حوار مع ليبرالي بدون رتوش


       كنت قد كتبت مقالة عن صحيفة الكنيسة البريطانية، وعرضتها في منتدى الشبكة الليبرالية السعودية وكان هناك ردود أفعال وتعليقات، وكان أحد أصحاب هذه الردود قد تبادلت معه الكلام أو الحوار عبر ذاك المنتدى فكان ما يأتي، وأود هنا أن أوجه رسالة إلى من لا يغامر بالدخول في هذه المنتديات أن من الممكن أن يحقق الإنسان الكثير هناك في الدعوة إلى الإسلام وفي الذب عن محارمه ، وإليكم ما دار من حوار:

     الأستاذ مازن مطبقاني، يبدو أن هناك خللاً طفيفاً، دعني استوضح قليلاً، ربما وضحت لك، وربما أوضحت لي، رأيت صحيفة الكنيسة، فتساءلت: ولم لا يكون للجهات الدينية صحيفة، ثم رأيت قسيساً يرأس لجنة إعلامية، فتساءلت: ولماذا لا ننشئ لجنة إعلاميه للشورى بسبب أو من غير سبب، المهم أن ننشئها لكي نضع عليها شيخاً، مع العلم أن رئيس مجلس الشورى والسؤال عنه وعن تخصصه كان أجدى ... الشيخ صالح بن حميد كان خطيب وإمام وخطيب الحرم المكي، وهو بمثابة (رئيس الكنيسة الإنجليزية باختصار أكثر ... رئيس الكنيسة الإنجليزية هو رئيس البرلمان...تخيلها بهذه الطريقة، لا ادري هل ستقترح على أسقف كانتربري أن يرأس البرلمان البريطاني أسوة بالسعودية أيضا لا أعلم هل الأستاذ الفاضل مازن مطبقاني، جادّ في موضوعه أو هو يداعبنا ... كلما رأى شيئاً هناك أراد تطبيقه، دون النظر والخلفيات الفكرية والثقافية الحالية الحديثه وطبيعة الكنيسة الإنجليزية التي اختلف روادها على حق الشواذ في الزواج، وتلاوة الصلوات في الكنائس فيما لا يختلف اثنين هنا من "الدشير" ومتعاطين المخدرات فضلاً عن رجال الدين .. على وجوب قتل وتشويه من تسول له نفسه بالشذوذ الجنسي لم افهم مطلقاً هذاالمقال ... وأتمنى ألا افهمه، لأن فهمه كما يبدو طعن في كل "الدكاترة" ما يستوجب إعادة التفكير فيمن سلمناهم مجلس الشورى السعودي (مجلس الدكاترة )...إن كانوا يفكرون بهذه الطريقه، فعلينا السلام مقالات محمد آل الشيخ، بها منطق، وتهز أوساط حقيقية وتضيف رصيداً فكريا ويكفيه "الصحوة والصحويين"، واستغرب أن يزال تثبيت مقاله ثم يثبت هذا المقال وبعنوان رنان، ومحتوى ركيك يذكرني هذا المقال، بما فعله أنور السادات عندما أضاف الفقرة التي كانت المسمار الأول في نعشه،و كتب في الدستور أن الإسلام هو دين الدولة ومصدر التشريع، ظناً منه أن مصر مثل أمريكا، وان المسيحية الحديثة مثل الإسلام الذي لم يتطور بعد ويماشي العصر وها هي هذه الفقرة اليوم تطعن في خاصرة البلاد ما جعلتها مطية للمتخلفين والمتشددين

     وجاء ردي كما يأتي أخي الكريم سلام الله عليك ورحمته وبركاته أبدأ بملاحظتك أن هناك خللاً طفيفا تريد أن تستوضح أو إنك ستقوم بالتوضيح. فهذه مسألة مقبولة فليس لمقالي قداسة ولا الكمال ولا لكلامك ولا لكلام أحد من البشر سوى الأنبياء المعصومين. أشكرك إن وضحت لي ولكنك لم تستوضح وإنما أخطأت الفهم وشتمتني وتجاوزت حدود الأدب في النقاش والحوار، وليس هذا مما يدعو إليه الليبراليون ولا العقلاء من أي اتجاه.

ثانياً: ليست القضية أنني رأيت صحيفة الكنيسة فطالبت بصحيفة للجهات الدينية أو رئيساً للجنة الإعلام في البرلمان فطالبت بلجنة إعلامية عندنا. وأضفت أنني طالبت أن يكون عندنا لجنة إعلامية لكي نضع عليهاشيخاً يا أخي الكريم من طبيعة الباحث الذي لم يذهب إلى الغرب ليقضي وقته في الشوارع والبارات أو السهرات الملونة وإنما أدخل محل بيع الصحف فيعجبني أن أقرأ أسماء الصحف وعناوينها وأشتري بعضها لأقرأه. ومطالبتي أن يكون للجهات الدينية صحيفة حتى يتواصلوا مع المواطنين بموضوعية وعقل وأن يتعلموا فنون الإعلام، فلا بد أن يتطور الدعاة ويأخذوا بكل وسائل العصرالحاضر.

     أما حديثي عن اللجنة الإعلامية فليس للمطالبة أن ينشئ مجلس الشورى عندنا لجنة إعلامية ولكن لأقول لمن يستغرب وجود علماء الدين في تخصصات غير شرعية أو يفهموا خارج الحيض والنفاس كما يطلق على غالب مشايخنا؟ نحن نريد العالم الذي يفهم في الكيمياء وفي الفيزياء وفي علم الاجتماع وفي علم النفس. وإذا كان شيخاً ومتخصصاً في الإعلام فما العيب في ذلك. ولكن الإعلام عندنا أصبح في يد فئة واحدة وطغت عليه الشللية.

     أما كون رئيس مجلس الشورى شيخاً فأنت تعرف حدود صلاحيات مجلس الشورى عندنا وصلاحيات المجالس النيابية المختلفة في أنحاءالعالم. وابن حميد ليس (بمثابة رئيس الكنيسة الإنجليزية) وإنما هو عالم وأستاذ جامعي في مجال العلوم الشرعية. ولكن انظر إلى قائمة الوزراء هل تجد عالماً في الشريعة أصبح وزيراً للداخلية أو للخارجية أو للصناعة أو الزراعة لا في بلادنا ولا في البلاد الإسلامية الأخرى عدا الفترة القصيرة التي حكمت فيها حركة طالبان التي أتت بها أمريكا والمخابرات الباكستانية ثم حاربتها، وتعرف من اعترف بها باختصار أكثر .. رئيس الكنيسة الإنجليزية هو رئيس البرلمان ... تخيلها بهذه الطريقة، لا أدري هل ستقترح على أسقف كانتربري أن يرأس البرلمان البريطاني أسوة بالسعودية أيضا.

     أما أن يصبح رئيس الكنيسة الإنجليكانية رئيساً للبرلمان ففي تلك البلاد لو رشح نفسه للانتخابات وفاز ورشحه أعضاء البرلمان ليكون رئيساً لهم فما المانع؟ أما في المملكة فالقضية لها حسابات معينة عند الحكومة ربما يكون منها استرضاء الجانب الديني أو المؤسسة الدينية كما تسمى عند البعض، ثم ذكرت لك ما حدود صلاحيات هذا المجلس. أنا أتساءل هل يمكن أن يكون وزير الصحة شخصاً متديناً أو عالماً بالشريعة أو وزيراً للدفاع؟

     أما تساؤلك إن كنت جاداً فما أعرف نفسي أنني شخص هازل، وإنما أنا جاد جاد إلى أبعد حدود الجدية. أما مسألة التقليد فما هذا ما قصدته في مقالي ولكن قصدت نحن الذين ندعي أموراً ثم في واقع الأمر تطبيقاتنا مختلفة. وأعرف معرفة يقينية الفروق بيننا وبين الإنجليز، ولكن هناك أساسيات يشترك فيها البشر وهو الرغبة في المساواة وفي العدل وفي الإنصاف فإذا تحققت عندهم بأية نسبة فلم تغيب عنا كلية؟ وسلامي لك.

    بخصوص عدم فهمك للمقال وتمنيك أن لا تفهمه فأمر يعود لك، أما النتيجة التي وصلت إليها بأنه يطعن في كل الدكاترة فليس هذا حكم عقلي أو منطقي، فما علاقة كل الدكاترة بما يكتبه أحدهم. يسمى هذا في البحث العلمي أو في النقاش عموماً تعميمات جزافية أو كاسحة (ترجمة لمصطلح إنجليزي(

    واعتراضك على الدكاترة في مجلس الشورى فأمر آخر لن أناقشه لأنني لست معنيا في الوقت الحاضر بهذه المسألة. ولا يمكن الحكم على المجموع بسبب شخص واحد.

    إعجابك بمقالات محمد آل الشيخ أمر يخصك واستغرابك تثبيت مقالتي فأعتقد أن القائمين على المنتدى لديهم بعد نظر وسعة أفق ورحابة صدر في أنهم أعطوني الفرصة للكتابة هنا، وأحب أن أخبرك أن غيرك في المنتدى يحبون أن أكتب على الرغم من اختلافهم معي وسأقتبس عبارة لأحدهم جاءتني في رسالة خاصة حيث يقول: "أعترف لك بداية أنني قد أختلف معك في عدد من أفكارك ولكن أرجو أن تواصل كتاباتك كما تحب لا كما نحب، أرجوك ألا تتوقف عن نقد الغرب وإن كنت أعتبرهم أفضل منا خلقا وحضارة، أرجوك ... فقط لأنك شمعة هذا المنتدى ولأنك المحرك الثقافي الوحيد، وأعرف أنك لا تحب الليبرالية .. ولكنني أرى فيك بعض مثلها العليا. لا أكتب هذا الكلام مجاملة...ولكنني انبهرت من طريقة ردك المحترمة على التعليقات الاستفزازية والقليلة الأدب" .

      وهو ليس الوحيد الذي كتب لي يطلب أن أستمر في الكتابة وإليكم رده:

وأنا أوافق صاحب الرسالة الخاصة فيما رما إليه، فحياك الله أستاذ مازن في الشبكة، مع أنني اختلف معك كاملياً في الفكر، إلا أن مبدأ الإيمان بالحرية يوجب علي احترام وجودك. الليبرالية ليست عسلاً مصفى ونعيم ورخاء، بل ورشة عمل لبناء وشقاء! لذا علينا أن نتوقع منها العمل والإنتاج المكثف، لكن لا ننتظر منها الإنتاج الذي نريده فقط...بل الإنتاج الذي تريده الأوطان.

شكراً لك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية