أساليب الاستغراب وآلياته

لا تختلف أساليب الاستغراب وآلياته عن تلك المعمول بها في دراسات المناطق أو الأقاليم أو حتى الذي تعارفنا على تسميته الاستشراق، فهذه الأساليب تنطلق من الرغبة لمعرفة الطرف الآخر عن قرب حتى كأنك واحد من أهل تلك البلاد، وأساليب دراسة الآخر هو أن تعرف لغته وجغرافيته ودينه أو أديانه وطوائفه وحياته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأن تعرف الأرض وطبيعتها ومواردها وإمكاناتها.
أما آليات الوصول إلى تلك المعرفة فيبدأ من إنشاء أقسام لتلك الدراسات ومراكز بحوث ومعاهد وتكون الانطلاقة بمعرفة اللغة بأن يتخصص نفر من المسلمين لمعرفة اللغات الأوربية وأن يكونوا من الذين درسوا في المرحلة الجامعية أحد التخصصات المختلفة من العلوم الأدبية والاجتماعية فيكون ليدنا متخصصون في التاريخ وفي الجغرافيا وفي الأدب وفي الاقتصاد وفي الإدارة وفي الإعلام وغيرها
وينبغي أن تكون الدراسات الأوروبية والأمريكية أو الاستغراب في المرحلة العليا بحيث يكون الطالب قد أتقن فناً من الفنون فينطلق إلى تطبيقها على الدولة أو الدول التي يريد دراستها فيتخصص في تاريخ أوربا العصر الوسيط في إيطاليا أو ألمانيا أو بريطانيا، أو المجتمع في أي بلد وفي أي مرحلة
ومن الآليات في دراسة الغرب أن تكون الدراسة من شقين أحدهما نظري والآخر عملي بحيث يدرس الإعلام البريطاني فترة من الزمن ثم يكون هناك دراسة تطبيقية لبعض الوقت فمثلاً مركز الدراسات البريطانية في ألمانيا يقسم فترة الدراسة إلى قسمين يمضي مدة في الدراسة النظرية ثم ينتقل إلى العمل في بريطانيا.
لكننا لسنا ملزمين باتباع الطريقة الألمانية فهناك مناهج كثيرة يمكننا أن نأخذ بها في دراسة الغرب كأن يبتعث الطالب لدراسة علم الاجتماع في جامعة بولندية وتكون بحوثه العملية على المجتمع البولندي أو سواه من المجتمعات الأوروبية
وبالإضافة إلى الدراسة والتطبيق فمن الآليات التي ينبغي استخدامها إصدار الكتب حول دراسة الغرب والمجلات المحكمة بالإضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات ودعوة كبار الباحثين الأوروبيين والأمريكيين المتخصصين في دراسة مجتمعاتهم من النواحي السياسية والاقتصادية والتاريخية والجغرافية وغيرها من التخصصات وذلك لإلقاء المحاضرات وربما للإشراف على الرسائل العلمية ووضع البرامج والمناهج.
كما ينبغي أن يكون للباحثين في الدراسات الغربية أو الاستغراب نصيب من المشاركة في الجمعيات والروابط العلمية المختلفة في شتى المجالات كالتربية والتعليم والمحاماة وعلم الاجتماع وجمعيات العلوم السياسية وحضور ندواتهم ومؤتمراتهم.
ومن الآليات أن نتولى نحن عقد المؤتمرات والندوات حول القضايا الأوروبية والأمريكية في شتى المجالات ودعوة الباحثين الغربيين للمشاركة في حضور هذه الندوات والمؤتمرات ونسعى لهذا الحضور بتشجيعهم على المشاركة وربما تحمل جزء من النفقات.
ولا بد أن نهتم بالمؤسسات والجمعيات الموجودة والتواصل معها والاشتراك في دورياتها ومؤتمراتها فمثلاً هناك في أوربا شبكة الدراسات الأمريكية التي تضم أكثر من عشرين مركزاً ولها مؤتمرها السنوي وجائزة الكتاب السنوي أو جوائز فنفيد من تجربتهم في هذا المجال. ولا بد أن أذكر هنا أن هناك رابطة علماء آسيا حول الدراسات الأسيوية ويشارك فيها عدد كبير من العلماء الأوروبيين وإحدى هذه الرابطات تتخذ من هولندا مقراً لها.
ولا بد أن يكون من هذه الآليات تبادل الطلاب مع الجامعات الأوروبية فكما أنهم يرغبون ويحرصون على دراستنا والتعرف إلى العالم العربي الإسلامي فنحن بحاجة إلى معرفتهم فيكون هناك منح متبادلة لطلابنا وطلابهم.
إن آليات دراسة الغرب لا تقتصر على ما قدمت فينبغي أن نفيد من ملايين المسلمين الذين يعيشون في الغرب ويحملون جنسيات تلك البلاد ويكون مسموحاً لهم لدراسة قضايا كثيرة قد لا يُسمح لطالب أجنبي أن يطرقها فنفيد منهم بل نقوم بتكليفهم بهذه الدراسات ونقدم لهم التمويل المطلوب.
ولا بد أن يكون لدينا أقسام للترجمة لترجمة أبرز ما أنتجه العلماء الغربيون عن بلادهم وفي الوقت نفسه يكون لدينا أقسام لتقديم ملخصات علمية لأبرز الدراسات التي تُنجز في جامعاتهم

        

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية