مقالة عن المؤتمرات والندوات



تقديم: وجدت هذه المقالة ضمن ملفاتي وفيما يبدو أنها مليئة بالأفكار والمراجع فأرجو أن تكون مادة ممتعة للقراءة ومفيدة

      اهتم الاستشراق بعقد الندوات والمؤتمرات فقد ذكرنا أن الاتحاد الدولي للمستشرقين قد بدأ عقد مؤتمراته وندواته منذ عام 1873م وبلغت هذه المؤتمرات خمساً وثلاثين،(أعتقد وصلت الآن إلى الأربعين وربما زيادة) ولكن هناك جمعيات إقليمية ومحلية، كما أن هناك جمعيات متخصصة في مجالات محددة كالأدب العربي مثلاً أو الدراسات العثمانية وغيرها. فمن الجمعيات الجمعية الاستشراقية الأمريكية التي دأبت على عقد اجتماع سنوي هو بمنـزلة لقاء علمي. كما أن الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط تقعد مؤتمراً سنوياً تختار له موضوعاً كل عام. وهناك رابطة دراسات الشرق الأوسط التي بدأت في عقد مؤتمرها السنوي منذ إنشائها عام 1967م، وكانت موضوعاتها في البداية محددة ثم توسعت حلقات البحث حتى أصبح هذه المؤتمرات تتناول كل ما يتعلق بالشرق الأوسط. 
      وقد تناول صالح الصقري اهتمام مراكز دراسات الشرق الأوسط في الغرب بعقد المؤتمرات بقوله:"إن أبرز ما يميز مراكز دراسات الشرق الأوسط عقد المؤتمرات العلمية بشكل دوري مستمر حتى أصبحت مواعيدها ثابتة لسنين طويلة ومعروفة من قبل الباحثين…"([2])ويضيف قائلاً حول كثرتها وتعددها:"ولتعدد هذه المؤتمرات وكثرتها واختلاف مواقعها أصبح الباحث لا يستطيع المشاركة ولا مجرد الحضور، ولذلك يضطر إلى اختيار مؤتمرات معينة في السنة الواحدة."([3])

       ومن مظاهر الاهتمام رعاية الدول الغربية لها فهذه المجر حضر رئيس الجمهورية فيها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية والشمال أفريقية ، وألقى كلمة في الجلسة الافتتاحية كما حضر الحفل الذي أقيم على شرف المشاركين في المؤتمر. كما أن وزارة الخارجية السويدية تبنت عقد مؤتمر كبير لبحث قضية المسلمين في أوروبا.([4]) وقد نشرت الصحف أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعقد ندوة مفتوحة حول الحركات الإسلامية "الأصولية" في العالم الإسلامي وتدعو لحضورها عدد من الباحثين المتخصصين في هذا المجال.([5])


أهداف المؤتمرات :

وقد اهتم محمد محمد حسين بالمؤتمرات الغربية فذكر أن من أهدافها ما يأتي :

أ- إيجاد روابط وعلائق باسم الصداقة والتعاون

ب- استمرار الجهود المبذولة لهدم الإسلام أو تطويره وجعله آلة من آلات الدعاية الاستعمارية لصيانة المصالح الأمريكية والغربية

ج-إن المؤتمرات وسيلة من وسائل الاتصال القريب المباشر بالمسؤولين "يعجمون عودهم ويدرسونهم عن قرب ويختبرون مدى مناعتهم ومدى استعدادهم للتجاوب مع الأهداف الخفية للسياسة الاستعمارية كما يختبرون مواطن القوة والضعف في كل واحد منهم لمــعرفة أنجح الوسائل للاتصال بهم والتأثير عليهم..."([6])

د - ومن الأهداف التي ذكرها حسين "خدمة الأغراض الجاسوسية الأمريكية التي ترسم الخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه المنطقة."([7]) وهو ما أكده أبو القاسم سعد الله في ملاحظاته حول مؤتمرات تعقد في بلد عربي بتمويل غربي في الغالب حيث كتب يقول:"فإن فيهم [الأجانب الذين يحضرون هذه المؤتمرات] من لا صلة له بهذا الميدان ولا بالإنتاج التاريخي وإنما جاء لكي "يطلع" على ما يجري في الساحة الشرقية من آراء وأفكار، ويرصد ما في أذهان المتحدثين العرب والمسلمين من تيارات ونوايا ومخططات، ويتعرف على ما في كل بلد من هذا العالم العربي والإسلامي الممزق من أشخاص يمكن التعامل معهم والاعتماد عليهم وقت الحاجة…"([8])

      ويرى الدكتور فهد السماري أن من أهداف المؤتمرات أنها تسعى إلى توسيع نطاق حركتها لاستمرار هذا النوع من الاستشراق ونشر آرائه ووجهات نظره عالمياً، والخطوة التالية التي تخطط لها هذه المؤسسات لكي تصل إلى هؤلاء الذين يتمكنون من متابعة الفكر الاستشراقي ولكي تزيد من رقعة تأثيرها المباشر."([9])

المشاركون في المؤتمرات:

     وتناول محمد محمد حسين شخصيات المشاركين في هذه المؤتمرات فذكر أنهم يندرجون تحت التصنيفات الآتية:

1-     "قسس يحترفون التبشير"

2-     سياسيون يعملون في وزارات الخارجية الغربية

3-    الغربيون الذين يعرفون البلاد العربية.

4-   المسلمون أمريكيو الثقافة والذين لهم القدرة على توجيه التفكير في بلده فهم إما أستاذ جامعي أو رئيس تحرير أو وزير معارف.([10][11])

5- ويمكن أن نضيف–من واقع المشاهدة والمتابعة- أن بعض المتغربين أو حتى المحاربين للإسلام من أمثال نصر حامد أبو زيد ومحمد سعيد العشماوي ونوال السعداوي أصبحوا يدعون في كثير من المؤتمرات في الغرب.(*)

     ويضيف حسين إنه حين يدعى إلى هذه المؤتمرات من لا تنطبق عليه المواصفات السابقة فإنه إنما يدعى "لستر أهداف المؤتمر [المؤتمرات] ليكونوا كنماذج البائع الغشاش التي يغطي بها البضاعة الفاسدة ليوهم المشتري أن كل بضاعته من ذاك النوع الجيد وليكونوا هم العسل الذي يستعان به على إخفاء مرارة الأباطيل."([12])

المراجع

1-صالح محمد الصقري . " مراكز دراسات الشرق الأوسط في الغرب واهتمامها بالمسلمين."في الشرق الأوسط، ع (5448) ،28أكتوبر 1993.

2 -المرجع نفسه

4- الحياة، عدد (11798) 13محرم 1416هـ(11يونيه 1995م)
5- الشرق الأوسط، عدد (5637 )، 1محرم 1415 الموافق 10 يونيو 1994م.
6 -محمد محمد حسين . حصوننا مهددة من داخلها .ط5( بيروت ودمشق: المكتب الإسلامي،1398/ 1978م) ص. 30-31.

7 -المرجع نفسه.


8 - أبو القاسم سعد الله. أفكار جامحة. (الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1988)ص 260.
9- فهد السماري، " الاستشراق الأكاديمي." في المسلمون، 14/12/1410.

10- محمد محمد حسين. الإسلام والحضارة الغربية. ط5(بيروت: مؤسسة الرسالة، 1402- 1982م) ص 124-127.

11- في حديث مع مدير مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية حول من يدعى إلى المؤتمرات الغربية واقتصار الدعوات في الغالب على الذين لا يختلفون عن الغربيين في عقلياتهم وتوجهاتهم فقال دعهم في هذا الجهل فربما ليس من مصلحة المسلمين أن يعرضوا على الغربيين أفكارهم وتوجهاتهم التي تخالف الغرب الذي لا يحب سماع صوت سوى صوته.
12- حسين . الإسلام والحضارة الغربية، مرجع سابق، ص 127.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية