التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحركة الاسلامية في المغرب العربي بين الاستعمار والاستشراق


 [1]


شهدت بلدان المغرب العربي صحوة إسلامية مباركة في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري (الربع الثاني من القرن العشرين الميلادي) في الوقت الذي كانت فيه هذه البلاد تعاني من وطأة الاحتلال، ولقد تعرضت هذه الصحوة وما تبعها من قيام الحركة الإسلامية لحرب عنيدة من قبل قوى الاستعمار المختلفة بما فيها الاستشراق. وتعود جذور عداء فرنسا للمغرب العربي أو شمال أفريقيا – كما يطلق عليه حاليا- إلى حركة الفتوح الإسلامية التي توقفت عند جبال البرانس ومعركة بلاط الشهداء بخاصة، وتجدد هذا العداء من قبل أوروبا بعامة وفرنسا بخاصة في الحملات الصليبية التي ساهمت فيها فرنسا مساهمة كبرى، وظلت فرنسا تنظر نظرة العداء للجزائر حينما أصبحت الأخيرة قوة بحرية كبرى تخطب ودها دول أوروبا كلها، وتترقب الفرصة المواتية لمهاجمتها واحتلالها، ووجدت الفرصة المواتية عام 1830م (1256هـ) فكادت للإسلام من أول يوم وطأت أقدامها  أرض الجزائر، ولما ظهرت الحركة الإسلامية ونمت أخذ الاستعمار والاستشراق في محاربتها فتمثلت حرب المستشرقين بالدراسات التي كانوا يعدونها بناء على طلب من وزارة المستعمرات، أو وزارة الخارجية أو الداخلية أو تلك التي يتطوع بها هؤلاء دون طلب من أحد، والذي يتيسر له الاطلاع على الوثائق الفرنسية يجد تشابها كبيرا بين كتابات المستشرقين وهذه الوثائق.

وقد استمرت محاربة بعض المستشرقين وتلاميذهم من أبناء المغرب العربي للصحوة والحركة الإسلامية بعد الاستقلال في صورة دراسات وأبحاث تستند إلى تقارير الحكومة الفرنسية ودراسات المستشرقين التي أعدت أيام الاحتلال لتستغلها الدول الغربية التي لم تنقض بعض مصالحها في هذه الديار، في ضرب هذه الحركات والقضاء عليها.

ولعل أبرز هذه الدراسات ما كتبه شارل أندري جوليان Charles Andre Julien وشارل روبرت أجرون Charles R. Ageron وأندريه نوشي ومكسيم رودنسونMaxim Rodinson ومن تلاميذهم علي مراد ومحفوظ قداش وعبد القادر جغلول وغيرهم.

لئن استطاع الاستعمار أن يوقف المد الإسلامي حينما سيطرت على المسلمين قابلية الاستعمار، لكن حيوية هذا الدين تدفع أتباعه إلى النهوض، وقد تحقق هذا في المغرب العربي في بداية القرن العشرين (النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري) وكانت الأهداف القريبة التحرر من الاستعمار والعودة إلى الإسلام أيام مجده الأولى، فبعد إرهاصات ليس هنا محل ذكرها انطلقت في الجزائر جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 18 ذي الحجة عام 1349هـ 5 مايو 1931م، ولم يكد يمض سنتان على تأسيس هذه الجمعية حتى تنبهت الإدارة الاستعمارية إلى خطورة العلماء السياسية فأصدر السكرتير الإداري لحاكم عام الجزائر منشورا يطلب فيه من جميع المسؤولين الفرنسيين في أرجاء الجزائر جميعها مراقبة العلماء موضحا أن خطرهم يتمثل حسب زعمه- في نشر التعاليم والأصول الوهابية، والدعوة للعودة إلى العقيدة الصحيحة، ومحاربة البدع والخرافات التي انتشرت على أيدي الطرق الصوفية، ولا يستبعد المنشور أن يكون وراء هذه الدعاية مرمى سياسي يهدف إلى المس بالنفوذ الفرنسي، ويشير هذه التقرير أيضا إلى ارتباط جمعية العلماء بالحركة الدستورية التونسية (الدستور القديم)[2]. وكان من نتائج هذا المنشور أن منع العلماء من الوعظ والتدريس في المساجد التي كانت تديرها وتشرف عليها الجمعية الدينية التي أصبح رئيسها موظفا فرنسيا.

 أما نصيب هذا التقرير أو المنشور من الحقيقة فقليل، فجمعية العلماء كانت تدعو للعودة إلى منابع الإسلام الصحيحة، لكنها لم ترتبط بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وذلك لما صرح به رئيس الجمعية بأن العلماء لم يتصلوا بالإنتاج الفكري للشيخ محمد بن عبد الوهاب ولم يتتلمذوا على كتبه أو كتب أتباعه[3]، وبالنسبة لوجود مرمى سياسي لدعاية العلماء فإن كان العلماء قد استبعدوا النشاط السياسي بنص القانون الأساسي للجمعية ([4]). فالإسلام لا يفرق بين الدين والسياسة.

وهكذا واصلت الإدارة الاستعمارية مراقبتها للحركة الإسلامية في الجزائر وقد ظهر هذا في تقارير الإدارة الفرنسية في الجزائر، فيذكر أحد هذه التقارير أن الشيخ محمد السعيد الزاهري([5]) تحدث في أحد اجتماعات الجمعية قائلا: في الوقت الذي تدعي فيه الحكومة انفصال الدين عن الدولة نجدها تؤيد الإرسالية الكاثوليكية، فقد قام ضابط ذو رتبة كبيرة برحلات عبر الجزائر وبخاصة في الجنوب لإنشاء اتصالات مع هذه الإرساليات، وأضاف الزاهري بأن الحكومة أمدت الإرسالية المسيحية في عين صفرة مبلغ 4.100.000 فرنك في الفترة من 1920-1936م (1338-1355هـ). وطالب الزاهري في هذا الاجتماع بتوجيه احتجاجات شديدة ضد إعادة طبع كتاب ((مصنوع من الذهب)) الذي يعترض فيه مؤلفه الكولونيل كوربيه Colonel Corbier للنبي صلى الله عليه وسلم بالأذى ([6]).

وهناك وثيقة أخرى يقترح فيها مدير أكاديمية الجزائر تطوير أنظمة التعليم في الجزائر وذلك بتبني بعض القواعد المتبعة في المغرب لإحكام السيطرة الفرنسية على التعليم الخاص[7].

وقد كان لجمعية العلماء نشاطاتها السياسية، ففي عام 1355هـ (1936م) عقد في الجزائر المؤتمر الإسلامي العام للنظر في المشروعات الفرنسية الرامية إلى إدماج النخبة المفرنسة وإعطائها الحقوق السياسية، وكان موقف الجمعية في هذا المؤتمر الدعوة إليه والمشاركة في أعماله، وقد استطاع العلماء في هذا المؤتمر توحيد موقف جميع فئات الشعب الجزائري لتطالب بالمحافظة على الذاتية الإسلامية ورفض الاندماج الذي كانت تسعى له فرنسا، أما إعطاء النخبة بعض الحقوق الدستورية فقد أشارت إلى ذلك إحدى الوثائق الفرنسية بأنه كان هدفا مرحليا أو خطوة أولية للحصول على فرص أفضل مستقبلا([8]).

هذه بعض مواقف الإدارة الفرنسية من الحركات الإصلاحية في المغرب العربي وقد ضربنا المثل بالجزائر، وساعد في تكوينها مستشرقون سياسيون غلبت عليهم صفتهم السياسية فلم يعرفوا بوصفهم مستشرقين حتى اختلط الأمر على بعض الباحثين ممن لا يعرف هذه المنطقة ففصلوا بين الاستشراق والاستعمار فكأنهم تصوروا المستشرقين باحثين في أبراجهم العاجية يبحثون في شئون المغرب العربي، ويؤيد هذا أن الحكومة الفرنسية لم تكن تعين في المناصب القيادية في المغرب العربي غالبا إلا من كان على علم باللغة العربية والدين الإسلامي، والأمثلة على ذلك كثيرة وأبرزهم م.ميرانت (Mirant) الذي أنشئت الجمعية في عهده ثم م. ميو(Milliot) الذي تولى منصب الحاكم العام بعده، وكذلك م.موران (Morand) الذي كان مديرا للشئون الأهلية فقد كان عالما بالفقه الإسلامي ورجل قانون[9]، وكذلك أغسطين بيركAugustine Berque  كان مديرا للشئون الأهلية.

أما في المغرب الأقصى فقد اخذت الحركة الإسلامية على عاتقها أن تحارب الاحتلال الأجنبي ببث الوعي الإسلامي الصحيح من خلال دروس علمائها وخطبهم في المساجد؛ ولذلك نجد الإدارة الاستعمارية تتخذ إجراءات مماثلة لما حدث في الجزائر بعد إنشاء الجمعية وهي قيام المقيم الفرنسي العام بالإيعاز إلى الوزير الأكبر بإصدار تعليماته إلى جميع باشوات وعمال المملكة لمنع أي نشاط في المساجد سوى العبادة فقط، ويرى المقيم العام بأن جامعة القرويين "هي التي توشك أن تصبح المركز الرئيسي للتشويش)"([10])

وفي تونس نجد أن السلطات الحكومية الاستعمارية أرادت من حزب الدستور القديم أن يخضع لها فيأتي الجواب بالرفض ولكن مؤرخا (مستشرقا) فرنسيا يسمي الأشياء بغير أسمائها، يذكر أن حزب الدستور القديم عارض التعاون مع ممثلي الحكومة الفرنسية لأنه كان من أنصار الوحدة العربية وكان أتباعه "يتطلعون إلى القيم المعنوية والغايات الروحانية" ويضيف هذا المؤرخ "وسبحوا في أحلام إعادة نظام ديني تقليدي إلى تونس"([11]).

ولعلنا نسأل هذا المؤرخ المستشرق لماذا يكون التعاون مع ممثلي الحكومة الفرنسية ضد الوحدة العربية وضد التطلع إلى القيم المعنوية والغايات الروحانية؟ هل أصبحت تونس جزءا من فرنسا فلا علاقة تربطها بالدول العربية؟ إن هذه ليست المرة الأولى التي تنظر فيها الإدارة الاستعمارية وبعض المستشرقين إلى الوحدة العربية بأنها تعني محاربة النفوذ الفرنسي ففي 23/ 4/ 1353هـ (4 أغسطس 1934م) وقع صدام بين المسلمين واليهود في الجزائر، وتسامع المسلمون خارج الجزائر بما حدث لإخوانهم فهبوا لنجدتهم بما يستطيعون وكان من ذلك إرسال مبلغ وقدره خمسون جنيها استرلينيا، فعدت السلطات الفرنسية ذلك اتصالا بجهات أجنبية وتلقي المعونة منها وهذا يهدد النفوذ الفرنسي[12].

ونمضي مع هذا المؤرخ (المستشرق) في وصفه للدستور القديم بأنه كان يحلم بإعادة نظام ديني تقليدي في تونس. والرد على ذلك في غاية البساطة وهو أن العلماء العاملين لا يحلمون وإنما يعملون ويقدمون أرواحهم رخيصة في سبيل الله. أما قوله "نظام ديني تقليدي" فهم حكم على الإسلام بأنه أصبح من مخلفات الماضي تقليديا، ولا يمكن للإسلام أن يكون تقليديا بل هو مسألة حياة أو موت بالنسبة للمسلمين وإن تقاعس بعضهم عن المطالبة بذلك مؤقتا.

إن الباحث في التاريخ المغربي الحديث قد يتملكه العجب عندما يرى تشابه الأحداث التي وقعت للحركة الإسلامية في البلاد الثلاثة ففي تونس بدأ الصراع عام 1353هـ (1934م) في صفوف حزب الدستور القديم مما أدى إلى انشقاقه إلى كتلتين إحداهما ظلت وفية ملتزمة بالفكر الإسلامي، بينما انطلقت الأخرى في ركاب الفكر الغربي[13].

وفي الجزائر كادت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنفرد بقيادة الحركة الوطنية الجزائرية لولا أن جاء مصالي الحاج من فرنسا عام 1354هـ (1936م)، ليتزعم الغوغاء فيطالب بالاستقلال فيحدث الشرخ في صفوف الحركة الوطنية فأصبحت على النحو التالي:

قسم يطالب بالاستقلال عن طريق المظاهرات والأحزاب والنيابات، وقسم يطالب بتحرير الإنسان أولا قبل تحرير التراب.

ولم تكتف السلطات بذلك بل كادت للحركة الإسلامية باتهام أحد زعماء الجمعية بتدبير اغتيال مفتي العاصمة عام 1936م، وفي المغرب الأقصى حدث انشقاق في صفوف حزب العمل المغربي بسبب ظهور تيارين أحدهما متفرنس يدعو للأخذ بالحضارة الغربية خيرها وشرها والتيار الثاني يتمسك بالفكر الإسلامي الصحيح.

إن توجيه اللوم للتيار المستغرب وحده أمر لا ينسجم مع العدل، فإن الحركة الإسلامية لابد انها قد ارتكبت بعض الأخطاء مما أدى إلى تراجعها عن قيادة الجماهير في ثورة التحرير[14].

أما المؤرخ (المستشرق) الفرنسي فقد فسر الشقاق الذي حدث في صفوف حزب العمل المغربي أنه كان نتيجة "تنافس ذي صبغة مالية شخصية شجعته تأثيرات خارجية في فبراير 1937م"([15]) دون ذكر هذه الأسباب الخارجية التي قد تكون تأييد الاستعمار للاتجاه المستغرب.

ومن ألوان العداء للحركة الإسلامية وصفها بالعودة إلى البدائية او الهمجية فهذا ليون براون (Leon Brown) يصف الشيخ عبدالحميد باديس[16] وحركته بأنها عودة إلى السلفية مع جهود خاصة للعودة إلى الإسلام البدائي مع الأخذ بالتمدن والمنطق الغربي[17]، فإذا تتلمذ أبناؤنا على أيدي مثل هؤلاء المستشرقين فأي نظرة سينظرون بها إلى الإسلام؟ بل إن مثل هذا المستشرق له تلاميذ وزملاء من أبناء جنسه يأخذون بآرائه ويحترمونها[18].  

ومستشرق آخر يحاول تقويم أثر العلماء في رفع مستوى الشعب الجزائري فيقرر صعوبة هذا الأمر، بيد أنه يعترف بمساهمتهم في تجريد العلماء الرسميين والطرقيين وإظهارهم على حقيقتهم، ويؤكد نجاح العلماء في القضاء على البدع والخرافات في عقول الشباب[19]. ونحن نشكر لهذا المستشرق اعترافه بالحقيقة هنا، لكنه يعود ليبحث عما ينتقده على العلماء فيذكر أنهم (العلماء) استطاعوا إبعاد فئة الشباب عن مغريات الحضارة الفرنسية ويجذبونهم إلى الثقافة العربية مؤكدين على الشخصية العربية المسلمة. ونتساءل ماهي مغريات الحضارة الفرنسية التي كان على الشباب أن ينجذب إليها؟ أهي مغريات مادية؟ أم مغريات فكرية ثقافية؟ هو لم يوضح ولعله يقصد النوعين.

ومن مظاهر محاربة الحركة الإسلامية أن بعض المستشرقين يوجهون النقد إلى جهود العلماء في مجال التعليم، فيصف أحدهم التعليم لدى جمعية العلماء بأنه لم يكن تعليما حرا وكافيا، بل كان تعليما قرآنيا دينيا ومدنيا وملتزما جدا، ويضيف هذا المستشرق:"وبدقة أكثر إنه تعليم مبني على التعصب وكره الأجنبي " )Xenophobic[20]).

وليس كل المستشرقين على تلك الشاكلة ، فمنهم من استطاع أن يرى الحقيقة وينشرها ومن هؤلاء المستشرق الكندي – الذي أعد رسالة دكتوراه حول الشيخ عبدالحميد ابن باديس- فحين تحدث عن مسألة التمدين ومعالجة التأخر في العالم الإسلامي بعامة وفي الجزائر بخاصة ذكر ان ابن باديس طالب بالعودة إلى مبادئ الإسلام مع الأخذ من العلوم الأوروبية، مشيرا إلى أن المسلمين قد فعلوا ذلك في السابق حين استعانوا بعلوم اليونان وغيرهم من الأمم. ويضيف الباحث الكندي أن ابن باديس يؤكد على أن الأخذ من الحضارة الغربية يجب أن يقتصر على العلوم والتقنية مع التمسك بمبادئ العقيدة الإسلامية واللغة العربية. ويوضح الباحث أن النخبة المفرنسة قد اختلط الأمر عليها بأنه لا يمكن الفصل بين العلوم الأوروبية والحضارة والثقافة، ولكن ابن باديس يؤكد على ان الأخذ من حضارة الغير يجب أن لا يكون على حساب التنازل عن الشخصية الإسلامية، ويضرب المثل بالأوروبيين الذين أخذوا من الحضارات التي سبقتهم دون التنازل عن قيمهم من أجل أي نوع من التطوير[21].

ومن الجدير بالذكر أن الحركة الإسلامية فطنت إلى الكيد الاستشراقي والتنصيري المتعاون مع الإدارة الاستعمارية ونضرب المثل لذلك بحادثتين أو أكثر ففي عام 1348هـ (1930م) عقد المؤتمر الأفخارستي في تونس وهو مؤتمر نصراني كان هدفه محاربة الإسلام في أفريقيا وبحث الوسائل لنشر المسيحية، ومن دهاء السلطات الاستعمارية أن رصدت مليوني فرنك في الميزانية التونسية لهذا المؤتمر وجعلتها من ضمن بنود مصروفات القصر حتى لا يعترض أحد على ذلك، وجاء في بيان لعلماء تونس ينددون فيه بهذا المؤتمر ويذكرون أن فرنسا الدولة التي لا تعترف بالدين في بلادها هي التي تؤيد عقد مؤتمر نصراني في بلد مسلم[22]. وهذا التناقض لا يدل إلا على وجود مصالح مشتركة بين التنصير والاستعمار، وبعد ثماني سنوات عقد هذا المؤتمر نفسه في الجزائر في الفترة من 12-16 ربيع الأول 1357هـ (3-7 مايو 1938)، فقد نقل لنا المستشرق الفرنسي أجرون صورة دقيقة لذلك إذ يقول: "إن هذا المؤتمر أعاد ذكرى الاحتفال المئوي (مرور مائة سنة على الاحتلال) وقد أعطت الكنيسة للمظاهرات الدينية طابعا سياسيا حيث شارك في المظاهرات مندوبون من الأجهزة الحكومية والعسكرية، وأعاد إلى الأذهان تاريخ الحروب الصليبية"([23]).

لم يفتأ بعض المستشرقين يكيدون للإسلام والطعن فيه بشتى الوسائل، وقد توالت ردود الفعل من الحركة الإسلامية تنكر هذا الكيد والهجوم على الإسلام. ومن ذلك ما كتبه الشيخ محمد السعيد الزاهري – عضو جمعية العلماء وهو الأديب والشاعر المعروف موضحا وجود نوعين من المستشرقين الحاقدين على الإسلام: أحدهما صريح العداء للإسلام شديد التعصب للمسيحية ويمثل هذه الصورة لوي برتراند Louis Bertrand الذي يقول عنه الزاهري إنه ((خصيم الشرقيين وعدو المسلمين الأزرق))[24].

ويبين لنا الزاهري أن مثل هذا المستشرق أمره واضح فهو يثير في الشباب المسلم الذي يتعلم في المدارس الأجنبية الغيرة والحمية والغضب. أما النوع الآخر فهو كما يقول الزاهري: ("ولكن الغربيين ليسوا سواء منهم من (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر)[25] ومنهم من يدس السم في الدسم ويدعو شبابنا الذين يقرأون لغاتهم إلى التفرنج والاندماج دعاية هي غاية ما يمكن أن تكون لطفا واحتيالا"[26].

ومظهر آخر من مظاهر محاربة الحركة الإسلامية وتشويه سمعة رجالها قيام المستشرقين وتلاميذهم باتهام العلماء بالتدخل في السياسة الأمر الذي عده هؤلاء المستشرقين خارجا عن اختصاص العلماء وكان محرما في نظر الدولة لمستعمرة. فهل قيام العلماء بالذب عن الدين الإسلامي ومحاولة نشر الفكر الإسلامي الصحيح وبسط حقائقه واضحة جلية سياسة؟ فأن كان هذا العمل سياسة فإليهم رد أحد زعماء الحركة الإسلامية في الجزائر الذي يقول فيه: "نحن سياسيون منذ خلقنا لأننا نشأنا مسلمون (مسلمين)، وما الإسلام بجميع مظاهره إلا السياسة في أشرف مظاهرها وما المسلم الصحيح إلا المرشح الإلهي لتسيير دفتها أو ترجيح كفتها" [27]ويضيف قائلا: "نحن سياسيون طبعا وجبلة، ونحن الذين أيقظنا الشعور الإلهي بهذا الحق المسلوب... ونحن سياسيون لان ديننا يعد السياسة جزء من العقيدة" ([28])... فلو لم تكن حملة المستشرقين وتلاميذهم ضد دخول علماء الدين الإسلامي مجال السياسة قوية وعنيفة لما جاءت كلمات الإبراهيمي بهذه القوة والصراحة والوضوح.

وفي المغرب الأقصى يتصدى المفكر الإسلامي علال الفاسي لأفكار المستشرقين وأتباعهم منتقدا مفهوم كلمة الدين في الوقت الحاضر حيث أخذت المفهوم الغربي لكلمة Religion (رليجون)، فالغرب يرى أن الدين يقوم على تحكم الكنيسة، والارستقراطية الإقطاعية التي يحميها رجال الدين مستعبدي الشعوب. ويؤكد علال الفاسي أن "الدين بالمعنى الغربي لا وجود له في بلادنا، والدولة والدين شيء واحد لأن الدولة لابد أن تقوم على عقيدة أو خلق"[29].

هذا الفكر الإسلامي المستنير هو الذي قاوم الاستعمار والغزو الثقافي والحضاري في تونس بزعامة رجال الزيتونة، وقد وقف رجال الزيتونة موقفا مشرفا حين عقد المستشرقون الفرنسيون مؤتمر اللغة والأدب والفنون الجميلة في الفترة من 4/ 8-7/ 8 /1350هـ (14-17 ديسمبر 1931م) نادوا فيه بدعم اللهجات العامية.

كذلك تجلت خطورة الاستشراق والاستعمار في إيجاد طبقة من المثقفين المسلمين تدور في فلكهم وتردد أفكارهم، ومرة أخرى لا نريد ان نستقصي كل الحالات بل نضرب الأمثلة، فهذا أحد الكتاب الجزائريين المعاصرين يكتب عن جمعية العلماء فيعترف لها بما اعترف قبله أساتذته من أن نشاطها (الجمعية ) قد أزعج المعمرين *ورجال الحكم لأنه كان موجها ضد الثقافة والمؤسسات الفرنسية ثم يردد النقد إلى الحركة الإسلامية بأن برنامجها لم يشمل جميع القيم التي كان من المفروض أن تعمل على إحيائها، فقد اقتصر عملها على الصعيدين الثقافي والديني ، ونظرت إلى الأوضاع الاجتماعية نظرة سطحية، وطرحت المشكلة السياسية بكيفية غير سديدة[30].

والرد على هذه الأفكار يكون من شقين: الأول نؤيد ما ذكره الكاتب عن جهود العلماء الكبيرة ضد الثقافة الفرنسية وأنها قد ازعجت الاستعمار والاستشراق، أما الشق الثاني فهو التساؤل عن القيم التي كان يرى الكاتب أن على الجمعية تبنيها. أليس في القيم الإسلامية ما يكفي؟ ثم إذا كانت نظرة الجمعية للأوضاع الاجتماعية سطحية، أليس هذا اتهاما للإسلام أيضا؟ هل ستكون نظرة الجمعية عميقة وفلسفية لو نظرت إلى الأوضاع الاجتماعية بمنظار دوركايم أو ماركس أو غيرهما؟ وأي كيفية كان يريدها الكاتب لطرح المشكلة السياسية؟ هل هي كيفية الأحزاب والنيابة والصراعات الحزبية والتقاتل من أجل مقاعد في برلمان فرنسي؟ إن الحركة الإسلامية كانت تسعى لتحرير الإنسان أولا وجعله ينقاد للإسلام في جميع شئون حياته، وعندها ستحل المشكلات الاجتماعية والسياسية بصورة لا مثيل لها فيما تواضع عليه البشر. وأخيرا نلفت نظر الكاتب إلى العودة إلى الثروة الفكرية العظيمة التي تضمنتها كتابات رجال الحركة الإسلامية وبخاصة ابن باديس ليعرف مدى عمق نظر الجمعية إلى الأمور التي ذكرها. وثمة شبهات أخرى تعرضت لها أعمال العلماء في الجزائر، ومن ذلك أنهم كانوا موالين لفرنسا، وقد ورد هذا في كتاب لأحد المؤرخين الجزائريين المعاصرين، ونظرا لثقافته الفرنسية فقد اعتمد على كاتب جزائري آخر اطلع على صحافة جمعية العلماء، ويقول هذا الكاتب: "وقد قام علي مراد بإخراج النقاط التي تبرهن على وفائهم لفرنسا وذلك من خلال جريدة الشهاب)) هذه النقاط التي ذكرها علي مراد تدين الجمعية رغم بعض المعارضات التي قامت بها من نقد السياسة الفرنسية وقوانين الأنديجينا"([31])

أما مسألة الوطن والكيان فإن الجمعية قد رفضت الاندماج وأصدر رئيسها فتوى حول التجنس، بأن المتجنس مرتد[32] ودعت الجمعية إلى احتفاظ الشعب الجزائري بذاتيته وشخصيته ويؤكد هذا أنشطتها المختلفة التي يمكن أن نذكر منها: إنشاء الفرق الكشفية الإسلامية، والجمعيات الفنية الرياضية، والمساهمة الفعالة في جمعيات طلبة شمال أفريقيا في فرنسا. وكذلك إنشاء جمعيات لاتحاد المسلمين في أنحاء الجزائر المختلفة. نعم إن وجدت عبارات مديح لفرنسا فتلك مجاملة فرضتها ظروف الاحتلال.[33]

إن الاستعمار والاستشراق اللذين تعاونا أيام الاحتلال على محاصرة الحركة الإسلامية وتضييق الخناق عليها واصلا العمل حتى بعد الاستقلال (استعادة الاستقلال) وما نقتطفه هنا من وصف لحالة علماء الدين الإسلامي في أقطار المغرب العربي المستقلة إلا صورة لما عمل له الاستشراق والاستعمار وربما يتطلعون إلى أكثر من ذلك وهذا ما يقوله المستشرق في وصف المغرب العربي : "فالأحياء من العلماء (في الجزائر) عرضة لعوامل التعرية أو أنهم يموتون في وظائف حكومية في وزارة الحبوس (الأوقاف)، اما في تونس فقد حدثت تغييرات متطرفة غيرت نظام الأحوال الشخصية الإسلامي وحطت من مستوى جامعة الزيتونة إلى مجرد كلية في جامعة تونس العلمانية، وكذلك المغرب الأكثر تقليديا فإن الاتجاه العلماني المفرنس هو الذي نال التأييد والمساعدة والدعم من قبل اتحادات نقابات وأصحاب رؤوس الأموال" [34]. ومع ذلك فيجب التنبه إلى أن مثل هذه الأحكام لا تصدق في الواقع تماما فهناك من العلماء من لايزال له كلمته ونشاطه.

وخلاصة القول إنّ الحركة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية واجهت في الماضي مقاومة عنيدة من قوى الاحتلال التي كانت تنظر إليها بأنها الخطر الحقيقي على وجودها، كما كانت ترى فيها المقاوم الوحيد للفكر الغربي النصراني، لذلك جندت سلطات الاستعمار طائفة من المستشرقين لدراسة الحركة الإسلامية وتشويه صورتها في أعين أبناء العالم الإسلامي. وقد نجحوا في ذلك أيما نجاح حتى أصبح وضع العلماء كما جاء في الفقرة السابقة، غير أن الأمل معقود لكي يعود العلماء إلى سابق مجدهم فيتولوا الأمانة التي حملوها والأمل أيضا أن يرتفع الوعي لدى الشعوب الإسلامية فتعطي ثقتها لعلمائها المخلصين. نسأل الله أن يردنا إلى الإسلام، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 

         

*مراجع البحث

كتب ومقالات....

(1)         الإبراهيمي، محمد البشير. آثار الشيخ البشير الإبراهيمي جـ4. الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985.

(2)         الأشرف، مصطفى، الجزائر، الأمة والمجتمع، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985.

(3)         ابن باديس، عبد الحميد" أعبداويون ثم وهابيون ثم ماذا لا ندري والله" الشهاب العدد 3، السنة الأولى في 19/ 12/ 1351هـ.

(4)         ابن باديس " رأي العلماء في التجنس" البصائر، العدد 95 في 12 ذي القعدة 1356 ه، الموافق 14يناير 1938م.

(5)         ابن نبي، مالك، مذكرات شاهد القرن – الطالب، بيروت، دار الفكر 1970 م.

(6)         جدعان، فهمي، أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث ط1، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1979م.

(7)         جوليان، شارل أندري، أفريقيا الشمالية تسير، ترجمة المنجي سليم وآخرون ط3، تونس: الدار التونسية للنشر، الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع 1973م.

(8)         الزاهري، محمد السعيد. الإسلام في حاجة إلى دعاية وتبشير. الجزائر: دار الكتب الجزائرية د.ت (   ).

(9)         القليبي ((محيي الدين "ظاهرة مريبة في سياسة الاستعمار الفرنسي، هل تمثل مأساة الأندلس من جديد في شمال أفريقية، الحملة الصليبية التاسعة في المؤتمر ((الأفخارستي))"، المجلة التاريخية المغربية، تونس، العدد 19-20 أكتوبر 1980م.

(10)  الميلي، محمد "مشاكل كتابة التاريخ الحديث الجزائري" المجاهد الثقافي، العدد 10 في 1969م.

(11)  نعمان، أحمد، "مقاومة المجتمع الجزائري لسياسة الفرنسة"، الثقافة، الجزائر العدد 52 في شعبان/رمضان 1399ه يوليو/ أغسطس 1979م.

(12)  مجلة التلميذ، العدد 2 في رمضان المعظم 1349 ه-ديسمبر 1931م.

مراجع أجنبية

 

1.     Ageron, Ch. Robert. Histoire Del`Algerric Contemporaraine, Tom II Paris 1973.

2.     Brown, Leon Carl "The Islamic Reformist Movement in North Africa." The Journal of Modern African Studies, March 1964.

3.     Dirlik, Andre. Abdul Hamid Ben Badis, Ideologist of Islamic Reform and Leader of Algerian National Movement. Ph.D. thesis. Mgill University, Canada, 1971.

4.     Gaddache, Mahfoud, Histoire De National Movement De L`Algerie 1919-1951 Tom ll, Alger: SNED 1985.

5.     David C. Gordon, "Islam in Politics, Algeria" Muslim World, Vol. 65 1965 pp. 285-289.

6.     L`Afrique Francaise. Avril, 1933.

7.     Le Recteur de L`Academie d`Alger a Monsieur le Gouverneur de L`Algerie.Alger Le 14 Mars, 1939 (document). AGG 9H46

من الأرشيف الوطني الفرنسي لما وراء البحار.

8.Richardson, Malcolm Lynn. French Algeria between the wars: Nationalism and Colonial Reform. Ph.D. Dissertation, Duke University 1975.

9. Richement, F. De. "Les Ulema Algerien Reformistes" La Nouvelle Revue Francaise D`outré Mer. No 7-8 July –Aout 1955.

10. Situation Politiaue des Indigeires 15 fevrier 1930 AGG. 11 H48. (Document).

من الأرشيف الوطني الفرنسي لما وراء البحار.

11. Surete Departmental Rapport No. 5662, Assemble de I`Association des Ulemas Reformistes Date 29 Sept.1936 AGG 9H 46 (Document).

 

الإحالات 

[1]  نشر المقال في مجلة المجتمع الكويتية في عددها رقم (914) الصادر في 20 رمضان 1409هـ

[2] L`Afrique Francaise. Avril 1933P. 239

[3] عبد الحميد بن باديس."أعبداويون أم وهابيون ثم ماذا؟ لا ندري والله!)) الشهاب، العدد 3 السنة الاولى في 29 ذي الحجة 1351هـ.

[4] نص القانون الأساسي هو: القسم الأول ((الفصل الثالث)): لا يسوغ لهذه الجمعية بأي حال من الاحوال أن تخوض أو تتداخل في المسائل السياسية.

[5] محمد السعيد الزاهري، ولد في ليانة بالقرب من بسكرة عام 1317هـ(1899م) كان من أبرز الأدباء والشعراء في الجزائر اشترك في رئاسة تحرير صحف جمعية العلماء الأولى ((السنة، والشريعة والصراط)) انفصل عن الإصلاح قبل الحرب العالمية الثانية وانحاز إلى الطرقية والشيوعية، قتل عام 1376هـ -1956م.

[6] Surete deportemental, Alger. Assemble de I`Association des Ulema Reformisites No.5662.D29 Sept,1936

[7] Le Recteur de L`Academie d`Alger a Monsieur Le Gouverneur Grenerale De I`Alger No.594/e Alger Le 14Mars 1939.AGG 9H46.

[8] Situation Politique Des Indigenes,5 Fevrier 1938 Agg 11 H 48

[9] مجلة التلميذ، العدد 2 رمضان المعظم 1349هـ ديسمبر 1931م.

[10] شارل أندري جوليان، أفريقيا الشمالية تسير – ترجمة المنجي سليم وآخرون ص 193-194.

[11] المرجع السابق ص 188-189

[12] Malcolm L. Richardson, French Algiria Between the Wars:

Nationalism and Colonial Reform 1919 -1936. Unpublished Ph.D. Dissertation, Duke University 975. P 225 Quoting Situation Politique May 10, 1935 AGG 11 H 47.

[13] تعرف حادثة الانشقاق في صفوف حزب الدستور بحادثة قصر الهلال الذي اجتمع فيه أعضاء الحزب وتم الانفصال، يراجع جوليان – افريقيا الشمالية تسير-مرجع سابق ص 100 وما بعدها.

[14] ناقش مالك بن نبي موقف العلماء من الحركة السياسية وأنحى عليهم باللائمة في كتابه: مذكرات شاهد قرن - الطالب بيروت – دار الفكر- 1970 ص255، وكذلك في كتب أخرى له.

[15] جوليان – أفريقيا الشمالية تسير-مرجع سابق ص 103.

[16] عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر ولد عام 1306هـ 1889م في قسنطينة لأسرة عرفت بالجاه والعلم عاش حياته مكافحا من أجل الإسلام أنشأ صحيفة المنتقد والشهاب وساهم مساهمة فعالة في نهضة الجزائر.

[17] Leon Carl Brown, " The Islamic Reformist Movement in North Africa" The Journal of Modern African Studies, 11 March 1964.

[18] باحث أمريكي أعد رسالة دكتوراه في العلوم السياسية حول طريقة حكم فرنسا للجزائر.

[19] Ch.R.Ageron. Historie De I`algerie Contemporaraine tom II P 348

[20] Richement F. de Les Ulamas Algerienne Reformiste. La Nouvel Revue Francaise D`outré mer No 7-8 Aout 1955

[21] Andre Dirlik Abdul Hamid ben Badis (1889-1940), Ideologist of Islamic Reform and leader of Algerian National Movement.

[22] محي الدين القليبي، "ظاهرة مريبة في سياسة الاستعمار الفرنسي. هل تمثل مأساة الأندلس من جديد في شمال أفريقية. الحملة الصليبية التاسعة في المؤتمر الأفخارستي". المجلة التاريخية المغربية – تونس العدد19 -20، أكتوبر 1980م.

ومعنى الأفخارستي هو تحول الخبز والنبيذ بالتقديس إلى جسد ودم المسيح.

[23] Ageron op., Cit, P,592

[24] محمد السعيد الزاهري، الإسلام في حاجة إلى دعاية وتبشير، دار الكتب الجزائرية ت.د ص 108-109

[25] سورة آل عمران (108)

[26] المرجع السابق

[27] محمد البشير الإبراهيمي، آثار البشير الإبراهيمي، جـ 4 الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985م، ص 277.

[28] الإبراهيمي، المرجع نفسه، ص 277، 278

[29] فهمي جدعان، أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث ط1 بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1979م –ص357 عن علال الفاسي "التفكير اجتماعيا"، دعوة الحق – العدد 12، يونية 1958 م.

·        المعمرين: اصطلاح كان يطلق على المستوطنين الفرنسيين والأوروبيين الذين عاشوا في دول المغرب العربي وألفوا فيها الطبقة الحاكمة المستبدة.

[30] مصطفى الأشرف، الجزائر الأمة والمجتمع، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1985م، ص 245

[31] Mahfoud Gaddache, Histoire De National Movements De I`algerie 1919-1951 toml, alger: Sned 1985 P.530

ويلاحظ أن الشهاب لم تكن لسان حال جمعية العلماء، بل هي صحيفة ثم مجلة أصدرها الشيخ عبد الحميد بن باديس، وهناك اختلاف بينها وبين صحف الجمعية (السنة والشريعة والصراط والبصائر) في طريقة تناول الموضوعات وفي الأسلوب.

[32] عبد الجميد بن باديس – البصائر، العدد 95 في 12 ذي القعدة 1356 هـ.

[33] يراجع في هذه النقاط وغيرها حول جمعية العلماء، كتاب للباحث بعنوان: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية 1349 – 1358 هـ (1931-1939م). دمشق دار القلم 1408 هـ -1988م.

[34] David C. Gordon, "Islam in Politics-Algeria," Muslim World, Vol. 65, 1965 p.286


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...