التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسئلة المشرف لبرنارد لويس


عندما أخبرت أن الدكتور جميل المصري هو مشرف رسالة الدكتوراه حملت أوراقي لأحصل على موافقته الرسمية فقدمت له الخطة وكتب لي رسالة قصيرة بالموافقة، وأسرع بإعطائي نسخة من كتابه (لم يخرج من المطبعة بعد) حول الموالي وموقف الدولة الأموية منهم. حملت الموافقة والكتاب وفي أثناء عودتي إلى البيت فتحت كتابه (العظيم) وبدأت أتصفحه وأنا أقود السيارة. (السير في المدينة هادئ ومريح لولا الونيتات) وقرأت تلك العبارة التي عرفتها تماماً لأنني اقتبستها في الخطة وإذ بالأستاذ الفاضل يدعي أنه هو صاحبها لأنني لم أجد إشارة إلى الاقتباس ولا إلى الكتاب الذي أخذت منه العبارة. والعبارة للدكتور عبد الرحمن الحجي في كتابه نظرات في التاريخ الإسلامي، دار القلم الكويت فتعجبت أن يكون الأستاذ سارقاً.  وبدأت أتصفح الكتاب بعد وصولي إلى البيت فوجدته سطا على عبارات أخرى للمؤلف وبأسلوب ساذج استخدم أسلوب القص واللصق، ثم بحثت أكثر فوجدت أن الأستاذ المشرف قد سطا على مؤلفة أخرى كتبت عن الدولة الأموية  هي عبلة خمّاش وسطا على كتاب ثالث ورابع.
ولأنني (طويل اللسان، كما يقولون) قلت في مكان ما (وفي الناس من يحب نقل الأحاديث، وجميل ما صنعوا) أنني قلت إن مشرفي لص محترف (فكرياً) فوصلت إليه. فقال لي في لقاء تال معه: اقرأ بعض الكتابات حول كتابة التاريخ ومناهج البحث العلمي، فقلت له إنني قرأت كتاب (عبد الرحمن الحجي) فقال يقال إن بعض عباراتي تشبه عباراته وأنا لم أطلع على الكتاب مطلقاً. قلت سرقة وجرأة ولا أريد أن أقول اكثر.
ومرت الأيام وكنت أزمع السفر إلى أمريكا فجئت إليه وقال اقعد يا مازن واكتب الأسئلة التي ستسألها لويس فقلت: حاضر يا معلم.
وهاهي الأسئلة:
1- لكل كاتب منهج فما هو المنهج الذي اتبعته في بحوثك؟
2- هل هذا المنهج الذي تعاملت به مع الحضارة الإسلامية كان هو نفسه الذي تعاملت به في بحوثك عن الحضارات الأخرى؟
3- هل تغيّر هذا المنهج خلال سنوات عمرك الطويلة وإنتاجك الثري؟
4- ما هي المؤثرات على هذا المنهج؟ وإذا حدث فيه تغيير فما الذي جعله يتغير؟
5- هل هناك فرق المعالجة بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية وما هي الفروق في نظرك؟
6- عندما تعالج مسألة من مسائل الحضارة الإسلامية هل تفكر التفكير الإسلامي أو بتفكير ذاتي خاص بك؟
7- يلاحظ أنك في بعض بحوثك ودراساتك تكون متساهلاً نوعاً ما في مسألة التوثيق بينما في بحوث أخرى تكون هوامشك مثقلة بالملاحظات فما رأيك في هذا؟
8- هل هناك بعض الآراء الجديدة أو تغيير في آرائك وما هي؟
    وأضفت في آخر الأسئلة ملاحظة المشرف: رأى الدكتور جميل أن لا يطرح معه للنقاش المسائل الفرعية فتلك يمكن استنتاجها من إجاباته على الأسئلة الرئيسية المذكوة أعلاه.
وذهبت إلى العميد الدكتتور عبد الله الرحيلي(لأنني طالب مطيع ومقتنع بعلم الرحيلي الواسع ونظرته الثاقبة) ولأني أليف ومسالم) فكتب الأسئلة الآتية وأضاف بعض الكلمات على الأسئلة السابقة وإليكم ما كتبه بخط يده.
1- أرى تجزأة السؤال؛ لأن السؤال العام يكون جوابه مثله.
2- أرى أن يكون صيغة السؤال كالآتي: هل يختلف المنهج الذي اتخذته في البحث في الحضارة الإسلامية عن المنهج الذي اتخذته في بحوثك الأخرى؟
3- وهل اتخذت منهجاً واحداً في البحث في مختلف الحضارات بما فيها الحضارة الإسلامية؟
4 - أرى أن يكون كالآتي: هل طرأت تطورات على منهجك في البحوث وبخاصة فيما يتعلق بالحضارة الإسلامية؟
أما التعليقات فوق الأسئلة الأولى ففي السؤال السادس كتب فوق عبارة هل تفكر التفكير الإسلامي :هل تتعامل معها من خلال المنهج الإسلامي، أو من خلال تفكير ذاتي؟
وفي نهاية السؤال السابع أضاف عبارة وما السبب وكتب تحت عبارة بالملاحظات أو التوثيق.
ولم أرض لا بأسئلة المشرف ولا بملاحظات الرحيلي، وذهبت إلى الدكتور أكرم ضياء العمري الذي كان أستاذاً بالجامعة الإسلامية متخصص في التاريخ الإسلامي والحديث، فعرضت عليه الأسئلة: فتعجب ودهش لمثل هذه الأسئلة وقال مازن ما هذا أتريد أن يطردك لويس؟ هل هذه اسئلة أنت تتهمه بصراحة وتسيئ الأدب معه، إنه رجل ذكي لماح. لا بد أن تغير الأسئلة.
وهنا أتساءل هل كنت أشك في ذكاء المشرف العظيم والعميد العتيد؟ هل كنت أذكى منهما؟ ولكن عندما لقيت لويس المرة الأولى كانت دردشة عامة تعرف بها إليّ وتعرفت إليه، وجئته بعد أيام ومعي أربعة أسئلة وعرضتها عليه وقلت أريد أن أسجل حديثك في المسجل، فقرأ الأسئلة وأعجبته وقال هذه أسئلة جيدة ووافق على التسجيل.
أما أسئلتي فها هي كما هي في الملحق رقم 3 من رسالتي للدكتوراه
السؤال الأول: لقد فهمت من خلال رسالتك إلى أن منهجك لا يختلف عن غيرك من العلماء في "العالم الحر" ومع ذلك فهل تعتقد أنه ثمة مزايا خاصة يتصف بها منهجك وما هذه المزايا؟
السؤال الثاني: خلال حياتك الطويلة المثمرة حدثت بعض التغيرات التي أثرت في منهجك بالنسبة لدراسة التاريخ الإسلامي، فإذا كان الأمر كذلك فما العوامل التي سببت هذا التغير؟
السؤال الثالث: هل هناك علماء معينين كان لنظرتهم تأثير في سير دراستك للتاريخ الإسلامي، ومن هم هؤلاء العلماء؟
السؤال الرابع: لقد انتقدت بعض من يسمى بالمستشرقين في كتابك العرب في التاريخ بأنهم غير موضوعيين أو متعصبين يخفون أهدافهم الحقيقية خلف الحواشي المبالغ فيها، كيف تربط بين هذا وبين كتاباتك التي ينقصها التوثيق أحياناً وتكون هوامشها أحياناً أخرى غنية؟


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...