"المدينة "تجاوزت الستين ربيعاً


                                      بسم الله الرحمن الرحيم


                  
          قبل أربع سنوات بلغت هذه الصحيفة ( المدينة المنورة ) الستين من عمرها المديد وكان من المقرر الاحتفال بهذه المناسبة وكنت قد كتبت مقالة أتناول هذه المناسبة ولكنها لم تنشر فهل ستحتفي صحيفتنا بهذه المناسبة وبخاصة أن رئيس التحرير السابق الأستاذ أسامة السباعي قد كتب حول هذه المناسبة أكثر من مرة؟

          وأود أن أبدأ بالتساؤل لماذا لم تنل هذه المناسبة اهتماماً أكبر؟ هل أعدّت الصحيفة المواد الدعائية الخاصة؟ أين الصفحات الكاملة والاستطلاعات للقراء وبخاصة كبار السن -من الشباب فوق الأربعين- الذين عاصروا الجريدة سنين طويلة ليتحدثوا عن ذكرياتهم مع الجريدة؟

          كانت هذه الجريدة وما تزال معلماً بارزاً من معالم الحركة الفكرية والثقافية في بلادنا، وقد  قدّمت هذه الصحيفة نخبة من الكتّاب والصحافيين. فأين رسائل الماجستير والدكتوراه حول الصحافة المحلية؟ فكم من كتابات ظهرت على صفحات المدينة المنورة تحتاج إلى مجلدات ،وفيها علم غزير ورصد للحركة الفكرية لمدة تزيد عن نصف قرن.

          وفي مناسبة كهذه أتقدم ببعض الاقتراحات التي أرجو أن تجد القبول من لدن المسؤولين عن الصحيفة ومنها على سبيل المثال: الحديث عن مؤسسَي الجريدة الأستاذين علي وعثمان حافظ - رحمهما الله تعالى- وجهودهما في إصدار الجريدة بإمكانات متواضعة. وحبذا لو قام مركز المعلومات بتقديم ملخص لكتاب الأستاذ عثمان حافظ .ومن الاقتراحات أيضاً إجراء الحوار مع الأساتذة الذين تولوا مسؤولية رئاسة التحرير في الجريدة. وكذلك مدراء التحرير واختيار نخبة من رواد الفكر والثقافة للحديث عن هذه المناسبة.

          ومن الموضوعات التي أرجو أن تنال الاهتمام إعداد رصد ببليوغرافي لكتاب الجريدة منذ تأسيسها، وبخاصة الكتاب الذين أثرت كتاباتهم الساحة الثقافية ومن هؤلاء أمين الرويحي -رحمه الله تعالى- صاحب صفحة أبو حياة والناس الذي كان يكتب في النقد الاجتماعي. ومن الذين يستحقون الوقوف عند جهودهم طويلاً الأستاذ سباعي عثمان رحمه الله ،وقد قرأت في ملحق الأربعاء (30محرم1416) بعض ذكريات الأستاذ محمد أحمد الحساني عن الأستاذ سباعي، ومما يعرف عن الأستاذ سباعي رحمه الله أنه كان يتولى تشجيع المواهب ويأخذ بيد الكتاب الشباب.

          ومن الأمور التي يحق لهذه الجريدة أن تفخر بها وتعتز استكتابها للشيخ أحمد محمد جمال رحمه الله الذي كان يتولى تحرير صفحة كاملة كل أسبوع بعنوان ( من الجمعة للجمعة) بالإضافة إلى زواياه المختلفة التي كانت تنشر بصفة شبه مستمرة في هذه الجريدة. ومن الكتاب الأفاضل الذين يستحقون الذكر الأستاذ صالح محمد جمال رحمه الله، وغيرهما. ومن الكتاب الذين يستحقون الذكر الأستاذ محمد صلاح الدين الذي يعد عموده (الفلك يدور) بحثا عميقا في مساحة قصيرة ،وهو يثير من القضايا التي لا يدركها كثير من الناس. وأتساءل متى نجد هذه المقالات مجموعة في كتاب أو عدة كتب فإنها تستحق ذلك. وقد شرعت الجريدة في هذه المشروع ولعلهم يستأنفونه بهذه المقالات الرائعة.

          وللجريدة ريادتها في إصدار الملاحق الأدبية والثقافية المتخصصة منها ملحق (ألوان من التراث) الذي بدأ قبل إحدى وعشرين سنة يشرف عليه منذ بدايته وحتى اليوم العالم الفاضل المجتهد الأستاذ الدكتور محمد يعقوب تركستاني . ويشترك الدكتور التركستاني مع سباعي عثمان في تشجيع أصحاب الأقلام على المشاركة في الكتابة.

          إن الحديث عن هذه المناسبة يتطلب العودة إلى موزعي الصحف في مناطق المملكة المختلفة والبحث عن قدامي القراء. ولا بد أن أذكر منهم العم مهدي عسيري أحد موظفي إدارة الشرطة في المدينة المنورة الذي كان إذا سافر صيفا إلى عسير كلّفني بشراء أعداد جريدة المدينة وغيرها من مكتبة ضياء بالمدينة، (قبل ثلاثين سنة تقريباً) وكانت المكتبة الوحيدة لتوزيع الصحف والمجلات في المدينة المنورة.

          ومما يستحق التذكر في هذه المناسبة المعارك الفكرية الكبرى التي كانت المدينة المنورة والصحف المحلية الأخرى ميداناً لها ومنها على سبيل المثال: معركة جيم جدة وجيم جازان، والتي شارك فيها علماء أفاضل منهم الأستاذ عبد القدوس الأنصاري رحمه الله والشيخ حمد الجاسر وغيرهما.

          رحم الله المؤسسين وبارك الله في جهود النخبة القائمة على الجريدة .



ملحوظة: كتبت هذه الكلمة قبل أربعة عشر عاماً يعني أن الجريدة صار عمرها  74 سنة ، وما علمت أن الجريدة احتفلت مع أن تقدير السابقين يدل على وعي وفهم الحاليين فهل يعوون؟ 







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية