التخطي إلى المحتوى الرئيسي

القوة من أجل السلام



نشرت مجلة المجتمع الكويتية في عددها رقم 986 الصادر في 22 رجب 1412هـ مقابلة صحفية مطولة مع البروفيسور عبد القدير خان حول برنامج الباكستان النووي وقد كان من المنتظر أن تتسابق الصحف العربية والمحلية إلى نقل مقتطفات من هذا الحديث الخطير ولكن شيئاً من هذا لم يحدث حسب علمي، وكأنّ الأمر لم يحرك ساكناً لدى هذه الصحف ولو كان اللقاء مع فنان مشهور أو لاعب كرة أو ممثل …إلخ لكانت الاستجابة مختلفة.
وعلى الرغم من هذا الإهمال العجيب فإنني شعرت حقيقة بالفخر والاعتزاز وأنا أقرأ هذا اللقاء الذي يمكن أن نستخلص منه عدداً من الدروس والعبر منها:
·لا يقل العلماء المسلمون قدرة وذكاء ومعرفة عن العلماء الآخرين في هذا المجال أو في غيره.
·أن الأمة الإسلامية إذا ما سعت إلى امتلاك القوة استجابة لقوله تعالى (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة) ولمّا كانت الطاقة النووية في استطاعة المسلمين فلماذا لا يملكونها ولا يستخدمونها وهم الذين ان امتلكوها سخروها في الحق والسلام ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (سورة الحج آية 41) وما أن أعلنت الباكستان عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم وإمكانياتها صنع القنبلة الذرية متى أرادت حتى بدأت جارتها الهند بإرسال التحذيرات من أن باكستان تتحدى النظام الدولي الجديد وأن الباكستان توشك أن تصبح دولة نووية وأن …وأن إلخ من التخويفات والتحذيرات.
     وقد كان البروفيسور عبد القدير خان صريحاً في حديثه حيث قال: إن الباكستان لا تنوي في الوقت الحاضر أن تستخدم برنامجها النووي إلّا في الأغراض السلمية، وهي مستعدة للتوقيع على معاهدة الحد من الأسلحة النووية إن قبلت جارتها ذلك وبخاصة الهند والصين. أما في حالة استمرار امتلاك الجارات للأسلحة الفتاكة والامتناع عن قبول التفتيش على منشآتها الذرية، فليس من المنطق أن تطالب الباكستان وحدها بالخضوع لهذه القرارات.
    ومن المعروف أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة قد بدأت منذ سنوات في تنفيذ عقوباتها ضد الباكستان منذ علمت بالبرنامج النووي الباكستاني. ويجب أن لا يكون هذا الموقف مستغرباً من الغرب ولكن المستغرب أن لا تقف الدول الإسلامية كلها مع الباكستان تدعمها اقتصادياً ومعنوياً في هذه الحملة ضدها.
    إن هذا العالم الذي نعيش فيه لا يعترف بالحق إلّا لمن معه القوة للدفاع عن حقه ومن الأمثال الغربية مثل يقول: "القوة هي الحق" وليس هذا موقف الإسلام الذي دعا إلى مناصرة الضعيف والمظلوم. وفي كلمات أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه الخالدة خير تعبير عن هذا: "القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع الحق عليه، ولو لم يكن الحق بحاجة إلى قوة لدعمه لما جاءت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تحث عليه فمن الآيات قول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) الآية الأنفال آية 60) وجاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)
    فهل تسعى الأمة الإسلامية إلى القوة فإنها إن نالت القوة وأصبح لها هيبة حقيقية بين الأمم فإنه لن يسعى أحد إلى فرض إرادته عليها ولن تسعى هي إلى استجداء السلام، وعندها قد يكون من حقها المطالبة بالتفتيش على المنشآت الذرية في الهند والصين وإسرائيل وعلى غيرهم.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...