من يعلق الجرس؟ المؤلفون والناشرون
بسم
الله الرحمن الرحيم
لا
تتوقف الشكوى من المؤلفين ومن الناشرين وحتى من القراء في موضوع الكتاب العربي،
فهذا الكتاب لا يطبع منه أكثر من ثلاثة آلاف نسخة ثم تتكدس النسخ عند الناشرين
وأحياناً في بيوت المؤلفين سنوات وسنوات حتى تصيبها أدواء الكتب والورق. والقراء
أيضاً لهم شكواهم من عدم توفر الكتاب بأسعار معقولة تراعي أوضاعهم المالية.
والناشرون يشكون من المؤلفين وطمعهم ويشكون من القراء وعزوفهم عن القراءة ويشكون
من بعض الإجراءات في بعض البلاد العربية الإسلامية.
وهذه
التساؤلات لا تتوقف وقد وعدت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض على لسان
المشرف العام عليها وكيل الحرس الوطني الأستاذ فيصل بن معمر بأن المكتبة تخطط لعقد
ندوة أو مؤتمر لتناقش قضايا الكتاب السعودي لعلها تتوصل إلى بعض الحلول للمساعدة
في حل المشكلات المستعصية التي ذكرنا بعضاً منها في البداية.
ولكن
حتى يتم عقد الندوة فإن الكتابات لا تتوقف عن تناول هذا الموضوع الحساس ومن ذلك
المقال الذي كتبته الدكتورة عزيزة المانع (عكاظ، 5رمضان 1419) وأشارت فيه
إلى النقاش الذي دار في المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين الذي عقد في جدة، وذكرت
تضارب الآراء وتطرفها في توجيه الاتهام إلى المؤلفين من قبل الناشرين، واتهام
المؤلفين للناشرين باستغلالهم وعدم بذل الجهد المناسب لنشر الكتاب وتوزيعه. وأكدت
أن النشر عملية تجارية وليست عملية خيرية ولذلك ليس من أهدافها الأخذ بيد المؤلفين
المبتدئين ومساعدتهم على الانتشار.
وألقت
الكاتبة باللوم على الجهات الرسمية التي أسهمت في نشر الكثير من الكتب ولكنها لم
تحقق نجاحاً يذكر في مسألة التوزيع فمعظم الكتب التي نشرتها هذه الجهات تظل قابعة
في المستودعات.
واقترحت
في ختام مقالتها بأن يسعى المؤلفون إلى تأسيس دار نشر وتوزيع "عن طريق
التبرعات لتكون داراً تهدف إلى نشر الكتاب وتعميمه وتقريبه إلى الناس دوت توقع
مكاسب مادية." فكأنّ الدكتورة عزيزة هنا تريد من المؤلفين أن يعلقوا الجرس.
ولعلها محقة في هذا الأمر فإن مكتبة الملك فهد قد قامت منذ مدة بنشر ترجمة لكتاب
حول هذا الأمر بعنوان كتابُك: تأليفه ونشره وبيعه تأليف ديفيد جوركمان
وترجمة فؤاد عبد العال 1414) والمؤلف صاحب تجربة في أنه قام برحلة حول العالم وكتب
عن تلك الرحلة ولمّا لم يجد ناشراً قام بالعملية بنفسه حتى استطاع في سنوات نشر
العديد من الكتب وتأسيس دار نشر درت عليه مبالغ طيبة استطاع أن يعيش بعد ذلك حياة
مريحة. وأرجو أن أقدم له قراءة مفصلة بعض الشيء قريباً إن شاء الله.
وأعود
إلى مقالة الدكتورة عزيزة وقولها إن دور النشر ليست هيئات خيرية لترعى المؤلفين
ولكنها مؤسسات تجارية تريد الربح. فأقول ليس هناك تعارض بين رعاية المؤلف وتحقيق
الربح فإن دور النشر تستطيع أن تفعل كما تفعل مؤسسات الإنتاج الفني حينما تتبنى
ممثل أو مغني فتهيئ له الكلمات والألحان وتنفق عليه في الدعاية وفي متطلبات
المهنة. فمؤسسات النشر تستطيع أن تأخذ بيد المؤلف وتقترح عليه الموضوعات وتقدم له
المراجع وتقدم له الحياة الكريمة أو مقدم العقد وتحدد معه موعداً لإنجاز العمل، ثم
تتولى العمل بالرعاية والدعاية بعد أن ينشر، وتعقد المؤتمرات الصحفية للإعلان عن
الكتاب وتتفق مع النوادي الأدبية ومع المنابر الثقافية ويكون لها دالة على الصحف
من خلال الإعلانات التجارية التي تدر دخلاً على الصحف فتنشر مقتطفات من الكتاب
وعروضاً وترويجاً.
أين
إعلانات الكتب في الصحف وفي المجلات وفي وسائل الإعلام المختلفة، بل أين الملصقات
عن الكتب الجديدة في المكتبات. إن الباحث نادراً ما يعرف عن كتاب جديد إلا بعد أن
يمضي الساعات بين رفوف المكتبات. أين نشرات استعراض الكتب (تصدر في ورق صحف ولا
تكلف كثيراً)؟ أين الأثرياء الذين يهدي إليهم المؤلفون كتبهم فلا يتبرع أحدهم
بقيمة إعلان في جريدة أو مجلة بينما لو مات ثري أو وجيه لامتلأت الصحف بالعزاء
والنعي وغيره لتبين مكانة الذي مات أو مكانة أقاربه؟
فمن
يعلق الجرس يا دكتورة عزيزة ويا أيها المؤلفون؟
تعليقات
إرسال تعليق