لقطات من مؤتمر بيروت في جامعة نوتردام الكاثوليكية في الكسليك




يقولون سُمِّي الإنسان إنسانا لنسيانه أو كثرة نسيانه، وأحمد الله أن لي ذاكرة طيبة (قولوا ما شاء الله) ولكني أساعد هذه الذاكرة بدفتر أقيد فيه ما يمكن أن يكون طريفاً ومفيداً ومضحكاً أحياناً. وكان مما دونت في دفتري بعض اللقطات من المؤتمر والجولة في بيروت.

·    ثلاثة على المنصّة يسبق اسمهم (الأب) وبالإنجليزي الحرفين Fr. فهل كان بالإمكان حضور أربعة أو خمسة من المسلمين الذين يحملون لقب شيخ باستحقاق ويعتزون بالإسلام ويقدمون ورقات علمية متميزة بلغة عربية سليمة أو باللغة الإنجليزية؟

·    دخل القاعة عدد من رجال الدين النصارى وأجلسوهم في الصف الأول وبدا على ظاهرهم الوجاهة فأسرع أحدهم بعد دخولهم وصعد إلى المنصة وأخذ اللاقط وأراد أن يرحب بهم دون أن يستشير رئيس الجلسة فقال له الرئيس دعني أشكر المتحدثين ثم قل ما شئت، وكان يريد أن يرحب بالمطران سين والمطران صاد، وأحدهم مطران عُيّن حديثاً رئيساً للكنيسة الأرمينية في نيويورك وسوف يسافر بعد يومين لتولي مهام منصبه، ورحب بأحد القساوسة من الكنيسة التي أسست الجامعة. وهنا ظهر لي أن المجاملات أو النفاق أو الاحترام موجود عندهم للتراتبية الكنسية. فهم وشأنهم ونحن اخترعنا سمو ومعالي وسعادة وعطوفة ونيافة وبطيخ. وأعجبني أن لبنان قبل أعوام قرروا أن يلغوا كل تلك الألقاب، ويقولون رئيس الجمهورية حاف أو ربما رتبته العسكرية وليس فخامة أو صاحب كذا وكذا، ولا أدري هل التزم بها اللبنانيون أو لا.

·   في مطعم الكلية كنت أقف لأطلب كأس شاي فسمعت المحاسب يتحدث مع صديق له ويقول أرأيت تلك الفتاة في آخر القاعة (قاعة الطعام) الفتاة التي تقف مع الفتاة التي ترتدي كذا، أنت تعرفها وكأنهما يتآمران على أمر، فقال الشاب صديق المحاسب ولكنها منظرها كذا وكذا أو خلقتها ووجد فيها عيباً معيناً. وهنا تساءلت عن الدعاة إلى الاختلاط مع الأزياء الفاضحة أو حتى والله بدونها فإن الشباب في هذه المرحلة إن لم يكونوا يملكون الوازع الديني الذي يمنعهم من زنا النظر واليد واللسان والرجل والفرج ولم يعرفوا غض البصر وهو أمر صعب في ثقافة لا تعترف بكل هذا فستكون الغريزة هي التي تقود التعامل بين الشاب والفتاة في الغالب. وهل كان هؤلاء الرجال الذين تمر من أمامهم نساء لم يأتين إلاّ لإظهار مفاتنهن بلبس الضيق أو العري شبه الكامل.

·    نصراني من فلسطين يهدد أننا في المملكة سنواجه متاعب جمة بعد قليل تفوق كثيراً من القضايا التي نعاني منها الآن، وهي قضية عدم وجود كنائس في بلادنا، وقد أمسكت عن مناقشته في أمور كثيرة لحرصي على استمرار العلاقة لشيء في نفسي، ولتحقيق مكاسب أكبر من الاعتراض ولكن في هذه المسألة قلت له: إن صاحب الشريعة صلى الله عليه قال (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) وكان من آخر وصاياه صلى الله عليه وسلم أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب وطبق ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وسألته هل يرضى الفاتيكان أن يقام مسجد داخله؟ والأمر الآخر لما ذكرت الأمر في موقع تويتر أجابني الأخ عصام مدير أنه في كتبهم المقدسة أن بلاد الحرمين محرم دخولهما على غير المؤمنين. وقد وجدت نقاشاً في أحد المواقع في الإنترنت تحدث فيه  أنور عشقي والدكتور حامد الرفاعي ولكل واحد منهما منصب ضخم فخم ولكنهما كأنهما لم يقرءا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إن أستاذاً في جامعة البترول يتعجب لماذا لا يسمح للعمال النصارى أن يكون لهم مكان للتعبد. وأحب أن أضيف إن المسألة أخطر من ذلك وأحب أن أستشهد هنا بكلام جميل للشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله الذي يقول فيه:"وعدم اجتماع دينين وإخراج اليهود والنصارى من هذه الجزيرة الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل أبعاداً ومعاني أوسع مما يبدو ظاهراً من اللفظ، فهو يشمل إبعاد أثرهم وتغلغل حضارتهم وقيمهم في هذه الجزيرة وخطر نشوء جيل ليس بينه وبين الحرم ومسج الرسول ورسالتهما تجاوب وانسجام وتفاهم واتفاق، بل بينهما بالعكس تباعد وتجاف خطر لا يوجد له نظير في التاريخ الماضي.."(كيف ينظر المسلمون إلى الحجاز وجزيرة العرب: مشاعر وأحاسيس ودراساتوملاحظات) القاهرة:دارالاعتصام1399هـ/1979م) ط2 ص 58 ويقول في موع آخر:"ونهى أن يجتمع دينان فيها (جزيرة العرب) ولاشك أن وصيته النبوية الحكيمة لا تقتصر على إخراج غير المسلمين أجساماً ظاهرة، بل إنها تشمل نفوذهم وتوجيههم وحضارتهم ودعوتهم كما يفهم كل عاقل"(ص 81)

·        حاول أحد المتحدثين أن يمتدح التعايش بين المسلمين في ألمانيا وغيرهم فقال إن الأتراك يحتفلون بأعياد الميلاد مع النصارى ويضعون شجرة عيد الميلاد أما تعاطف النصارى مع الأتراك فهو أنهم يأكلون الطعام التركي. قد يصدق الأمر الأول على نسبة قليلة من الأتراك وبخاصة ممن فقد صلته بهُوُيته وانتمائه أو اعتقد أن شجرة الميلاد مجرد عادة اجتماعية وليس قضية عقدية. ولكن هل تناول الطعام التركي يدل على قبول الأتراك. إن الطعام التركي لذيذ كما أن المطاعم التركية التي تفتح إلى ساعات متأخرة لا يوجد غيرها في كثير من الأحيان- وقد رأيت هذا في مدينة أكسفورد، ففي منطقة وسط أكسفورد يبقى مطعمان مسلمان يعملان حتى أوقات متأخرة بينما يذهب الإنجليز للراحة والنوم أو للسكر والاستمتاع. فهل هذا تعايش؟

·        من أوجه التبادل المعرفي تبادل الطلاب والأساتذة بين الجامعات في البلاد الإسلامية وجامعات غربية حيث تشترك خمس جامعات تركية وجامعات من إيران والهند في هذا البرنامج.

·        أشار أحد المتحدثين أن الذي يدرّس الإسلام يجب أن يكون مسلماً ولا مانع أن يدرِّس مسلم بعض الموضوعات النصرانية، ولكن في واقع الأمر معظم إن لم يكن الغالبية العظمى ممن يدرّس الإسلام في الجامعات الغربية غير مسلم وأحياناً أشخاص حاقدون على الإسلام والمسلمين. أما أن يسمح لمسلم أن يدرس بعض الموضوعات عن النصرانية فلماذا إذا وجد مسلم متخصص في النصرانية أن يدرسها أسوة بما يفعلون في تدريس الإسلام؟

·        أزياء رجال الدين النصارى من وضعها لقد وجدت عدداً كبيراً من الأزياء المختلفة بعضها يبدو على التأنق والترفيه والبعض الآخر يشبه ملابس رعاة الأغنام وتختلف نوعية الأقمشة المستخدمة فمنها الغالي ومنها فيما يبدو الرخيص، وأتساءل هل فكّر النصارى في هذه المسألة وهل المسيح عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا الكريم جاء بهذه الأزياء والتقليعات؟ ألم يكن نبياً يدعو إلى الزهد والتقشف والبعد عن زخارف الدنيا حتى ذكرهم القرآن الكريم (ورهبانية ابتدعوها ما فرضناها عليهم) فوجوه رجال الدين النصارى متوردة ويبدو عليهم النعيم.

·        صانع القهوة أمام مقر الشيخ فيصل المولوي رحمه الله. وقفت أمام عربة لصانع قهوة وتأملته وهو يصنعها فلديه أنبوب غاز داخل العربة التي يخرج منها الأنبوب إلى الموقد ولكن الموقع صناعة محلية فهو عبارة عن صاج وفوقه رفوف وعلى الصاج رمل ولديه إبريق فيه ماء يغلي فما أن تطلب القهوة حتى يسكب قليلاً من الماء المغلي في الدلة أو الجزوة ويبدأ في صنع القهوة ولكن رأيت على الصاج شيئاً غريباً وهو كمية من الرمل الناعم، والسبب أن القهوة يجب أن تغلي على نار هادئة فيحرك الدلة في الرمل الحار ويحرك القهوة بالملعقة فتصبح القهوة جاهزة في لحظات وينتظر قليلاً حتى تهدأ القهوة ثم يصبها في كأس من الورق. واللبنانيون يتقنون القهوة التركية بامتياز فلم أشرب فنجان قهوة واحد شعرت أن مستواه أقل من الممتاز. ربما دخلتهم القهوة المضغوطة ولكن يبقى مزاج الشوام عموماً في القهوة التركية قوياً.

·        الجامعة وأحد البنوك بيبلوس، لقد أزعجني أنني حيثما ذهبت في الجامعة رأيت إعلانات ولوحات البنك حتى الأوراق التي أعطونا إياها في المؤتمر هي دفاتر موضوع عليها شعار البنك واسمه. فإذا كان البنك يتبرع للجامعة فعيب أن يجعل الجامعة صفحة إعلانات له. لا أدري لماذا لا ينزعج الطلاب والأساتذة من هذه الحضور الطاغي للبنك، أما أنا فقد كرهت البنك ولو لم يكن لغيره لما تعاملت معه، هل يصبح المال فوق العلم، هذا ما يظن أصحاب المال أنهم فوق أهل العلم. وقال أحدهم لماذا يذهب أهل العلم إلى أهل المال، فكان الجواب لأن العلماء يدركون قيمة المال بينما لا يدرك أصحاب المال قيمة العلم.

·   معرض الأبجديات وهي مؤسسة عالمية كان لها طاولة خاصة لعرض بعض مطبوعاتها ويزعمون أن الأبجديات ولدت في أرض الرافدين ومصر أو ربما قالوا إن الفينيقيين هم أول من اخترع الأبجدية حيث كانت الكتابة في بلاد الرافدين ومصر بالخط المسماري والهيروغليفي اللذان لم يتقنهما إلاّ نخبة محدودة أما عندما تطورت الأبجدية أصبح التواصل أسهل بين الناس. ولم أتوقف طويلاً عند هذه القضية فلعل هناك من يهتم بها لأسباب مختلفة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية