الموقف من العلماء والحوار والحرية والاستبداد

.   س: ما رأي الدكتور مازن في تسفيه العلماء في المنتديات؟ كابن باز وابن عثيمين والفوزان والبراك!! وذلك من قبل بعض كتاب المنتديات (المجهولي الهوية والخلق والعلم) الجواب: يزعجني هذا ويؤلمني ولكني لا أتعجب منه أولاً أن كثيراً من الذين يقومون بهذا الأمر كما قلت من مجهولي الهوية والخلق والعلم. وثقافة الشتم والسب والطعن ليست من الإسلام في شيء فإن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لم يكن طعّاناً ولا لعّانا ولا الفاحش البذيء فهم بسلوكهم هذا خالفوا الأخلاق الإسلامية. وكما قال الشاعر (كل إناء بما فيه ينضح) والرد على السفهاء إليك بعض الأشعار التي جمعتها قبل أيام:
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ(
ذا نطق السفيه فلا تجبه .. فخير من إجابته السكوت 
فإن كلمته فرجت عنه .. وإن خليته كمدا يموت

وقال أيضا 
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الاحتراق طيبا

وقال أيضا 
قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم .. إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف .. وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسْد تُخشى وهي صامتة؟ والكلب يـُخسَا لعمري وهو نباح


//
في التسامح والخلق الكريم, ولين الجانب مع الآخرين //

إذا سبني نذل تزايدت رفعة ***** وما العيب إلا أن أكون مساببه
ولو لم تكن نفسي علي عزيزة ***** لمكنتها من كل نذل تحاربه
ولو أنني أسعى لنفعي وجدتني ***** كثير التواني للذي أنا طالبه
ولكني أسعى لأنفع صاحبي *** وعار على الشبعان إن جاع صاحبه
يخاطبني السفيه بكل قبح واكره أن أكون له مجيبا


س:هل نقبل العلم والفتاوى والنقد من مصادر مجهولة، أم نكتفي بالمصادر الأصيلة (قران وسنة وعلماء!؟
الجواب: عند العلماء أن المصدر المجهول أو إسناد الرأي إلى مجهول يسقطه، بل إن علماء الحديث عندما يريدون تجريح الراوي يقولون: إنه مجهول. فلا تؤخذ الفتوى إلاّ من عالم ثقة. ولعلك تذكر الحديث عن انتزاع العلم بموت العلماء فيستفتي الناس جهالاً فيضلونهم.
السؤال: يقول العالم المصري أحمد زويل: طريق الإبداع في الغرب قصير، فالسفر لمؤتمر لا يحتاج أكثر من نصف ساعة، بينما طريق الإبداع لدينا طويل، فالسفر لمؤتمر يحتاج لأشهر واثني عشر توقيع!! ثم يقول: نحن العرب مسرفون في استخدام كلمة مبدع، فالجميع عندنا مبدعون مع أننا نقف في آخر الطابور!! ما تعليقك حفظك الله؟ الجواب: صدق والله الدكتور أحمد زويل بالنسبة للشق الأول فطريق الإبداع طويل عندنا ومليء بالحواجز والعراقيل ولا ينبؤك مثل خبير فقد عانيت عمري كله مع هذه العقبات والعراقيل وكم واحد دعوت عليه أن (شلّت يمينه) حين يرفض لي طلباً أو يحفظ المعاملة في الدرج أو لا يرد على طلب. لا يعني أن أقول إنني مبدع، ولكن لأقول لك إن الإبداع يُقتل والهمة تحبط والطموح يغتال ووووو إلى آخره، وقد قلت لأحد من يعمل سكرتيراً قل لمسؤولك أنني لا أراجع معاملة في البلدية ما دام الطلب أمامه في النت فليجب وبسرعة بالموافقة وإن رفض فليعطني السبب. وبعد أن أخرج من الجامعة أقول كم باقي ما في نفسي إن شاء الله.
     أما أننا نكثر من استخدام صفة مبدع ونطلقها على من لا يستحقونها فربما يكون مفيداً كما يقال للمريض سليم عند العرب تيمناً أن يشفى فلعل وصفنا لأناس بأنها مبدعون وهم غير ذلك فلعلهم يعملوا فعلاً ليكونوا مبدعين.
س: متى نرى برامج ماجستير ودكتوراة مقننة المدة ، بعيدة عن روتين النظام (مجلس قسم وكلية وجامعة....الخ) الذي يقتل الطالب والبحث والمشرف؟؟
الجواب: هذا سؤال كبير ، عندما توسد الأمور إلى أهلها. قال لي أستاذ عراقي أنه قابل أستاذاً بريطانياً وكان الطالب يرغب في الالتحاق ببرنامج الماجستير في جامعة كامبريدج البريطانية فقال له البروفيسور آربري لقد قبلتك في البرنامج اذهب وأحضر أوراقك. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم يصف المسلمين (يسعى بذمتهم أدناهم) يعني الأستاذ يمكن أن يقترح على القسم قبول طالب فيلبي القسم طلبه لأنه يعرف أن الأستاذ لن يرشح إلاّ الطالب المتميز. ويعرف الأستاذ أن طالبه سيدرس مع أساتذة آخرين فإن لم يكن مستواه متميزاً رفضوه. يا أخي لا تنكأ الجراح إن تذكر أحوالنا وقيمة الأستاذ تصيبني بالكمد والاكتئاب المرضي. وفي الأخيرة أقول خليها على الله


س: نظراً قربك من جيل الشباب، كيف ترى المهارات الحوارية لدى شباب الأمس وشباب اليوم؟ السلبيات والإيجابيات والتطوّرات بين الأجيال السابقة والحالية؟
الجواب: الحال من بعضه كما يقولون بعامية أهل الحجاز يا أخي المهارات الحوارية تأتي من مجتمع منفتح وقوي وجريء فلا جيلنا ولا جيلكم يتمتع بالمهارات الحوارية الحقيقية، ولا توجد هذه المهارات إلاّ عندما نتخلص من الخوف والرعب والجبن
س: طاف د. مازن كثيراً من البلدان، وتعرّف إلى كثير من الشعوب والثقافات وبخاصة فئة الشباب ... فهل لك أن تضع بعض نقاط المقارنة بين الشباب هناك، وشبابنا السعودي هنا؟ فـدائما ما نعاتب وتُستصغر جهودنا بسبب المقارنة غير السوية في نظري مع شباب الدول الأخرى حيث المقارن لا يرى إلا الأسوأ فينا ... والأفضل  في غيرنا ... حتى الأفضل لم يعاين مباشرة بل تم نقله فلان عن علان فـهل نستحق حقاً كل هذا التهميش؟ حيث أعرف أن هدف المقارنة الوصول للأفضل ... لكن قومنا يطبق هذه القاعدة بالمقلوب.
الجواب: لدى شبابنا كثير من المزايا والصفات الحسنة، وإن كان ينقصه الجدية وتنقصه القدوة ومن الصعب الحديث عن مثل هذه القضايا دون دراسات ميدانية. حظي أن أدرس مادة من متطلبات الجامعة يأخذها الجميع بالإكراه ولديهم تصورات عن أساتذة الثقافة الإسلامية بعد عدة تجارب مع أساتذة آخرين. فإن تشكلت لديهم صورة سلبية فمعنى ذلك أنك ستعاني من تصورات غير حقيقية. وقد تعاملت مع الشباب وهم أنواع فهناك شباب تراهم في الحج يقومون بعمل لا يقوم به كبار السن، وتجد الشباب في كارثة جدة وقد بذلوا ما دل على تربية رائعة. لكني أعود فأؤكد على ضرورة التربية الصارمة للشباب وحبذا لو كان عندنا خدمة الوطن سنتين يتخللها بعض التدريب العسكري فإننا أمة مستهدفة وبلادنا تحتاج إلى سواعد أبنائها ولن يدافع عنها حقيقة إلاّ أبناؤها.
     لا يا بني لا تستحقون التهميش ولكن أتذكر دائماً أنهم يقولون عن أن المرأة لم تحصل على حقوقها، فأتساءل وهل نال الرجل حقوقه كاملة حتى نطالب بحقوق المرأة. فإذا كان الرجل يعاني من رئيسه ويعاني من الروتين ويعاني من جندي المرور ويعاني من السيارة القادمة من اليمين أو الذي يريد أقصى الشمال من أقصى اليمين ويضرب بوجودك عرض الحائط كيف يعود إلى البيت ويكون سوياً مع أهله. والشباب لا يريد أن يهمّش ومن هو أكبر منه أشد تهمّشاً وإهمالا فما ذا تريده أن يفعل. ولكن لا ينبغي أن نستمر في هذه الدوائر المفرغة على كل إنسان أن يقوم بدوره مهما كان الوضع.
سؤال: تحليل في الواقع: لدي قريبان درسا في الخارج ... أحدهما في دولة غربية و الآخر في دولة عربية ... لمّا عادا ... بان تأثير ثقافة البلدين على طريقتهما في الحوار >..
صاحبنا الأول لا يدع فرصة لمن حاوره بأن يبين وجهة نظره كاملة ، و إذا ما عورض 
أنهى الحوار بـ ( شتيمة ) و أننا لا نفهم و أغبياء و معقدين ... فإذا ما تحاور مع غربي: أمريكي / بريطاني / كندي .. نراه مراعياً لكل تفاصيل أدب الحوار 
أما صاحبنا الآخر ... فقد كان فجاً في التعامل حتى اليومي ... لكن بعد عودته 
لن أقول أصبح محاوراً بارعاً ... لكن أصبح أهداً في الحوار، متقبلاً لوجهة النظر المخالفة يتنازل عن رأيه إذا ما تبين خطؤه ... والأهم يترك لنا الفرصة للتعبير والتوضيح وحتى تفنيد وجهة نظره! لغرابة التأثير أحببت أن أطلع على تحليلك للموقفين ... فـكان المتوقع من الأول أن يعود وكله حرية وديمقراطية أما الثاني ... فـ يزداد غلاظة و (تقفيلاً) وقمعاً!
الجواب : أنت محق فقد كان المتوقع من الذي ذهب إلى الغرب أن يكون تعلم في الغرب بعض آداب الحوار والذوق لأن أمم الغرب أمم –في الظاهر – راقية تحترم العقل وأدب الحوار. ولكن كما قلت هو فيما بينهم في الغالب أما حينما "ينزلون" لمحاورتنا فنحن أقل شأنا من أن يستخدموا معنا العقل والمنطق. وصاحبنا الذي تعلم في الغرب وبخاصة إن كان في أمريكا فثمة نبرة عنجهية وكبرياء وغطرسة. وأود أن أذكر لك أنني في إحدى سنوات دراستي في أمريكا عدت في إجازة إلى البلاد ومررت في الطريق بروما فحدث أن نزلت في فندق فأخذت أخاطب الناس بعنجهية الأمريكان فقال لي صاحب الفندق لقد نزل هنا أستاذ طب أمريكي وطلب مني (صاحب الفندق) أن أذهب معه مترجماً فاعتذرت لأني أعمل في الفندق فبدأ الأمريكي يلوح بسلاح المال أعطيك كذا وكذا، فقال له الإيطالي ما أكسبه من الفندق أضعاف ما تعرض وأنا رجل مشغول. فقال لي الإيطالي انظر إلى أسلوب الأمريكي الهمجي. فالذي درس في الغرب كأنه تعلم أن يكون الحوار والأدب والذوق مع الغربيين أما نحن الشعوب المتخلفة في نظره فلا نستحق. وربما تكون هذه إحدى كوارث بعض المبتعثين أو أكثرهم أن يأتوا إلينا وقد ظنوا أنهم أصبحوا أمريكان أو إنجليز وصار يجري في عروقهم الدم الراقي الأزرق ونحن متخلفون. لذلك لا أستغرب.
     أما الثاني الذي درس في بلد عربي فربما توفر له رفقة صالح وأساتذة كرام من معدن كريم فتعلم عندهم أدب الحوار والذوق ونحن شعوب راقية مهما عشنا من أنواع القهر والاضطهاد. ومع ذلك فأعتقد أن الأمر يعود إلى خلفية الاثنين قبل أن يخرجا من البلاد أيضاً وتربتهما.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية