الحرية والكرامة

أعرف عن نفسي البعد عن التجريد والفلسفة، ومثل هذه القضية أكبر من قدراتي العقلية وتفكيري، ولذلك لن أخوض في تفاصيلها ولكني أحب أن أؤكد على أمرين أساسين في أي نهوض بشري وهما الحرية والكرامة، فالله عز وجل أعطى الكرامة لبني آدم أجمعين (ولقد كرمّنا بني آدم) وفي آيات أخرى تحدث عن تفضيلهم. ولكن الحرية هي حقاً ما جاء به الإسلام لو عرفنا الإسلام حقاً. فلا نهضة ولا قيام لأمة إن لم تكن حرة فالعبيد لا يبنون حضارة ولا يؤسسون نهضة. قيل لعنتر كر فقال العبد لا يحسن الكر ولكن يحسن الحلب والصر…. فقيل له كر وأنت حر. ولتأكيد الحرية أورد القرآن الكريم قصة فرعون في سبع وستين موضعاً في كثير منها في سياقات سياسية (ما علمت لكم من إله غيري* و(ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد) فعندما نكون أحراراً حقاً نعرف أننا عبيداً لله بيده الخلق والرزق والإحياء والإماتة فلن نخشى أي طاغية على وجه الأرض إن الأمم التي نهضت لم يحكمها طغاة ولم يكونوا جبناء يخاف الواحد من ظله كما يقولون، ولقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم على الحرية الحقيقية (تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد الخميلة تعس عبد الخميصة) ومن تربية الرسول لأصحابه أنه حدث أن ارتعد رجل في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له (هون عليك يا أخي إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) ونعرف قصة من قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (لو اعوججت لقومناك بسيوفنا ) فلم يغضب عمر ولم يعلن اعتقاله ولا سجنه ولا قتله ولكن قال (الحمد لله الذي جعل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من يقوم اعوجاج عمر بسيفة ) وعمر هو الذي قال ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
ولمالك بن نبي رحمه الله كلاماً قرأته من سنوات طويلة عن المسافة بين الحاكم والرعية أو الشعب فإن كانت المسافة طويلة ولا أقصد الاستقبالات وتقبيل الأنوف والأكتاف ولكن أن تكون المسافة الحقيقية قريبة ..
وأعتذر عن عدم قدرتي الخوض في المسائل التجريدية ولكننا إن كنا سننهض حقاً فلا بد أن نصبح أحراراً فلا يكفي أن العالم قال إنه لم يعد هناك عبودية رسمية فما أكثر العبيد في زمننا المعاصر والسلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية