استاذنا
الحبيب مازن مطبقاني
سقاك
الله من مزن الجنة
انت تعرف أن الذي يمسك بزمام الادارة
والتوجيه والقدرات والمقدرات من قومنا أناس ليس في واردهم عقلاء الغرب بقدر اهتمامهم
ورصدهم لعقلاء العرب لأن هؤلاء-برأيهم-هم الخطر الحقيقي ليس على الأمة وإنما على
مكتسباتهم التي اكتسبوها في غفلة من العقلاء والانقياء والاتقياء الذين انشغلوا في
قضايا -على أهميتها لا تشكل سببا للنهوض أو منطلقا لكشف عورات أصحب القرار،
فتُركوا هم وانشغالاتهم التي خدرت أعصاب وأفكار الامّة ردحاً من الزمن لا زلنا
نعاني منه الى يومنا هذا.
بل أخطر ما في الامر أن الذي بيده
القرار صار يوجّه هؤلاء العقلاء لتمرير مخططاتهم وتزيين أفعالهم وشرعنة مواقفهم، فإذا
ما احتاج الامر الى العودة عن القرار صار عكسه هو الصواب عند عقلائنا الذي نفطر
ونتغدى ونتعشى على أفكارهم ورؤاهم التي يلبسونها في كثير من الاحيان لبوس القداسة
والمناعة....
أُنظر-يرحمك الله-إلى مثال واضح وصريح
ومكشوف: ألم يكن الجهاد في افغانستان مباحاً وواجباً ولا بد من تأييده ودعمه
بالمال والنفس، بل شُجع كثير من الشباب الانضمام الى صفوف المجاهدين، رغم أن فلسطين
وفيها أولى القبلتين على مرمى حجر ولم نسمع بعين التشجيع لأولئك الشباب كي يذهبوا
للجهاد هناك، فلماذا انبرى العقلاء لتحليل الجهاد في جبال الهندوكوش ولم نسمع لهم
ركزاً في مسألة الجهاد في فلسطين؟؟ وربما همساً، رغم أنني، والله على ما أقول
شهيد، رأيت في صفوف المقاومة الفلسطينية من الفرنسيين الأقحاح الذين يحملون السلاح
ويدرّبون الفدائيين عليه، جاءوا دون أن يفتي لهم عاقل في الغرب بذلك، لكنّهم حملوا
عقائد ثورية آمنوا بها واقتنعوا بمظلومية الشّعب الفلسطيني فجاءوا يناصرونهم.
نخلص الى أن ما تطالب به من احتفاء
بعقلاء الغرب هو عين المطالبة بالاحتفاء بعقلاء العرب الذين ينهضون بشعوبهم
ويبصّرونهم الطريق الصّواب والحقّ، وهذا ما يحاربه أصحاب القرار لأن النّار-يومئذ-ستطال
وسائدهم قبل رؤوسهم، وبالتالي -رحمك الله-لماذا لا تدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله
لكن على الطريقة اسلامية؟؟!!
محمد عادل عقل
وكان جوابي على ما قال:
يا أبا صهيب سقاك الله من حوض الكوثر
أقدر لك تفاعلك والاهتمام بعقلاء العرب قبل الغرب، إنما كنت أخاطب عقلاء العرب فهم
لا حاجة لمن يعتني بهم هم المنوط أو المناط بهم أن يحدثوا التغيير، أليسوا هم
الذين كُلّفوا بحمل الأمانة وأن يبينوا الحق للناس، ما خلتك يا أبا صهيب تستسلم
لأوضاعنا القاهرة بهذه السهولة لن تتغير أوضاعنا إلاّ بنفوس متحمسة وصاحبة تفاؤل
وطموح. أما من ناحيتي فلن أتوقف بإذن الله ما دام القلم يستقيم في أصابعي أو
تستقيم الأصابع على لوحة المفاتيح أو أجد أحداً يقوم بذلك نيابة عني وحتى آخر نفس.
وأسأل الله لي ولك الثبات والإخلاص...
وكان رده الكريم:
عزيزي
د. مازن حفظك الله ورعاك
انني أمد يدي اليك فيما أنت ماضٍ
لأجله، ولست بيائس ولا منسحب وإنما هو واقع حاولت تشخيصه بمرارته وقسوته، وما زالت
النفس تتوق الى ما رغبت به، ومحدثك لا يبتعد كثيرا عما ترومه، فالاقتراب من أي
ساحة عربية قدر ذراع سيصليك بنار واقع عقلائه، اذ أن الشعارات تتغير مع تقدم السن،
وأصبحت الدنيا أكبر همّنا بعدما كانت أصغر همّ العقلاء، والموت في سبيل دنيا
نصيبها او امرأة ننكحها أسمى أمانينا...
د.
مازن نحن بحاجة الى إعادة صياغة أبجديات أدوات التغيير لدى عقلاء اليوم
وانت ترى معي كم أحدثت ثورة الاتصال
الاخيرة من تغيير لدى الشباب العربي وهذا أمر في مقدمة الاولويات التي يجب أن يعنى
بها العقلاء، فلو أخذنا حدثا مهما مثل قرار إغلاق حِلَق القرآن الأخير وردود الفعل
التي صاحبته من صغار العقلاء ومن كبارهم ولغة الخطاب الجديدة التي بدأنا نقرأها
ونسمعها بفضل الانترنت، لعرفت ان مهمة العقلاء تكمن في القدرة على توظيف هذه
النقلة في مستوى التفكير وترشيدها لدى الشباب اليافع الذي لم تعد تنطلي عليه
نظريات فُطم عليها وقِيم كثيرة لم تعد تصلح عنده لإيجاد مخرج لكثير من أزمات
الواقع العربي المعيش .
والشباب إحدى أهم أدوات تغيير هذا
الواقع لأنهم الأكثر تضرراً من سكوت العقلاء عن أخذ زمام المبادرة فيه، وعدم
مخاطيتهم من أبراجهم العاجية التي اعتلوها جراء صمتهم على كثير من فساد الواقع
وعفن الحال الذي آلت اليه الامور وكأنها قدر لا راد له.
تقول انني استسلمت، وأقول بل هي صرخة
مدوية أطلقتها، وزفرة مرّة زفرتها من واقع شابت منا فيه العوارض، وكم كان الثمن
غاليا لما لم يجد كثير من العقلاء الشباب المعين والنصير في دنيا الاموات...
ولتعلم د. مازن إن في الجعبة الكثير
الكثير الذي لا مجال لذكره عبر ملتقى جليل نريد له الاستمرار لا الاغلاق، فلعل هذا
الملتقى هو أحد نتائج النقلة النوعية في الخطاب بين عقول عربية اسلامية تفصل بينها
الاف الكيلو مترات ولكنها تتخاطب فيما بينها كما لو انها داخل حجرة واحدة، ومن هنا
فعلى العقلاء أيضا أن يجددوا فقه الواقع الذي صار يدخل فيه الكائن الموجود في
نيويورك بيت أحدهم في المدينة أو مكة في أقل من ثانية وأحيانا دون استئذان، ويسمع
ويقرأ ويشاهد، ويأخذ ويرد ما شاء ممن شاء وقتما شاء.
اعتقد
اننا متفقون!
ثم
انتقل الحديث إلى مراكز دراسات الغرب وكان مما كتبتُ في 12/12/1431 -18/11/2010
هي موجودة وجوداً محدوداً مثل مركز الدراسات الأمريكية
في جامعة الشارقة وآخر في جامعة البحرين والدراسات الأمريكية في الجامعة الأمريكية
في القاهرة وفي الجامعة الأمريكية ببيروت وفي الجامعة الأردنية بعمّان، ولكنها في
نظري دراسات غربية غربية في الغالب فلسنا نحن الذين وضعنا أسسها وقواعدها وقد تخدم
أهدافهم أكثر من خدمتها أهدافنا، وكنت أنتظر أن يصل الأمر إلى الملك عبد الله
ليأمر بإنشاء الدراسات الإقليمية فقد بلغني أنهم كانوا بحاجة في بريطانيا لدعم
دراسات الشرق الأوسط فأوصلوا الأمر إلى رئيس الوزراء أيام توني بلير فأمر بدعم تلك
الدراسات فمن يبلغ الملك عني أننا بحاجة إلى هذه الدراسات في أسرع وقت ولكن
بمناهجنا وأهدافنا وقواعدنا وأسسنا وليست نسخة طبق الأصل عن أي دراسات أخرى في أي
مكان.
فجاء
رده الكريم
لا أتوقع يا دكتور مازن أن تبادر دولة
من دولنا لتبني إنشاء مركز دراسات حول الغرب بشكل قوي محايد كما تتوقعون، وأعول
كثيراً على الجهود الأهلية في إنشاء مثل هذا المركز بطريقةٍ أو بأخرى. وأتوقع أن
يقوم مركز البحوث بمجلة البيان بشيء من الغرض مع ضعف الإمكانيات، وقلة مساحة
الحرية الممنوحة له. والمراكز القوية في الغرب أهلية في أصلها، ولكن الدولة تدعمها
بطرق غير مباشرة أو مباشرة لتؤدي غرضها على الوجه الأمثل.
فكانت
استجابته لما كتبت
د.
مازن يرعاك الباري
فوجئت لدرجة الصدمة عندما قلت ان مركز
الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية هو مركز أبحاث، من أين حصلت على هذه
المعلومة الخطيرة؟ لا بد ان الاسم وشى بشيء من هذا القبيل
محدثك وبرفقة الدكتور نعيمان أجرينا
مقابلة صحفية مثيرة مطلع التسعينات مع مدير المركز الدكتور مصطفى حمارنة، وهو من
نصارى الاردن، وكان يضع على مكتبه في الجامعة كتاب رأس المال لكارل ماركس، في
اشارة الى انه اشتراكي الفكر والمنهج، وكان هدف المقابلة استبيان تم نشره عن
الواقع السياسي والحزبي الاردني وكان ملئ بالمغالطات التي كانت تخدم فقط النظام
السياسي الذي كان يروج لفكرة الحياة الديمقراطية من خلال برلمان منتخب، ولما
سألناه عمن يمول هكذا استبيانات، وهل للمخابرات الغربية وبالتحديد الامريكية دور
في الدعم، استنفر وقفز فوق المقاعد ولم يتبق أمامه سوى تكسير الطاولات والكراسي في
وجوهنا، وانتظرناه حتى هدأ، وناقشناه بعلمية عن ثغرات في الاستبيان وان الاجابات
التي نشرت ليست حقيقية وانما لخدمة اغراض سياسية محددة، عندها اقر لنا وقال: لسنا
وحدنا من يتلقى التمويل "والتوجيه طبعا"، واذا أردتم محاسبة أحد فحاسبوا
رئيس الجامعة ووزير التعليم العالي، وقال بالحرف الواحد وهل بوجد مسؤول مهما علا
شأنه أو صغر لا يقبض من جهات خارجية، وأبلغناه أننا سننشر هذا الكلام وليتحمل هو
وحده المسؤولية، فقبل التحدي، ولكن ما ان وصلنا باب الصحيفة حتى كان يطلبنا بالهاتف
ويرجونا بشطب عبارات التمويل الخارجي...
بالطبع هو تحدث عن اشياء لا أستطيع
نشرها هنا، ولأول مرة في حياتي اواجه مسؤولا بهذه الجرأة ... المهم في نهاية الامر
استبعد عن موقعه في ادارة المركز لنتفاجأ بعد حين بتنصيبه في أخطر وظيفة: مدير عام
مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، ولك د. مازن ان تتخيل اهمية هذه المؤسسة في
البحث...البحث بالطبع عن التمويل لتكون دراساتنا دقيقة وصادقة وتهدف لخدمة
امتنا!!!!
وكان مما كتبتُ
لم أذكر مطلقاً مركز الدراسات
الاستراتيجية الأردني وما قلته صحيح ولدي أدلة غير ما قلت من علاقة رئيس استخبارات
دولة عربية كبرى بهذا المركز ودعوته للمحاضرة في المركز، ولكن ما قصدت هو برنامج
الماجستير في الدراسات الأمريكية بكلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية ولم
أجد تفاصيل البرنامج سوى اشتراط درجة البكالوريوس وأن دراسة الماجستير باللغة
الإنجليزية وإليك الرابط
http://www.ju.edu.jo/arabicfaculties...alStudies.aspx
ولذلك فحماستك أفادت بأن قدمت للأعضاء
معلومات عن نماذج من المؤسسات العلمية في العالم العربي وهي قضية لم تعد سراً من
دعم الحداثة وتبني بدر شاكر السياب والبياتي وإنقاذ أحدهما من المرض وتبني إصدار
مجلات مشبوهة حتى إن أحدهم لما عرف أن مجلته تتلقى دعماً من الاستخبارات الأمريكية
إما استقال أو انتحر (نسيت القصة) وصحيح كأنه يقول (كلنا نقبض يا أخي) وعلى كل حال
قال والدي لأحدهم ذات مرة (الكلب الذي
يصيد لنفسه ليس كالكلب الذي يصيد لأسياده) وقيلت بشكل آخر (وليست النائحة
المستأجرة كالثكلى) وقد وصفهم الحكيم الخبير
(ولتعرفنهم في لحن القول) فالقابضون والعملاء يكونون أذلاء مهما علت
مناصبهم ومهما انتفخت جيوبهم فهم أذلاء لأن من باع نفسه بالمال فهو رخيص، وشكراً
على تفاعلك.
أما قضية التمويل فقد عرفت أن الحكومات
الغربية ضالعة في دعم دراسات العالم العربي والإسلامي ويكفي أن أذكر لك أن
بريطانيا عاشت برامجها بدعم لجان حكومية أولها عام 1903 والثانية 1947 والثالثة
1961 والرابعة 1985 والخامسة في التسعينيات (زار جرجن نيلسون جامعة الإمام ذات يوم
وأتيحت لي الفرصة للعشاء في البرج المرفه للجامعة على (شرفه) وسألته هل للحكومة
البريطانية اليوم أي جهود لدعم الدراسات العربية الإسلامية فقال نعم وأنا عضو في
لجنة حالية وربما كان هذا عام 1425 أو 26 لم أعد أذكر وإن كان في أوراقي وذكرياتي
ما يوثق هذه المعلومة. لا بد للملك أو أكبر سلطة في السعودية أن تدعم، ولكن إن
قامت مجلة البيان ويا ليتها (وقد قدمت لهم اقتراحاً مفصلاً بذلك) ولن ينقصهم الدعم
فالأثرياء المسلمون الصالحون موجودون والحمد لله فمن يحملني إليهم؟؟؟
تعليقات
إرسال تعليق