إجابة أسئلة شؤون خليجية لقاء أعدته مع مازن مطبقاني الأستاذة رهام سالم


 بداية حدثنا عن مركز المدينة المنورة وأسباب تدشينه وأهدافه وما حققه؟
            بداية أشكرك أستاذة رهام على الاستضافة في هذا الموقع المتميز القوي والمتميز والصريح، وثانياً لهذا المركز قصة طريفة فما أن دخل الإنترنت للمملكة حتى دعيت في أحد المنتديات الخاصة لتقديم محاضرة عن الاستشراق في الإنترنت فبحثت على الرغم من الصعوبات والتكاليف عمّا يقدمه المستشرقون في الإنترنت فوجدت أن مواقعهم تتنوع بين تلك التابعة للجامعات ولمراكز البحوث والدراسات والمواقع الشخصية فخطر لي أن يكون لي شخصياً صفحة لمواجهة الاستشراق وتوضيح معالمه وأهدافه ونشأته وتطوره فعرضت الفكرة في الندوة وطلبت المساهمة المادية في تكاليف إنشاء الصفحة فوافق الحاضرون ولكنني بعد أن تقدمت لإحدى الشركات التي كان يمثلها أخ سوداني لإنشاء الصفحة فزارني في بيتي وأطلعته على المادة العلمية التي أريدها وتحدثنا عن أقسام الموقع والاستضافة والاسم فوقع الاختيار على مركز المدينة المنورة ، ولمّا رجعت أطلب الوفاء بالمساعدة في التكاليف تراجع البعض بأن الصفحة ستكون دعاية شخصية وليست صفحة دعوية فلم أبالي بمثل هذا التثبيط وانطلقت في إنشاء الصفحة وتطويرها وعمل قائمة بريدية لإرسال النشرة الشهرية أو إشعار بأن النشرة قد صدرت.
            يهدف المركز إلى تقديم الاستشراق من وجهة نظر إسلامية والبحث في تعريفه ونشأته وتطوره ومجالاته وأعلامه ونشاطاته وكان يتضمن نشرة شهرية من تسعة أبواب أعدها بالكامل مما أجده مناسباً لمجال الاستشراق.
            وهل حقق المركز أهدافه فهو جهد فردي ومهما ادعيت فهو دون المطلوب ولكنه أصبح المرجع الأول لطلاب الجامعات والدراسات العليا والأساتذة وعلى مدى العشرين سنة الماضية تجاوز عدد الزوار المليون والربع (عدا الأوقات التي توقف فيها العداد، أو النسخ الأخرى من الصفحة) فالحمد لله
 ·        لماذا يهتم الغرب بدراسة الدراسات العربية والإسلامية؟
            انطلق الاستشراق وفقاً لتعريفه لمعرفة علوم الإسلام والمسلمين لأن أوروبا كان في طور النهضة وكانت بحاجة إلى المعارف الإسلامية من علوم وآداب وقيم فمن تعريفات الاستشراق التي يغفل عنها الكثير وتنبّه لها الدكتور السيد محمد الشاهد بالرجوع إلى المعاجم الغربية فوجد أن استشراق ليست من الشرق الفلكي الجغرافي وإنما هي من البحث عن الضياء والنور والهداية والفهم والعلم ولذلك فالموظف في بداية التحاقه بالوظيفة تقام له دورة توجيه وتعليم وكذلك السنة الأولى في بعض الجامعات. فاهتمام الغرب بدأ سعياً نحو العلم والفهم ثم تحول على المعرفة التي تؤدي إلى السيطرة والهيمنة والتوجيه من خلال دراسات عميقة لواقع الأمة الإسلامية ولتاريخها وعقيدتها ومجتمعاتها. والتأثير في شبابها بمحاربة هُوُيته الإسلامية عن طريق المدارس والجامعات الأجنبية
·        أهمية الدراسات الاستشراقية بالنسبة لدول الخليج عموما والمملكة السعودية خصوصا؟
            إن كنت تقصدين اهتمام دول الجزيرة والخليج العربي بهذه الدراسات فهذا أمر وإن كانت اهتمام هذه الدراسات بدول الجزيرة والخليج العربي فأمر آخر. أستطيع أن أتحدث عن اهتمام المملكة بهذه الدراسات قد تكون بدايته مع انطلاقة القرن الخامس عشر الهجري حين أُنشئت وَحدة دراسات الاستشراق والتنصير بعمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض ثم توسع هذا الاهتمام بإنشاء قسم علمي بفرع الجامعة بالمدينة المنورة وكان أول قسم في العالم الإسلامي يهتم بهذه الدراسات وأُنجزت عشرات الدراسات بين ماجستير ودكتوراه. وبالمناسبة أعددت كتاباً عن دور المملكة الرائد في هذه الدراسات نشرته جامعة الإمام.
·        ما أطماع الدول الغربية في دول الخليج؟
            لا تختلف أطماع الدول الغربية في الجزيرة والخليج العربي عن أطماعها في كل العالم من هيمنة وسيطرة ونهب خيرات ومحو هويات أو مسخها، لا زلت أذكر من أربعين سنة قال طالب أمريكي نحن نشترى خشباً من دولة في أمريكا الجنوبية لنوفر شجر بلادنا وننهب الثروات. فالأطماع واحدة وهو المال والإنسان، ينتقل المال إلى بنوكهم، والإنسان يكون خاضعاً ذليلاً لهم.

·        برأيك كيف تتم مواجهة الفكر المنحرف والتيارات المعادية؟
            المواجهة تكون بالوعي والوعي والوعي، ولكن كيف يتأتّى هذا الوعي، والوعي هل يبدأ من القمة أو من القاعدة؟ وهل يكون ممن يخاف على الكرسي والمنصب والمال والجاه ولو كان غارقاً في الجهل إلى أخمص قدميه. كيف يتأتى الوعي لهذه الأمة؟ الوعي حين ينتصب علماء الأمة ومفكروها لتحمل مسؤوليتهم فيبذلون جهدهم لمواجهة الفكر المنحرف شرط أن لا يستغل السياسيون الاختلافات بين العلماء والمفكرين فيقربون فريقاً ويستبعدون فريقاً مستخدمين مقولة (فرق تسد) فيصبح الفساد فسادين خارجي وداخلي ويحتدم الصراع بين أبناء الأمة الواحدة بل حتى بين أبناء البيت الواحد.
            لا يمكن مواجهة الفكر المنحرف والتيارات المعادية وصاحب القرار السياسي يقرب الجهلاء ويستبعد العقلاء الحكماء من أجل المحافظة على كرسيه ومنصبه وعمالاته المتعددة
·        يزعم البعض التفوق العنصري والثقافي للغرب المسيحي على الشرق الإسلامي فكيف ترى ذلك؟
            لقد نجح الغرب في تسويق هذه الفكرة منذ أن بدأ مشروعه للاحتلال والاستيطان ومحو الشعوب الأخرى وإبادتها بهذه الحجة السخيفة بأنه أرقى من بقية الأجناس وأن لديه التفوق العنصري والثقافي. لا شك أن الغرب اجتهد في العلم والمعرفة وأنفق بسخاء كبير على تمكين العلماء والمفكرين ونشر ثقافتهم في كل أنحاء الدنيا.
            إنّ مزاعم الغرب في التفوق العنصري والثقافي أسطورة روج لها الإعلام الغربي والدراسات الغربية منذ مئات السنين حتى يتمكنوا من السيطرة والهيمنة على الشعوب والأمم الأخرى حتى إن بعض الباحثين يرى أن علم الإنسان (الإنثروبولوجي) علم وليد الإمبريالية ليتمكنوا من خلال ما يبدو دراسات علمية تفوق العنصر الأبيض، والعجيب أن هذا العلم الذي نجد له أصل في القرآن يهدف إلى أمر آخر أن يعرف الإنسان أصله ومآله وذلك في سورة الإنسان، ودخله العشرات من العرب والمسلمين ففضحوا مفتريات الغرب.
·        هل ثمة علاقة بين الاستشراق وتوجيه الموقف السياسي في الدول العربية؟
            منذ ان احتل الغرب البلاد الإسلامية وهو ينشئ المدارس والمعاهد كما أقنع حكاماً مسلمين بابتعاث النابهين من أبنائهم إلى المعاهد والجامعات الأجنبية فمكث المبتعثون ما شاء الله لهم أن يمكثوا في ديار الكفر والإلحاد والزندقة والفجور فعاد منهم من حماه الله وحفظه وعاد منهم من فسد وتزندق وألحد. وكان من الذين ضلّوا من أراد لهم الاستعمار أن يتسلموا مقاليد البلاد حكماً وتوجيهاً في التعليم وفي السياسة وفي الثقافة وفي الحكم.
            ولما كان الابتعاث غير ممكن للجميع فقد اجتال عدداً من أبناء البلاد في المدارس الأجنبية التي زعم كرومر أنها جسر بين الشرق والغرب ويقصد نشر ثقافة الغرب وتمكين الغرب ليهمين على عقول أهل البلاد. وكانت فيكتوريا والكلية الأمريكية والجامعات الأمريكية والمعاهد الأجنبية على أنواعها. وكانت البدعة الأخيرة فتح فروع للجامعات الأمريكية والأوروبية في بلادنا وبخاصة في دول الجزيرة والخليج العربي.
            وبالإضافة إلى كل ذلك عيّنت السفارات الأوروبية والأمريكية موظفين ليختاروا من انحرف أو كان على وشك انحراف أو لديه الاستعداد للانحراف ليتم الاتصال به واللقاء معه وربما ترتيب زيارات له للبلاد الغربية وتمكين تدريبه وتقوية جوانب الانحراف لديه ليعود شوكة في ظهر أمته. وقد سمّى الدكتور إبراهيم عوض هؤلاء (البصاّصين) الذين يجولون البلاد العربية والإسلامية.
            ويتم أيضاً استقطاب العرب عن طريق حفلات السفارات الأجنبية واللقاءات شبه العلمية أو التي تأخذ الشكل العلمي في مظهرها وحقيقتها غير ذلك. كما يتم ذلك في المؤتمرات وورش العمل وحلقات البحث.
            ·        هل يسعى المستشرقين إلى تشوية الإسلام والشعوب الإٍسلامية؟ وهل استطاعوا تحقيق ذلك؟
            نعم يسعون لذلك بكل ما أوتوا من همة ونشاط وإصرار فآلاف الدراسات تصدر عن الجامعات الغربية ومراكز البحوث ومراكز الفكر ووسائل الإعلام المختلفة من سينما وتلفزيون وإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي لتشويه الإسلام والشعوب الإسلامية. يسعون إلى تشويه صورة الإسلام لأنه الدين الوحيد الذي يقف في وجه المد الفكري والثقافي الغربي لأنه يمتلك منظومة حياتية كاملة تقدم للبشرية الحق والعدل وتقدم التسامح الحقيقي الذي لا يؤمن به الغرب لأن فلسفة الغرب منذ بدأ نهضته واستعماره لأمريكا وأستراليا واستعماره للبلاد الأخرى قائم على الإبادة والمحو واسأل عن الإبادات الجماعية والتطهير العرقي الذي نفذّه الغرب في أمريكا وأستراليا وفي أفريقيا حين انتزع الملايين ليستعبدهم ويستذلهم في بلاده. واسأل عن ملايين الأطنان من المتفجرات التي ألقتها الطائرات الأمريكية وغير الأمريكية على الشعوب.
            نعم استطاعوا لأمرين أنهم امتلكوا الجامعات ومراكز البحوث التي فتحت أبوابها ليتعلم العالم عن الإسلام عندهم، فكم من متخصص ياباني أو صيني درس عن الإسلام والمسلمين في الجامعات الغربية. بل والأدهى من ذلك أننا نصر على ابتعاث أبنائنا إلى الجامعات الغربية لدراسة اللغة العربية (من علج لا يحسنها) أو يدرس الدين الإسلامي من سكّير عربيد، ليدله على الطريقة التي ينتقد الإسلام ويتجرأ على ثوابته وعلى الوحي بحجة البحث العلمي.
            أما الأمر الآخر الذي ساعدهم في النجاح في تشويه الإسلام وصورته والمسلمين هو ابتعاد المسلمين عن دينهم فلا يمكن أن تنقل المرآة صورة حسنة جميلة لأصل قبيح ، فنحن المسلمين ساهمنا بقوة في هذا التشويه فمن الحكم الاستبدادي الطاغي إلى السلوك الفردي ، فنحن في سلوكنا العادي نكذب ونُخلف الموعد ونسرق ونفسق ولا نخلص في عملنا فبالله عليك قل لي كيف يمكن أن تكون الصورة جميلة إن كان هو الواقع. وفي أحيان أعلنّا أننا نتمسك بالإسلام ولكن هذا التمسك لا يتحاوز أداء الصلوات والحرص على شعائر معينة تمسكنا بها بحكم العادة والتقاليد وليس بسبب الإيمان والاعتقاد وبالتالي صار تمسكنا بالإسلام ميكانيكيا نعرف فروض الصلاة وأركانها والطهارة بأنواعها وأقسامها وسنن الوضوء وواجباته ولكن لا نفقه روح الإسلام الداعي للرحمة والصدق والعفاف والحشمة الحقيقية.
·        ما الأهداف السياسية والعسكرية للاستشراق؟
            الأهداف السياسية والعسكرية للاستشراق أن يتمكن الغرب من الهيمنة على الشعوب العربية والإسلامية وتظل سوقاً للسلاح وأن تبقى الأنظمة العربية تحت حماية الغرب وكم عُقدت المؤتمرات والندوات للحديث عن أمن المنطقة وبخاصة الجزيرة العربية والخليج العربي ويتحدثون عن أمن ناعم وأمن خشن وليس لأهل الجزيرة رأي فيما يقال فهذا الاتحاد الأوروبي يريد أن يشارك في المحافظة على الأمن وكأننا مخلوقات ضعيفة قاصرة نحتاج إلى من يضمن أمننا، وهل أمننا هو الذي يهمهم أو الثروات التي يسيل لعابهم لنهبها وأخذها.
        في كتاب السلام البريطاني في الخليج العربي قرأت هذه العبارة وأنقلها كما هي:" وردّ المندوب الأمريكي موريه أنه "بالنسبة لكلينا -يخاطب المندوب الإنجليزي في منطقة الجزيرة-فنحن لا نريد جيشاً سعودياً قوياً، إن كل ما يريده كلانا هو جيش سعودي لحفظ الأمن في الداخل" (عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، السلام البريطاني في الخليج العربي 1899-1847دراسة وثائقية، (الرياض: دار المريخ، 1402هـ1981م) ص 262
        فكم هي صحيحة هذه العبارة ودقيقة؟ أعتقد أنها لا يمكن أن تكون قانوناً أو دستوراً ولكنها جزء من مخططاتهم التي أسأل الله أن يُبطلها.


·        دائما ما تحاول الدول الغربية ترسيخ صورة ذهنية بأن الدين الإسلامي يدعو إلى العنف ويتهمون الدول العربية والإسلامية بذلك؟ فكيف تقرأ هذه الاتهامات؟
    أول ما يتبادر إلى ذهني المثل العربي القائل (رمتني بدائها وانسلت) فكيف بالله يكون الدين الإسلامي يدعو إلى العنف وما تعرض له المسلمين ويتعرضون له من قتل ودمار وتشتيت وتشريد يدل على أن الغرب هو القاتل وهو العنيف وهو الذي يصنع السلاح ويصنع القنابل المدمرة وأدوات الدمار الشامل، وهو من استخدمها ويستخدمها حتى اليوم ويكفي أن نرجع إلى ما قاله الدكتور على المزروعي رحمه الله الذي عاش بين ظهرانيهم (في نيويورك) وكتبت ذات يوم مقالة عن الغرب في ألف عام ومما جاء فيها:
"ذكر الدكتور المزروعي أن تاريخ البشرية لم يعرف حضارة من الحضارات قامت بإشعال نار حربين عالميتين في مدى خمسين عاماً راح ضحيتهما عشرات الملايين ودمرت المدن والقرى، ولم يعرف العالم أمة من الأمم ابتكرت من أسلحة الدمار الشامل ما يكفي لدمار الكرة الأرضية عدة مرات مثل الغرب. ولم يعرف العالم أمة استخدمت التقنية لاختراع أسلحة جرثومية. ولم تعرف البشرية حضارة عرفت محاكم التفتيش التي عرفتها أوروبا لتعذب من خلالها أبناءها وتعذب غيرهم كما عرفته أوروبا.
ولم تعرف البشرية احتلال شعب أرض شعب آخر ومحاولة إبادة الشعب صاحب الأرض الأصلي كما فعل الأوروبيون في أمريكا وأستراليا. وكما فعل الغرب في مساعدته يهود على استيطان فلسطين ليجعلوها أرضاً بلا سكان لشعب بلا وطن. ولم يعرف العالم حضارة حاولت أن تقضي على الحضارات الأخرى من خلال التربية والتعليم كما فعل الغرب ويفعل حتى اليوم.
وحتى لا أطيل في تذكر ما قاله الدكتور علي المزروعي في محاضرته في ندوة الجنادرية أعود إلى الكاتبة الفرنسية فأقتبس منها ما يؤيد هذه الاتهامات للحضارة الغربية فهي تقول :" شهدت البشرية في الألفية الثانية سيادة الغرب على ما سواه، وقد حقق هذه السيادة باستخدامه أبشع أنواع العنف والحروب داخل جغرافيته وخارجها: محاكم التفتيش ، الحروب الدينية الدامية ، والحروب الاستعمارية التي ارتكب خلالها مجازر يندى لها الجبين، نذكر منها مجزرتين لم تعرف مثلهما البشرية من قبل: الأولى الإبادة الجماعية لسكان القارة الأمريكية الأصليين من الهنود الحمر واستعمار أراضيهم بالقوة والوحشية باسم الحضارة، والثانية القيام باصطياد ملايين الأفريقيين وقيادتهم مكبلين إلى أمريكا للعمل كعبيد لسادتهم البيض، وكان غالبيتهم يموتون إبان السفر ومن يعش يلق كل أنواع العبودية والذل طيلة حياته."
" لقد كان الغرب ومازال مسؤولاً عن قيام الحروب الاستعمارية والعرقية والدينية والطائفية والاقتصادية من دون أن ننسى الحربين العالميتين وبعدهما الحرب الباردة والأسلحة الفتاكة التي استخدمت في هذه الحروب دفاعاً عن المصالح الغربية."
أما العنف في الإسلام فيرد عليه أمور كثيرة أنه دين اسمه الإسلام ومن مشتقات الإسلام السلام، وثانياً المطلوب من المسلم إفشاء السلام على من عرف ومن لم يعرف، وثالثا كما أُرسل رسولنا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين فيجب أن نكون نحن كذلك، وأحب أن أورد نصيحة أبي بكر لجيشه المتوجه للقتال في الشام
يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني:"لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا أو شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تعقروا نحلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له"
·        ما حقيقة تجسس الدول الغربية على البلدان العربية بصفة عامة ودول الخليج خاصة؟
            لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال لأنني لا أملك معلومات دقيقة لكن الواقع يؤكد أنهم يتجسسون علينا بوسائل كثيرة منها آلاف العملاء المنتشرين في بلادنا والذين استطاعوا تجنيدهم على مر السنوات بالإضافة إلى الأجهزة التي نستخدمها والبرامج الحاسوبية وغيرها مما يمكّن لهم أن يعرفوا عنّا التفاصيل وتفاصيل التفاصيل.
·        ماذا عن دور أمريكا في محاربة الإسلام السياسي؟ وهل نجحت بمعاونة دول الخليج في استئصاله؟
            أحب أولاً أن أعترض على مصطلح "الإسلام السياسي، وكان مما كتبت ذات يوم
    "فمن قال بأن الإسلام يمكن تقسيمه إلى سياسي وغير سياسي؟ وهل هذا الذي أطلق عليه "الإسلام السياسي لم يظهر إلاّ بعد فشل المشروعات القومية العربية (أو كما يقولون 2القوموية العروبية).  ليس في الواقع شيء اسمه إسلام سياسي وآخر إسلام للمسجد وإسلام لأحكام الطهارة. إن الإسلام يحكـم حياة المسلم منذ استيقاظه في الصباح إلى أن يأوي إلى فراشه ليلاً. وعجيب أمر المستشرقين أو المتغربـين من أبناء هذه الأمة الذين قبلوا أن يقسموا إسلامنا هذه التقسيمات الزائفة. أما الزعم بأن الدعـوة إلى تحكـيم الإسلام في حياتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً تعود إلى ما بعد فشل المشروع القومي سنة 67م. فأمر غير صحيح ذلك أن العالم الإسلامي لم يخرج من الاحتلال إلاّ بفضل الله عز وجل ثم بفضل حركات التحرر التي نادت بالجهاد ضد المحتل الأجنبي فتسلط على الشعوب العربية الإسلامية من أطلق عليهم (سُرّاق الثورات).
            ومن المعروف أن أمريكا والغرب عموماً يدرس الحركات الإسلامية أو ما أطلقوا عليه زوراً وبهتاناً وتضليلاً وخداعاً "الإسلام السياسي" منذ انطلاقة حركة الإمام حسن البنا رحمه الله فأعدت عدة رسائل دكتوراه حول الإخوان المسلمين ولا تزال الدراسات حول هذه الحركات منذ ذلك اليوم والحقيقة من الصعب إحصاء تلك الدراسات وقد حضرت العشرات من المؤتمرات في الغرب وقلّ أن يوجد مؤتمر دون الحديث عن هذه الحركات. وفي مؤتمر في هولندا عام 1996بعنوان (المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين) كان هناك من تناول الحركات الإسلامية وموقفها من الديمقراطية وهما :هالة مصطفى ونبيل عبد الفتاح ولم يكن أحد يمثل الحركات الإسلامية حاضراً ليرد على افتراءاتهم المعروفة بأن هذه الحركات صوت واحد لرجل واحد مرة واحدة (أو أخذ السلم فوق)،
        ولكنها في الواقع في بعضها دقيق وصادق حين يتحدثون فيما بينهم ففي دورة في معهد بروكنجز عام 2010 أو 2011م  موجهة للأمريكيين الذين يعملون في شتى المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية تحدثت رئيسة قسم الشرق الأوسط في المعهد فاستفاضت في الحديث عن تنظيم الإخوان في مصر وتونس والمغرب وأشادت بعمق هذه التنظيمات وقدرتها على إدارة البلاد ، ولكن المصالح الاقتصادية والأطماع والأحقاد الدينية تأبى لهم أن يروا هذه الحركات تنجح في حكم هذه البلاد.
            أما الشق الآخر من السؤال فلا أستطيع أن أجيب عليه سوى ما تناقلته وسائل الإعلام عن المليارات التي انهالت من دول الجزيرة العربية على مصر بعد الانقلاب المشؤوم ولكن هي جولة من معركة ولئن كان النصر لهم في هذه الجولة فلا يمكن لأحد أن ينتزع الإسلام من البلاد العربية والإسلامية ومهما طال الزمن فالإسلام هو المنتصر في النهاية وخير من يمثله هم من انقلبوا عليهم.

·        ما حقيقة دور الغرب في واد ثورات الربيع العربي؟  ومن المسؤول الحقيقي عن إشعال الحرائق في دول الربيع العربي؟
        ليس جديداً ما فعله الغرب في حربه لثورات الربيع العربي فهو حينما احتل البلاد العربية واضطر أمام جحافل الجهاد أن يخرج مهزوماً مدحوراً، سلّم البلاد لمن أكمل الاستعمار بلا قيود فجاءنا المستعمر الأسمر بعد أن خرج المستعمِر الأبيض. وهو في حرب مستمرة مع أي تيار للتحرر الحقيقي في بلادنا أحيانا ً بطريقة صريحة وأحياناً أخرى بطرق غير مباشرة فدراساتهم لا تنقطع ولا ينقطعون عن الوسوسة للحكام بأن هذه الحركات الإسلامية تريد أن تنازعهم السلطة وكأن السلطة حق أزلي لمن تولاها بانقلابات أو انتزاع من حكام سابقين. وقد أوقعوا في روع الحكام أنه تجري في عروقهم الدماء الزرقاء وأنه حق أبدي لا ينبغي أن يتنازلوا عنه، والحقيقة كان لي لقاء مع رئيس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون قبل أعوام (ربما عام 1995) واسمه هيث لوري فقال لي في جلسة خاصة يا مازن نحن الأمريكان والغرب عموماً قبلنا أن يصل إلى الحكم العلمانيين من بعثيين وشيوعيين وعسكريين ولما يصل الأمر إلى أصحاب الاتجاه الإسلامي نرفض وصولهم إلى الحكم أو حتى إلى المجالس البلدية كما حصل في الجزائر، وقال نحن مثلكم مضطهدون فما تقدمه السي إن إن في أمريكا غير ما تقدمه في العالم يشغلوننا بالتوافه مثل امرأة قطعت عضو زوجها أو شخص سقط في بئر أو محاكمة أو جي سمبسون وغير ذلك.
·        ما خطر التحول الديمقراطي على العالم العربي؟
            اسمحي لي أن لا أوافق على السؤال لأنه يفترض أن هذا التحول فيه خطر ولو كان السؤال ما هي أخطار عدم التحول للمسار الديمقراطي في العالم العربي لأجبتك أن أمة تفتقد إلى الحرية والكرامة لن تنتج علماً ولا فكراً ولا صناعة ولا زراعة فإنها أمة تعيش في الخوف والرهبة من الحاكم. إن التحول الديمقراطي هو من يتيح للأمة أن تختار من يرأسها ويحكمها وهي من تختار رؤساء البلديات والنواب، الديموقراطية تحاول أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب، قد تخطئ أحيانا ولكن ليس الخطر من التحول الديمقراطي وإنما الخطر من غياب الديمقراطية. ومن روّج للكلام عن الخطر الديمقراطي هو من يريد أن يبقى الحال على ما هو عليه وكما يقولون في الجزيرة (الله لا يغيّر علينا)
            والتحول الديمقراطي يستلزم أول ما يستلزم إعادة وجود مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دورها في الحياة العامة سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعيا، وهذه المؤسسات تشمل من شيوخ المهن إلى النقابات المختلفة من مثل نقابة العمال ونقابة المعلمين ونقابة أساتذة الجامعات ونقابة الأطباء ونقابة المهندسين وإعادة الاعتبار للعمل الخيري وللوقف وإنهاء ما سمّاه الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله (تغول الدولة القومية) التي تسيطر  على كل شيء وهو ما وصفها به الدكتور النفيسي في حديثه عن تعريف السياسة والمشاركة السياسية
ويعجبني في هذا المجال تعريف الدكتور عبد الله النفيسي للسياسة حين يقول: "والسياسية في رأيي المتواضع هي القرار السياسي الذي نكون نحن إما أبطاله أو ضحاياه فهي التي تحدد كل شيء من المناهج الدراسية التي يدرسها أبناؤنا إلى البرامج التي نشاهدها على التلفزيون إلى الطعام الذي نأكله واللباس الذي نلبسه، وهي التي تحدد طريقة الحياة التي نعيشها وما يمكننا أن نتحدث فيه أو نسكت عنه إنها تحدد كل شيء تقريباً حتى النقود التي نحملها في حافظة النقود في جيوبنا فإذا كانت هذه هي السياسة كلها فلماذا تكون قاصرة على فئة معينة من الشعب ويحرم الشعب كله من الحديث فيها."
           فإذا كانت السياسة هي هذه الأشياء وأكثر فلا بد من التحول الديمقراطي، وإن قال أحد الديمقراطية هي الطاغوت أقول له إنما هي آلية أوجدها غيرنا ولا بأس أن نقتبسها منهم لنصل إلى ما يريد الإسلام من تحقيق الحرية والعدل والمساواة والرحمة. فليس في الإسلام ما يمنع الاقتباس من الأمم الخرى فيما لا يتعارض مع نص من كتاب أو سنة.
·       قرأت للدكتور خالد الدخيل قوله:" حقائق التاريخ تقول إن الحضارة العربية الإسلامية انتهت واستنفدت أغراضها، وإن الحضارة الغربية هي التي ورثت تلك الحضارة وحلت محلها بتفوق غير مسبوق."فما رأيك في مثل هذه الآراء؟
       كنت في لندن صيف عام 2006 ففوجئت بمجلة إنجليزية بعنوان (تايم آوت) مخصصة للقضايا الاجتماعية وأين تقضي وقتك حيث تتحدث عن المطاعم والملاهي والمراقص والسينما وغيرها ولكن كان ذلك العدد مكتوب على غلافه باللغة العربية وبخط جميل: مستقبل لندن الإسلامي" وفي عنوان فرعي: "لماذا تحتاج لندن الإسلام؟" فاشتريت نسخة لأعرف ما فيها وكان أن كتبت مقالة لمجلة الفيصل قلت فيه: ومسألة حاجة العالم إلى الإسلام ليست وليدة اليوم فقبل سنوات التقيت الشيخ أحمد ديدات رحمه الله في المدينة وبعد حديث عن قسم الاستشراق وتوقعه أننا ندافع عن الإسلام بأسلوب "الدفاع التبريري"، سألته وما العمل فقال: "ينبغي أن نخاطب الغرب قائلين لهم: "انظروا إلى أوضاعكم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إنكم تعيشون في ضنك مستمر وأزمات متواصلة. هذه حضارتكم قد حطّمت الأسرة؛ فالطلاق لديكم في ارتفاع مستمر، والزواج لم يعد زواجاً حقيقياً فقد ارتفعت نسبة الرجال الذين يعيشون مع نساء دون زواج. ويعاني أطفالكم من العيش بلا آباء، وسجونكم مليئة بالقتلة والمجرمين والمدمنين ومروجي المخدرات، وتعاني مجتمعاتكم من الشذوذ والإدمان على المخدرات والخمور. فما ذا أنتم فاعلون لحل هذه المصائب؟ إن عليكم أن تعرفوا أن الحل لكل هذه الأزمات موجود في الإسلام."
    لا يا سيدي لم تنته الحضارة الإسلامية أو دورها ولكن من المسلمين الحاليين الذين لم يطبقوا الإسلام فتأخرنا بين الأمم وإلّا فالعالم كله في حاجة للإسلام في حاجة لعدل الإسلام وتسامح الإسلام ورحمة الإسلام ونقاء الإسلام وعفة الإسلام وأخلاق الإسلام
    وأخيراً اسمح لي أن أكون قاسياً، ما دامت تلك الحضارة في قلبك فارحل إليها غير مأسوف على غيابك






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية