د-
جماعات المصالح أو اللولبيات
يعد
دور هذه الجماعات جوهرياً فجماعات المصالح لم تكن فقط تتكاثر في العدد ولكنها
ازدادت قدرتها من خلال القدرة المتزايدة على الاتصال مع الأفراد والمنظمات التي
يمثلونها ومع الكونجرس. وتوضح جماعات المصالح مصالح مجموعات خاصة يحاولون تشكيل
طريقة النقاش مع مسؤولي الحكومة والإعلام ويقدمون دعماً في الحملات ويؤيدون أو
يعارضون مبادرات الفرع التشريعي أو التنفيذي ومن خلال تكوين شبكات أساسية يحاولون
أن يجعلوا القضايا محلية وهناك مجموعات مصالح عديدة في واشنطن فقط وما عليك سوى
تسمية الموضوع فسوت تجد في واشنطن منظمة تؤيد أو تعارض.
وهناك أمثلة من أعضاء الكونجرس أصبحوا
مرتبطين بمجموعة عرقية أو دولة ومن هؤلاء دان بيرتون من إنديانا الذي أصبحت
علاقاته قوية جداً بباكستان بسبب تأييده القوي أطلق عليه زملاؤه ساخرين داني
الباكستاني. والممثلة السابقة هلن نيكي كانت مؤيدة للعرب وكلاهما حصل على دعم
لحملته الانتخابية من الأمريكان من أصل باكستاني وعربي وكثيراً ما يقف رجال
الكونجرس بقوية بغرض تصويت حول قرارات غير قانونية وغير ملزمة فقط لإرسال رسالة
لإرضاء مجموعات مصالح معينة، وهكذا فإن التصويت السنوي لنقل السفارة الأمريكية من
تل أبيب إلى القدس يكون 420-5
ه-
التحليل وفقاً للتكاليف والمكاسب
تتصادم
أحياناً العناصر المذكورة سابقاً: الاحتياجات الانتخابية والأيديولوجية وبخاصة
عندما تكون مجموعات المصالح (اللوبيات) على جانبي النقاش يشكلون القضية محل النقاش
وفي بعض الأحيان يعطون وعواً بالتأييد. فالكونجرس يتخذ قراراته وفقاً لتحليل
المكاسب والتكاليف.
وهناك حالات ليس لها إجابات فتزويد
السعودية بالسلاح يقدم لنا مثالاً جيداً فقد أثارت صفقة السلاح للسعودية معارضة
شديدة من جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل وعلى أساس جوهري بإن تهديد إيران والعراق
وغيرهما كانت مبرراً لبيع أنظمة سلاح متقدمة إلى المملكة وبالإضافة إلى ذلك فهناك
مصالح مادية كبيرة بين الطرفين. فتأمل الحقيقة أن مبيعات السلاح الأمريكية إلى
السعودية في الفترة من 1950- 1997وصلت إلى 93,8بليون دولار ولكن الجدال الذي دار عام
1981 حول صفقة طائرات الأيواكس لم تكن هذه الأسباب كافية بالنسبة لعدد قليل من
النواب والتي اختارت إدارة ريغان في النهاية ربطها بمجموعة من المشروعات والوعود.
فقد سُمح للسناتور تشارلز جراسلي أن يختار المدعي العام لمنطقته وبنى مستشفى جديد
في واشنطن بناء على طلب من سليد جورتون Slade Gortonولم
يقم ريغان بالحملة ضد دينيس ديكونسيني Dennis
Deconciniوهو ديموقراطي في ولاية أريزونا التي
تميل إلى الجمهوري وأما جون ميلشر John Melcherفقد
أعطي تمويلاً لمحطة الوقود بالفحم في ولايته وبالتالي أيدوا جميعهم بيع الإيواكس
و-
التأثير
يستطيع
الكونجرس دعم أو إفشال سياسة الإدارة فمثلاً لم يستطع الرئيس كلينتون الذي تجنب
الخدمة العسكرية في فترة الحرب الفيتنامية أن يجدد العلاقات الدبلوماسية والتجارية
مع فيتنام دون دعم المقاتلين البارزين في حرب فيتنام النائب جون ماكّين John
Mc Cain وجون كيري John
Kerry ولم يستطع الرئيس بوش أن يمدد إيقاف القرض
بعشرة بلايين دولا لإسرائيل أو يلغي ديون مصر البالغة 6,7بليون دون تأييد النائب
بات ليهي Pat Leahy
ومن جهة أخرى أجبر ضغط الكونجرس إدارة الرئيس ريغان لعكس اتجاهها ودعم المقاطعة
الاقتصادية لجنوب أفريقيا.
ويستطيع الكونجرس في حالات معينة أن يفرض
سياسة ما على الفرع التنفيذي من السلطة ويحصل هدا عندما يطور عدد من أعضاء
الكونجرس علاقاتهم مع الحكومات الأجنبية أو الأفراد. قادت المتحدث باسم الكونجرس
توت جنجريتش Newt Gingrich مع
أحمد شلبي إلى إضافة في آخر لحظة للقرار بتقديم مائة مليون تمويلاً لما يطلق عليه
"المعارضة العراقية".
ز-
الموظفون
سأكون
مخطئاً لو أغفلت في ذكر اعتبار مهم آخر في صناعة السياسة الخارجية وهو دور
الموظفين في الكونجرس فمساعدي الكونجرس يقومون بدور أساسي في الأعمال الداخلية
للكونجرس بصفة كتلة أو أفراد من الكونجرس ومجلس النواب. وغالباً يقوم الموظفون
بكتابة التشريعات وصانعي الاتفاقيات وهو الذين يتواصلون مع الوكالات الفيدرالية
والبيت الأبيض ويسيطرون على تدفق المعلومات فلدى الموظفين إمكانية الوصول إلى
الأعضاء ولديهم القدرة على التحكم ببعض المعلومات حول قضية ما التي تستطيع في
الغالب أن تحدد كيف يكون موقف رجل الكونجرس في النقاش.
ثالثاُ:
الكونجرس والشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية
أ-
مقدمة
لم يكن بعيداً عندما كان السياسيون الأمريكيون مثلهم مثل الجمهور الأمريكي
يعتقدون أن السعودية ما هي إلّا أرض شيوخ النفط الأثرياء السمر جداً التي ارتدى
فيها عميل لمكتب المباحث الفيدرالية زيّاً عربيا وقدّم رشوة لعدد من أعضاء
الكونجرس. وعلى الرغم من أن صورة الطمع والبذخ فإن الصورة التي انتشرت في الثلاث
سنوات الأخيرة لشيخ النفط تعد بعيدة جداً عن الصورة التي لدى الكثير من الأمريكيين
اليوم.
وتعد
كلمة القلق عملية وهي أفضل وصف للنظرة العنيفة لدى كثير من رجال الكونجرس اليوم
تجاه السعودية. وهناك تحذير متنام في مقر الحكومة الأمريكية أن آل سعود والدولة قد
امتزجا معاً بصفتهما تهديد للولايات المتحدة ولأنفسهم.
وانظر
إلى النقاط الآتية والتي نوقشت كلها بتوسع في الإعلام الأمريكي وفي ردها الكونجرس
1-استنتج فريق من مجلس الشؤون الخارجية
أن أفراداً سعوديين والجمعيات الخيرية يمولون نشاطات القاعدة منذ عدة سنوات وأن
"المسؤولين السعوديين غضّوا الطرف عن هذه المشكلة"
2- أنهى بنك رقز Riggs
الوطني والسفارة السعودية علاقات استمرت عقوداً بعد
أن قدّم البنك "تقريراً عن نشاطات مشبوهة" إلى الحكومة الأمريكية.
3- عندما قدّمت اللجنة الاستخباراتية
المشتركة في الكونجرس (تقرر 9-11) في يوليو 2003 رفض البيت الأبيض الكشف عن ثمان
وعشرين صفحة من التقرير والتي من المفترض تفضح الارتباطات السعودية مع الأفراد
المشتركين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
4- وفقاً لجريدة نيويورك تايمز يرسل
السعوديون خمسة ملايين دولار سنوياً إلى حماس.
5- كررت صحيفة واشنطن تايمز التفاهم
السعودي الباكستاني في بحوث الأسلحة النووية.
6- يتهم كتاب بوب وودورد Bob
Woodward "خطة هجوم" (Plan
of Attack) أن السفير السعودي الأمير بندر تآمر مع
الرئيس لإبقاء أسعار النفط منخفضة قبل الانتخابات.
7- وقعت الحكومة السعودية في يونيه 2001
ثلاث اتفاقيات مبدئية مع شركات أمريكية لتطوير الغاز الطبيعي. وبعد سنتين ونصف من
المفاوضات المتعثرة أعطيت هذه المشروعات لشركات صينية وروسية وأوروبية.
هذه
القائمة وإن كانت جريئة لكنها معبرة عن رأي الكونجرس والعداوة تجاه السعودية في
الكونجرس تتزايد وقد بدأ هذا الاتجاه السلبي مع انهيار عملية السلام عام 2000
وازدادت سرعته بحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر وازدادت سرعته أكبر بعد قمة بيروت في
مارس عام 2002م عندما أعلنت مبادرة ولي العهد (حينذاك) مبادرة للسلام وقد اعترض
الكونجرس على مبيعات السلاح للمملكة وهو إعادة لجدال قديم استمر عقوداً لكيفية
تسليح المملكة من اللوبي المؤيد لإسرائيل. ومما يخضع للفحص كذلك موقف السعودية في
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حيث تتهم السعودية بمعاداة السامية وسجل حقوق الإنسان
في السعودية بما في ذلك معاملة النساء والأسعار المرتفعة للبترول والخلافات
التجارية والأهم من ذلك دور السعودية في الحرب على الإرهاب.
وقد
أكدت هذه الانتقادات نفسها في قرار المحاسبة للسعودية رقم (H.
R. 3643/S.1888) والذي يطالب بمنع بيع السلاح أو الاستخدام
المزدوج للبضائع للمملكة وتحديد النشاطات الدبلوماسية للسفارة السعودية. ويطالب
القرار الرئيس الأمريكي أن يثبت تعاون المملكة العربية السعودية مع الولايات
المتحدة في الحرب على الإرهاب. ومن المشكوك فيه أن يصوّت الكونجرس لصالح القرار
ولكن مع كل خبر سلبي عن المملكة فإن التأييد لها يزداد في مقر الحكومة. ولو
افترضنا أن مزيداً من أعضاء الكونجرس يؤيدون هذا التشريع فإنه من الممكن أن يكون
له وصعه الخاص مثل القرار الذي صدر بخصوص محاسبة سوريا عام 2003.
ب-
الشرق
الأوسط والكونجرس: نظرة إقليمية.
عانت الدول العربية في
السنوات الثلاث الماضية في ساحة الرأي العام الأمريكي من وصمة عار إقليمية أثارها
عدد من العوامل فقبل الهجوم على العراق حيث كانت إسرائيل تتعرض لانتقاد حاد من
المجتمع الدولي ازداد نشاط اللوبي المؤيد لإسرائيل زيادة كبيرة ومنذ الغزو
الأمريكي أهمل الإعلام إلى حد كبير المسألة الفلسطينية تاركاً إسرائيل تتصرف
بحرية.
هناك عقلية تتخذ موقفاً
دفاعياً مسيطرة بين النخبة السياسية في إسرائيل ومؤيديهم من الأمريكيين ، فإن
إسرائيل تدرك أن هناك تعاطفاً قليلاً لموقفها تجاه فلسطين خارج الولايات المتحدة
وهكذا فإن إسرائيل شعرت بالعزلة المتزايدة قبل 11 سبتمبر وخوفا ً من خسارة التعاطف
والتأييد غير المدود من داعمهم الرئيس فإن اللوبي الإسرائيلي وبخاصة أولئك
المؤيدين لمواقف حزب الليكود استعرضوا عضلاتهم السياسية في مقر الحكومة . فبعد 11
سبتمبر كانت إسرائيل تخاف في محاولة معالجة الأسباب أو مبررات الإرهاب فإنها تجد
نفسها في وضع يشبه تشيكو سلوفاكيا كما قال شارون:
" أُضيف المذكرة
القانونية عن أولئك الذين يروجون لمواقف الليكود بأن كثيراً من المجموعات والأفراد
الذين يعدون أنفسهم مؤيدين أقوياء لإسرائيل يعتقدون أن سلاماً متوازن وعادل يضمن
إنهاء احتلال الضفة الغربية وغزة هو في صالح إسرائيل"
وفي الكونجرس فإن أكثر
الحلفاء لأمريكا أهمية مصر والسعودية يتعرضان لتعنيف مستمر وفي رأيي يعود هذا
النقد إلى حقيقة أن هاتين الأمتين قريبتان لأمريكا بصفة خاصة ويفعلون الكثير
لتشجيع المصالح الأمريكية في المنطقة وقد كانوا مؤيدين للجهود لحل الصراع
الإسرائيلي الفلسطيني وهذا فإننا بتلطيخهما فإن فكرة أهمية إسرائيل الجوهرية
لأمريكا وأنها الشريك الاستراتيجي الإقليمي للولايات المتحدة يدعم ذلك.
إن حقيقة أن كثيراً من
المهتمين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر مواطنون سعوديون قد لطخت سمعة السعودية في
الكونجرس وبصورة أكبر لدى الشعب الأمريكي وبالتأكيد فإن التركيز على مثل هذا
مؤخراً يزيد من تدهور صورة السعودية فالأمريكيون الآن يرون السعودية بالصورة التي
رأوا فها لبنان في الثمانينيات بل أكثر تهديداً بسبب ثروة البلاد ومكانتها
المعنوية في العالم الإسلامي. إن خطة الملك عبد الله للسلام قدمت فرصة حقيقية
لتحقيق نهاية عادلة للصراع العربي الإسرائيلي ومع ذلك بالنسبة لحكومة شارون
وحلفائها فإن الخطة التي تطالب إسرائيل بالعودة إلى حدود عام 1967 ينظر إليها
كتهديد لأنها معقولة فعلاً. وهكذا فإن القلق الأمريكي بسبب الحادي عشر من سبتمبر
بالاشتراك مع الخوف الإسرائيلي أن خطة السلام السعودية المعتدلة ستكون مقبولة من
قبل الولايات المتحدة قد رتّب الأمور لما حدث للسعودية في الكونجرس منذ ذلك الحين.
هناك قضايا أخرى صورت
إسرائيل بصورة سلبية ولكن حلفاء إسرائيل لديهم القدرة على تحويل التركيز بعيداً عن
القضايا الحقيقية فمثلاً بعد العديد من تقارير الأمم المتحدة عن فقر الفلسطينيين
وإطلاق إسرائيل الرصاص على موظفي الأمم المتحدة في غزة هدّد المشرعون بإيقاف التمويل
لوكالة غوث اللاجئين UNRWA.
وأما مسألة اللاجئين الفلسطينيين فقد تم التشويش عليه وعندما قدّم المشرعون
قانوناً لتعويض المهاجرين اليهود الذين أجبروا على مغادرة البلاد العربية.
لا شك أن اللوبي المؤيد
لإسرائيل في مقر الحكومة قوي. فحين تكون هناك قضايا تؤثر على إسرائيل مباشرة فإن
هذه المجموعات ذات وزن في تشكيل السياسة ويمكن رؤية هذا بالنظر إلى عدد من الحلول
يوافق عليه الكونجرس. ولكن المجموعات المؤيدة لإسرائيل لن يكون لها وزن عموماً في
القضايا التي تهاجم جيرانها، فليس عليهم أن يفعلوا ذلك فالمجموعات التي لا علاقة
لها بالشرق الأوسط تستطيع فعل ذلك بتأثير كبير.
وتعد مصر هدفاً لنشطاء
حقوق الشاذين بسبب تقارير صادقة أو كاذبة أن الحكومة قد حاكمت واحتجزت رجال شاذين
وقد ركزت مجموعات حقوق الأسرة على السعودة بسبب تعاطيها مع عدة قضايا تتعلق بحضانة
الأطفال نالت تغطية إعلامية واسعة وكلا البلدين متهم بمضايقة النصارى واليهود بطريقة
ما.
لا أريد أن أقول إن كل
الشكاوى التي أثيرت ضد السعودية ومصر لا أساس لها ولا أقول إن كل الأعضاء الذين
يتناولون هذه القضايا يفعلون ذلك للإساءة لهذه الدول. ومع ذلك فإن القضايا التي لا
تهم إسرائيل مباشرة تثار عادة كوسيلة لتمرير قضايا لإبعاد الولايات المتحدة عن
حلفائها العرب.
لقد كان الإعلام والنشر
أداة فعّالة في لفت الانتباه إلى عيوب العرب فعضو الكونجرس دان بيرتون أصبح بطلاً
في تناول قضية حضانة الأطفال وبصفته رئيس لجنة فقد عقد عدة جلسات استمع علنية حول
الموضوع. وقد قامت مجموعة من الأعضاء المؤيدين لإسرائيل بالإعداد للمناسبة
بالتعاون مع السفارة الإسرائيلية ودعوا مجموعة من الأعضاء لمشاهدة القبض على
انتحاري (استشهادي) فلسطيني.
زملائي الأعزاء هكذا
يتواصل أعضاء الكونجرس لنقل الأفكار والإعلان عن قرارات وتشريعات لزملائهم وغالبا
تعرض الرسائل وتظهر مقالات مصوّرة أو افتتاحيات الصحف. وهكذا فإن مقالات مثل مقالة
شارلز كروتهامر Charles Krauthammerفي
عموده الصحفي في الواشنطن بوست المعنون السلام السعودي الزائف قد تم تعميمها على
الأعضاء جميعاً. وهناك مقالات أخرى تركز على الموضوعات التي سبق ذكرها والإرهاب
وقد أسرعت السعودية في الرد على هذه الاتهامات ولكن المصادر والوقت والمال الذي
كان يجب أن يستخدم لدعم صورة المملكة ينفق بدلاً عن ذلك للدفاع عنها.
ج- السعودية
ظلت العلاقات السعودية الأمريكية
قوية على مدى ستين عاماً، فمنذ أيام الملك عبد العزيز وروزفلت إلى الوقت الحاضر
تستند العلاقات على التعاون والأهداف المشتركة والتفاهم. فقد اشتركت أمريكا
والسعودية بصفتهما شركاء شراكة عاملة على محاربة المبادئ المختلفة من الناصرية
والشيوعية والإرهاب للمحافظة على استقرار المنطقة.
والسعودية هي ثاني أكبر
شريك تجاري في المنطقة، ففي عام 2002 صدّرت الولايات المتحدة 4,3بليون دولار من
البضائع إلى المملكة واستوردت منها 12,2 بليون وهو في معظمه من المنتوجات
البترولية وتقدر الأموال السعودية خارج البلاد ب 700 بليون دولار ومعظم هذا الرقم
مستثمر في الولايات المتحدة. وتعمل السعودية وأمريكا معاً على الإبقاء على امدادات
النفط مستقرة ومضمونة ومعقولة في السعر.
وهناك أسباب أنانية
أخرى لماذا من المفيد أن تحافظ الولايات المتحدة على تحالف قوي مع السعودية. ومن
وجهة نظر أمريكية فإن موقع المملكة العربية السعودية في شبه الجزيرة العربية تضعها
في منتصف العالم جغرافياً ونظراً لمكانتها الفريدة في العالم العربي والإسلامي فإن
تأييد السعودية يعد فعّالاً في إضفاء الشرعية على الأهداف السياسية الإقليمية
الأمريكية.
وغالباً ما يتم إهمال
هذه الاعتبارات من قبل الكونجرس والذي يتمتع بذاكرة محدودة بالنسبة للأفعال
الإيجابية وذاكرة طويلة الجل للانطباعات السيئة. ولا يمكن الافتراض أن الأمريكي
العادي وعضو الكونجرس متشابهان بأن لديهما فهم قوي بالعلاقات القوية تاريخياً بين
أمريكا والسعودية وعادة ما يتم التعامل مع العلاقات السعودية من قبل الإدارة ففي
التسعينيات كان هناك جدالات قليلة حول السعودية في مقر الحكومة. وتم تنفيذ الأمور
عن طريق المصافحة بين الرئيس والملك، والآن تحولنا 180 درجة.
د- التشريعات الحديثة
ذات العلاقة بالسعودية.
يمكن للتجارة أن تؤدي دوراً
أساسياً في العلاقات السياسة. والمنطق في هذا بسيط فالأمريكان يهتمون بالوظائف
أكثر من السياسة. فمثلاً قام المجتمع الأمريكي الكوبي في ميامي بفرض السياسات مع
حوض الكاريبي، ولمدة أربعة عقود فإن هذا اللوبي المنظم والذي لديه تمويلاً جيداً
قد استمال وضغط على السياسيين الأمريكان لاستمرار الحظر على كوبا والذي في جوهره
حدد المصالح التجارية الأمريكية في كوبا.
فرجال الأعمال
الأمريكان الباحثين عن أسواق جديدة توجهوا إلى كوبا فقد استطاع تحالف رجال أعمال
يقودهم مكتب الفلاحة كسب تحالفات في مقر الحكومة. وقد تمت استمالة أعضاء من
الكونجرس لمعارضة الحظر على كوبا وذلك جزئياً لأن تأثير مجتمع رجال الأعمال تجاوز
ذلك الذي للوبي الكوبي، ولذلك إن نهاية الحظر من طرف واحد قريبة.
ولو كان لرجال الأعمال
في مسألة قانون المحاسبة السوري العام الماضي (2003) فإن هذا التشريع غير المساعد
المحدد للعلاقات الدبلوماسية والتجارية مع سوريا ما كان له أن يُقر. ولقد اقترح
ذلك القرار مؤيدو إسرائيل الأقوياء في الكونجرس. وقد عورض مبدئياً من قبل وزارة
الخارجية وأخفقت الجهود في تمرير القرار في الكونجرس رقم 107 لأن تجمعا ً من رجال
الأعمال برئاسة كونوكو -فيليبس Conoco-Philipsولكن
صمتهم المقترن بلغة الرئيس المعادية لسوريا أعطت للتشريع حياة جديدة. وقد ووفق على
التشريع بهامش محدود في كلا المجلسين الكونجرس ومجلس النواب.
وأشعر بالخوف من عدم
أخذ مجتمع الأعمال مسألة قانون محاسبة السعودية مأخذ الجد، فما ذا سيفعل مثل هذا
القانون؟ سيمنع تصدير الأسلحة ومواد ذات الاستعمال المزدوج- وهو تصنيف واسع- إلى
المملكة والتضييق على التحرك الدبلوماسي السعودي في الولايات المتحدة والذي قدم
الاقتراح بهذا القانون أحد أصحاب الأصوات العالية المنتقدة للسعودية والمؤيدة
لإسرائيل الممثل في مجلس الكونجرس أنتوني وينور Antony
Weiner من نيويورك ويهدف إلى إيقاف الدعم
السعودي للمؤسسات التي تمول وتدرب وتشجع أو بأي طريقة تساعد أو تحرض على الإرهاب.
وتضمن تعاون السعودية الكامل في التحقيق في حوادث الإرهاب. ومن ضمن استنتاجاتها
الدعم السعودي الحكومي والخاص أو اللامبالاة للإرهاب والجمعيات الخيرية الدعمة
للإرهاب والروح السعودية المعادية لأمريكا والمعادية للسامية والدعم السعودي لحماس
وعدم تعاون السعودية مع التحقق وباختصار إنه اتهام للسعودية والعلاقات السعودية
الأمريكية.
ويضم مؤيدو القانون
المجموعات المعتادة من المنظمات التي تدعم إسرائيل بدون حدود وحتى لو كانت السياسة
موضع البحث تعطل المصالح الإسرائيلية طويلة المدى وتزيد من عزلتها عن المجتمع
الدولي. وإن تمرير هذا القانون سيدمر الصورة الأمريكية في المنطقة ليس له اعتبار
كبير ولا حقيقة أن التبادل التجاري السنوي بين السعودية وأمريكا يصل إلى 16,5بليون
دولار
وإن قانون محاسبة
السعودية ليس التشريع الوحيد الذي يُقدّم لدورة الكونجرس 108 ففي يوليو 2003 حاول
الممثل في الكونجرس واينر أن يلغي مبلغ 25 ألف دولار خصصتها الولايات المتحدة
لتغطية المصروفات الإدارية لبرنامج التدريب الذي يُطلق عليه IMETوقد
رفض اقتراح واينر بتصويت 193-230 وكان المعارض الرئيس له في مجلس الكونجرس الممثل
جاري أكرمان Gary Ackerman (ديموقراطي من نيويورك
وكان مثل واينر يهودياً أيضاً.
ه-التفكير في البيض
الأبيض والكونجرس
أعلن الرئيس بوش في
مايو 2003 خطة طموحة ومع ذلك غامضة لدفع النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط بتأسيس
منطقة تبادل تجاري حر (MEFTA)
بحلول عام 2013وتدعو هذه الخطة الولايات المتحدة لتعمل مع دول في المنطقة لزيادة
التجارة والاستثمار وتساعد في تطبيق الإصلاحيات المحلية وتأسيس حكم القانون وتحمي
حقوق الملكية الخاصة وأكثر غموضاً بناء ذروة "للانفتاح والنمو الاقتصادي
والازدهار"
وتتضمن المبادرات
الأخرى تأسيس مبادرة السلام الشرق أوسطية(MEPI) والتي تهدف إلى تشجيع الفرص التعليمية والفرص الاقتصادية على
مستوى الجماهير وتقوي تطور النظام الخاص وتدعم المجتمع المدني وحكم القانون.
وكشف بوش مؤخراً في قمة
الثمانية مشروع "الشراكة للتطور والمستقبل المشترك مع منطقة الشرق الأوسط
الكبير وشمال أفريقيا، والاسم حقاً كبيرة ولكن حقيقته أقل من اسمه الأصلي
"مبادرة الشرق الأوسط الكبير" والتي بدت كأنها خطة للسيطرة على المنطقة،
وعلى أي حال تهدف هذه الخطة أساساً لتأكيد الانفتاح والنواحي الاقتصادية والفكرية
والديمقراطية في المنطقة.
وبينما تحمل هذه الخطط
من العيوب الخطيرة فإنها تكشف عن روح سياسية في الولايات المتحدة فإن الزعماء
السياسيين من بوش فما دون يشعرون بالإحباط والإصلاح كملة ذات صدى ولكن السؤال هو
كيف.
و- كيف تؤثر في الكونجرس:
الألفة
يستجيب رجال الكونجرس
لما يستمعون إليه من الجهات التي يمثلونها ومن الإعلام وبخاصة الإعلام المحلي،
إنهم يحمون المصالح التجارية المحلية ويحاولون إرضاء أكبر عدد من المصالح كقاعدة
صلبة لتأييدهم. وينبغي تطبيق هذه المبادئ على أي قضية سواء كانت الشرق الأوسط أو
الرعاية الطبية. والفرق الوحيد هو أن الأمريكيين الذين يقطنون بصفة خاصة بين
الشاطئين هم عادة مترددون بالنسبة للقضايا الدولية، إنهم يهتمون أكثر بقضايا
المعيشة اليومية وقد أدى هذا إلى عزل عقلياتهم والتي خضعت للاختبار بعد سبتمبر 11.
وتهتم السياسة الأمريكية
بأشياء كثيرة ولكنها إلى حد بعيد حول الألفة والمعرفة ففي الشرق الأوسط يعرف رجال
الكونجرس إسرائيل أكثر من غيرها ففي عام 1997 استضيف مائة وفد من رجال الكونجرس
لزيارة إسرائيل وكانت مصر هي الأقرب في عدد وفود الكونجرس في زيارتها تلك السنة
حيث استضافت ست منها فقط. وهذا في الكونجرس وحده. ورئيس بلدية المدينة التي أنتمي
لها ولا يزيد عدد سكانها عن 9000قد أخذ إلى إسرائيل وفداً من رؤساء بلديات المدن
الصغيرة.
ز- انتخابات عام 2004م
وعلى خلاف الانتخابات
القومية الأخيرة فإن السياسة الخارجية التي تضم الأمن الاقتصادي والمادي سوف تلعب
دوراً مهماً في الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر 2004. والعلاقة مع السعودية
هي إحدى قضايا هذه الانتخابات فمن الناحية الاقتصادية فالأمريكان غاضبون لدفع 2,20
دولار لجالون البنزين. وهذا يؤثر في الأمريكي العادي وأكثر من تضر جيبه وقد هاجم
جون كيري الرئيس بوش لإخفاقه في العمل مع السعودية لتخفيض أسعار الوقود وأنه جعل
اعتماد الأمريكان الذاتي من خلال تمويل مصادر الطاقة البديلة أولوية في سياساته.
وهناك عنصر الإرهاب. فالهجوم على السعودية على من مبررات الهجوم له شعبيته لدى
الجمهور. إن عنصر الخوف يجذب الأصوات والأمريكيون يشعرون بالرعب من دولة سعودية
عسكرية ويشعر المرشحون بسياسة أمريكية طويلة المدى بالتسامح مع الحكومات العربية
الإسلامية المعتدلة (تُقرأ الفاسدة) قد أخفقت وتستطيع الدول العربية أن تقوم
بالإصلاح وأن تعمل معنا أو تفقد دعمنا.
ومن الناحية السياسية
لا يتكلف العضو شيئاً لو هاجم السعودية أو مصر أو أي دولة عربية إسلامية لأنه لن
يتحمل أي نتائج سياسية سلبية إن فعل ذلك. وبينما استطاع العرب الأمريكيون أو
يقطعوا مشواراً لتكوين كتلة سياسية قوية – وبخاصة في ولاية ميتشيجان وليس هناك
مجموعة متطورة من الأصوات تقف مع هذه الأمم. وفي المقابل لقد لعبت المجموعات
اليهودية دوراً واضحاً منذ مدة طويلة وذا دور أساسي في العملية الانتخابية. وعندما
اعترف هاري تروما بإسرائيل ذكر إنه لم يعرف أي عربي من الجهات التي يمثلها ولكن
كان مدركاً للإسهام اليهودي السياسي.
إذا كانت أمم الشرق
الأوسط باستثناء إسرائيل غير قادرة على أن تقدم صورة شاملة للسياسيين الأمريكيين
والمواطنين عمن هم من النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية ولماذا هم مهمين
للولايات المتحدة فلا بد أن يتوقع المرىء يظلوا يستخدموا علفاً سياسياً في مسارات
الانتخابات.
تعليقات
إرسال تعليق