زيارتي الكندية قبل أعوام

      في أثناء زيارتي لكندا قبل عدة سنوات حرضت على جمع عددٍ من القصاصات الصحفية ومن بعض الصحف البريطانية عن قضايا رأيت أنها مهمة، كما كان لي لقاءات في جامعة مونتريال (أكبر جامعة كندية باللغة الفرنسية) وجامعة ماقيل McGill أقدم جامعة باللغة الإنجليزية في مقاطعة الكويبك (تغلب عليها الفرنسية) . وقد كتبت بالأمس مقالة عن مجريات آخر يوم من زيارتي لكندا ولكن عندما أردت تحميلها عاندني الإنترنت ومسحها، وها أنا اليوم أكتب في صفحة الكتابة العادية (وورد) ثم سأنقلها إليكم إن شاء الله.
أما مجريات آخر أيام زيارتي (كنت سأقول اليوم الأخير في كندا، ولكني فضلت أن أغير الصيغة لرغبتي ألا يكون اليوم الأخير هناك، فأعتقد أن لدي مهمات لم تكتمل بعد)
على السابعة صباحاً توجهت إلى مطعم قريب من الفندق وطلبت إفطاراً يتكون من العجّة مع الخبز الفرنسي (ليس لديهم أزمة دقيق) ولما رأيت محتويات العجة فإذ بقطع من اللحم، وكان من الصعب فصل اللحم عن البيض فسألت عن نوع اللحم فقيل إنه (الهام) أي الخنزير فقلت لها أنا لا أكل الخنزير، فأخذت الصحن وعادت بعد قليل بطعام ليس فيه لحوم.
وعلى الساعة التاسعة جاء البروفيسور باتريس برودور (أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة مونتريال) استضافته السفارة الكندية لإلقاء مجموعة من المحاضرات في كل من معهد الدراسات الدبلوماسية وفي جامعة الملك سعود وفي مركز الملك فيصل حيث قمت بإدارة المحاضرة وتقديم ترجمة لها، وقد سرّ بالترجمة وكذلك الحضور (ويشهد بذلكم  الدكتور محمد الهدلق والأستاذ بشير)  فقمت بجولة معه على الجامعة وقابلت عميد كلية دراسات علوم الأديان، وقابلت قسيساً إفريقيا من الكونجو وتحدثت مع البروفسور برودور عن بعض المشروعات العلمية وحدثته عن المؤتمرات وتقويمي لها فقال إنه هو نفسه يشعر إن المؤتمرات حول الإسلام والمسلمين فيها الكثير من العيوب.


ثم زرت جامعة ماقيل حيث دخلت المكتبة فرأيت أكثر من رف لكتب طه حسين وما كتب عنه، فتعجبت هذه العناية بطه حسين، ولو كان لدي وقت أطول لشاهدت اهتمامهم بمحمد شكري وعبده خال وغيرهم والمصائب كلها.  ولقيت البروفسور روبرت وسنوفسكي Robert Wisnovsky مدير معهد الدراسات الإسلامية وتحدثنا عن تدريس الإسلام في الجامعات الغربية والتعاون العلمي، وقد امتدح مدير جامعة الإمام السابق وبخاصة أنه أرسل أحد الطلاب للحصول على الدكتوراه من ماقيل وهو الدكتور فهد الحمود وكيل عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام حالياً. ولكن الاتفاق توقف بعد مغادرة السالم لإدارة الجامعة.  فكرت في أن من المهم أن يكون لدينا طلاب دكتوراه في الجامعات الغربية أولاً لتعلم اللغة وثانياً للاطلاع على هذه الجامعات وبرامجها من الداخل، ولو ذهب الطالب بعد الماجستير وكان لديه علم شرعي طيب لاستطاع أن يؤثر في تلك الجامعات. واقتراحي ألا يذهب إلاّ الطالب المتمكن القوي في دينه وعقيدته.
وزعموا أنهم أنشأوا أول معهد للدراسات الغربية ولا أدري أين مقره ولكن له واجهة عربية إسلامية وبخاصة أن أحد المدراء أو الرؤساء يتبع جامعة الإمام وكان مسؤولاً فيها. ولكن تحيط بالمعهد الشبهات ومنها أنهم يغروا الشباب العربي المسلم ليذهب إلى الغرب بحجة معرفة الثقافة والحضارة الغربية، فهل هذا حقاً ما نريد من دراسة الغرب؟ لا زالوا هم المسيطرون.
وحصلت على نسخة من دليل الرسائل العلمية التي أنجزت في الجامعة منذ عام 1954 حتى عام 2002م ولديهم دليل أحدث ولكن لم يجد نسخة منه ووعد بإرسال نسخة فيما بعد.
غادرت جامعة ماقيل إلى الفندق لأرتب إخراج عفشي من الفندق حيث إن الرحلة في المساء على الساعة الثامنة إلاّ ربع وهي رحلة من مونتريال إلى لندن ثم من لندن إلى الرياض. وتصل الرحلة إلى لندن على الساعة السابعة والربع صباحاً و عليّ الانتظار في مطار لندن حتى الرابعة عصراً لأواصل الرحلة على الخطوط السعودية.
 وفي المطار وجدت شاباً سعودياً كان يدرس الهندسة الطبية في كندا ولكن لم تعجبه الدراسة فهو ذاهب إلى كندا بعد الظهر قريباً من موعد رحلتي إلى كندا فكان لطيفاً أن نتحدث طويلاً لأنقل له خبراتي ومعلوماتي وأتعرف إلى مجال عمله والبعثة التي حصل عليها. وبعض ما يواجهه الشباب. ومما ذكره لي أنه نادم أنه لم يتزوج فأرجو الله أن ييسر له الزواج بسرعة فالمغريات كثيرة وأحياناً تكون كارثة على حياة الشاب إن لم يكن محصناّ حقيقياً.
ومن الطرائف في أثناء رحلتي إلى كندا أنه جاءتني اتصالات عديدة وهذا يحدث في السفر أن تأتيني دعوات لحضور مؤتمرات أو المشاركة في نشاطات معينة. فاتصلت بي صحفية من جريدة الوطن للتحدث عن المقاطعة فقلت لها إن المقاطعة أمر جيد أما تأثيرها فلا أعرف عنه وإنما يمكن أن يتحدث عنه الاقتصاديون، ولنتذكر أن وسائل حرب الهند لبريطانيا في الاستقلال أن غاندي قال لهم هذه معزتي أتغذى من لبنها وألبس من صوفها وآكل من لحمها فلست بحاجة إلى منتوجاتكم، فكان هذا من أول من قام بالمقاومة السلمية. ولكني أتصور أننا بحاجة إلى أن نصل إلى الدنمرك وغيرها من شعوب العالم وبخاصة الغرب بأن يتصل علماء من عندنا يفهمون العقلية الغربية ويستطيعون أن يتحدثوا إليها بلسانهم أو ألسنتهم وبأسلوب علمي منطقي عن الإسلام وعن الرسول صلى الله عليه وسلم. أما ما يحدث أن يذهب كبار الدعاة للحديث إليه ويتم ترجمة ما يقولون فإني لا أرى أن هذا سيكون مؤثراً، نحن بحاجة إلى الوصول إليهم في جامعاتهم وفي إعلامهم وفي مدارسهم الثانوية وفي نواديهم.
واتصل بي الدكتور خالد الدريس لتسجيل حلقات حول الاستشراق المعاصر لقناة طيبة التي ستبث قريباً إن شاء الله ، وقال كلما اتصلت بك وجدتك مسافراً ففي أي مكان أنت، قلت في كندا، فقال وما عدد هذا المؤتمر في سلسلة المؤتمرات التي حضرتها، قلت له قل ما شاء الله أولاً ثم أقول لك.
         وجاءتني رسالة من رابطة العالم الإسلامي حيث سيكون موضوع مؤتمر مكة هذا العام الذي يعقد في موسم الحج بعنوان (التعريف بالإسلام في الغرب) وهذا موضوع مهم جداً وطلبوا مني اقتراح أسماء للمشاركة وسأقدم لهم إن شاء الله بعض الأسماء ولكن اصطدمت رغبة رئيس اللجنة العلمية بدكتاتورية لدى الرأس الكبير، فعندما عرضت عليه الأسماء تم استبعاد اسمي لأني لا أوافق مزاجه.
وقد تحدثت مع البروفسور برودر ومع مدير معهد الدراسات الإسلامية في جامعة ماقيل وهما مهتمان بالأمر وأعتقد أن المؤتمر سيعقد خارج حدود الحرم ومن المناسب أن يحضر بعض هؤلاء لأنهم يقومون بمثل هذه المهمة، وجميل أن نبين لهم وجهة نظرنا في طريقتهم في تدريس الإسلام.







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية