وقال
بطرس والدموع تكاد تفر من عينيه "أنا فشلت..إنها فضيحة ..وكان بطرس يتحدث
عن شعوره بالإحباط والفشل في إيقاف المذابح أو المجازر أو القتل الجماعي في رواندا
وأضاف غالي "إن ما يحصل ليس فشلاً للأمم المتحدة فقط بل للمجتمع الدولي،
وجميعنا مسؤولون عن الإبادة العرقية، ويضيف الخبر التي أوردته عكاظ في عددها 10154
في 16/12/1412هـ قائلاً "وفي محاولة للحفاظ على ماء الوجه والسعي لمحاكمة
مرتكبي المجازر الجماعية عينت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مقرراً
خاصاً للتحقيق في المجازر التي وصفتها بأنها أعمال إبادة يجب أن تتوقف
فوراً."
هل استيقظ فجأة ضمير الأمين العام للأمم
المتحدة فراح يبكي ضحايا القتال في رواندا وما يُجدي أن يستيقظ ضمير الأمين العام
وقد بلغ عدد القتلى مئات الألوف؟ ولتبعث لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مقرراً
وثانياً وثالثاً وحتى مائة فماذا يمكن أن يفعل المقررون والسلاح في أيدي الثوار
وفي أيدي جيش الدولة كل منهما يقتل ويقتل حتى أصبح القتل شهوة وهواية ولهواً وكان
الذي لا يُقتل مصيره القتل.
فهل حقاً استيقظ ضمير الأمين العام بطرس؟
وما أعجب مفارقات التاريخ، فالذي حرّض أوروبا على الحروب الصليبية ناسك اسمه بطرس
راح يجول أوروبا طولاً وعرضاً يدعوها إلى استنقاذ بيت المقدس فيما زعم وأن أرض
الشام هي أرض السمن والعسل...وانطلقت الحملة الصليبية ومن عدل الله سبحانه وتعالى
أن يكون أول ضحايا حملة الرعاع تدمر كل ما أمامها تنهب وتقتل وهكذا انهت الحملة
دون أن تصل إلى الشام.
ولماذا يستيقظ ضمير الأمين العام
فالمسلمون يُقتلون في الهند وفي كشمير وفي الفلبين وفي بورما وفي البوسنة، فماذا فعلت الأمم المتحدة وماذا يُتوقع أن تفعل.
لا إنها ليست صحوة ضمير، ولكنها فصول
المسرحية العبثية أن يصرح بطرس "فشلت" ويا لخيبة الأمم المتحدة، وها هي
الشهادة الغربية من أناس لا يجمعهم بمسلمي البوسنة عقيدة أو حلف أو جوار ولم يعدهم
المسلمون بأموال أو عقود، فهذا زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي
يصرح في حديث لشبكة السي إن إن بأن على بطرس غالي وممثله الخاص في يوغسلافيا
السابقة أن يستقيلا لأنهما وقفا عقبة في طريق وضع حد لوحشية الصرب أنهما جعلا قيام
طائرات الحلف الأطلسي بضرب الصرب مشروطة بموافقة الأمم المتحدة. ولم تتفضل الأمم
المتحدة بالموافقة، فأمعن الصرب في استهزائهم بالمجتمع الدولي.
وقد أوردت صحيفة المسلمون في
عددها 485 في 9ذي الحجة 1414هـ حديثاً للسفير محمد سحنون مبعوث الأمم المتحدة
السابق في الصومال قوله "إن الأمم المتحدة والدكتور غالي شخصياً أضاعوا عدة
فرص لاحتواء مأساة البوسنة قبل انفجارها، وأنهم تلقوا في وقت مبكر تقارير مؤكدة
حول قرب وقوع كارثة كبرى في يوغسلافيا السابقة، إلّا أنهم تغاضوا عن التدخل، بل
عارضوا تحركاً للمجموعة الأوروبية كانت تنوي القيام به في يوليو 1992. وأضيف هنا
إلى أن الصراع كان قد بدأ بين الصرب والكروات ولكن سرعان ما استطاعت الدول
الأوروبية احتواءه وإخماد فتيل الحرب بينهما. فلما بدأت دماء المسلمين تسيل سكت
الغرب سكوت الأموات.
وكتب الدكتور عاصم حمدان رحمه الله في عدد المسلمون
نفسه معلقاً على مواقف بطرس قائلاً: "إن الرجل لم يحاول أن يحتفظ وخصوصاً في
قضية البوسنة بالحد الأدنى من الحياد، الذي يتطلبه منصبه الأممي، بل هو إمعاناً في
عدائه للشعب البوسني المسلم يختار ممثلاً أكثر انحيازاً في عدائه للشعب البوسني
يختار وهو ياسوشي أكاشي الذي قرن الزعيم الجمهوري "بوب" موقفه المنحاز
بموقف غالي نفسه وطالب باستقالته كذلك.
نعم إنها ليست خيبة واحدة وليس فشلاً
واحداً والذي يعلن فشله وفضيحته يجب عليه أن يتخلى عن هذا المنصب الذي لم يحسن
العمل فيه، بل إنه يجب أن تعقد له المحاكمة لأنه كما قال الدكتور عاصم حمدان
"هو الذي نفخ في روح الصرب ودفعهم بمواقفه المتخاذلة حيناً والمنحازة حيناً
آخر إلى ارتكاب ما ارتكبوه من أفعال الخزي والعار والسوء".
تعليقات
إرسال تعليق