وصية الأب للدستور الأمريكي: "أبعدوا اليهود عن أمريكا"

 

للكاتب أحمد أبو الفتح، الشرق الأوسط، العدد 6018 بتاريخ 21 مايو 1995

     إذن تحقق أن في ولاية نبراسكا الأمريكية الحزب النازي الذي يعتبر الوريث لنازية هتلر وأنه يقوم فعلاً بتغذية الأحزاب النازية الجديدة المبعثرة داخلٍ وخارج امريكا بالدعاية النازية. وكنت قد كتبت مقالاً نشرته ((الشرق الأوسط يوم الأحد الماضي تحت عنوان (الإرهاب وأمريكا) نضمن اعترافات نازي الماني تخلى عن نازيته منذ سنتين هو إنجو سلباخ ونشرتها جريدتا نيويورك تايمز وهيرالد تريبيون، وكشف فيها أنه منذ سنة 1989 كان يتلقى من حزّب نازي في نبراسكا نشرات تتناول كل ما يجب أن يلم به النازيون الجدد. وأن الأحزاب النازية في أوريا حتى الألمانية منها لم تستوح مبادئها من نازية هتلر، بل عن طريق الحزب الموجود في نبراسكا.. تحقق ذلك في تقرير نشرته جريدة واشنطن بوست جمع معلوماته الصحافيان مارك فيشر وستيف كول، والتقرير يؤكد ما جاء في اعترافات إنجو سلباخ ويضيف إيضاحات كثيرة حول التنظيم النازي في نبراسكا.

         سبب اهتمامي بمتابعة ما ينشر عن الحزب النازي فـي نبراسكا هو الاتهامات التي تصب على رؤوسنا من أمريكا والكثير من دول أوربا بان دولاً إسلامية تحتضن الإرهابيين وتساعدهم على ارتكاب أعمال إرهابية والاتهام الأخطر بأن الدين الإسلامي هو دين الإرهاب وهذه الاتهامات لا تتوقف ومصدرها لا يمكن إلاّ ان تكون الصهيونية هي التي اخترعت هذه الاتهامات التي سرعان مـا وجدت قبولاً لدى ساسة الكثير من الدول. ويساعد على انتشارها سيطرة الصهيونية على غالبية الصحف والإذاعات في أمريكا والكثير من الدول الأوربية.

       والغريب أن العرب والمسلمين كانوا منذ الفتح الإسباني هم الحماة لليهود، بل يكفي أن يراجع أي إنسان وضع اليهود في الدول العربية والإسلامية منذ مطلع قرن العشرين إلى الوقت الذي باشرت فيه العصابات الـيهودية في فلسطين سياسة العدوان الإجرامي من قتل فلسطينيين واستعمال كافة الجرائم الرهيبة لترويع الفلسطينيين وإجبارهم على الهرب.. كان وضع اليهود في مصر والعراق والمغرب وغيرها من الدول العربية مؤمناً غـاية التأمين وكانت النظم تعترف بوجودهم كجزء من شعب الدولة، فقد كان الملك فؤاد يستقبل في الأعياد الوطنية رئيس الأزهر الشريف وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود. وكانت هذه الدول تستقبل اليهود الفارين من اضطهاد النظام القيصري في روسيا وكذلك من بولندة.

        لما ظهرت بوادر النازية في المانيا لجأ الكثير من اليهود إلـى دولنا. ونظرا لتخصصهم في شؤون جمع المال استطاع اليهود في بلادنا جمع ثروات ضخمة. حتى رغم قيام دولة إسرائيل وتأميم المتاجر اليهودية في عهد عبد الناصر ظلت الأسماء اليهودية باقية بالمتاجر الكبرى التي كانوا قد أقاموها ولا تزال حتى اليوم أسماء شـيكوريل وشملا وبنزايون وداود عدس باقية حتى يومنا هذا ولا يزال اليهود في المغرب يرفعون اللافتات التي تحمل اسم المتاجر باللغة العبرية

         كان هذا هو حال اليهود في بلادنا بينما كان اليهود الباقون أسوأ المعاملات في الدول الأوربية ويكفي أن نذكر الكتاب العمالقة الإنجليز لنجدهم بحقرون اليهود في رواياتهم اشد التحقير، واليهودي لدى شكسبير أو سومرست موم او غالبية كتاب أوربا ليس إلاّ مرابياً مصاص دماء للمحتاجين، بل كان وضعهم في أمريكا اشد وألعن إذ كان اليهود مرفوضين في كل مكان إذ وصل حال أن ترفضهم الفنادق الأمريكية وذهب بعضها إلى وضع لافتة مكتوب عليها (ممنوع دخول الكلاب واليهود).

      وكان هذا الاضطهاد هو سبب تحالف اليهود مع السود لأنهما كانا مرفوضين من المجتمع الأمريكي وقد اضطر اليهود إلى إنشاء مدينة ميامي كي يستطيعوا الإقامة في ولاية فلوريدا، ولما تمكن اليهود من بسط نفوذهم في أمريكا تخلوا عن السود.

      ويكشف الدكتور سمير الذيب وهو فلسطيني مسيحي يعيش في سويسرا النقاب عن وثيقة ترجع إلى سنة 1787ضمنها السياسي الأمريكي الكبير بنجامين فرانكلن خطاب القاء في تلك السنة جاء فيها قوله («هناك خطر شديد يهدد الولايات المتحدة الأمريكية- هذا الخطر الشديد هو اليهود

وذلك لأن اليهود إذا ما اقاموا في أي مكان هبطوا بالمستوى الأخلاقي في ذلك المكان كما يؤدي وجودهم إلى الإضرار بالأمانة في التعامل التجاري، ثم يقول بنجامين فرنكلين المعروف في أمريكا بأنه (الآب) للدستور الأمريكي "إني انبهكم يا سادة إذا لم تبعدوا اليهود نهائياً عن امريكا فإن أبناءكم وأولاد أبنائكم سيلعنونكم وأنتم في قبوركم»

       هذه كانت وصبة هذا الأمريكي الكبير سنة 1787 للأمريكيين ولا شك أن هذه الوصية التي نشرها الدكتور الديب منذ سنة 1986 في كتاب اسمه ((السلام وفلسطين، كانت في مقدمة الأسباب التي أشاعت الكراهية لدى الامريكيين والتي لا تزال أثارها قائمة حتى يومنا هذا رغم السيطرة اليهودية على واشنطن ويؤكد الدكتور الديب صدق ما نشره وأنه استقاه من الوثائق لدى مؤسسة فيلادلفيا في بنسلفانيا" ويقول في الصفحة الثانية من كتابه ((نحن مسيحيي فلسطين نشعر ولدينا انطباع أن الدول الغربية باعتنا لليهود كما سبق ان باع يهوذا المسيح، ثم يقول وهناك من يعتقدون بان خلق دولة إسرائيل سيؤدي إلى الطوفان الذي يغرق المسلمين واليهود وأن خلفها هو مشروع ضد السامية التي منها اليهود والمسلمون أرادت به الدول الغربية تخليص بلادها من اليهود بترحيلهم إلى إسرائيل حيث ستكون نكبة وطوفان الشعبين المسلم واليهودي وأن هذا التصور قد يوجد له ما يبرره في الاندفاع الأمريكي الشديد في تأبيد اليهود ودولة إسرائيل وذلك بغية تنفيذ وصية بنجامين فرانكلن بالتخلص من اليهود وبإرسالهم إلى إسرائيل لتكون نهايتهم فيها»

        بطبيعة الحال بثير الكتاب، وكذلك كتابات الدكتور سمير الديب التي تنشر في صحف سويسرية بين الحين والآخر، ثورة وغضب اليهود الذين يرددون أن ما نسبه الدكتور الديب على لسان فرانكلن ليس صحيحاً، بل هو عبارة عن دعاية نازية نشرها أعوان هتلر في أمريكا في الثلاثينات.

          وسواء كان ما نشره الكاتب الفلسطيني صحيحاً او غير صحيح فإن الأمر الذي لا شك فيه هو ان الأحزاب النازية في أوريا تتلقى الدعم من الحزب النازي الذي يتمركز في مدينة لنكون بولاية نبراسكا وزعيم هذا الحزب الذي يعتبر الوريث للحزب النازي الهتلري هو جاري نوك.

       ويقول تقرير جريدة ((واشنطن بوست)) إن جاري لوك يمارس منذ أكثر من 20 سنة المبادئ النازية وانه منذ ذلك الوقت تخصص في توزيع الدعايات وإرسالها للأحزاب النازية الجديدة في أمريكا وفي أوربا وخصوصاً في ألمانيا حيث تم القبض عليه فيها سنة 1976 وحكمت المحكمة بحبسه حيث قضى في السجن ثلاثة أشهر ونصف الشهر سافر بعدها إلى وطنه أي أمريكا حيث استقر في مدينة لنكون في ولاية نبراسكا حيث يتمتع بحريات واسعة مكنته من طبع نشرات الدعاية للنازية وإرسالها للأحزاب النازية الجديدة في المانيا وغيرها من الدول الأوربية ومن بين ما ينتجه الرايات الهتلرية وعليها الصليب المعقوف ونشرات ضد السامية وكتب لشرح الإرهاب وما يجب الإلمام به للقيام بعمليات إرهابية.

       ويتلقى جاري لوك تمويلاً من جهات مختلفة تمكنه من مواصلة نشاطه الواسع وثلث إيراداته يأتي من داخل الولايات المتحدة الأمريكية والباقي بآتي من المانيا ودول اوربية. والسلطات الأمريكية تقدر عدد الاعضاء النشطين في الحزب النازي الأمريكي بأكثر من 25 الف عضو وتقدر أن المتابعين للنازية يصل عددهم إلى أكثر من 250 الف أمريكي

      وأمر هذا النازي ونشاطه لم يكن خافياً لا على أمريكا ولا على ألمانيا إذ منذ عدة سنوات والمانيا تطالب: واشتطن بتسليم جاري لوك، ولكن كانت أمريكا ترفض مدعية أنه إنما يمارس حريته الشخصية التي يقررها الدستور الأمريكي واليوم تقع واشنطن في مازق بسبب مطالبة المانيا المستمرة لواشنطن بتسليمه.

       وجاري لوك وحزبه ككل الأحزاب اليمينية المتطرفة تطالب بسيادة الجنس الأبيض وتعتبر باقي الأجناس من الملونين أو اليهود أعداء يجب عدم وجودهم على أرض الوطن. وتختم جريدة واشنطن بوست تقرير الصحافيين بالقول: "يعتبر اليمينيون المتطرفون - وعلى راسهم النازيون أن واشنطن ويسمون حكومتها - الحيوان- قد باعت وأمريكا لسلطة الاحتلال الصهيوني، وأخيرا يقول التقرير: "ويؤكد الأمريكيون زعماء الأحزاب النازية الجديدة أنهم اقاموا علاقات وطيدة بزعماء الأحزاب المماثلة في أوروبا وانهم احياناً يحضرون تدريب الشباب في تلك الدول ويلقون عليهم الخطب ويقدمون لهم النشرات». أين أوجه الشبه بين ما يقوم به العرب وعلى وجه الخصوص الفلسطينيون وما قام به هتلر لليهود.

       العرب تم اغتصاب أرضهم وتعرضوا خصوصاً أصحاب الأرض الفلسطينية لكل الجرائم وحتى اليوم لا يزال يتعرض الفلسطينيون لكل الوان الإذلال وتبارك حكومات الدول الكبرى هذا الإذلال مهما كانت الأفعال الفاحشة التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية أو الجيش الإسرائيلي أو المستوطنون اليهود..

      العرب لم يعتدوا في يوم من الأيام على اليهود ومع ذلك استطاعت الصهيونية أن تغرس في الدول الكبرى الاعتقاد بان العرب إرهابيون وبأن الإسلام هو العدو الأكبر للغرب وإذا كان حادث نسف مبنى المركز التجاري العالمي في نيويورك قد ارتكبه عرب فإن واشتطن هي التي استضافتهم ولم تصدرهم الدول العربية او الإسلامية إلى أمريكا، الدول الغربية في أشد الحاجة إلى صحوة كبرى تتناول كل الأمور وإلا ستصيح في بضع سنين تحت الهيمنة الإسرائيلية. والعياذ بالله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية