التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاستعمار والمستشرقون

 


أخضع الاستعمار الغربي شعوبًا من مناطق مختلفة من الكرة الأرضية لحكمه. وكان يعتري الاستعمار خوف واحد هو الإسلام وبالتالي فقد كان ثمة جدل واسع خلال الحقبة الاستعمارية حول كيفية احتواء الإسلام. فبدون احتوائهم للإسلام فإن احتلال البلاد الإسلامية سيكون دائمًا تهديدًا للغرب. فقد أدرك سنوك هورخرونيه (Snouck Hurgronje) الخطر الحقيقي الذي تمثلِّه الخلافة العثمانية، فحذّر القوى الاستعمارية من خطورة معتقدات المسلمين السياسية والدينية في ميدان العلاقات الدولية ([1]). فلو قبلت القوى الاستعمارية الإسلام مبدئيًا فإن ذلك سيكون له مضامين سلبية لأن الشعوب الإسلامية ستقبل حكامها المحليين على أنهم «أمر شاذ» ([2]) وقد أكد أن مبدأ الجامعة الإسلامية خطر على الاستعمار واعتقد هورخرونيه أنه بالرغم من أن الخلافة الإسلامية لم تكن دينية تمامًا إلا أن القوة الدينية ما تزال في أيدي العلماء ([3]). وما تزال المشكلة باقية: كيف يجب احتواء الإسلام؟

قدم البارون كارا دوفو (Cara de Voux) أحد الحلول للحكومة الفرنسية ذلك أنه كان دارسًا متخصصًا في ابن سينا وعضوًا في المعهد الكاثوليكي الفرنسي ومما جاء فيه «إننا يجب أن نقسم العالم الإسلامي، نحطم وحدته المعنوية مستخدمين في هذا الانقسامات العرقية والسياسية .. ولذلك فعلينا أن نؤكد هذه الخلافات من أجل أن نزيد من جهة الشعور القومي ومن جهة أخرى نضعف الجماعة الدينية لدى الأجناس الإسلامية المتعددة. وبعبارة مختصرة دعنا نقطع الإسلام ([4]). وكان العمل المهم هو «إضعاف الإسلام .. لجعله غير قادر إلى الأبد على النهضة» ([5]) ويعرف هذا المبدأ عمومًا بـ«فرِّق تسد» وقد استخدمته جميع القوى الاستعمارية وما تزال تستخدمه إلى هذا اليوم في البلاد الإسلامية حيث تم تقسيم الخلافة العثمانية والبلاد الإسلامية إلى دول قومية. ولكن الخطر مازال ماثلًا في الإسلام والذي كان باستطاعته تجاوز الحدود القومية – فهو مستمر في إزعاج القوى الاستعمارية. وقد أدى هذا الخوف لدى الاستعماريين إلى تشجيع دراسة الإسلام دراسة جادة. فالإسلام يحتاج إلى إعادة تفسير، فلو قبل المسلمون تفسيرات جديدة للإسلام فإن موقفهم لن يعكس بالتالي الروح الحقيقية للإسلام والقوة الإسلامية. وقد لخص ذلك الكاتب الجزائري من وهران محمد بن رحال تلخيصًا صحيحًا حين قال: «إن العداوة هي الملاحظة المسيطرة في إحساس الغرب تجاه الإسلام .. فلو دافع المسلم عن بيته ودينه وأمته فإنه لا ينظر إليهم على أنه وطني بل متوحش، وإذا ما أظهر الشجاعة والبطولة فيقال عنه متعصب، وإذا هُزم وأظهر الاستسلام فيقال عنه جبري .. (إن الإسلام) محكوم عليه دون محاكمة، وتشوَّه سمعته بانتظام ويُسخر منه دون معرفته» ([6]). وشجع الاستعماريون هذا الفرع المعرفي الجديد وواجه المستشرقون التحدي لاحتواء الإسلام.

بدأت دراسة الغرب لعالم الشرق في وقت مبكر يعود إلى القرن السابع عشر والثامن عشر، وكانت هذه الدراسات ترى الشرق مثيرًا وغامضًا. وقد قام أمثال إبراهام هايسنثر انكويتل دوبيرون (Abraham-Hyacinthe Anauetil Dupperron) وسير وليام جونز بترجمة نصوص الأفستا عن الديانة الزرادشتية وترجمة الأوبانشدة عن الهندوسية، وأسسوا الجمعية الآسيوية البنغالية سنة 1847م. أما ما يطلق عليه الاستشراق العلمي فقد بدأ عندما افتتح سيلفستر دو ساسي (Silvester de Sacy) «مدرسة اللغات الشرقية الحية» في باريس سنة 1795م ([7]). وكان مدهشًا أن نابليون خلال غزوه لمصر اصطحب معه عددًا من العلماء الذين كتبوا ثلاثًا وعشرين مجلدًا عن المصريات (عهد الفراعنة) والتي كانت مصممة «لإعادة المنطقة من وضعها المتوحش الحالي إلى عظمتها القديمة، لتعليم الشرق (لمصلحته) بطرق الغرب ولإخضاع أو إضعاف القوة العسكرية من أجل تعظيم مشروع المعرفة المجيد الذي تحقق بالسيطرة السياسية على الشرق، ولتشكيل الشرق، وإعطائه هيئة وصورة وتعريفًا مع الاعتراف التام بمكانته في الذاكرة، وأهميته للخطة الإمبريالية ولدوره كتابع ذليل لأوربا ..» ([8]) وقد أدى هذا الاهتمام المبكر إلى إصدار عدد من الترجمات والمعاجم والكتب السياحية. الخ وكلها متخصصة لتشرح الشرق ولجعل دراسته أيسر من خلال معرفة لغاته وآدابه.

وبحلول القرن التاسع عشر تم تجديد هذه الأساليب الفوضوية والاستقلالية بمناهج أكثر نشاطًا وقوة تمشيًا مع الوعي العلمي لذلك الزمن حيث تم الاتفاق الجماعي على تطوير الطريقة التي تتم بها دراسة الشرق عند علماء المشرقيات. وبدأ الاستشراق يحقق الاعتراف به كفرع معرفي مستقل، ويجب أن نتذكر أنَّه في البيئة التي ولد فيها الاستشراق كان ثمة حاجة له. وقد ولّد هذه الحاجة التوسع في الاحتلال والمصالح الاستعمارية. فقد أقيمت مستعمرات جديدة وواجه المستعمرون ثقافات جديدة وأديان وأفكار جديدة. وكل ذلك كان غريبًا بالنسبة لهم، ومن أجل السيطرة على هذه الشعوب غير الغربية كانت الحاجة ماسة إلى زيادة المعرفة بثقافاتهم وأديانهم. وقد لبى الاستشراق العلماني هذه الاحتياجات وفتحت جبهة جديدة ضد الإسلام شارك فيها علماء من النصارى ومن اليهود. وأصبحت آراء المستشرقين منذ ذلك الحين، «جزءًا أساسيًا في الثقافة الغربية» ([9]). وقد جعلت كتابات أمثال سيلفستر دو ساسي وأرنست رينان وإدوارد وليام لين من «الاستشراق مؤثرًا ومنسجمًا مع المصالح والاهتمامات السياسية للحكام الإمبرياليين» ([10]). ويقدم إدوارد سعيد أنسب تعريف للاستشراق بقوله عن عمل الاستشراق بأنه «الفهم في بعض الحالات من أجل السيطرة والتلاعب وأحيانًا دمج ما يعد بوضوح عالمًا مختلفًا» ([11]).

ساعد الدارسون للاستشراق الاستعماريين في جعل غزوهم أمرًا مشروعًا. بل كان بعض المستشرقين مشتركًا اشتراكًا مباشرًا في مساعدة الإدارات الاستعمارية لبلادهم بتقديم تفسيرات يستطيع بها المستعمرون مجادلة المواطنين في فهمهم للإسلام: فمثلًا عمل لويس ماسنيون في خدمة وزارة الخارجية الفرنسية وكذلك الإدارة الاستعمارية في المغرب. ووفقًا لماسنيون «فإن منحنى التطور يميل أكثر وأكثر نحو باريس وإن غالبية جمهور الشمال الإفريقي يتجهون بأنظارهم نحو باريس وليس الشرق» ([12]). وأصبحت الدراسات الاستشراقية بالنسبة لكل من الاستعماريين الفرنسيين والبريطانيين الذين كانوا يحتلون بلادًا إسلامية تفوق مساحتها جغرافيًا عدة مرات مساحة بلادهم، أصبحت هذه الدراسة «عونًا لإخضاع الأراضي المستعمرة ووسيلة لتحقيق أهدافهم الاستعمارية» ([13]).

وسرعان ما استغل الاستعمار هذه الفرصة للترويج للأفكار العلمانية التي تسعى إلى فصل الدين عن السياسة. وقد وجد هذا الأمر تجاوبًا من بعض الحكومات في العالم العربي الإسلامي التي عارضت أن يكون الإسلام حكمًا على تصرفاتهم السياسية والشخصية. إن مبادئ الاستعماريين العلمانية عكست قواعد السلوك في ثقافتهم السياسية التي أخضعت الكنيسة إما للحاكم الفرد أو للبرلمان. ووجدت هذه الأفكار العلمانية مؤيدين جدد لها ليس فقط بين العرب والأتراك والإيرانيين بل أيضًا بين حكامهم السياسيين المتغربين. وكان من نتائج ذلك أن أفكارًا جديدة بخصوص صياغة «دستور» وتطبيق المبادئ الغربية المتحررة مثل «الديموقراطية» التي تعمل من خلال ممثلين منتخبين في «برلمانات» قد غيَّر شكل البناء السياسي في الشرق الأوسط وبدَّلته من الأساس.

وأصبح الاستشراق بالتالي أداة مهمة قيِّمة لتدمير الإسلام. وكانت المهمة الأساس في هذا التدمير هو نزع «مخالب» الإسلام التي يمكن أن تبطل الاستغلال الاستعماري للبلاد الإسلامية. لقد أعطى الاستشراق تفسيرًا غريبًا للإسلام. وشوّهت المعاني الحقيقية لبعض المفاهيم الإسلامية مثل الجهاد والأمة والتوحيد.. الخ. وأنشئت أقسام الدراسات الإسلامية في الجامعات الغربية ومُنحت درجات الدكتوراة في الإسلام للعلماء المسلمين. فليس من الضروري أن تكون ملتزمًا بالإسلام لتكون إسلاميًا بل يكفي أن تكون مؤهلًا في نظريات المستشرقين. وفي الحقيقة يُسأل طلاب الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية في الامتحان الشفوي حول نظريات المستشرقين وليس على «الطلاب من أجل أن ينجحوا في الامتحان أن يعرفوا هذه النظريات بل أن يقبلوها على أنها صحيحة جوهريًا» ([14]). وقد أوجد مثل هذا التدريب وهذا التفسير إسلامًا خاصًا بالمستشرقين يسير بموازاة الإسلام الحقيقي. وقد حقق الاستعماريون فوائد جمة من مثل هذا الإسلام «المتغرب» واستهزؤوا بمفاهيم الأمة على أنها فكرة بعيدة المنال وأشاروا إلى الجهاد على أنه «الحرب المقدسة» التي انتهت بنهاية الحروب الصليبية. وقد بلغ الأمر ببعض المستشرقين من أمثال سنوك هورخرونيه الذي كان يعمل مستخدمًا عند الحكومة الهولندية إلى وضع الخطوط الإرشادية للحكم الاستعماري. وقد فصل هورخرونيه أهداف الاستشراق في خدمة الاستعمار تفصيلًا جيدًا حيث رأى أنه «كلما كانت العلاقة بين أوربا والشرق المسلم حميمة كلما كان ذلك أدعى لسقوط الدول الإسلامية في القبضة الأوروبية. ومما يهمنا نحن الأوروبيين أكثر أن نتعرف على الحياة الفكرية والتشريع الديني والخلفيات المفاهيمية للإسلام» ([15]). وقد أجريت العديد من الدراسات وكانت دوافعهم فيها بصفة عامة انعكاسًا لآراء هورخرونيه.

وفي مجال البعد السياسي للإسلام بصفة خاصة فإنَّ «نظرة المستشرق للعلاقات الاستبدادية بين الحكام المسلمين وشعوبهم لم تكن نابعة فقط من التجربة النصرانية للإسلام العدواني ولكن الأهم من ذلك أنها نابعة من التقويم البرجوازي الأوروبي لما هو «إسلام تقدمي» و«إسلام متطرف» مما يتطلب السيطرة المباشرة عليه من أجل الإمبراطورية. ونظرًا لأن الإمبرياليين حكموا شعوبًا إسلامية كبيرة فقد كان لابد وأن يحاولوا تحسين وضعهم بين هذه الشعوب وجعل حكمهم لها مشروعًا مستفيدين من مجادلات قدّمها المستشرقون في أن الحكم الإسلامي (وفي المقابل الحكم الاستعماري إنساني) وأن النظرة السياسية الإسلامية تعترف بشرعية الحاكم الفعلي كأمر واقع وأن الحكم الاستعماري أفضل من الفساد وعدم الكفاءة والفوضى التي كانت سائدة فيما قبل وأن السيطرة السياسية في البلاد الإسلامية لا تتعرض للحديث عن تفاصيل الحياة الاجتماعية والدينية الإسلامية وبالتالي فليس ثمة ضرر أساسي على الإسلام بهزيمته مادامت تقاليده السياسية المركزية لم تُخالف ([16]). وكانت الخدمة التي قدمتها هذه الاستنتاجات الاستشراقية هي تأكيد أيديولوجية الاستعمار.

وفي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهر عدد من المستشرقين الذين كتبوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومن أبرز هذه الإسهامات كتاب ميور (Muir) (حياة محمد) في أربعة مجلدات سنة 1858م. وكتب سبرنجلر (Sprengler) كتابه المعنون (Das Leben und Lehr de Muhammed's) في ثلاثة مجلدات (1861م – 1865م). وكتب نولدكه (Noldake) سنة 1863م كتابه بعنوان (Das Leben Das Muhammed). وكتب فلهاوزن (Welhausen) (محمد في المدينة) سنة 1882م. وكتب كرل (Krel) سنة 1884م كتاب (Das Leben des Muhammed) وكتب جريمه (Grimme) كتابه (محمد) في مجلدين (1892م-1895م)، وكتب بول (Buhl) سنة 1903م (حياة محمد)، وكتب مرجليوث (Margoliouth) سنة 1905م (محمد وظهور الإسلام)، وكتب كايتياني (Caetani) (حوليات الإسلام) سنة 1905م وكتب تور اندريا سنة 1936م (محمد الرجل وعقيدته)، وكتب بلاشير (Blachere) (مشكلة محمد) سنة 1952م، وكتب مونتجمري وات (محمد في مكة) سنة 1953م و(محمد في المدينة) سنة 1956م. وقد ركزت معظم هذه الكتب على الموضوعات الشائعة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد زعم بعضها أن (النبي) كان من أصل وضيع وأنه يعاني من نوبات صرع. وشككوا في رسالته، وأنه تصرف كرسول في مكة ورجل سياسة في المدينة، وأنه كان يُعبد من قِبل المسلمين كوثن، وأنه كان على علم بالإنجيل وأنه حاول أن يشكل الإسلام بتقليد الأديان مثل اليهودية والنصرانية ([17]). وكان هدف هذه الأعمال هو طمس شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأنه إذا ما تم لهم ذلك فإن مصداقية النبي صلى الله عليه وسلم ستفقد قيمتها. مثل هذه التعميمات التي لا برهان عليها كانت غالبًا مصدقة في الغرب ومستخدمة من قبل المُنَصِّرين.

أظهر المستشرقون احتقارًا للآراء «الذاتية» وتظاهروا بـ«الموضوعية» ولكن بالرغم من هذا الادعاء الزائف فإن تعصبهم عميق الجذور لم يبق مخفيًا وممكن اكتشافه بسهولة في الأسئلة التي وجهها المستشرق في اختياره المنهجية المستخدمة في مثل هذه الدراسات. ولكن الموضوعية كانت أسطورة. يمكن للإنسان أن يكون موضوعيًا عندما يبحث في العلوم الطبيعية ولكن هذا أمر غير ممكن عندما يتعلق الأمر بالدين والثقافة. إن كل الادعاءات المماثلة التي قدمها المستشرقون زائفة من الأساس ([18]).

وفي الغالب كان واضحًا تمامًا أن المستشرقين من خلال دراساتهم للقرآن كانوا مشغولين أساسًا بالبرهنة على كون الإسلام إما أن يكون قد استعار أفكارًا أو أنَّه تزييف للأفكار والعادات العربية المعروفة قبل الإسلام، أو أنه مأخوذ عن اليهودية أو النصرانية. وقد علَّق أحد الذين ترجموا معاني القرآن الكريم في القرن الثامن عشر أن النبي «كان في الحقيقة مؤلفًا للقرآن ومخترعًا له، ولا يمكن للجدال حول هذا الأمر مطلقًا» ([19]). وقد اعتنق هذا الافتراض عدد من المستشرقين ولأسباب مختلفة. فقد عدّه البعض أنه «مجرد اختلاق صرف وتلفيق» وأنه كان «شعلة عبقرية» و«انعكاسًا لطاقته» ([20]).

ورأى آخرون مثل ستوبارت (Stobart) أن النبي صلى الله عليه وسلم امتلك «نارًا شاعرية وخيالًا» وأكد هذه الآراء بل (Bell) ورودسون (Rodinson) الذين نظرا إلى القرآن على أنه قصيدة صدرت عن لا شعور النبي([21]) وكان بعض المستشرقين غير مقتنع بهذه الأسباب وافترض بأن القرآن كان «نتيجة التفكير الرغبي» الذي عبَّر عنه بالعقل اللاشعوري ([22]) بينما كان آخرون أكثر هدوءًا من أمثال مونتجمري وات الذي اعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ربما كان مخطئًا في أنَّه «بدا له ما يأتي الإنسان من خارج نفسه قد يكون مصدره «اللاوعي» وهكذا فيكون القرآن «نتيجة الخيال المبدع» ([23]). وطرح عبد اللطيف طيباوي – رحمه الله – الأسئلة المناسبة لدحض مجادلات المستشرقين فكان مما قاله: «لنفترض جدلًا بأن القرآن من إنشاء محمد صلى الله عليه وسلم فكيف يمكن لدارس التاريخ أن يبرهن على استعارته من المصادر السابقة، ومازال المستشرقون غير قادرين على البرهنة على ذلك إلا بطريقة التخمين أو التنبؤ فكيف يستطيع المستشرقون أن يعطوا قيمة أكاديمية لأعمالهم» ([24]).

ولكن القرآن لا يزال محيرًا لكثير من المستشرقين الذين اعتقدوا أنه لا يمكن لأي مخيلة مبدعة أن تنتج مثل هذا العمل. وبات كثير منهم مقتنعًا بأنه كُتب بمساعدة المصادر اليهودية والنصرانية. وقد جادلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلًا كثير الأسفار منذ أيام شبابه عندما كان معتادًا على الذهاب في رحلات مع عمه. واعتقدوا أنه قابل بعض القساوسة والرهبان في هذه الرحلات بينما اعتقد البعض أنه قابل رهبانًا وقساوسة في مكة، بينما اعتقد البعض أنه قابل نصرانيًا تحول إلى الإسلام ([25]). وجادلوا أنه لابد قد تعلَّم مبادئ اليهودية من أستاذ غير معروف وذلك لأن «الرواية الطويلة والمشتتة للأنبياء والرسل اليهود (في القرآن) تتوافق في كثير من التفاصيل مع التلمود، وليس ثمة شك في أصلها اليهودي» ([26]). وحتى أن البعض اعتقد بأن القرآن قد وُضع من قِبَل اليهود والنصارى «استخدموا بصفة خاصة لهذا الهدف .. من أجل تلبية طلبات الجمهور»([27]). وثمة تأكيد أكثر سخفًا بأن النبي كان خاضعًا لسيطرة الأرواح الشريرة، وأن القرآن تعبير عن هذه الأرواح ([28]). والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أن المستشرقين لم يكونوا مستعدين مهما كان الثمن للاعتقاد بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان رسولًا وأن القرآن وحي، وفي الوقت نفسه كانوا يقبلون بأنه ثمة إله وأن موسى وعيسى رسولان من الله.

ولم يكن للحديث الشريف مكانة أفضل لدى المستشرقين فقد تعرض لأقوال وآراء خطيرة حيث حاول المستشرقون أن يبرهنوا أن الحديث الشريف كله قد استُنْبِطَ بطريقة عشوائية متأثرًا بالتاريخ وأنه أُلَّف بدون عناية. وقد أثارت الدراسات التي قام بها كل من جولدزيهر وجوزف شاخت في هذا المجال عددًا من الشكوك حول مصداقية الحديث ([29]). وقد زاد المستشرقون في توضيح مسألة دونية المسلمين وفوقية الغرب من خلال دراساتهم. بالإضافة إلى ذلك فقد عُدَّت الحضارة الإسلامية متفسخة بينما الحضارة الغربية حيوية. وبالتالي فالاستعمار يعدُّ أمرًا معقولًا من أجل «تحضير» هذه الشعوب ومؤسساتها. ولقد أصاب ألبرت حوراني في قوله: «إن هناك اتجاهًا للنظر في التاريخ الإسلامي بلغة ظهر وانحدر، محمد يزرع بذرة تصل إلى منتهى نموها في أوائل الدولة العباسية وتنحدر فيما بعد مع الجمود الثقافي، وتستيقظ في القرن التاسع عشر بتأثير الحضارة الغربية وبنشاط الروح القومية» ([30]). ومن أجل علمنة النظام الاجتماعي الإسلامي اهتم المستشرقون اهتمامًا خاصًا باستبدال النظام الغربي بالنظام الإسلامي. ولذلك بدأت حملة انتقادية للنظام الإسلامي من أجل إضعاف الثقة به، فركزوا على الحديث والرأي مبرزين المشكلات التي ظهرت بين الفقهاء المسلمين خلال القرن الثاني. ولكن ظهر جيل جديد من المختصين بالشريعة الإسلامية ومن أبرز الأسماء في هذا الحقل اجناز جولدزيهر ود. أس. مرجليوث وجوسف شاخت وإن.جي. كولسن. (Culson).

ادعى جولدزيهر في كتاباته أن العمل الإسلامي لم ينشأ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه ظهر على مراحل بعد وفاته. وكان عنوان دراسات جولدزيهر (دراسات محمدية). وكان ناقدًا للكتابات الحديثة قائلًا بأن اسم الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُستحضر لإعطاء شرعية. وقد عمل على وضع بعض القواعد لإضعاف موثوقية الشريعة الإسلامية. أما مارجليوث فقد ذهب إلى أبعد من هذا في كتابه (تطور المحمَّدية) حيث قال بأن النبي لم يترك سُنَّة ولا حديثًا، وأن السُّنَّة قد أُلِّفت من العادات العربية قبل الإسلام التي تم تعديلها بالقرآن. وأضاف هنري لامانس (Henri Lammmens) مؤكدًا للفكرة القائلة بأن السُنَّة لابد أن تكون قد سبقت الحديث في التكون. ورفض شاخت في كتابه الموسوم (أصول التشريعة المحمدية) الاعتراف بموثوقية أي حديث وزعم أن «كل حديث من أحاديث الأحكام يجب للنظر إليه على أنه تعبير خيالي للتعاليم التي تكونت في زمن متأخر ما لم يثبت العكس» ([31]). واختلف كولسن مع شاخت ولكن إسهاماته لم تخالف الدراسات الاستشراقية بالرغم من نزوعه إلى الشك في بعض النواحي. إن كل ما حاول المستشرقون أن يفعلوه هو إثارة الشكوك حول موثوقية المصادر الإسلامية حتى لا يلتزم المسلمون بالشريعة.

ويتراجع الاستعمار في الشرق الأوسط بالنزول عن عليائه وذلك لسبب بسيط واضح هو أن القوى الاستعمارية لم تعد في حاجة إليه. ومع ذلك فإن نفوذه لم ينقص. فقد ظهرت الإمبريالية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية بصفتها القوة الجديدة في الشرق الأوسط وكانت كتابات المستشرقين الجدد مؤثرة في الجيل الجديد من المختصين في الدراسات الإسلامية. وقد عالجنا هذا الموضوع في قسم مستقل. والمهم أن نلاحظ هنا أن بعض المستشرقين تأقلموا سريعًا مع البرامج الجديدة مثل الدراسات الإقليمية التي أنشأها المختصون الجدد، وبالتالي استمروا في المحافظة على تأثيرهم وسيطرتهم على الجيل الجديد من هؤلاء المختصين.

فمن هؤلاء المستشرقين هاملتون جب الذي ترأس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفرد (Harverd) الأمريكية بينما انتقل آخرون مثل جوستاف فون جرونباوم (Gustav von Grunebaum) إلى كاليفورنيا. شجع هاملتون جب الدراسات الإقليمية بإبراز أربعة مهام لها هي الآتية:

1- تقديم المعرفة للطلاب في المرحلة الجامعية.

2- تدريب الطلاب في الدراسات العليا على فهم علمي للعوامل الثقافية المعقدة.

3- ضرورة إتباع الأسلوب متعدد الثقافات.

4- التنسيق بين العلوم المتعددة في منطقة معينة وإثارة اهتمام مجالات الدراسة هذه لأنه في العالم الحديث الذي تزداد العلاقات قُربًا والحاجة مُلِحّة على الرجل الغربي للعيش والاتصال بأناس من مجتمعات وتقاليد غير غربية. ولهذا فقد أصبح من الضروري تشجيع التعاون مع علماء الاجتماع في إطار مهمة تفسير تركيبة المجتمعات الآسيوية والأفريقية المعاصرة ودوافعها. كما أن موضوعات الاقتصاد مسألة خطيرة لا يمكن تركها لعلماء الاقتصاد ونحن يجب أن نعترف مهما كانت السلبيات فإن الشرق مهم جدًا بحيث لا يمكن تركه للمستشرقين» ([32]). كما كان من الممكن أن يذوي نجم المستشرق جب وآخرون من جيله ولكنهم كان لديهم الكفاية من بعد النظر ليضعوا قواعد دراسات الشرق الأوسط. وقد جذب علماء الاجتماع وعلماء السياسة. ومهما يكن فإن الأفكار الخاطئة وسوء الفهم واضحان في دراستهم للإسلام بشكل عام وللشرق الأوسط.

وبالرغم من ادعاء الموضوعية فإن هذه الدراسات ما تزال تعكس المنهج المبني على مركزية الغرب والتي شوهت سياق الواقع وفشلت في فهم وجهة نظر أهل البلاد موضع الدراسة. والنتيجة الطبيعية أن العديد من الدراسات قد شملت الحقائق السياسية والاقتصادية للبيئة باستخدام الأيديولوجية الغربية. وفي الحقيقة «إن مستشرق اليوم الذي يكتب عن الإسلام يصب العداء الصريح الذي كان يحمله المنصر في القرن التاسع عشر والذي نظر إلى الإسلام على أنه دين وثني لا يستحق الاحترام. لقد تم تكريس التسامح والتفاهم بين الثقافات في الدراسات الإسلامية تمشيًا مع الوفاق وتجنب الخلاف الذي ميَّز تصرفات الولايات المتحدة في مغامراتها الأولى في الشرق الأوسط. وتحت هذا التظاهر الكاذب بالفهم فإن معظم المستشرقين ينظرون أساسًا إلى الإسلام على أنه دين متخلف تمامًا كما هو الحال بالنسبة للشرق الأوسط» ([33]). إن المسار الفكري للمستشرقين لم يتغير، ومازال يواصل بعناد وحزم ويعمل بالطريقة نفسها وتحت مسميات جديدة.

إن القوى المشتركة للمستشرقين القدامى والمختصين الجدد لم تهدم أي أساس جديد ذلك أن الدراسات التي أنتجها الأخيرون مازالت «مطبوعة بمبادئ الاستشراق» والتي يمكن ملاحظتها في الآتي:

1- ثمة اختلاف مطلق ومنتظم بين الغرب القومي والمتطور والإنساني والمتفوق وبين الشرق الضال والمتخلف والوضيع.

2- النظرة التجريدية للشرق .. فهو دائمًا مفضّل على الأدلة المباشرة المأخوذة من الدراسات الاستشراقية الحديثة.

3- النظر إلى أن الشرق أبدي ومتماثل وغير قادر على تعريف نفسه ولذلك فإن استخدام عبارات عمومية جدًا ومنتظمة لوصف الشرق من وجهة النظر الغربية أمر حتمي وحتى إنه من الناحية العلمية موضوعي.

4- الشرق في الحضيض فإما أن يُخْشى .. أو أن يسيطر عليه» ([34]).

هذه المبادئ جعلت دراسة المستشرقين للإسلام علمًا فريدًا. وكما يقول أون (Owen) «كانت مسألة الدراسات الإسلامية دائمًا غامضة لأولئك الخارجين عنها. لقد تقمص المستشرقون بسبب معرفتهم الأساسية لعدد من اللغات الصعبة وتركيزهم على فحص التطور التاريخي لدين معقد شخصية الطقوس الغامضة التي لا يمكن أن يشارك فيها إلا فئة قليلة مدربة تدريبًا كافيًا. وقد تصرفوا غالبًا وفقًا لقوانينهم التي يغلب عليها طابع السرية، فكل مطبوعة تذكير لبق للشخص غير المكرس بأنَّ دوره هو أن يستمع وأن يتعجب ولكن لا يسأل أبدًا أو يقترح بوجود طريقة بديلة لأداء هذه الطقوس» ([35]). ولكن هذا الفرع المعرفي أجبر على الخضوع لتغيرات بسبب الأسلوب الواقعي وضرورات الأوضاع في العالم العربي الناشئة عن الوجود الأمريكي.

وقد ظهرت في العقود الأخيرة القليلة أفكار وصور عديدة من خلال كتابات المستشرقين والمُنصِّرين. وثمة تصنيف من خمسة أقسام قدمه المستشرق واردنبرج (Waardenburg) وهو كالآتي ([36]):

أولًا: رسم المُنصِّرين من أمثال هـ. كريمر (H.Kraemer) واس.ام. زويمر (Zwemer) صورة ثابتة للإسلام باستخدام نظام القيم السلبي الذي يعدُّ مضادًّا للقيم الاجتماعية والثقافية والدينية التي يتمسكون هم بها وكذلك العالم الغربي.

ثانيًا: يعدُّ الإسلام صنفًا من الدين وحضارة بين الحضارات في العالم. وقد دعا مستشرقون من أمثال سي.هـ. بيكر. (C.H.Becker) وجي أي فون جرونباوم إلى فكرة مفادها أن الإسلام جامد وغير قابل للتغيير، وهنا أيضًا ثمة فكرة ثابتة عن الإسلام.

ثالثًا: إن كُتَّابًا من أمثال هاملتون جب ودنكن ماكدونالد (Duncan Mac Donald) تخيّلوا صورة إجمالية، لا تحدث فقط عندما تفحص الحقائق وتشرح في سياقها الزمني وارتباطاتها العلية والبنائية ولكن عندما تُصنَّف في كليتها تحت المفهوم الإجمالي للإسلام حتى استخدم هذا ككيان افتراضي»([37]).

رابعًا: لقد نُظر إلى الإسلام في إطار صورة مثالية من بعض المستشرقين من أمثال المستشرق أي.جي. آربري (A.J.Arbery) وال. ماسنيون. مثل هذا الإسلام الموضوع في القالب المثالي يُرى على أنَّه يتصف بقيمة إيجابية دقيقة معينة وسوف يشير إليها المختصون بالإسلام ويربط ما يعده قيمًا لأفكار إسلامية معينة وحقائق أو أحداث فإن المختص بالإسلام سيصل إلى تقويم للإسلام على أساس هذه القيم ([38]).

خامسًا: لقد صُوِّر الإسلام في صورة مرنة «بحيث لا يعود الإسلام فيها نظرة عامة للمجموع الكلي للحقائق ولكنه يجزَّأُ إلى عدد من النظرات المعينة والأكثر اقتصارًا، فالصورة المرنة للإسلام يمكن أن يقال أنها أصبحت مسيطرة على النقاط الأربع التي ذكرت في تحديد مفهوم الإسلام. وهذا يتعلق بالاستخدام المستمر للدراسات الواقعية في موضوعات محددة من خلال سياق تاريخي أو اجتماعي جامد وهذا مع الحد الأدنى من التعميمات والتقويمات» ([39]).

لقد أجريت العديد من الدراسات حول التاريخ الحديث والمعاصر للعالم الإسلامي قام بها ألبرت حوراني وام. كر (M.Kerr) ودبليو. سي. سميث. وقد ركز آخرون من أمثال جي. بيرك (J.Berque) وهـ. باون (H.Bowen) وهاملتون جب واي. لابيدوس (I.Lapidus) وماكسيم رودنسون (M.Rodenson) ركز هؤلاء على التاريخ الاجتماعي للمجتمعات المسلمة. وثمة علماء آخرون من أمثال آربري وهـ. كوربين (H.Corbin) ولوي جارديه (L.Gardet) وهـ.هنري لاوست (H.Laoust) وان. روزنثال (N.Rosenthal) وجي. شاخت (J.Schacht) وآر. والزر (R.Walzer) وهـ. أي. ولفسون (H.A.Wolfson) وهؤلاء ركزوا على جوانب من الفكر الإسلامي والتاريخ: الفقه وعلم الكلام، والفلسفة والتصوف. وأخيرًا نجد أمثال أي آبل (A.Abel) ودبليو. فخت (W.Fischt) وأس. دي. جويتن (S.D.Goitein) وام. بيرلمان (M.Perlman) ودبليو. سويتمان (W.Sweetman) حيث قام هؤلاء بدراسات مقارنة مع المجتمعات الدينية الأخرى. وقد انبثقت كل هذه الكتابات من المصالح الخاصة بالعالم الغربي، وكما ذكر واردنبجر «ظلت الدراسات الإسلامية لمدة طويلة مشروعًا أوروبيًا لا ترتبط فقط بكتابات أدبية نقدية ودراسات تاريخية وبخاصة في الدراسات الكلاسيكية والإنجيلية ولكن ترتبط بالحقيقة التي مفادها أن ثمة مواجهة في تاريخ معظم الدول الأوروبية مع الشعب الإسلامي على الأرض الأوروبية أو في البحر المتوسط أو في مستعمراتها»([40]).

حاول بعض المستشرقين من أمثال كوربن أن ينشروا لهيب العلمانية([41]). ولكن أعماله لم تقدم أي جديد، وبحسب تعبير عالم إسلامي فإن كتابات كوربن تضمنت «تشويهًا خطيرًا لكل من الإسلام السنّي والشيعي» ([42]) فقد كتب كوربن عما أسماه «الإسلام الإيراني» بهدف إيجاد انقسام زائف بين العرب والإيرانيين. كانت كتاباته مفيدة للحكام العلمانيين مثل محمد رضا بهلوي الذي أراد أن يفصل بين الحضارة الإيرانية والإسلام في التاريخ الإيراني. وبالإضافة إلى ذلك كانت ادعاءات كوربن حول الرابطة المتصلة بين إيران ما قبل الإسلام وإيران الإسلامية مساعدة لبهلوي الذي كانت تتلخص في تقديم فكرة اتصال سلسلة الحكم الملكي إلى ألفين وخمسمائة سنة ماضية وذلك ليجد مبررًا شرعيًا لعرشه من مصادر ما قبل الإسلام وليس من الإسلام ويوضح هذا العرض لرؤية كوربن للإسلام كيف يراد فصل الدين عن السياسة، وليس مدهشًا أن يلحظ الغار «مدى التفاوت بين الإسلام وفقًا لوصف المستشرق والإسلام الذي يعرفه المسلمون من العقيدة والتجربة والممارسة حتى ليبدوان ظاهرتين متضادتين أو حتى لا علاقة بينهما» ([43]).

الاستنتاج:

كان الاستشراق خطة استعمارية لإيجاد فرع معرفي جديد لتفسير الإسلام. فإذا أمكن من خلال هذا التفسير إثارة الشكوك وزيادة درجة القضايا الجدلية في عقول المسلمين فعندئذ لن تضعف هذه التقسيمات من الالتزام بالإسلام فحسب ولكنها ستجعل المستعمر قادرًا على السيطرة على البلاد الإسلامية دون خوف من تهديد الإسلام. وبالرغم من أن معظم المستشرقين قد هلكوا منذ مدة إلا أن تلاميذهم يواصلون التقليد الاستشراقي من خلال أقسام الدراسات الإسلامية العديدة في المعاهد الغربية. وثمة انسجام وتوافق بين عملي المستعمر والمستشرق في البلاد الإسلامية. فالأول غيّر تركيبة المجتمعات الإسلامية بإبدال النظام السياسي بنماذج علمانية تتكون من النظريات الغربية من مثل الديمقراطية والقومية والأحزاب السياسية والانتخابات. وكذلك أدخل المستعمرون الأنظمة القانونية العلمانية لتحل محل الشريعة بينما يجب أن نعلم بأن المستشرقين تمكنوا من تقويض الإسلام من الداخل بإثارة الشكوك حوله.


 



([1]) Marwan R. Buheiry, Colonial Scholarship in Muslim Revivalism in 1900. Arab Studies Quarterly, vol. 4, Nos. i-2, 1982, p.7.

([2])Ibid,p.7.

([3])Ibid,p.7.

([4])Ibid,p.5.

([5])Ibid,p.5.

([6])Ibid,p.14.

([7]) C.E, Bosworth, Orientalism and Orientalists in Grinwood. Arab Islamic Bibliography. Sussex: Harvester press, 1977, p.148.

([8]) E.W.Said, Orientalism, London: and Routjedge and Kegan Paul, 1980, p.86.

([9]) Stuart Schaar, «Orientalism at the Service of Imperialism» in Race and Class, Vol XXI, No. 1, 1979, p.68.

([10])Ibid,p.69.

([11]) E.W.Said, op. cit., p.12.

([12]) Muhammad Benaboud, «Orientalism and the Arab Elite» in the Islamic Quarterly, Vol. XXVI, No. 1, 1982, p.7.

([13]) Ibid., p.9.

([14])H.Algar, «The problems of Qrientalists» in Islamic Literature, Vol.XVII, No. 2, 1971, p.35.

([15]) E.W.Said, op. cit., p.256.

([16])T.Asad, Two European Images of Non-European Rule in T.Asad (ed.), Anthropology and the Colonial Encounter, London: Ithaca Press, 1975, p.117.

([17])M.Siddiqui, «The Holy Prophet and the Qrientalists» in Islamic Studies, Vol. XIX, No. 3, 1980, pp. 143-165.

([18])H.Algar, The Problems of Qrientalists, op. cit., p.32.

([19])G.Sale, The Koran, London: Frederick Warne, 1899. 

([20])F.J.I. Menezes, The life and Religion of Mohammed, the Prophet of Arabia. Sands, London, 1911. 

([21])J.W.Stobard, Islam and its Founder. London: SPCK, 1876, p. 108 Also see: R. Bell, The Origin of Islam in its Christian Environment. London: Macmillan, 1926. Also see: M. Rodinson Muhammad. Harmondsworth: Penguin Books, 1977.

([22])J.N.Anderson (ed). The World Religions. London: Frank Cass, 1965, p.56.

([23])M.Watt, Muhammad: Prophet and Statesman, Oxford University Press, 1961, p.15.

([24])A.L.Tibawi, English Speaking Orientalists. London: Islamic Culture Centre, 1964, pp. 10-11.

([25])Muhammad Khalifa, The Sublime Qur'an and Orientalism. London: Longman Group ltd. 1983, p.14.

([26])J.N.Anderson, op. cit., p.57.

([27])M.Khalifa, op. cit, p.10.

([28])Ibid,p.12.

([29])See: M.M.Azmi, Studies in Early Hadith Literature. Indiana: American Trust Publications, 1978. 

([30])Albert Hourani, Europe and the Middle East. London: The Macmillan Press, 1980, pp. 18-20.

([31])Quoted in A.Siddiqui, «Early History of Islamic Law: An Analysis of Western Scholarship» in Journal of Social Scienes and Humanitles (Karachi), 1985, Nos. 1-2. p.85.

([32])Lyne Barbec, et. Al., Midle East Studies Network, Meerip Report no. 38, Washington DC, 1975, pp. 6-7.

([33])Ibid,p.19.

([34])Edward Said, Orietalism. Op. cit, pp. 300-301.

([35])Roger Owen, «Review of the Cambridge History of Islam» in Journal of Interdisciplinary History, Vol. 4, No. 2, Autumn 1973, p.287.

([36])Jacause Waardenburg, Changes of Perspective in Islamic Studies over the Last Decades. Humaniora Islamical, 1973, pp.247-260.

([37])Ibid,p.250.

([38])Ibid,p.250.

([39])Ibid,p.51.

([40]) Ibid., p. 259.

([41]) Hamid Algar, The Study of Islam, the work of Henry Corbin in. Religious Studies Review, Vol. 6, No. 2, April 1980. Most of the discussion on Corbin is from Algar's excellent analysis.

([42])Ibid., p. 87.  

([43])Ibid., p. 85.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...