القضايا الإسلامية في الإعلام الغربي


        تقديم: هذا في الواقع موضوع قديم وأتمنى لو كانت هناك رسائل ماجستير ودكتوراة ترصد هذه الإذاعات الأجنبية والعربية التي تعد أسوأ من المحطات الأجنبية ليس للدراسة الأكاديمية البحة ولكن لتنبيه الشعوب من الوقوع في فخ وسائل الإعلام هذه.


تقدم هيئة الإذاعة البريطانية الناطقة باللغة الإنجليزية بتقارير يبعثها مراسلو الإذاعة أو مراسلاتها لإطلاع مستمعيها على الاتجاهات الفكرية والمشكلات في لبلاد المختلفة.

      وقد بعث مراسلة الإذاعة  (لم استطع النقاط اسمها) في القاهرة تقريرا بعنوان   ((حالة طلاق في مصر))، وكان هذا يوم الخميس الثاني عشر من شهر جمادى الآخرة عام 1411هـ ذكرت فيه أن مجموعة من المحامين المنتمين للحركة   ((الأصولية))  رفعوا إلى المحكمة طلبا بتطليق الدكتور نصر حامد أبو زيد من زوجه لأنه في نظرهم خرج من الإسلام في آرائه التي طرحها تنتقد نصوص القرآن الكريم. وذكرت المراسلة أن عقوبة المرتد القتل.

     وتساءلت المراسلة هل أقدم هذا الأستاذ الجامعي بالفعل على سب الإسلام والانتقاص منه، وأوردت دفاعه الذي جاء فيه أنه مسلم وأنه أفضل من الذين انتقدوه.

    ولم تنس المراسلة أن تذكر تصدي مجموعة من المحامين بلغوا أربعة عشر محاميا للدفاع عنه، ولكنها أوردت رأيا مفاده بأن القضية ليست مهمة في حد ذاتها لكنها خطيرة لما تمثله من صراع بين ((الأصولية)) والعلمانية. وبررت ذلك بان خسارة محامي الدكتور أبو زيد ستكون ذات نتائج بعيدة فإنهم لو خسروا فلن يكون لأحد حماية. وهذا ما دفع كثير من الكتاب إلى التوقف عن الكتابة عن الإسلام وأشارت إلى ما حدث للكاتب فرج فوده الذي وصفه بأنه كاتب لامع وبارز.

    ولم يفت المراسلة أن تشير إلى اهتمام الحكومة بالإسلام وذلك بزيادة البرامج الدينية في وسائل الإعلام المختلفة.

    ولا بد من التعليق على تقرير هذه المراسلة من عدة جوانب، أولها أن المراسلة أهملت خلفيات الصراع الذي يدور حاليا في جميع أرجاء العالم الإسلامي  (تقريبا) بين فئة من أساتذة الجامعات والكتاب والمتسنمين منابر الفكر والرأي انحرفت في فهمها للإسلام عقيدة وشريعة وراحت تبث عير وسائل الإعلام المختلفة آراء واجتهادات تخالف الإسلام. فكان لا بد من التصدي لهؤلاء بجميع الوسائل المتاحة.

          فالمراسلة هنا زعمت أن أبا زيد أستاذ الأدب لم يقدم على أمر ذي بال إنما هي اجتهادات وتطوير في فهم النصوص الإسلامية التي تتمسك الحركة الإسلامية ((الأصولية)) بفهم قديم لها. وإذا كان وقت التقرير ومدته لا تسمحان للمراسلة أن تسترسل في طرح الموضوع فكان الأولى بالإذاعة إذا شاءت أن تحترم مستمعيها أن تفسح  له وقتا أطول وتعرض وجهات النظر المختلفة.

      أما الأمر الثاني فإنه المراسلة فسحت مجالا أكبر في تقريرها لإيراد وجهات نظر الأستاذ الجامعي صاحب الآراء المحاربة للإسلام ومؤيديه ومن ذلك تخوفهم من ازدياد اهتمام الحكومة بالإسلام عن طريق إعطاء البرامج الإسلامية وقتا أطول في وسائل الإعلام بزعم الحكومة أنها مسلمة. ولكن المراسلة هنا أهملت كليا وجهات نظر الإسلاميين الذين يرون أن المسألة ليست عدة برامج تقدم بعض الأحاديث الجامدة عن الإسلام أو الفتاوى ثم تطفي العلمانية على هيكل البرامج.

      ويبرع مراسلو هيئة الإذاعة البريطانية -غالبا - والإذاعات الغربية الأخرى في تبني الدعوة إلى حرية الرأي التي يجعلون ضحاياها هم أصحاب الفكر  ((التنويري)) العلماني. وهذا هو ما فعلته وسائل الإعلام الغربية في الدفاع عن سلمان رشدي وعشرات النماذج الأخرى التي تهاجم الإسلام في كل أنحاء العلم الإسلامي.

       ولم تنس المراسلة أن تضفي على الموضوع مسحة من العاطفة حين أوردت رأي زوجة نصر حامد أبو زيد بأنها تقف إلى جانب زوجها ولا تريد تركه، ولكن هؤلاء الإسلاميون يريدون التفريق بينها وبين زوجها.

      ولا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض وسائل الإعلام الغربية الموجهة للعالم الإسلامي أو المواجهة باللغات الأوربية دون أن تتناول قضية من قضايا الإسلام والمسلمين ومن ذلك في الأيام القريبة - قوة الإسلام المتنامية في إندونيسيا، ولمشروع الماليزي تطبيق الشريعة الإسلامية وغير ذلك.

       إننا لسنا بحادة فقط إلى رصد هذه الوسائل فلا بد أن نسرع في أخذ المبادرة لتكون نحن الذين نقدم قضايا إلى الرأي العام العالمي فمن العيب أن يظل الأمور تقضي ونحن غياب!!



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية