقت بالدراسات العليا وصادفت أساتذة لم يستحقوا هذا اللقب تعلمت منهم ألاّ أكون مثلهم في التعامل مع طلابي. أحدهم يقول أستاذي كان يرمي الأوراق في وجهي، فهو بالتالي ينتقم من تلاميذه، ولكني أقول إن فعل أستاذي هذا فلأكن أفضل منه في التعامل مع طلابي.
ومنّ الله علي بتجربة الابتعاث على الرغم مما كان فيها من سلبيات ولكني تعلمت اللغة وتعلمت أن أعرف الحضارة الزائفة والحضارة الحقيقية في سن مبكر ويشهد على ذلك كتابي (رحلاتي إلى أمريكا) التي ترى زوجي خديجة أن أجمل ما فيه ما كتبته بعد عودتي من أمريكا وأنا في سن الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين.
ومنّ علي بالسكنى في المدينة المنورة وتعلم التجويد على يدي الشيخ إبراهيم الأخضر حفظه الله ورعاه. وتعلمت من أستاذي الدكتور الخراط اللغة العربية (وهو يكبرني بعامين فقط) ولكنه كان نعم المعلم والمرشد والناصح. وكتابي (عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي) راجعه صفحة صفحة وكلمة كلمة، كما راجع رسالتي للدكتوراه ورسالة الماجستير بعد إنجازها وقبل الطباعة والنشر، ومنّ علي بالزواج في سن مبكرة على الرغم من أن تجاربي في الزواج كانت صعبة ولكن لن ألوم أحداً سوى نفسي.
أما الصعوبات فهي أني أعيش في بيئة يصعب عليها تقبل من لا يمتثل للأوامر ويطيع الطاعة العمياء وبيئة من يتسلم فيها منصباً إدارياً في كثير من الأحيان يستبد ويرى أن الرأي الأول والأخير له ولا شورى ولا يحزنون. هذه صعوبات أمرها سهل، يتنازل الإنسان عن بعض المصالح والامتيازات والأرزاق والأعمار بيد الله والحمد لله على كل حال.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية