خواطر ما قبل المحاضرة يوماً ما


ماذا يمكن أن يقال عن غزة أكثر من الكلام الكثير الذي تسمعونه وتقرؤونه كل يوم؟ هل يمكن لمثلي أن يأتي بجديد؟ ذهبت إلى عليشة فرع جامعة الملك سعود لألقي محاضرة يوم الأربعاء صباحاً (على الساعة الثامنة)من خلال الدائرة التلفزيونية، وبينا انا في الطريق فكرت أن أجعل المحاضرة عن  أوضاعنا الحاضرة وأربطها بالمادة التي أدرسها وهي (مجتمع الأمة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية ) فبدأت بالحديث عن ذلك المجتمع العظيم الذي أسسه وبناه الرسول صلى الله عليه وسلم على أسس التواد والتراحم والتعاطف، ألم يقل (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد...) وتعجبت لماذا أورد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام هذه المفردات الثلاث ولم يكتف بواحدة مع أن المعنى سوف يصل، ولكن عظمة الحديث الشريف في التأكيد على كل معاني التواد والتراحم والتعاطف. ذلك المجتمع كان القمة في هذه الصفات والأخلاق وحتى وإن كان في صفوفهم بعض المنافقين لكن قوة المجتمع كانت كفيلة بإحباط أي تآمر لهذه الفئة.

ثم إن مجتمع الأمة الإسلامية ذاك كان قوياً قوة مادية وقوة معنوية، فما أن توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وتعرضت الأمة لأشد الأزمات في حياتها وما تزال الدولة فتية حتى كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقف وقفة كالجبال الرواسي. وما أبدع ما وصفت السيدة عائشة حال المسلمين في ذلك الحين حيث قالت: ما أن توفي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والمجوسية والنفاق وأصبح المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة وإن ما أصاب الأمة لو أصاب الجبال الرواسي لهاضها لولا أن قيض الله أبا بكر "

ولم ينتظر الصديق رضي الله عنه أن يغزى المسلمون في عقر دارهم بل جهز الجيوش إلى بلاد الشام والعراق بعد أن قضى على فتنة المرتدين. وكانت قولة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد أن تسلم الخلافة (ما ترك قوم الجهاد إلاّ أذلهم الله، وما شاعت الفاحشة في قوم إلاّ عمهم الله بالبلاء"

نحن في هذا الزمن خالفنا نهج أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأمرين، فالجهاد أصبحت مفردة مخيفة للغرب والشرق وكأننا نرتكب أكبر المصائب لو أخطأ الواحد منّا فجاءت على لسانه ولو خطأً. لماذا يحتقرنا يهود إلى هذه الدرجة؟ لماذا هنّا وصرنا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (توشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة إلى قصعتها، فقالوا أو من قلة نحن يومئذ فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: لا بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، فقد نزع الله المهابة من صدور عدوكم، والسبب كما قاله الرسول هو أننا أصبنا بحب الدنيا وكراهية الموت.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية