الإجابة عن أسئلة مجلة منبر الداعيات - مجلة تصدر في لبنان




السؤال الأول :ترحب بك "منبر الداعيات" بهذا اللقاء معك راجية أن يكون افتتاحه نبذة عن بطاقتك الشخصية.

الجواب الأول: مازن صلاح مطبقاني ولد في الكرك بالأردن سنة 1369هـ الموافق 1950م ، ومن سكّان المدينة المنورة حالياً، حصلت على أول درجة دكتوراه يمنحها قسم الاستشراق- وهو القسم الوحيد في العالم الإسلامي- عام 1414هـ  (1994م) حول المستشرق برنارد لويس، وكان اهتمامي قبلها بتاريخ الجزائر الحديث حيث أعددت رسالة ماجستير حول جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية. ثم أكرمني الله عز وجل بالكتابة عن عالم الجزائر الكبير الشيخ عبد الحميد بن باديس في سلسلة أعلام المسلمين التي تصدر عن دار القلم بعنوان ( عبد الحميد بن باديس العالم الرباني والزعيم السياسي) (رقم 28 في السلسلة)

          مارست الكتابة الصحفية عدة سنوات بمقالة أسبوعية في صحيفة المدينة المنورة ، كما كتبت فترة من الزمن مقالات يومية، وكتبت لغيرها من الصحف. ولي عدد من المؤلفات في مجال الاستشراق ، والترجمة من الإنجليزية إلى العربية.

أعمل حالياً أستاذاً مشاركاً في قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة. وأشرف على مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق الذي قمت بتأسيسه في رمضان من عام 1420هـ(ديسمبر 1999م)

السؤال الثاني : نعلم أن الدكتور له اهتمام بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكتب في هذا الموضوع، السؤال هو: كيف تقارب بين الدور الذي لعبته الجمعية في توعية المسلمين وتثقيفهم وإعادة الهوية الحضارية لهم بل قيادتهم في ساحة الجهاد وبين حاجة الساحة الإسلامية اليوم؟ وهل ما زال هذا النمط صالحاً لتأدية دور ريادي للأمة؟

الجواب الثاني: إن الأسباب التي أدت إلى قيام جمعية العلماء المسلمين وهي مواجهة المكر والتخطيط والتدبير الفرنسي لمحو الشخصية العربية الإسلامية للجزائريين، وكانت فرنسا توشك أن تحتفل بمرور مائة سنة على احتلالها للجزائر وقد أعلنت بصراحة أن الجزائر بعد مرور مائة سنة من الاحتلال لم تعد بلداً مسلماً فالقرن الثاني سيجعل منها نصرانية إلى الأبد ولن تقوم للهلال قائمة. وشاء الله أن تنشأ جمعية العلماء لتقف في وجه هذا المخطط الماكر وتنجح بحمد الله عز وجل أيما نجاح.

ونحن في هذه الأيام نواجه الحرب نفسها ضد الهوية العربية الإسلامية بل إن حرب اليوم أشد وأعتى  وذلك لأن الحرب الحالية تستخدم وسائل جديدة ومنها وسائل الإعلام الحديثة الأكثر تطوراً واتساعاً وقوة وانتشاراً. نعم نحن بحاجة لجمعيات علماء لكل بلد عربي مسلم تسعى إلى نشر الهوية العربية الإسلامية وتيعلم هذا الدين كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما طبقه السلف الصالح رضوان الله عليهم كما قال صلى الله عليه وسلم ( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيع عنها إلاّ هالك) فمن لنا بجمعية كجمعية ابن باديس رحمه الله.

أما السؤال عن نمط الجمعية وهل هو صالح لتأدية دور ريادي للأمة فأقول إن أنماط العمل تختلف من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان، فما صلح في عام 1931  في الجزائر ربما لا يصلح لعام 2002 بتفاصيله الدقيقة. ولكننا يمكن أن نستلهم تجربتهم ونفيد من وسائلهم أما أن نبقى على الطرق التي عملوا بها فأمر صعب لأن الزمن تغير والظروف العالمية تغيرت.

السؤال الثالث:نرجو أن تعرّف القارئات بمركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق الذي تشرف عليه؟


الجواب  الثالث :قبل عشرين سنة تقريباً تأسس قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة هدفه التعريف بالكتابات الاستشراقية حول الإسلام والمسلمين ومحاولة الرد عليها، ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن. وكانت طموحات القسم كبيرة في ابتعاث عدد من الطلاب لدراسة اللغات الأجنبية والمشاركة في المؤتمرات والندوات وعقد المؤتمرات والندوات في القسم، وكانت الطموحات أكبر بكثير من الإمكانات التي أتيحت للقسم، ورغم أن البداية كانت قوية جداً لكن تغير إدارات الجامعة والأشخاص أدى إلى برود في دعم القسم حتى توقف برنامج الماجستير في القسم قبل أربعة أعوام.


ولما كنت أول حاصل على درجة الدكتوراه في القسم وكان لي بعض النشاط في حضور المؤتمرات والندوات في أوروبا وأمريكا وبعض الدول الإسلامية فقد رأيت أن الإنترنت وسيلة ممتازة لنشر الفكر والدعوة إلى الله عز وجل ، فقررت إنشاء المركز كموقع على الإنترنت في البداية لينطلق بعدها بإذن الله ليعمل في الواقع.

والمركز في الحاضر يحاول الاطلاع على الكتابات الاستشراقية ويشارك في المؤتمرات والندوات ويقدم المحاضرات، كما أن له نشرة شهرية تقدم معلومات مهمة عن الاستشراق من خلال الأبواب الثابتة للنشرة والتي يؤمل أن تصبح أول مجلة عربية تتناول علم الاستشراق في الغرب.

ومن اهتمامات المركز قضايا المرأة المسلمة واهتمام المستشرقين بها، وكذلك تقديم الصورة الواقعية الصحيحة عن المرأة الغربية حتى لا تخدع المرأة المسلمة بالدعوات الضالة حول ما يزعم أنه تحرير المرأة..

ويقدم المركز إجابات عن عدد كبير من الأسئلة التي تتبادر إلى الذهن حول الاستشراق والمستشرقين وكذلك حول الاستغراب وعن الإسلام والغرب وغيرها من أقسام المركز.

السؤال الرابع:هل –برأيك- يساهم المركز وأمثاله من المراكز الثقافية في يقظة ثقافية لعقل الأمة مما يأخذ بيدها نحو التحرر من التبعية والارتهان الفكري؟

الجواب الرابع :لقد أنشئ المركز لهذا الهدف ومن المؤمل أن يسعى إلى تحقيقه بإذن الله، فإذا كان عدد زواره خلال السنتين الماضيتين زاد على الأربعين ألف زائر مع العلم أن بعض الزوار ينقل المادة العلمية ويقوم بتوزيعها على آخرين فيكون عدد الزائرين أكثر من ذلك بكثير.

ثم ما الهدف من أي نشاط دعوي إلاّ الدعوة إلى التحرر الحقيقي من التبعية والارتهان الفكري. لقد أنزل الله عز وجل إلى هذه الأمة  خاتم رسله وأفضل كتبه والمهيمن على الرسالات السابقة أليس من العيب أن نكون مرتهنين فكرياً لغيرنا؟

وأنا مطمئن والحمد لله إلى أن المراكز الثقافية الأخرى تقوم بدور فعّال وكبير في سبيل هذا الهدف وأذكر هنا حديثاً للرسول صلى الله عليه وسلم أوجهه لك صاحب دعوة أنه ليس مكلفاً بالنتائج وهذا الحديث هو قوله صلى الله عليه وسلم ( إذا قامت القيامة وكان في يد أحدكم فسيلة فاستطاع ألاّ تقوم حتى يغرسها فليفعل) وإن الجهود الإسلامية بخير والحمد لله ونحن بحاجة إلى تعاون أكبر وتكاتف ولنتذكر قول الحق سبحانه وتعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وقوله عز وجل ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)

 السؤال الخامس:من المشاهد على الساحة الفكرية الإسلامية أن هناك تجاذباً بين نوع نستطيع أن نسمّيه" ثقافة الاستعلاء" أي على ثقافة وقيم الجاهلية المعاصرة، ونوع آخر أصدق تسمية له هي "ثقافة الاستخذاء" التي تتسم بعقدة النقص تجاه الفكر الوافد وتظهر في ليّ أحكام الإسلام لتُرضي المزاج الغربي. من خلال تجربتك  الثقافية أي الثقافتين أشد أصالة وأجدى عاقبة؟

الجواب الخامس :اسمح لي أن أختلف معك في هذه التقسيمات فثقافة الاستعلاء الحقيقي هي التي تستعلي بالإيمان بالله عز وجل والإيمان بهذا الدين العظيم، فالذي يتمسك بهذا الدين إنما هو الذي يستعلي بالإيمان، أما الاستعلاء بالجاهلية المعاصرة، فإنما هو استعلاء فارغ ، وهو الاستعلاء الذي أعلنته أوروبا على العالم منذ خرجت في حملات الاحتلال للعالم كله وزعمت أن رسالة الرجل الأبيض تحضير الشعوب الأخرى مع أن الغرب أكثر همجية وتخلفاً من بعض القبائل التي لا تزال تعيش في الأدغال ورحم الله سيد قطب الذي تحدث عن بعض مظاهر الحياة في أمريكا وما تتصف به من عنف ووحشية وقسوة وجبروت مثل كرة القدم، والمصارعة، ومصارعة الثيران في إسبانيا كذلك.

أما الاستخذاء فينطبق على فريق من المسلمين الذي يجهلون هذا الدين العظيم أو يفهمونه فهماً خاطئاً وانبهروا بما في الغرب من قوة مادية واقتصادية ومظاهر حضارية فظنوا أن هذه هي الحضارة الحقيقية فأخذوا يتملقون هذه الثقافة والحضارة.

فنحن المستعلون بإيماننا الذين ينبغي عليهم أن يكونوا كما قال الله عز وجل فيهم ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)

السؤال السادس:المعركة الفكرية-برأيك- ستُحسم لمصلحة أي من الثقافتين؟ وهنا يأتي سؤال آخر: ما هي آليات إشاعة "ثقافة الاستعلاء"؟

الجواب السادس: لا شك أن النصر سيكون حليف ثقافة الاستعلاء الحقيقي الذي ينطلق من الكتاب والسنّة، ولكن مثل هذه المعركة ليست معركة سهلة وطريق الدعاة إلى الله عز وجل ليست طريقاً مفروشاً بالورد والرياحين، والله عز وجل من سننه الابتلاء ( ليميز الخبيث من الطيب) أما الآليات فأمر يصعب على شخص واحد أن يضعه وحبذا لو كانت في الأمة عقول تفكر وتبدع جماعياً ولكني سأحاول الإجابة عن السؤال بالقول إن عملية إشاعة ثقافة الاستعلاء يمكن التوصل إليها من عدة طرق أولها التعليم العام، فالأمم التي تريد الرقي الحقيقي تبذل الجهود الحقيقية في تربية الناشئة أكثر مما يبذل في تزفيت الطرق وتعبيدها أو إقامة ناطحات السحاب ونحن لا نجد المدارس الكافية أو المناسبة لأبنائنا وأذكر كتاباً صغيراً في حجمه كبيراً في أهميته وموضوعه وهو ( أين محاضن الجيل المسلم؟) للشيخ يوسف العظم مدير مدارس الأقصى بالأردن حيث تحدث عن المدارس التبشيرية التي تجذب أبناء المسلمين بينما المدارس الإسلامية متردية في شكلها ومضمونها.

 والأمر الثاني الاعتناء الحقيقي بأساتذة الجيل الجديد كيف يتم تكوينهم فإلى متى يتم إرسالهم إلى الجامعات الغربية للتحصيل العلمي في مجال حيوي كالتربية أو الجامعة الأمريكية في بيروت التي تفخر بأن أبرز القيادات التربوية في العالم العربي والإسلامي كانوا من خريجيها.

والاستعلاء الحقيقي يكون حينما يكون العلماء هم قادة الأمة الحقيقيين لا عندما يكون العلماء أصحاب الأدوار الثانوية في الأمة. إن الأمة لم تتخلف ولم تتأخر إلاّ عندما تراجع دور العلماء ومكانتهم.

ولا بد لنا أن نهتم أيضاً بالجانب الاقتصادي فالأمة الفقيرة التي تعتمد على غيرها في طعامها وملبسها ودوائها وسلاحها وبقية حاجاتها لأمة من حق الأمم الأخرى أن تستعلي عليها حتى ولو كان عندها المال لتشتري ما تحتاجه. إن الآخرين قادرون على أن يمتنعوا من بيع أي شيء متى أرادوا فهل سنأكل الدراهم والدنانير؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة المنورة خط للمسلمين سوقاً خاصاً بهم حتى يتحرروا اقتصادياً من سيطرة يهود. إننا بحاجة لنهضة زراعية صناعية حقيقية حتى نستطيع أن نصل إلى حد من الاكتفاء الذاتي فالأمة التي لا تزرع ما تأكل لا تستطيع أن تدعي أنها مستقلة.

السؤال السابع:يحتل موضوع(قضية المرأة المسلمة) وحجابها وثقافتها والمؤامرات عليها حيزاً ضخماً من اهتمامات المستشرقين: لماذا يركز المستشرقون على المرأة المسلمة؟ ماذا تقترح من أفكار رئيسة لتفعيل جهود تحصينها ثقافيا؟

الجواب  السابع : يركز المستشرقون على موضوع المرأة المسلمة لأنهم إن استطاعوا أن يؤثروا في المرأة ويخرجوها عن دينها ويؤثروا في سلوكها استطاعوا أن يؤثروا في المجتمع المسلم، فالأم المسلمة هي أنجبت وتنجب القادة والسياسيين والعلماء البارزين وهي التي تنجب المواطن الصالح الذي يعمل لرفعة شأن أمته ويكون رجلاً حقاً وهي التي تنجب الفتاة المسلمة الملتزمة العفيفة وتنجب الفتاة المتفوقة ، ولكن المستشرقين لا يهمهم إلاّ أن تكون الأم العربية المسلمة هي التي لا يهمها إلاّ آخر صرعات الموضة وحفظ أسماء الممثلين والفنانين ونجوم السينما والرياضة والغناء.

المرأة المسلمة مستهدفة في كتابات المستشرقين لإقناعها بأية طريقة أن الإسلام يضطهدها ولا يعطيها من الحقوق ما يزعمون أن الحضارة الغربية  تعطيه للمرأة.ناسين أن ما تعطيه الحضارة الغربية المادية بيد تأخذ مقابلة الكثير والكثير حتى أنوثة المرأة وكرامتها امتهنت في هذه الحضارة. والاستشراق ومن ورائه الحضارة المادية الغربية ترى أن المرأة المسلمة مضطهدة من قِبَل الأب والأخ ثم الزوج وبعد ذلك الابن. والمرأة مضطهدة من المجتمع.

لقد ألفوا ألوف الكتب حول المرأة المسلمة بل إن بعض الكاتبات الغربيات تخصصن في المرأة المسلمة في بلد معين، وهاهي جين ساسون Joan Sasson مثلاً تدرس أوضاع المرأة في أفغانستان وباكستان والكويت ومصر والسعودية. وفي دراستها لقيت العديد من النساء في هذه البلاد ولكنها أبرزت دور النساء المقلدات للغرب وغمطت النساء الداعيات حقهن من الاهتمام والذكر.

ويكون اهتمام الاستشراق بالمرأة المسلمة من خلال المؤتمرات العالمية فهاهي مؤتمرات رابطة دراسات الشرق الأوسط تعقد مؤتمراً سنوياً حول قضايا الشرق الأوسط وتجتمع تحت مظلة هذه الرابطة رابطة أصغر هي رابطة دراسات المرأة في الشرق الأوسط وتقدم المحاور الخاصة بموضوعات المرأة.  ولهذه الرابطة نشرتها الدورية كما أن لها موقع على شبكة الإنترنت.

أما ما يمكن اقتراحه لتحصين المرأة المسلمة فيتخلص بتعريفها بدينها القويم عقيدة وشريعة وأحكاماً وتاريخاً وسنّة. لا بد من معرفة الخالق سبحانه وتعالى والإيمان به ذلك الإيمان الذي يصل إلى أعماق النفس البشرية فيجعلها تنقاد راضية مسرورة لأوامر الله سبحانه وتعالى مهما كانت المغريات الدنيوية.

ويكون التحصين الثقافي بالتركيز على الاعتزاز بالإسلام وأن ما جاء به هذا الدين هو الرسالة الخاتمة للبشرية وأن واقع العالم اليوم يؤكد أن البعد عن منهج الله عز وجل وشريعته أدى إلى تردي البشرية حتى أصبحت في الغالب الأعم (كالأنعام بل هم أضل) أليست هذه هي دور السينما الأمريكية وما تفرزه من صور سلبية للحياة الغربية وإنها وإن لم تكن تصور الحياة الغربية تماماً فإن في الغرب من المآسي والمخازي ما يحتاج إلى مجلدات للحديث عنه.

ليتنا نستطيع أن نجعل فتياتنا يعشن أجواء بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليعرفن كم رفع الإسلام من شأن المرأة وكم أعطاها من الحقوق، وكم هي سعيدة تلك المرأة التي تعيش في ظل الإسلام.  وقد نبهتني ابنتي إلى بعض مواقف النبي صلى الله عليه وسلم مع أمهات المؤمنين وما في تلك المواقف من إنسانية عظيمة لا يمكن أن تصدر من هذا الدين العظيم الذي مصدره الوحي الرباني.

ويمكننا أن نعلم بناتنا أي عظمة في هذا الدين حينما ننقل لهن بعض الصور عن حياة المسلمات الأوروبيات والأمريكيات وكم قرأت من مقالات رائعة في شبكة الإنترنت فهذه الأخت شريفة كارلو تكتب مقالة بعنوان ( عندما غطيت رأسي تفتح عقلي) ترد على النساء الغربيات وما هم فيه من عري وأن المرأة هناك مطلوب منها أن تعرض مفاتنها وأن الإسلام هو التكريم الحقيقي للمرأة. كما قرأت مقالة أخت أمريكية أسلمت ترد على من ينتقد نظام الأسرة في الإسلام وبخاصة في مجال الطلاق فتقول ( والله إن الطلاق في الإسلام لأرحم ألف ألف مرة من نظام الطلاق الغربي، إنهم يزعمون أن الرجل يكفيه أن يطلق امرأته القول أنت طالق أنت طالق ، ونسوا أن الطلاق مرتان ولكل مرة عدة مدتها ثلاثة شهور أو ثلاث أطهار أو حيضات، والمرأة لا تطلق قبل أن يقوم الرجل بوعظها – إن خاف نشوزها- وهجرها وضربها- ضرباً غير مبرح- وإن كان الأمر وصل إلى الاستعانة بحكم من أهلها وحكماً من أهله، بينما الطلاق في الغرب يوكل فيه محاميان يسعى كل منهما إلى الإسراع في تحطيم الأسرة ليفوز بالغنائم هو وموكله أو موكلته. والطلاق في الإسلام يراعي حال المرأة الحامل أو المرضع ويجعل الحضانة للأم. وتستنتج أن الإسلام أرحم من نظام الأسرة الغربي.

السؤال الثامن :ما هي أجدى الوسائل في مواجهة جهود الاستشراق؟

الجواب الثامن : مواجهة الاستشراق ليست بالأمر الهين فكيف نواجه أمراً نجهله أو نعرف عنه بعض الأمور ونجهل أموراً كثيرة. من المناسب أن تبدأ المواجهة بالمعرفة العميقة بالمؤسسة الاستشراقية تاريخياً وفكرياً وعقدياً. لا بد أن يتصدى نفر من المسلمين لمعرفة الاستشراق معرفة دقيقة منذ نشأته وحتى اليوم. وهذه المعرفة لا تتطلب أن نعرف كل ما كتب وما يكتب في مجال الدراسات العربية والإسلامية في الغرب( أو أقسام دراسات الشرق الأوسط) بل أن نعرف القضايا الكبرى التي يتبناها المستشرقون أو تبنوها قديماً وحديثاً . فإننا لو أردنا أن نرد على كل كلمة كتبوها لما وسعنا الوقت والجهد ، وإنهم ليفرحون بأن ننشغل بمثل هذا الأمر ولكن يكفي أن نعرف الاتجاهات الكبرى والقضايا الأساسية التي يتناولوها في دراساتهم ومؤتمراتهم وتقاريرهم.

ويؤد هذا الأمر ما جاء في كتاب الأستاذ محمد قطب(الإسلام والمستشرقون) الذي أشار فيه إلى مسألة مواجهة الاستشراق وقال بأننا لا يمكن أن نتصدى لكل كلمة أو تهمة أو افتراء يلقيه المستشرقون وإلاّ أضعنا الأعمار دون أن نصل إلى الرد عليهم. ولكن الأمر يتلخص في أن نتناول أبرز تلك الشبهات والقضايا الكبرى التي يثيرونها فنوضح موقف الإسلام في تلك القضايا أو صورة الإسلام الصحيحة.

ولتوضيح هذا الأمر أقول بأن من القضايا الكبرى مسألة الفكر السياسي وأن الإسلام يدعو أتباعه ليكونوا خانعين أذلاء وأن ما يزعمون من حرية رأي وحريات أخرى في الديموقراطية ليست في الإسلام. فندلهم على أن الحرية التي دعا ويدعو إليها الإسلام أسمى من أي حرية عرفتها البشرية فالحرية في الإسلام أن لا يكون المسلم إلاّ عبداً لله وحده سبحانه وتعالى. وأية حرية أسمى من هذه الحرية. وأن ما يزعمه الغرب من حرية الرأي فإننا في الإسلام نؤمن بواجب إبداء الرأي وقول الحق ( وقولوا للناس حسنا) ( ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقوله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة ( وأن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم)  ولو رجعنا إلى الاستبداد فالقرآن الكريم ذكر فرعون في سبعين موضع معظمها في سياقات سياسية ليذم ويؤكد على ذم قيم الاستبداد والطغيان.

وتكون المواجهة كما قال الدكتور أكرم ضياء العمري أن نمثل أنفسنا أمام أنفسنا ثم ننطلق لنمثل أنفسنا أمام العالم، وقد علّقت على هذا الأمر أنه في الوقت الذي ندرس فيه أنفسنا من النواحي العقدية والتشريعية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية يمكن لفريق منّا أن ينطلق لتمثيلنا أمام العالم. إن المؤتمرات العالمية والندوات والإعلام العالمي عموماً يغيب عنه التمثيل الإسلامي الصحيح، فكم مرة نكون نحن الذين نمثل الإسلام والمسلمين في العالم، فهذه مثلاً أقسام الأديان أو مقارنة الأديان في الجامعات الغربية فكم عدد العلماء المسلمين الذين يقومون بالتدريس في هذه الأقسام؟ كم عدد العلماء المسلمين الذين يحضرون المؤتمرات العالمية ويتحدثون عن الإسلام لا ليكونوا بمنزلة الجواسيس يقدمون المعلومات التي يسعى الآخرون لمعرفتها أو لنشر غسيلنا كما يفعل البعض حينما يستغل الفرصة للطعن في أمتنا أمام الآخرين ولكن للحديث عن الإسلام وأنه الدين الذي يقدم للبشرية الحلول المناسبة لما تعانيه من أزمات طاحنة في شتى المجالات.

وإن كان الكثير منّا يرى أن التعليم في الجامعات الغربية يوفر الفرصة لطلابنا أن يتلقوا العلم في جو علمي يوفر لهم الإمكانات والمنهجية العلمية فمتى تصبح جامعاتنا جامعات حقيقية توفر الفرص التعليمية الصحيحة فلا يعيش الطالب في الجامعة العربية مضطهداً مكسور الخاطر يستأسد عليه الأساتذة والإدارات الجامعية ويتفنون في إذلاله حتى إذا خرج إلى الواقع بعد نيل الشهادة صب جام غضبه على من يتتلمذ على يديه حتى إن أحد الأساتذة ذكر لأحد طلابه قائلاً: "كان الأستاذ يرمي بأوراقنا وما نكتبه وها نحن نفعل ما فُعِل بنا"

إن مواجهة الاستشراق تكون أيضاً بأن ننتقل من كوننا ذاتاً مدروسة إلى ذات دارسة ومن ذات موضع الدراسة إلى ذات تجعل غيرها موضع الدرس، وأن نتخلص من عقدة النقص التي فينا ,وأن نقضي على عقدة الاستعلاء لدى عدونا. وهو ما يمكن أن نفعله حين نهيئ عدداً من أبناء المسلمين المقيمين في الخارج لدراسة أوضاع المجتمعات الغربية. وأذكر مثالاً هنا أن أحد الطلاب العرب الذين يدرسون القانون في أمريكا أراد أن يدرس قضية بنوك الحيوانات المنوية من النواحي القانونية فأشار إليه أستاذة أن هذه مسألة شائكة ولا ينبغي له  أن يتصدى لها ولعله أراد أن مثل هذه القضية كان من الأولى أن يدرسها باحث أمريكي.

السؤال التاسع:ما هو حجم التأثر في عالمنا الإسلامي بكتابات المستشرقين حول المرأة المسلمة؟ وهل بالإمكان ذكر أمثلة؟

الجواب  التاسع: وتسألني عن حجم التأثر بالفكر الاستشراقي أو كتابات المستشرقين حول المرأة المسلمة فالأمر واضح جداً فهذا سيل من الكتابات العربية الإسلامية التي تؤكد أن طائفة من أبناء المسلمين تأثروا بالكتابات الاستشراقية وأبدأ بالكتابات التي ظهرت قديماً –قبل مائة سنة تقريباً- وهي كتابات قاسم أمين والطاهر الحداد وطه حسين ولطفي السيد ثم بعد ذلك نجيب محفوظ ويوسف إدريس وهدى الشعراوي ونوال السعداوي وليلى العثمان وزينب حنفي وغيرهم كثير. ويؤكد التأثر بالفكر الاستشراقي ما تنتجه وسائل الإعلام المطبوعة من مجلات لا تحصى ولا تسعى إلى أن تجعل المرأة المسلمة صورة طبق الأصل من المرأة الغربية. فمن المجلات من تطلق على نفسها (مجلة الأسرة العربية) ونظرت فوجدت أنها نشرت في عدد واحد أكثر من خمسين صورة لفنانة وفنان، وهذه المجلة مقسومة إلى ثلاثة أقسام رئيسة أزياء وأخبار الفن والفنانين والحديث عن المطبخ ثم الجريمة وفي الحديث عن الجريمة دائماً يكون التحليل موجهاً لذم الدين والتدين. فأين القضايا الاجتماعية التي تبحثها مثل هذه المجلات.

وأذكر أن اليونسكو نشرت كتاباً حول قضايا المرأة المعاصرة جمعت فيه عدداً من البحوث لباحثات وباحثين عرب مسلمين ولكنهم لا يختلفون عن المستشرقين إلاّ في الأسماء التي منها اسم محمد وسعيد وصالح أو ليلى وسعاد وعائشة وغيرهم وغيرهن. ومن الكاتبات المتأثرات بالفكر الاستشراقي بل ربما تفوقن على المستشرقين في محاربة ثوابت الأمة والافتراء عليها ومن هؤلاء على سبيل المثال نوال السعداوي  وفاطمة المرنيسي وغيرهما كثيرات.

 السؤال العاشر:هل في مشروع مركزكم دور ثقافي للمرأة المسلمة؟

الجواب العاشر:يتضمن الموقع قسماً للمرأة والطفل، وقد أصبحت عضواً في اللجنة العالمية للمرأة المسلمة، كما أنني كنت عضواً في رابطة دراسات المرأة في الشرق الأوسط. والقسم الخاص بالمرأة يتضمن أكثر من عشرين مقالة تتناول قضايا مختلفة كما أن النشرة الشهرية تتضمن العديد من المقالات والبحوث حول قضايا المرأة وفي بحث المؤتمرات الاستشراقية الحديثة  حول الإسلام والمسلمين هناك قسم خاص باهتمام الغربيين بالمؤتمرات حول قضايا المرأة المسلمة. وقد كتبت إحدى الأخوات من مصر تبدي رغبتها في المشاركة في المركز ورحبت بها، وهناك مواقع خاصة بالمرأة طلبت الإذن بنقل بعض الموضوعات من الموقع إلى مواقعهن.

ومادام التخطيط الاستشراقي مستمر ومادام المكر الكافر مستمر بخصوص المرأة المسلمة فالاهتمام بها في هذا الموقع مستمر بإذن الله، وأسأل الله أن أتلقى كتابات أخواتي الداعية إلى التمسك بالإسلام والرد على الافتراءات الغربية حوله، كما يهمني الكتابات التي توضح ما وصلت إليه المرأة الغربية من إهانة وابتذال في مجتمعاتهما مثل تعرضها للإهانة والاضطهاد على يد الرجل الغربي فلديهم مثلاً العديد من الجمعيات التي تدافع عن النساء اللاتي يتعرضن للضرب من أزواجهن، كما أن المرأة هناك تعاني من استخدامها كرمز للجنس فتظهر عارية في الإعلانات التي لا علاقة لها البتة بالمرأة أو ما يخص المرأة فما معنى إظهار المرأة مثلاً في إعلانات إطارات السيارات. أما التشريعات التي تحابي الرجل في العالم الغربي فحدث ولا حرج. كما أن المرأة في الغرب تعاني مما يسمى بالرقيق الأبيض وهناك الملايين منهن يغدر بهن ويجبرن على ممارسة الدعارة بالقوة.

وأين المرأة الغربية مما عند المسلمين ( الجنة تحت أقدام الأمهات) أو (وحملته أمه وهناً على وهن) أو ( أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك) كم في بيوت العجزة في الغرب من أمهات فقدن أولادهن وبناتهن وهن أحياء، وكم من أم لا تعرف أبناءها إلا في مكالمة هاتفية في المناسبات (عيد سعيد يا أمي) أو في ما أطلقوا عليه (عيد الأم) ونحن عندنا السنة كلها عيد للأم. فشتان بين أم ليس لها إلاّ يوم وأم لها العام كله وحتى بعد أن ترحل عن الدنيا على المسلم أن يكون باراً بأبويه يدعو لهما ويبر صديقهما ويتصدق عنهما وغير ذلك من أعمال الخير.

 السؤال الحادي عشر:ما هي أهم المحاور التي تقدم على موقعكم على الإنترنت حول قضايا واهتمامات المرأة المسلمة؟ مع رجاء التعرض لتعريف موجز بموقعكم هذا وبأهميته وجوانب الاستفادة منه وذكر عنوانه.

أولاً:   يتناول الموقع موضوع المرأة في الكتابات الاستشراقية في جميع الجوانب التي اهتم بها المستشرقون ومنها الموضوعات الآتية:

-       خلق المرأة

-       حقوق المرأة وواجباتها الشرعية

-       علاقة الرجل بالمرأة

-       دور المرأة في المجتمع

ثانياً:

تأسس هذا المركز ( الموقع) في رمضان 1420 هـ(ديسمير 1999م) ليقدم للقارئ العربي معلومات عن الاستشراق من حيث نشأته ومراحله وأهدافه ومجالاته، كما يقدم إجابات عن كثير من التساؤلات حول الاستشراق في قسم خاص وهو الأسئلة والأجوبة. ويقدم الموقع نشرة شهرية إلكترونية تتكون من تسعة أبواب ثابتة منها تعريف بمستشرق وتعريف بمركز استشراقي، كما يتم اختيار قضية استشراقية كل شهر وهناك عرض لكتاب يهتم بالاستشراق.

أما من يستفيد منه فهو للقارئ العادي وللباحث الجامعي والأستاذ وأرجو أن يتطور المركز ليقوم بالاهتمام بالجانب الآخر  بحيث تنشأ لدينا دراسات حول الغرب في جميع المجالات.

وعنوان الموقع هو




تمت الإجابة في يوم الثلاثاء غرة شهر ذي القعدة 1422هـ الموافق 15 يناير 2002م.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية