التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خطاب إلى عميد ، وهل أجاب العميد؟ أو هل سمع العميد؟



سعادة عميد البحث العلمي
الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي                         حفظه الله
        سلام الله عليكم ورحمته وبركاته    أما بعد
تعلمون سعادتكم أن دراسة الشعوب الأخرى وفهمها من خلال إنشاء الأقسام العلمية أمر أخذت به الأمم الأخرى‘ فهذه أوروبا وأمريكا قد أنشأت مئات إن لم يكن آلاف الأقسام والمعاهد ومراكز البحث المتخصصة في شؤون العالم العربي والإسلامي تحت مسمى دراسات" الشرق الأوسط" أو " الأدنى" بالإضافة إلى اهتمام الجامعات الأوروبية والأمريكية بدراسة الشعوب كافة فهناك أقسام الدراسات الصينية والهندية واليابانية والأفريقية. كما أن الدول الأخرى غير الأوروبية أنشأت أقساماً لدراسات الشعوب الأخرى. فعلى سبيل المثال هناك سبعة معاهد في الصين لدارسات الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن في بريطانياً أكثر من قسم أو معهد علمي لدراسة الولايات المتحدة.
وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد خطت خطوات رائدة على مستوى العالم الإسلامي بل أزعم أن الجامعة تقدمت على غيرها بمائة سنة على الأقل حينما أنشأت وحدة الدراسات الاستشراقية والتنصيرية في مركز البحوث التابع لعمادة البحث العلمي منذ عام 1400هجرية. وعمل فيها عدد من كبار الأساتذة من أمثال الدكتور محمد فتحي عثمان والدكتور قاسم السامرائي والدكتور السيد محمد الشاهد، وغيرهم. ثم تطور الأمر إلى إنشاء قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة، وهو نواة لدراسة الغرب ومعرفة ما كتبه ويكتبه علماء الغرب حول الإسلام والمسلمين. وقد أنجز القسم الكثير منذ إنشائه في منح أكثر من خمسين درجة ماجستير وعشر درجات دكتواره.
وقد أعلن منتدى أصيلة منذ أكثر من خمس سنوات عن إنشاء مركز الدراسات الأمريكية، وقرر الاستعانة بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفرد الأمريكية في وضع مناهج المركز وخططه، وحتى الآن لم يتم شيء كما أعلنت جامعة الأزهر بجمهورية مصر العربية عن نيتها إنشاء مركز الدراسات الاستشراقية، ورغم مرور عدة سنوات على هذا الإعلان فلم يتم إنشاء هذا المركز. ولكن بعض الجامعات المصرية لديها مراكز لدراسات الشعوب الأخرى مثل معهد الدراسات الأسيوية بجامعة القاهرة، ومركز الدراسات الشرقية بالجامعة نفسها وكذلك كلية الدراسات الشرقية بجامعة عين شمس، ولكنها كلها لا ترقى إلى أقسام دراسات الشرق الأوسط أو الدراسات العربية والإسلامية في الجامعات الأوروبية والأمريكية وإن كانت خطوة طيبة في هذا المجال.
واليوم والحملة الغربية تشتد ضد الإسلام والمسلمين في الغرب وإن حمل كبرها الإعلام الغربي لكنه ينهل من الدراسات الاستشراقية كما يشارك عدد من المستشرقين في هذه الكتابات. بل بلغ الأمر ببعض المستشرقين أن كان لهم دور في صناعة القرار السياسي المحرض ضد الدول العربية والإسلامية ومقللاً من شأنها ومكانتها.
وعلى ضوء هذه المعطيات فإن حضوري لفعاليات مهرجان الجنادرية استمعت إلى محاضرتين حول صورة العرب والمسلمين في الإعلام الغربي إحداهما للدكتور أحمد طالب الإبراهيمي (وزير خارجية الجزائر سابقاً) والدكتور جون اسبوزيتو (مدير معهد التفاهم الإسلامي النصراني بجامعة جورجتاون بواشنطن العاصمة الأمريكية) وكان مما قاله الإبراهيمي في محاضرته ما نصه: "فإن الحوار مع الطرف الآخر يفترض معرفته وأقترح بتوجيه الطلبة إلى الدراسات الغربية، فنؤسس في جامعاتنا كراس "للاستغراب" حتى نتعلم لغات الغرب ونُلمّ بأحواله ماضياً وحاضراً" بل إن الإبراهيمي أضاف بأنه يتمنى لو أنه لم يخرج من محاضرته إلاّ بأن يقتنع شاب سعودي واحد بضرورة دراسة الغرب لكان هذا نجاحاً بالنسبة له.
أما الدكتور جون اسبوزيتو فقد قال في معرض الرد على بعض الأسئلة حول تناوله للإسلام والمسلمين بأنه يتساءل أين المسلمون الذين تخصصوا في دراسة النصرانية أو اليهودية أو الشعوب الغربية ليكون الحوار معهم، بدلاً من أن يظل الغرب هو الذي يدرس الشعوب الأخرى، وضرب المثال بنفسه حيث كتب عشرات الكتب حول الإسلام والمسلمين.
وهنا يأتي اقتراحي بأن تنظر الجامعة في اقتراح بإنشاء مركز للدراسات الأوروبية والأمريكية في عمادة البحث العملي تمهيداً لإنشاء قسم الدراسات الأوروبية والأمريكية  فنحن بحاجة ماسة لدراسة الغرب من جميع جوانبه العقدية والتاريخية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. إن المعرفة الحقيقية بالغرب هي التي يمكن أن تساعدنا في الرد على الحملات المعادية لنا هناك كما أنها تمكننا من معرفة جذور هذه الحملات وأهدافها الحقيقية ونستطيع أن نرد عليهم من خلال معرفتنا بهم وبتاريخهم وحضارتهم.
ويمكننا أن نبدأ بتكوين المركز من بعض الأساتذة المتخصصين في اللغات الأوروبية وعلم الاجتماع وعلم التاريخ وبعض الأساتذة المتخصصين في الدراسات الشرعية الذين درسوا في الغرب ليعملوا في هذا المركز.
أرجو أن ينال هذا الاقتراح اهتمام سعادتكم وأن يتم عرضه على مجلس العمادة. وتقبلوا تحياتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
15ذو القعدة 1423هـ
                                                د. مازن بن صلاح مطبقاني


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...