كتاب فرنسي يعادي المسلمين


كتب قيس الغزاوي تحت عنوان "كتاب أتمنى لو ما (لم) أقرأه" في مجلة المجلة (8-14نوفمبر 1998م) عن كتاب ألفّه نائب رئيس تحرير صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية، ويتضمن الكتاب رسالة إلى رئيس الجمهورية الفرنسي حول الموقف الذي يجب أن تتخذه فرنسا من المهاجرين من المسلمين. ويتضمن الكتاب رسالة قوية تدعو إلى دمج المسلمين في المجتمع الفرنسي، والقضاء على تميزهم العقدي والأخلاقي والثقافي.
وقد احتوى الكتاب على افتراءات خطيرة على الإسلام والمسلمين في قضايا عديدة منها: أن الإسلام يبيح تعدد الزوجات، ويمنع الاختلاط بين الجنسين، وفيه مؤسسة الزكاة، فليس الإسلام مجرد حجاب قد يسمح به الفرنسيون وقد لا يسمحوا. ويزعم المؤلف أن الرئيس الفرنسي يوافقه بأن فرنسا استطاعت أن تدمج المهاجرين البولونيين، والإسبانيين، والإيطاليين، وبالتالي فلا يمكن اتهام فرنسا بالعنصرية، ولكنها فشلت في دمج المسلمين. فما يبقى للمسلمين إلاّ أن يطالبوا بالسيطرة على فرنسا.
ويعلق الأستاذ قيس الغزاوي بقوله: "المثير أن رجلاً بمثل أهمية دي جاردان يقف على رأس صحيفة كبرى يؤكد أن الإسلام غاز لفرنسا ويستنتج: طالما لا يحب الفرنسيون العرب والخيار هنا بين الإسلام والجمهورية، فليُرمى المسلمون إذن خارج الحدود" ويضيف الغزاوي "والعجب العجاب ليس فيما يقوله دي جاردان، ولكن بسكوت العرب والمسلمين على مثل هذه الأحكام العنصرية في فرنسا التي تحاكم من يشكك بمحرقة اليهود وهي جزء من التاريخ ولا تحاكم من يحرّض على قتل المسلمين اليوم، ولكن هل اشتكى أحد من العرب؟"
لا بد من تقديم الشكر للأستاذ قيس الغزاوي على ملاحظاته السريعة وتعجبه من عدم تحرك المسلمين للاحتجاج على هذا الكتاب، ولكن يمكن توجيه الدعوة إلى العلماء المسلمين في فرنسا أو الذين يتقنون اللغة الفرنسية أن يكتبوا كتاباً للرئيس الفرنسي ليس رد فعل على كتاب دي جوردان، ولكن ليوضحوا للرئيس الفرنسي ما فشل في فهمه نائب رئيس تحرير لوفيغارو من أن الإسلام لو فهمه الفرنسيون لكان حلاً لكثير من معضلاتهم الاجتماعية والاقتصادية.
ماذا يمكن أن يقال للرئيس الفرنسي؟ أبدأ بكلمة كتبها الأستاذ رضا لاري في أحد مقالاته حول موقف الغرب من الإسلام "فتح النافذة الإسلامية"، الشرق الأوسط 17/6/1998):" هل الحرية في فرنسا تبيح للمرأة أن تكشف عورتها بظهورها شبه عارية في ملهى "الليدو" وغيره من الملاهي المماثلة في فرنسا، وتحرم نفس الحرية غطاء المرأة لرأسها؟ إذا كانت هذه هي الحرية عندكم فتباً لها من حرية."
ويزعم الكاتب الفرنسي أن الإسلام أباح تعدد الزوجات والمجتمع الفرنسي يرفض ذلك، ولكن ما بال المجتمع الفرنسي لا يرفض تعدد الخليلات واسألوا  أحد الشوارع المتفرعة من شارع الشانزليزيه ما ذا يحدث عندما تقف السيارات في طرفي الشارع؟ أي بهيمية هذه التي يرضى الرجل لزوجه أن يأخذها رجل آخر يسلمها له بيده أو يوصلها وهي تذهب؟ واسألوا من اعترف بأولاد من الزنا هل حقق لهم الكرامة الحقيقية، فلو كان متزوجاً بأمهم لكانوا أولاده شرعاً.
أليست الإباحية في المجتمعات الغربية هي التي أدت إلى أن يشك الأبناء بآبائهم، حتى بدأت المختبرات تنتشر في المجتمعات الغربية تكشف للأبناء عن حقيقة أبوة من يدعي أنه أباهم. أما عند المسلمين فمجرد شك الابن بأبيه يعد من الكبائر، ذلك أن المجتمع المسلم قائم أساساً على الفضيلة والعفة. وقد تعجب مدير أحد الفنادق الذي عقد فيه المؤتمر السنوي لجمعية مسلمي شمال أمريكا عندما رأى عدة آلاف من المسلمين يجتمعون عدة أيام فلا تراق قطرة خمر واحدة ورأى من عظمة الأخلاق الإسلامية ما أدهشه.
وإذا لم يعجبه أن يتوقف المسلمون في رمضان لتناول الإفطار، فإن الصوم عند المسلمين لو عرفه الفرنسيون معرفة حقيقية لتهافوا عليه؛ فإنه تربية وتهذيب وتزكية وتطهير. الصوم الذي يُشعر الغني بحال الفقير، والذي يربط العبد بخالقه حين ترتفع الحالة الروحية للمسلمين في هذا الشهر بما يقومون به من عبادات.
فمن يكتب الكتاب ويوجهه إلى رئيس الجمهورية الفرنسي وإلى العالم أجمع؟



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية