من الماضي غير البعيد - الصحافة البريطانية وتركيا والتدليس المحترف


أوردت صحيفة بريطانية خبراً عن البروفيسور بيناز توبارك Binnaz Topark أستاذ العلوم السياسية في جامعة مرموقة (لم تذكر اسمها) تدرس بلغتين عدة دراسات عن الرأي العام يكذب مخاوف العلمانيين؛ فالأتراك الذين يريدون حكماً إسلامياً قد انخفض من 20%  عام 1999م إلى 9% في العام الماضي. والنساء اللاتي يحتجبن قد انخفض من 74% عام 1999م إلى 64% في العام الماضي وهي حقيقة لا تخطئها العين حتى في الأحياء المحافظة من اسطنبول حيث ترى الأم تسير في الشارع متحجبة بينما بناتها يسرن وقد كشفن شعورهن السوداء أو المصبوغة. وهذا يظهر أن المجتمع المدني أيضاً حريص على الدولة وليس الجيش الذي أصدر أكثر من تحذير كأنما يريد أن يقول إن السلطة ما تزال بأيدينا.

هذه المظاهرات يمكن أن تعطي انطباعاً خاطئاً بان تركيا منقسمة بين الإسلاميين والديمقراطيين، وفي الحقيقة فالعلمانيون يميلون إلى أن يكونوا ضيقي الأفق وقوميين وأكثر نخبوية من الحزب الإسلامي، فالمتظاهرون كانوا أساساً من الطبقة الوسطى والوسطى العليا وفيهم عنصر مهم ضد الهجرة من الأرياف إلى المدن.

والرمزية مهمة هنا فالحزب الإسلامي لم يفعل شيئاً لمضايقة المؤسسات العلمانية ويقول مصطفى إيكل (صحفي إسلامي شاب ) مهاجماً الأصولية العلمانية وطريقة تعريف أتباعها للجمهورية العلمانية بأنها جمهورية للناس العلمانيين وليست جمهورية لكل المواطنين.

والخطأ الآخر هو إثارة قضية الصراع بين الإسلام والتحديث فقد استطاع الإسلاميون كسر كثير من الحواجز ابتداءً من القضية الكردية إلى القضية الأرمنية فهم أكير أوروبيين وعولميين من النخبة القديمة. إن القضية الحقيقية هي هل يستطيع الكماليون تحديث معتقداتهم أو أفقهم ببناء حزب متطور وواسع الأفق وبالتالي هل يستطيعون المنافسة مع الإسلاميين الذين لا يعتمدون على التفرقة الطبقية أو على الجيش ليضرب طاولة الشطرنج كآخر الحلول.

أما تعليقي على المقال فهو أورد حقائق عن إنجازات الحزب الإسلامي وعن تفتح الإسلاميين ومعرفتهم بطبيعة الشعب التركي وعدم مصادمة الواقع الذي يعيشونه، وينتقد الكماليين. ولكن مأخذي على مثل هذه الكتابات أنه أشار إلى أستاذ جامعي وبحوثه دون توثيق، ولكن عندما تكون المسألة تتناول قضايا حيوية مثل توجه المجتمع وميوله يجب على الأقل ذكر الجامعة وأين نشرت الدراسة وثانيا قدمت حكماً على التيارات الفكرية من خلال بعض المظاهرات وليس هذا بالدليل القوي. وهذه من العيوب المنهجية الانتقائية في الأدلة والشواهد. وأود أن أضيف أن مندوب الاتحاد الأوروبي والسفير البلجيكي في اليابان صرح بصعوبة أو حتى استحالة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي ليس لأنها دولة مسلمة ولكن لأن لتركيا ارتباطات تاريخية فهي قد كانت إلى عصر قريب إمبراطورية كبرى، ودخولها يعني أنه سيكون لها نفوذ كبير. ولكن أيضاً كانت مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي دافعاً لتركيا لإجراء تحسينات حقيقية في قضايا حقوق الإنسان جميل لو يكون مثل هذا في بعض دول العالم العربي والإسلامي.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية