جامعة الإمام والمراكز الصيفية


       جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض وفي فروعها في أنحاء المملكة انما هي جامعة للشباب ومن أجل الشباب، وبالشباب، شباب في المعاهد العلمية، وشباب في المرحلة الجامعية، وفي الدراسات العليا، وشيوخها شباب بروحهم ونشاطهم وحيويتهم، والإسلام نفسه دين الشباب فحينما جاء كان أكثر المقبلين عليه من الشباب.
      ومن هذا المنطلق اهتمت جامعة الامام بالمراكز الصيفية منذ أكثر من خمس عشرة سنة، ففتحت أبواب معاهدها العلمية صيفًا، وتبحث عن مكان مناسب في مدارس وزارة المعارف فتعقد المراكز الصيفية لأبنائنا تغذوهم بالعلم النافع، والترويح المباح، والثقافة العامة، والتربية الأخلاقية والسلوك.
     ولقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى عليّ في بداية التحاقي بالعمل الجامعي عام 1406 ه بإدارة المركز الصيفي لجامعة الإمام بالمدينة المنورة عامين متتاليين، فعشت تجربة وددت لو تكررت ليس إدارة بل مشاركة في أي موقع فإنهم والله القوم الذين لا يشقى بهم جليسهم.
     وفي الأسبوع الماضي كتب أخي الدكتور سالم سحاب في زاويته الأسبوعية في هذه الصفحة حول المراكز الصيفية مشيدًا بأهميتها ومنوها بصورة خاصة بأمر خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بصرف مائتي مليون ريال لدعم هذه المراكز وتساءل الدكتور سالم في خاتمة مقاله عن إلغاء جامعة الإمام لمركزها الصيفي في مدارس الثغر بجدة مما شجعني على تناول هذا الموضوع ومقدمًا إياه على موضوعات أخرى.
       يلتحق عادة بالمركز الصيفي لجامعة الإمام بالمدينة المنورة ما يزيد على مائتي شاب يبدأون نشاطاتهم في الخامسة عصرًا حيث ينطلقون في البداية إلى الألعاب الرياضية من كرة قدم، وسلة، وطاولة، وطائرة، وغيرها .حتى إذا اقترب موعد صلاة المغرب تجمعوا في باحة المدرسة لأداء الصلاة , وبعدها يقوم أحد الطلاب بإلقاء كلمة قصيرة لا تتجاوز خمس دقائق يعدها مسبقًا فيكون في ذلك تدريب له على الوقوف أمام جمهور من الناس  يتعلم فن الإلقاء وفن إعداد الخطبة القصيرة، تزيل الرهبة من نفسه من المواجهة ويتدرب على اللغة العربية .
    كما تكون فرصة لزملائه للاستماع إلى آية من كتاب الله الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وتبدأ بعد ذلك النشاطات الداخلية حيث تقوم مجموعة أو أسرة من الأسر بتلقي درس في التجويد أو الفقه أو الحديث عن كتاب ثقافي عام بينما تقوم أسرة أخرى بمسابقات ثقافية، وتستضيف مجموعة ثالثة أستاذًا أو شيخًا في حوار مفتوح حول ما يهم الشباب في حياتهم، ومجموعة أخرى تقوم بتعلم مهارة من المهارات كالخط أو الرسم أو غير ذلك.
     وللمراكز الصيفية نشاطات صباحية حيث تعقد دورات في الحاسب الآلي، أو الكهرباء، أو الاسعافات الأولية، فلا تنتهي الاجازة حتى يكتسب الشاب شيئًا يفيده في حياته العلمية والعملية وأذكر من الدورات التي عقدت قبل سبع سنوات دورة في الكهرباء وقد قدمها أستاذ مختص من المعهد المهني بالمدينة، كما عقدت دورة في الاسعافات الأولية والصحة العامة، وكان إقبال الشباب على هاتين الدورتين كبيرًا.
     كما يقوم المركز في أيام العطل الاسبوعية برحلات إلى المزارع القريبة، يقضي الشباب يومهم بين الأشجار والثمار والسباحة وغير ذلك من الأعمال الترويحية.
    وقد صادفت العطلة الصيفية قبل سنوات قبل الحج وبعده فكان المركز قد نظم رحلة للحج، وكما يقولون ليس مثل السفر معلمًا حيث يتعلم الشباب في رحلة الحج تحمل المسؤولية والتدرب على تحمل المشاق وتقسيم العمل، والتضحية والإيثار ولهم في ذلك قدوة كريمة هو رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث صحب أصحابه رضوان الله عليهم في سفر فوزعوا الأعمال فقام عليه الصلاة والسلام بجمع الحطب كما كان هذا دأبه في بناء مسجد قباء ومسجده بالمدينة، وفي حفر الخندق.
   وبالإضافة إلى هذا كله فقد لاحظت أمرًا مهمًا جدًا وهو الأخوَّة والمحبة التي تتوثق عراها بين شباب المراكز الصيفية حيث يلتقون كل صيف فما ينتهي الصيف وتأذن أيامه على الانتهاء حتى تجد الألفة والمحبة قد شاعت بينهم جميعًا.
    هذا قليل من كثير مما عشته في المركز الصيفي بالمدينة المنورة، وان هذا ليؤكد ريادة جامعة الامام في رعاية الشباب في اثناء العام الدراسي وفي العطلة الصيفية وأعتقد أن المراكز الصيفية الاخرى تقوم بأعمال مماثلة فيا أيها الآباء لا تترددوا في إرسال أبنائكم إلى المراكز الصيفية، وزوروها لتطلعوا بأنفسكم على نشاطاتها المباركة.. وفق الله العاملين لكل خير.


المقال الرابع والتسعون المدينة المنورة عدد 9564 في 7 صفر 1414هـ الموافق م26/7/1993

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية