كيف أحضر مؤتمراً؟




• ما مدى ضرورة حضور العلماء العرب والمسلمين لهذه الدورات؟

لقد تعلمت من خلال حضوري للمؤتمرات على مدى العشرين سنة الماضية أن حضور المؤتمرات فن يستحق أن يُتعلّم، وان تقديم أوراق العمل أو البحوث أيضاً فن ينبغي أن ندرسه، وأن في المؤتمرات علاقات عامة ومهارات مختلفة تستحق أن تعقد لها دورات مختلفة.

وحضور المؤتمرات يتطلب النظر في عدة أمور من أهمها:

1- اختيار المؤتمر ونوعيته وجديته من خلال المعايير المطلوبة في البحوث أو ملخصات البحوث في حين بعض المؤتمرات لا يهمها إلاّ تكثير العدد ليكسبوا عن طريق الاشتراكات، وكل بحث مقبول حتى لو كتبه طالب في الابتدائي أو كان منقولاً من كتاب أو مضى على زمن إعداده عشرات السنين. ففي مؤتمر في بلد عربي تلقى دعماً من اتحاد الجامعات الإسلامية وقف باحث يقرأ بحثاً كتبه قبل عشرين سنة عن الاستشراق ونشر في كتاب له (أكل الزمان وشرب على معلوماته)

2- تقديم ملخص البحث فهذا يحتاج إلى مقدرة على صياغة الأفكار في أقل الأسطر في حدود 250-500 كلمة وتعجبت من مؤتمر يطلب مختصراً في ألف كلمة، وربما هناك مثل هذا المعيار. وهذا الملخص ينبغي أن يدل على علم بالموضوع وقدرة في البحث.

3- تقديم الورقة والدفاع عنها

4- مناقشة الأوراق أو البحوث الأخرى

5- تكوين شبكات معارف من خلال استراحات القهوة أو حفلات الاستقبال أو غيرها من النشاطات.

• هذه الدورة مقدمة من قبل عمادة تطير المهارات ولكن ما هو الدور الذي يقع على عاتق الجهة الأكاديمية؟

هذه الفكرة ستقدم إن شاء الله للعمادة بعد أن أكمل بعض المعلومات الخاصة بتفاصيل الدورة من حيث المدة والمستهدفين والميزانية وغير ذلك ومن سيشارك في تقديم فقرات من الدورة.

• هل هناك تحفيز ومنافسة بين أعضاء هيئة التدريس لحضور مثل هذه المؤتمرات وإن كان لا يوجد ففي رأيك ما السبب؟

من الصعب الحكم على الجامعات هكذا برأي دون دراسة وتمحيص، ولكن من المعروف أن حضور المؤتمرات كان يتطلب وقتاً طويلاً حتى إن بعض المؤتمرات كان الإذن لحضوره يأتي بعد انتهاء المؤتمر، والجامعات السعودية تختلف من حيث الإذن لأعضائها بحضور المؤتمرات فثمة قانون غير مكتوب أن جامعة الملك سعود تسمح بمؤتمرين فقط في العام ، وقد تقدمت قبل ثلاث سنوات بطلب الإذن بحضور مؤتمر ثالث وذهبت لمقابلة مدير الجامعة السابق فقال لي بالحرف: تتنازل عن مؤتمر ونسمح لك بمؤتمر فخرجت من عنده دون فائدة ولكني رتبت لحضور المؤتمر الثالث على حسابي الخاص. أما عندما في جامعة الإمام فقج عرفت أنهم يسمحون بمؤتمر واحد في السنة) وبعض الجامعات لا يصرفون بدل الانتداب للمؤتمرات بينما بعض كبار المسؤولين في الجامعة يسافر عشر مرات في السنة، وأظن (وربما أكون مخطئاً) أنهم يحدثون مناقلات بين بنود الميزانية فيأخذون ما للأساتذة لكبار المسؤولين. عندما كنت في جامعة الإمام كانوا أحياناً يهملون طلبات الإذن لحضور المؤتمرات وأحياناً يردون بالاعتذار دون إبداء الأسباب حتى إني كتبت لوكيل الجامعة:"أشكركم على الاعتذار فهذا تطور جميل ولكن لماذا لا تأذنون فإن كان الأمر مادياً فسأكفيكم الأمر وأسافر على حسابي، أما إن كان الأمر يتعلق بعنوان المؤتمر فيمكن أن أشرح لكم أنه لم يعد هناك فواصل قاطعة بين التخصصات والمؤتمر الذي اعتذرتم عنه مهم جداً في تخصصي. بل إن عميد الكلية في وقت من الأوقات لم يفهم الصلة بين العولمة والاستشراق فقلت لا حول ولا قوة إلاً بالله.

ولما كانت هناك مثل هذه الصعوبات فقد عزف كثيرون عن الحضور وطلبوا السلامة بأن اكتفوا بعملية التدريس أما الظهور أمام الآخرين بمظهر الجاهل فصعب على كثير منا، وإن كان البعض يستغل مسألة المؤتمرات للنزهة فيحضر اليوم الأول والأخير ويشارك في التقاط الصور وهو لم يسمع شيئاً في المؤتمر وحتى ورقته قدمها بطريقة سريعة وخرج لا يلوي على شيء.

• ما الذي يجب أن توفره الجامعة من أجل تواجد المفكرين في مثل هذه المؤتمرات؟

• على الجامعة أن تنظر في قدرات أساتذتها، صحيح أن الجميع ينبغي أن يحضروا المؤتمرات ويثروا معارفهم ويسعون إلى تقديم ما لديهم من علم بروح جدية، ولكن بعض الأساتذة أقدر من غيرهم فقانون أن الجميع لهم مؤتمران في السنة قانون جائر، فالميزانية وضعت في حسبانها أن كل أستاذ سيحضر ولكن كم نسبة الأساتذة الذين يحضرون المؤتمرات، وكم عدد الذين يحضرون المؤتمرات القريبة ويتركون البعيدة لعدم امتلاكهم اللغة أو القدرة على مواجهة علماء من بلاد أخرى. فينبغي النظر في السماح للبعض بأكثر من المؤتمرين فلا ينبغي أن تكون الجامعة جامدة فهذه ليست معاملات إدارية تطبق على موظفين في أي مرتبة وإنما التعامل هنا مع قمة العقول في الم متى ستعقد هذه الدورة وكم ستكون مدتها ؟

آمل أن أكمل المتطلبات في الأيام القادمة وأن يكون انعقادها في بداية العام القادم مباشرة في الأسابيع الأولى على أن يفتتحها معالي وزير التعليم العالي، وآمل أن تسعى الجامعة لتقديمها لطلاب الدراسات العليا وأساتذة الجامعات الأخرى.

• هل مرت معك مواقف طريفة في حضور المؤتمرات أو الترتيب لها

ما أكثر المواقف الطريفة فمن أين أبدأ؟ سأقص عليك بعض الحكايات ليس وفقاً لحدوثها ولكن كما ترد على خاطري، وهذه الحكايات تصلح أن تكتب في كتاب.

الخطاب السلحفائي:

دعا مركز دراسات غرب آسيا وشمال إفريقيا إلى مؤتمر حول العولمة في عام 2000م وأرسلت الدعوة بتاريخ 10 أبريل وكان آخر موعد لتقديم ملخصات البحوث هو 15 أغسطس، والمؤتمر في إبريل من العام التالي. المهم في أثناء الإجازة (شهر أغسطس) كنت أزور الكلية فرأيت خطاباً عند العميد (عندي فضول أن أقرأ ما على مكاتب العمداء- لتعمدهم إخفاء بعض الأمور- فقرأت أن مؤتمراً سيعقد في الصين ولكن موعد التقديم قد فات، فطلبت من العميد أن أصور الخطاب وأرسلت رسالة إلكترونية أخبرهم بالبيروقراطية القاتلة في جامعتنا وان الخطاب من المركز الرئيس إلى الفرع وصل في أربعة أشهر فهل تقبلون أن أقدم ملخص بحث للمشاركة فجاءني الرد سريعاً بالموافقة، فتقدمت إلى العميد أطلب الإذن فقال وما علاقة العولمة بالاستشراق؟ والعجيب أن العميد نفسه كان يتولى رئاسة قسم الاستشراق. فقلت هل أخبره أو أتركه على جهله، والتجارب علمتني أن بعض الناس يتمسكون بجهلهم.

الوكيل والمدير:

تقدمت بطلب الإذن لحضور مؤتمر في الجزائر حول الاستشراق فجاء الرد من وكيل الجامعة بأن وقت المحاضر لا يسمح بالحضور لانشغاله بالمحاضرات والدروس، فكتبت إلى مدير الجامعة مفنداً كلام الوكيل وأنه بإمكاني ترتيب محاضراتي مع الزملاء وأن المؤتمر مهم لتخصصي فما كان من مدير الجامعة إلاّ أن أذن.

الجامعة والصرف بالقطارة

في أثناء بحثي للدكتوراه كان علي أن أقوم برحلة علمية إلى كل من برنستون وبريطانيا، فسافرت على أمل أن تدفع الجامعة لي تكاليف السفر بعد عودتي ففوجئت أن المبلغ المخصص للرحلة هو ألفين وستمائة وخمسين ريال عن كل شهر. فقلت للعميد هل يعقل أن أذهب إلى مدينة من أغلى المدن الأمريكية بألفي ريال، هل كان علي أن أحمل معي كيس خبز ناشف وخيمة وأسكن في إحدى الحدائق العامة؟ أيليق أن ينفق أحدهم (دعوات فنادق الخمس نجوم) عشرات الألوف وباحث جاد لا يعطى أكثر من ألفي ريال أو ألفي ريال وزيادة قليلاً؟ لقد عدت من تلك الرحلة ونشرت أربعة كتب وأحضرت معي عشرات الكتب والمجلات وأجريت العديد من المقابلات وحضرت كثيراً من المحاضرات والنشاطات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية