بقلم فنيان كننجهام Finian
Cunningham
ترجمة وتقديم مازن مطبقاني
تقديم:
الرعب في أمريكا قضية قديمة وأذكر حين كنت أذهب إلى الجامعة في أعوام 1968حتى 1973 انتشر الخبر أن مكتب التحقيقات الفيدارلي FBI لديه سجلات لأكثر من ربع مليون مواطن عادي فانتشر خبر كتاب جورج أورويل (1984) وأن الحكومة تلتقط صوراً للمظاهرات السلمية وتعرف الأشخاص فإن تقدم أحدهم لوظيفة فيدرالية أو غيرها رفضوه بحجة أنه في يوم من الأيام تظاهر. وأن أمريكا هي الأخ الأكبر الذي يسيطر على كل شيء ويخيف كل شيء وها أنا أجد مقالة حول الأمة المرعوبة فتذكرت قول الله عز وجل (وآمنهم من خوف) فالخوف يجعلك ذليلاً خانعاً مطيعاً مستسلما، وهؤلاء الأمريكان يعبدون الدولار من دون الله وكل هم حياتهم أن يعيشوا ليأكلوا كما يريد الأخ الأكبر ويوفرون لهم كل أسباب الترفيه والتسليه كما تفعل حكومات كثيرة الآن حول العالم.
المقالة:
نعم
أمريكا دولة استثنائية. إنها أكثر أمة مرعوبة على الأرض خاضعة للبراباغندا
الهيستيرية لعقود تحذر من أعداء وإيديولوجيات خارجية. فلا عجب أن ديمقراطيتها
المفترضة في وضع سيء عندما يكون غالب السكان مسجونين من قبل حكامهم في قفص افتراضي
من الخوف. ومع أنه بشكل متناقض فإن التنافر بين الحرية المفترضة يمكن أن يكون
بعيداً جداً. ففي مؤتمر صحفي في مهرجان الفيلم في كان الأسبوع الماضي اختلف الممثل
جورج كلوني George Clooney مع آخر فيلم
له بالحديث عن مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب. وتوقع كلوني المعروف جداً بنوع
انتمائه السياسي الليبرالي وأنه من كبار المؤيدين للمرشحة الديمقراطية هيلاري
كلينتون بأن إمبراطور المال من اليمين المالي لن يفوز الانتخابات الرئاسية القادمة
في شهر نوفمبر.
لقد رفض ترامب بصفته ديماغوجي يزرع
الخوف وتوترات تثير الاختلاف والفرقة على خطوط العنصرية والخوف من الأجنبي. وهو
أمر معقول. وما يهمنا هنا ليس كثيراً نظرات الممثل حول فرص ترامب في النجاح بل
افتراض كلوني أن الأمريكان لن يخضعوا لنظام رجعي ينشر الخوف.
وفيما يجلس كلوني في المؤتمر الصحفي
بجوار زميلته النجمة السينمائية جوليا روبرتس ومخرج الفيلم جودي فوستر أخبر كلوني
مستمعيه في مهرجان كان "لن يقودنا الخوف لترك بلادنا ...نحن لسنا خائفين من
أي شيء"
للأسف يا جورج فأنت مخطئ تماماً في هذا
الأمر. فالخوف هو المحرك الأساسي في السياسات الأمريكية منذ الحرب العالمية
الثانية على الأقل وربما لعقود كثيرة قبل ذلك أيضاً.
وعلى العكس من تبجح كلوني فالأمريكان
خائفون جداً جداً.
كان أكبر شبح مخيف للجمهور الأمريكي هو
الاتحاد السوفيتي الذي كان شبحها يسيطر على السياسات الأمريكية مدة خمسين عاماُ.
لقد أعيد هذا الشبح للحياة من خلال اتهام روسيا ورئيسها فالدمير بوتن بنيته على
"إعادة الاتحاد السوفيتي إلى الحياة".
لقد كانت هيلاري كلينتون بطلة كلوني
السياسية التي اخترعت الاتهام السخيف الجاهل تاريخيا بأن بوتين هو (هتلر الجديد)
ومنذ ذلك الحين كثير من كبار الشخصيات السياسية الأمريكية ووسائل إعلام غربية
تدافعت كذلك مثل قطيع على شيطنة الرئيس الروسي.
والإجماع المؤكد في واشنطن من الرئيس
أوباما ووزير خارجية جون كيري وكذلك كبار الشخصيات في الكونجرس وحتى الرؤساء في
وزارة الدفاع يرون أن روسيا هي التهديد الوجودي للأمن العالمي.
وقد حذّر قائد قوات الناتو الأمريكي
الجديد الجنرال كيرتس سكاباروتي Curtis Scapparrotti أن الحلف الذي تقوده أمريكا يجب
أن يكون مستعداً للدخول في حرب ضد روسيا في أي لحظة بسبب عدوان روسيا المزعوم تجاه
أوروبا الشرقية ودول البلطيق.
وهكذا فالحرب الباردة التي ماتت منذ
ربع قرن بتفكك الاتحاد السوفيتي يعاد إحياؤها. كما في الماضي فالخوف يشعل مرة أخرى
في السياسة الأمريكية باستمرار هناك هدف موضوعي يهمل من أجل هذه الظاهرة الكبيرة.
فروسيا اليوم ليس تهديداً للولايات المتحدة أو لحلفائها في حلف الشمال الأطلسي كما
كان الاتحاد السوفيتي ليس تهديداً.
والادعاءات المنمقة حول غزو الروس لأوكرانيا
وضمها هي في الحقيقة ضعيفة ومشكوك فيها أو لا حقيقة لها. وهذه الادعاءات لا يمكن
إثباتها. ولكن لا يمكن أن تكون هذه هي القضية. فالقضية أنها رواية زائفة –برباغندا-أو
الزعم بالحقد الروسي أمر مضخم ويتم ترديده مرة بعد مرة في الإعلام الغربي
"المستقل" ليس مثل آليات النازية الكاذبة التي تنسب لجوزيف جوبل Joseph
Goebbled
والولايات
المتحدة وحلفاؤها بمساعدة الإعلام الإخباري المطيع قادرون فعلاً على أن ينشؤوا
"حقيقتهم" المزيفة الجديدة. وليست حقيقة موضوعيه. إنها غير موضوعية
وخادعة تصوّر فيها الأمم الغرب تحت التهديد ومطاردة للتخلص من العدو في صورة
روسيا.
والخوف
أداة قوية للسيطرة على الشعوب وكما قال المؤلف الإنجليزي جورج أورويل George
Orwell يستقبل
تماماً. اجعل الجمهور خائفاً من عدو خارجي وبسهولة يمكن التلاعب بهم لقبول السلطة مهما
كانت قسوتها أو لا شرعيتها. الخوف هو مفاتح التنازل عن الحقوق الديموقراطية
والاستسلام للقفص.
واحتاج الغرب منذ نهاية الحرب العالمية
الثانية مباشرة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي كحص ضد أي تطور تقدمي ديمقراطي
ضمن دوله. وكتب الكاتب الأمريكي ديفيد تالبوت في كتابة "رقعة شطرنج
الشيطان" (The Devil's Chessboard) يوضح
كيف شارع المال ووزارة الدفاع ومركب الصناعة الحربية والسياسيين الذين يميلون للأيديولوجية
كانوا قادرين على بناء مركب صناعة عسكرية ضخمة واستهلاكها لملاق للمصادر اقتصادية
وإثراء نخبة الطبقة الحاكمة – بناء على الحرب الباردة ضد والذعر حول "الاتحاد
السوفيتي الشيطان"
وعندما تكون الأقلية مرتابة وسياسيون أذكياء
أكثر استقلالاً ومؤلفون وفنانون يسألون عن تأكيدات الحرب الباردة منبوذين بشكل
قاطع بوصفهم ب "الحمر" و "الخونة" أو حتى يتم بالتأكيد
اغتيالهم من قبل مركب الصناعة الحربية كما يناقش ديفيد تالبوت بإقناع في حالة
الرئيس جون إف. كينيدي.
وقد قام التشويه المنحرف وإضاعة مصادر
الولايات المتحدة المالية-600بليون دولار ميزانية الحيش سنة بعد سنة بالتغطية على
كل الاحتياجات الاجتماعية-يتم هندستها بدقة من خلال الخوف. إن قوة الجيش الأمريكي يجب
أن تكون متفوقة ومقدسة من أجل أن "تدافع" و "تحمي" مصالح
الولايات المتحدة الحيوية ومصالح حلفائها من "التهديدات الخارجية". وتستمر روسيا وبدرجة أقل الصين بتعيينهما في
دور التهديد العالمي.
وهكذا أصبح الأمريكيون خاضعين لبرنامج
قاس نفسي يشار إليه مجازا ب "الأخبار" للعقود السبعة الماضية. وكذلك
الأوروبيون. وربما في أوروبا كلها يكون الإعلام البريطاني هو الأكثر سموماً ورجعية
عندما يتعلق الأمر بشيطنة روسيا.
إن التلاعب بالجمهور الغربي أمر فاضح
فالادعاءات ضد روسيا إنما هي أمر مناف للعقل ولكن وسط الذهول هذا التلاعب نجح إلى
حد ما. ومع ذلك فإن السيطرة من خلال الخوف ليست قادرة على كل شيء كما كانت ذات في
الماضي. فخلال الحرب الباردة الماضية كان الجمهور الغربي أكثر عرضة للخداع بتهديد
"الشيطان" السوفيتي.
لم تعد هذه هي القضية. لقد فقد الإعلام
الغربي مصداقيته منذ أمد بسبب صناعة الأكاذيب كما حدث فيما قبل حرب بوش-بلير على
العراق وعمليات إجرامية أخرى بقيادة النظام الأمريكي. ويتضمن أيضاً ليبيا
وأوكرانيا. واليوم لدى المواطنين في الغرب مصدر أخرى بدائل للحصول على المعلومات
بما في ذلك الإعلام الروسي ومصادر أخبار الإنترنت النقدية داخل دولهم. ولا تزال
آلية الكذب تعمل ولكن ليست مؤثرة كما كانت فيما مضى.
وينعكس وعي الجمهور في نمو عدم رضى
الجمهور في أوروبا تجاه حكومات ينظر إليها على أنها تتبع بخنوع سياسة واشنطن
العدائية ضد روسيا. ويتساءل المواطنون بغضب لماذا يجبرون على قبول التقشف
الاقتصادي بينما العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد روسيا تضر وظائفهم وأعمالهم
وإيرادات صادراتهم. ويشعر المواطنون بالغضب بأن يخبروا أنه ليس هناك موارد مالية
ممن أجل الخدمات العامة والبنية التحتية بينما بلايين الدولارات تضح في قوات
الناتو والتهور في إثارة التوترات مع روسيا.
ولا شك أن الشذوذ في أولويات الحكومات
الغربية تجاه مواجهة حاجات الجمهور مضحكة وغير مبررة ولا يمكن تحملها. والطريقة
الوحيدة لدى الحكام الأوروبيين للهرب من هذا الرفض السخيف من الحقائق الديمقراطية
هو أن يقوموا بلعبة عنصر الخوف. ولا يوجد مكان تم استخدام عنصر الخوف أكثر من
الولايات المتحدة ومن السخرية أن أمريكا هي الأمة التي تدعي بأعلى صوتها بأنها
استثنائية وحرة وديمقراطية.
ومن الأفضل لجورج كلوني أن يتمسك
بالشاشة الفضية حيث بطولاته وبسالته تلمع أكثر من الحياة في الخيال. " الشعب
الأمريكي ليس خائفاً من أي شيء "لقد ادعى هذا في واقع الحياة. يا جورج مع
الاحترام ناسك هم أكثر الناس خوفاً على وجه الأرض ونظام غسل الأدمغة جيد حتى أنت
وخم لا يعرفون ذلك. وحقاً ليس لديهم أي معرفة بالتلاعب الكلي...
تعليقات
إرسال تعليق