لمحة موجزة عن كتاب الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام


بسم الله الرحمن الرحيم
ديباجة: عادة تنشر البحوث في مجلات علمية ثم تنشر في كتاب ولكن كم كنت محظوظاً أن نشر الكتاب ولا زالت البحوث في ذلك الوقت لدى المجلات وشاء الله أن ينتشر في الآفاق وبحوث الكتاب معظمها نشر في مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت وهي من أرقى المجلات العلمية الأكاديمية المحكمة، وما كتبت للترقية ولكن أداء لواجب البحث العلمي ورسالة الأستاذ وإليكم الملخص:                              

1--هل انتهى الاستشراق حقاً؟

يتكون البحث من ثلاثة مباحث هي :

1-              نهاية الاستشراق كما يراها الغربيون

2-              نهاية الاستشراق كما يراها باحثون عرب ومسلمون

3-              استمرار الاستشراق من خلال رصد بعض نشاطاته.

وتناول البحث في المبحث الأول ما كتبه عدد من الباحثين الغربيين ( المستشرقين ) عن نهاية الاستشراق أو استمراره ومبررات هذه النهاية ولماذا ظهرت فروع معرفية أخرى تهتم بشؤون العالم العربي الإسلامي. ومن الآراء التي ترى نهاية الاستشراق ما كتبه برنارد لويس مبيناً الأسباب التي حدت بالمستشرقين ترك هذا الاسم ومن ذلك أنهم رأوا أن هذا الاسم أصبح ملوثاً ولذلك لا بد من الاستغناء عنه. بينما رأى باحثون آخرون أنه لم يعد هناك استشراق بل أصبحت هناك دراسات حول الصين ودراسات حول اليابان ودراسات تتناول الشرق الأوسط ، كما أن هناك علماء اجتماع وعلماء اقتصاد وعلماء سياسة مختصون بقضايا البلاد والشعوب المختلفة.

ورأى كلود كاهن  أن للاستشراق فضل كبير على العالم الإسلامي حيث قدم للباحثين العرب المنهجية والتراكم المعرفي الذي انطلقوا منه للبحث في تاريخهم وحضارتهم وأنهم لم يكونوا ليقولوا نصف ما قالوه لولا كتابات المستشرقين.

وأكد تيرنر برايان وجوردن بروت أن الاستشراق مرّ بالفعل بأزمة ولكن المؤسسة الاستشراقية مؤسسة قوية وقادرة على الاستمرار ولذلك فإنهم استطاعوا مواصلة هذه الدراسات والبحوث في قضايا العالم العربي والإسلامي. ومن المستشرقين الآخرين الذين تناول البحث آراءهم فرانسيسكو غابرييلي ومكسيم رودنسون وألان روسيون وغيرهم.

وتناول الباحث في المبحث الثاني ما كتبه بعض الباحثين العرب والمسلمين حول نهاية الاستشراق فأشار إلى محاضرة الدكتور أكرم ضياء العمري في الجامعة الإسلامية قبل أكثر من عشر سنوات بعنوان( الاستشراق هل استنفد أغراضه؟) والتي خلص منها إلى أن الاستشراق لم يستنفد هذه الأغراض وذلك لأنه مازال يصدر مئات الدوريات وآلاف الكتب سنوياً حول العالم الإسلامي، وإنما غير الاستشراق أساليبه ومناهجه لتواكب التطورات في البحث العلمي وفي التخصصات المختلفة التي أخذ المستشرقون يهتمون بها مثل علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم السياسة وغير ذلك من العلوم.

وكتب أركون أن الاستشراق لم يظهر إلا بسبب غياب الباحثين المسلمين عن الساحة الفكرية ومازال هذا الغياب في نظره- قائماً فلا بد للاستشراق أن يستمر . بينما رأى علي حرب المتخصص في الفلسفة أن الاستشراق كان من أضعف فروع المعرفة في الغرب وهو آخذ في الانقراض كما جاء في مقالته في صحيفة عكاظ.

ويؤكد الموسوي أن موت الاستشراق لم يعن أبداً نهاية آراء المستشرقين ونتائج دراساتهم وأبحاثهم بل عادت هذه الآراء والأفكار للظهور في كتابة المختصين والمستشارين الغربيين وذكر من أمثال هؤلاء رفائييل باتاي في كتابه( العقل العربي) حيث يقول عنه:" وبتاي يمكن أن يكون نموذجاً للدارس ذي المهمة الاستشارية في تكوين السياسة إزاء المنطقة مثلاً ، فهو تتلمذ على أساتذة مستشرقين أمثال بروكلمان وشغف في بداية تكوينه بغولدزيهر ، وعاش في الأرض المحتلة" وذكر عن أنتوني ناتنج Anthony Nutting بأنه " عندما يتخلى عن التحليل أو السرد التاريخي يجد نفسه مستعيناً بثوابت السلف الاستشراقي العامة والخاصة."

2- من قضايا الدراسات الإسلامية في الغرب

          يتكون البحث من ثلاثة المباحث هي :

 1- المواد الدراسية التي يدرسها طلاب الدراسات الإسلام في أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز الدراسات العربية والإسلام في الجامعات الأمريكية .بالإضافة إلى استعراض بعض النشاطات التي تعقدها بعض الجامعات الأمريكية ومركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة لندن.

2- تمويل الدراسات الإسلام في الغرب، وهذا المبحث مهم جداً لأنه يقدم لنا  صورة عن أهمية هذه الدراسات في الغرب.

3- نماذج من الأساتذة الذين يقومون بالتدريس في هذا المجال في الجامعات الغربية.

تناول المبحث الأول المواد الدراسية التي تدرس في عدد من الجامعات الأمريكية وهذه الجامعات هي : جورجتاون بواشنطن ، وجامعة انديانا في بلومنجتون وجامعة نيويورك في نيويورك ومعهد الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز بواشنطن العاصمة.

           وقدم البحث استعراضاً للنشاطات العلمية الأكاديمية في كل من جامعة هارفارد التي تصدر نشرة كل أسبوعين عن نشاطاتها ، أما المصدر الثاني فهو نشرة تصدر عن مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن . وتتضمن بعض النشاطات في المناطق القريبة من لندن .

      وبعد أن قدم الباحث بعض عناوين هذه المحاضرات والندوات خلص إلى أن الدراسات الإسلام مازالت تتميز بما يأتي: أ- استمرار الاهتمام بالحضارات التي سبقت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مثل المحاضرات عن الفراعنة والأشوريين والبابليين والتنقيبات الأثرية للأمم السابقة.

               ب- الاهتمام بالقضايا الحساسة بالنسبة للعالم العربي مثل قضية المياه وقضايا الديموقراطية والتغيرات الاجتماعية.

              جـ- متابعة أوضاع العالم العربي السياسية والاقتصادية والفكرية مثل الاهتمام بالانتخابات اللبنانية والاستفتاء على الدستور في المغرب.

              د- الاهتمام بالإنتاج الأدبي المحظور في العالم الإسلامي وتوفير الفرص للخارجين على القيم والثوابت والمسلمات الإسلام لعرض آرائهم في الغرب.

أما المبحث الثاني فتناول فيه البحث تمويل الدراسات العربية والإسلام في الغرب فبدأ بالدراسات العربية في الجامعات البريطانية . وقد ركز البحث على الدراسات الإسلامية المعاصرة فذكر أن البرلمان البريطاني أقر مشروع إنشاء مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن لتكون أكبر مركز لدراسة الدول العربية والأفريقية ، ومنذ ذلك الحين والتعاون وثيق جداً بين الدراسات الإسلام والجامعات البريطانية .

3- المرأة المسلمة في الكتابات الاستشراقية المعاصرة.

يعد موضوع المرأة من الموضوعات الحيوية في الدراسات الاستشراقية حيث صدرت المئات من الكتب في هذا المجال وهناك رصد ببيليوغرافي جيد لهذه الدراسات . وينقسم هذا البحث إلى عدة المباحث هي :

1-              خَلْق المرأة ومكانتها بالنسبة للرجل من خلال : الزواج والطلاق والتعدد

2-              حقوق الملكية والعمل والزواج ..

3-              تحرير المرأة :إسلاميا أم علمانياً

4-              النشاطات الاستشراقية في دراسة المرأة المسلمة.

تناول المبحث الأول آراء بعض الكاتبات الغربية حول هذا المبحث ومنهن مثلاً جوديث تكر التي ترى أن الوحي غامض في مسألة خلق المرأة والعلاقة بينها وبين الرجل. كما تناول هذا المبحث أيضاً ما كتبته الباحثة باربرا ستوواسر (رئيسة مركز الدراسات العربية المعاصرة  بجامعة جورجتاون.

وتناول المبحث الثاني ما كتبته كل ممن ستوواسر حول الزوج والطلاق والتعدد وما فيه من توجيه التهم إلى الإسلام في هذه القضايا والرد عليها. كما تناول هذا المبحث مسألة الحجاب التي تعد الآن من القضايا الحساسة في بلاد الغرب وبخاصة فرنسا التي أظهرت عداوتها الحقيقية للإسلام في هذه المسألة. وقد حذت تركيا حذو فرنسا وإن كانت أشد تطرفاً في نزع الحجاب.

وتناول هذا المبحث بعض ما جاء من آراء لكاتبات عربيات مسلمات قامت اليونسكو بنشر بحوثهن في كتاب وكنّ أكثر عداوة للإسلام وشريعته وموقفه من المرأة من كثير من المستشرقات والمستشرقين. حيث دعت هؤلاء الباحثات إلى السفور وإلى الاختلاط في التعليم وفي العمل وفي شتى مجالات الحياة.

أما المبحث الثالث فتناول ما كتبته باربرا ستوواسر من تقسيم النظرة إلى المرأة في العالم الإسلامي بين النظرة المحافظة والنظرة الداعية إلى التجديد مع المحافظة على القيم الإسلامية كما تناول المبحث دعاة التحديث الذين لا يستندون إلى الكتاب والسنّة أو التمسك بثوابت الأمة ومن هؤلاء محمد أحمد خلف الله وقاسم أمين وسعد الدين إبراهيم وغيرهم.

وتناول المبحث الرابع النشاطات الاستشراقية والدراسات الميدانية وتمويل هذه الدراسات.بالإضافة إلى الاهتمام بالكتابات العربية الإسلامية التي تقلد الآراء الاستشراقية وتهتم بها المراكز الاستشراقية ومراكز البحوث والجامعات الغربية. وقد رصد الباحث عدداً من المؤتمرات والندوات والنشرات والنشاطات المختلفة.

4-الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة:

          ينقسم البحث إلى خمسة مباحث تسبقها مقدمة ويقفوها خاتمة أما المباحث الخمسة فهي:

1- حقيقة اهتمام الغربيين بالأدب العربي ، 2- القيم والأخلاق التي يهتم بها الاستشراق في الأدب العربي الحديث.،3- اللغة العربية والشعر الحر، 4- صور من اهتمام الغربيين بنماذج من الأديبات والأدباء العرب. 5- محاولة لرصد بعض المؤتمرات والندوات حول الأدب العربي الحديث.

يبدأ البحث بمقدمة تناولت الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديـث وما يراه عدد  من الباحثين أن الغرب لا يهتم حقيقة بالأدب  العربي الحـديث ، وأن معظم الاهتمام الاستشراقي هو بالأدب العربي القديم. وأشار البحث إلى رأي الدكتور عاصم حمدان في أن الاهتمام بالقديم إنما كان

بسبب أن الأدب يمثل فكر الأمة وتطلعاتها وشـخصيتها وهويتها . وقد كان الأدب العربي ملهماً لكثير من الأدباء والشعراء الغربيين في كتاباتهم ومن هؤلاء تشوسر صاحب قصص الكانتربري ودانتي وجوته وغيرهم. أما عندما أصبحت كثير من الكتابات الأدبية العربية المعاصرة نسخة مشوهـة من الأدب الغربي أساليب ومناهج وقيماً وغير ذلك. وبخاصة في مجال النقد الأدبي الذي طغت عليه المدارس الأجنبية فقد قلّ الاهتمام أو لم يجد فيه الغرب الشخصية العربية الإسلامية المتميزة التي كانت تميز الأدب القديم.

          ولكن الباحث يرى أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث ليس قليلاً أو محدوداً ولكن هذا الاهتمام اختياري وانتقائي ومتحيز لنماذج معينة من الأدب العربي. والدليل على ذلك أن جائزة نوبل ذهبت لنجيب محفوظ على روايته ( أولاد حارتنا) ولموقفه من عملية السلام مع اليهود .

5-مؤتمرات الغربيين حول الدراسات الإسلامية

    وقد كان هذا البحث يتكون من ثلاثة مباحث : المبحث الأول حول اهتمام المستشرقين بالمؤتمرات منذ المؤتمر الدولي لاتحاد المستشرقين الذي عقد في باريس عام 1873وتناول هذا المبحث نوعية المشاركين في المؤتمرات وتمويلها. كما تناول أيضا المشاركة العربية الإسلامية في هذه المؤتمرات. وكان المبحث الثاني حول المؤتمرات العامة ومنها مؤتمرات الاتحاد الدولي للمستشرقين الذي بدأ عام 1873 وعقد مؤتمره الخامس والثلاثين في بودابست بالمجر. ومن المؤتمرات العامة أيضاً مؤتمرات رابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية وكذلك جمعية دراسات الشرق الأوسط البريطانية. ومنها أيضاً المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين الذي عقد في ليدن بهولندا.

وكان المبحث الثالث حول المؤتمرات المتخصصة وقد قدم البحث نماذج من المؤتمرات حول اللغة العربية والأدب ومؤتمرات حول المرأة المسلمة ومؤتمرات حول القضايا السياسية ، ومؤتمرات حول الإسلام والغرب وكذلك الإسلام والمسلمين في الغرب.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية