مصر المحروسة قبل الثورة فهل غادر الشعراء أو ليس بعد؟


يقولون مصر المحروسة، أو القاهرة المحروسة وأهل مكة يردفون اسم مكة بـ حرسها الله، أو شرفها الله، ولا أدري هل يضيفون شيئاً بالنسبة لمدينتنا الحبيبة المدينة المنورة، فهل نقول حماها الله، وهو حاميها بلا شك فحين ينزل الدجال إلى حدود المدينة لا يستطيع دخولها فترتجف ويخرج إليه المنافقون وكأني قرأت الرقم بسبعين ألف، فكم يكون سكانها حينذاك؟ ولكن حتى وإن وجد النفاق فإن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها، وفي حديث آخر (يوشك أن لا يكون إيمان إلاّ بالمدينة) وقرأت ذات يوم (يوشك أن لا يكون إيمان إلاّ بالحجاز) وقد جادلت أحدهم قلت في بعض مناطق بلادنا يتحدثون عن العقيدة كثيراً ، فاسمع نحن في الحجاز نطبق العقيدة وآخرون يتشدقون بالحديث عنها، فسكت.

أعود إلى إعجابي بالقاهرة فقد رأيت لوحات عيادات الأطباء على المباني القديمة والحديثة مما أثار في نفسي الفضول عن نسبة الأطباء في مصر إلى عدد السكان، والأطباء المصريون المهاجرون، ووجدت أن كثيراً من الأطباء لديهم شهادات عليا وتخصصات جميلة، فهنأت نفسي والشعب المصري بهذا الأمر وكم تمنيت أن تكون عياداتهم في أوضاع أفضل بدلاً من العمارات التي أكل عليها الزمان وشرب. ولكن لو كانت عياداتهم في مكان أفضل لكانت رسومهم أكبر. فأتعجب لماذا لا يتعلم الناس من الرعاية الصحية البريطانية. وسمعت أمريكياً يقول إن بريطانيا ليست دولة عظمى لأنها تقدم الرعاية الصحية المجانية. ولا أدري ما العلاقة بين هذا وذاك.

لم يعجبني منظر رأيته في مصعد الفندق (فندق السفير- ليس دعاية-)فقد كان معي ثلاثة شباب يبدو أنهم من الكويت وكان في يد أحدهم رزمة ضخمة من العملة المصرية من ذات المائة جنيه وفي تقديري لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، فهو فيما يبدو أمين مال المجموعة. ولكن تساءلت هل هم ذاهبون لشراء كتب أو معدات أو ماذا؟

وأعجبني أن رأيت أعداداً كبيرة من العرب والمسلمين من أقطار العالم الإسلامي كافة، ومن هؤلاء مجموعة من اليمانية وسمعتهم يذكرون الدكتور وذكر أحدهم كبسولات أو الحبوب أو الحقنة فهل كانوا يتحدثون عن دكتور أو طبيب حقيقي أو يتحدثون عن رمز لم أفهم كما كان صاحبنا في الطائرة يتحدث عن الشيء.

ومن الأشياء التي لم تعجبني في مصر وفي غيرها من البلاد العربية النفوس الرخيصة التي تُصرُّ على البخشيش أو البقشيش، وهي الرشوة في بعض المواضع حتى كأن هؤلاء يعتقدون أنها حق مكتسب يجب دفعه، فيقابلك الموظف بابتسامة صفراء باهتة ماكرة قائلاً: كل سنة وأنت طيب، يا بيه" وهذه تقال بمناسبة وبلا مناسبة والأكثر أنها تقال بلا مناسبة. وكلما سمعت هذه العبارة فاعلم أن خلفها طلب رشوة أو بخشيش حتى وإن  لم يقدم لك قائلها أي خدمة، وإنما قام بواجبه. من الأمثلة على ذلك أن يقابلك الضابط في المطار أو مسؤول الأمن في الفندق فيبتسمان لك وينتظران، وهناك عبارة أخرى وهي "نهارك سعيد" وكأنها ترجمة العبارة الفرنسية بون جور. وربما سمعت نهارك عسل، نهارك قشطة، أو نهارك فل.

ولا يعجبني في القاهرة أن تتفق مع سائق السيارة الأجرة على مبلغ معين وفي نهاية المشوار يلح ويصر أن تعطيه زيادة عن الأجرة المتفق عليها، ويبرر طلب الزيادة بأنه يدفع رسوم هنا وهناك، ولديه أبناء وبنات في الجامعة وغيرها حتى يشعرك بالذنب إن لم تعطه.

لم يعجبني التأمرك أو التغرب في بعض المصريين وبخاصة في الجامعة الأمريكية المخصصة في الغالب لأبناء الذوات الذين كان آباؤهم أو جدودهم من الباشاوات قبل الثورة المصرية (1952) أو أصبحوا باشاوات بسب الانفتاح الاقتصادي (المزعوم) في عهد الرئيس السادات. صحيح أن الثورة حطمت كثيراً من رؤوس المجتمع في العهد الملكي ولكن كثير من هؤلاء كان لديهم قدرة على التلاؤم مع الظروف المستجدة حتى كان الانفتاح والرأسمالية (وأخلاق السوق) وهي سيئة على أية حال. وهؤلاء الذين انتموا إلى الفكر الغربي لم تعوج ألسنتهم فقط بل بلغ الاعوجاج العقول والنفوس والأخلاق. وقد صدر كتاب قبل أعوام بعنوان (الانفجار الجنسي في مصر) ويقصد المؤلف ما أدخلته الثورة "العظيمة" من سماح لكل أنواع الترف والترفيه وتشجيع الانحراف والانحلال وسياحة الجنس.

لم يعجبني أنني كنت أجلس في مطعم وإذ برجل كبير السن يحاسب الزبائن وينهمك فيما بين محاسبة زبون وزبون في تدخين الشيشة أو الأرجيلة، وهو في هذا يشارك في السموم التي يقدمها للزبائن. ويمضي النهار من شيشة إلى أخرى ومن رأس إلى رأس كما هو في مصطلح الأرجيلة.

عشاء على النيل

 دعتنا وزارة السياحة المصرية (ألسنا نحضر مؤتمراً في الجامعة الأمريكية؟) وكان من المناظر في العشاء حضور راقص بملابس مزركشة ودوران أشبه بدوران الصوفية وراقصة مصرية (يوجد في مصر مدارس لتعليم الرقص الشرقي أو المصري) ولم أكن والحمد لله أجلس في مكان يمكنني من رؤية هذه المناظر المؤذية،وهنا التفت إلي صديقي التركي أحمد ويصال قائلاً: يتحدثون عن مكانة المرأة ومشاركة المرأة في الإعلام وفي الحياة العامة، ومع ذلك أليس هذا امتهاناً للمرأة أن تتعرى وتتلوى أمام الرجال بصورة تستثير غرائز الرجال أو تعرض جسدها كأنه بضاعة للبيع.

        وقريب من هذا ما كان تفعله مؤسسة عبد الجليل التميمي في تونس حتى كتب الدكتور أبو القاسم سعد الله في كتابه (خواطر مجنحة) وما علاقة الرقص الشرقي بالبحث العلمي، وما علاقة الغناء بالمؤتمر.

المسجد والحجاب في الجامعة الأمريكية

        لما كانت جولة ضيوف المؤتمر في الحرم الجامعي لم أر مسجداً ولكني علمت أن الجامعة بنت مسجداً بالفعل ولكنه ليس قريباً من المباني الأكاديمية ولكنه قريب من سكن الطلاب. وأعتقد أن المسلمين في الغالب لن يتخلوا عن الصلاة إن لم يوجد مسجد فقد قال صلى الله عليه وسلم (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فليكن المسجد في أي مكان فالصلاة هي عماد الدين وستقام شاء من شاء وأبى من أبى. وفي الجامعة نسبة من الطالبات المتحجبات وإن كان بعض الحجاب لا يعجبني أو لا تنطبق عليه المواصفات الشرعية ومعايير الحشمة الحقيقية. فغطاء الرأس وارتداء بنطلون ضيق ليس حجاباً. ومع ذلك فهناك الحجاب الشرعي الرائع. والجامعة حين تسمح بهذا الحجاب فهو نوع من الدعاية لتفتح الجامعة ولكنها ليست غبية فالشباب المتدين يمكن أن يقع ضحية للصراع الفكري أو الاستغلال من قبل الجامعة في إجراء بحوث معينة لا يستطيع القيام بها سوى هؤلاء الطلاب.

مجلة شيلانترو المركزية ، عدد 21 أكتوبر/نوفمبر 2009م.

        وجدت هذه المجلة في مقهى صغير بالقرب من فندق سفير وشيلانترو قد يكون سلسلة من المقاهي الإيطالية والإيطاليون يتقنون صناعة القهوة. أخذت العدد وبدأت أتصفحه ومن الموضوعات التي لفتت انتباهي موضوع المحافظة على الرشاقة والأكل خارج البيت حيث أشار إلى أنه من الصعب على الإنسان أن يحافظ على الحمية عندما يأكل في مطعم وبخاصة أن تناول الطعام في المطاعم سهل وممتع ولذيذ ولكنه خطر على الصحة في كثير من الأحيان، ولكن المطاعم بدأت تستجيب لرغبات الزبائن فأخذت تحذف كثيرا ً من الدهون والمواد المضرة بالصحة لمن يطلب منها ذلك.

        وكان من بين الموضوعات التطوع في الأردن حيث نشأت جمعية للمتطوعين في الأردن ولها موقع اسمه النخوة  www.nakhweh.com ليسهل توفير المتطوعين لمن يرغب في ذلك. وأوردت المجلة تحقيقاً عن البيوت الأثرية في القاهرة ومنها بيت الست وسيلة الذي يقع في قلب القاهرة بجوار بيت الهرّاوي وخلف مسجد الأزهر، ويعود بناؤه إلى عام 1664 م تقريباً أي 1074هـ وقد بناه الشيخ عبد الحق ولطفي الكناني وأطلق عليه اسم الست وسيلة نسبة لآخر سكانه وهي الست وسيلة بنت عبد الله البيضا معتوقة(نقلاً عن الحروف الإنجليزية التي كتبت بها المقالة.

        ومدخل المنزل تنزل إليه بعدة درجات يسمح لأهل البيت أن يروا الزوار وفي الوقت نفسه لا يستطيعون أن يعرفوا ما يدور داخل المنزل، وفي الداخل ساحة مفتوحة وهي مثلثة الشكل أرضها من الرخام والطابق الأول للنساء وزوارهن وهذه الغرف مزينة بالرسوم واللوحات الهندسية الجميلة والخشب المزخرف. وقد قامت بعض الجهات وربما وزارة الثقافة باستصلاح المنزل واكتشاف آثار أخرى مهمة.

        وفي المجلة إعلان من بيت الطهي حيث يقول الإعلان: الآن في مصر نمنحك تجربة طهي ممتعة وعملية لتعلم أطباق رئيسية شوربة، سلاطات حلويات وأكثر من جميع أنحاء العالم. ويوجد لدينا خدمة توفير المأكولات الجاهزة.وهي خدمة متوفرة في معظم أنحاء البلاد العربية وربما لا يوجد إعلانات عنها كهذا الإعلان.

وأخيراً فللمقهى أكثر من ثلاثين فرعاً في القاهرة والإسكندرية وشرم الشيخ والقاهرة الجديدة. والمجلة باللغة الإنجليزية وقائمة الطلبات كذلك.



       

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية